سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 4 أبريل 2014

شعر: عامية - فصحى: الوهم بقلم/ أحمد غنيم


الـوهــم كالــظـلـمـاء فـي الآفـاق يـرتـسـم 
لابــد فـي الإشــراق تـحـت الـنـور ينصرم

والـضـعــف ضِـعـف الـشـر والأقدارُ ترقبه 
والـشـــر بالأفـعـال لا بالـضـعــف يـنهــزم

والـخوف مـثــل الـنار في الأحشاء موقـده 
بالـصـــــــدّ أو بالــردّ لا بالــــــودّ يـنهــدم

والـشـعـب صـوت الحقّ طعـم الذل رافضه
إن قــال لا لا تــرتـقــي مـــن بـعــده نـعــم

والخيـر بـعـض الـخـيـر فيه الشــر ظاهره
والشر تحـت السـيف سيف الحــق ينحسم

إن كــان حـظــا في الفـضــــاء الغيم نرقبه
فالـحـــــظ بالأفــعــال لا بالـحـــظ يـسـتـقـم

المقالات الأدبية: فجأة استيقظت خائفا مهزوما بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

في زمننا هذا كل شئ تغيّر.. والعالم الكوني ماضي في طريق التغيّر، لكن أتساءل أين غاب القلب ومشاعره الزكية الطيبة؟ هل مات الحب؟
أحاسيسنا أصابها مرض عضال بسبب الشرور المنتشر في كل جزء من العالم على الخير الذي أصبح في الإنعاش هذه سنوات بدون عناية تذكر من طرف السلطة التنفيذية التي يترأسها العقل ولا اهتمام من لدن السلطة التشريعية التي تدار من قبل إرادة الإنسان، ما السبب ...؟ماذا جرى لحواسنا المعطلة التي لم تعد نشيطة بصفة طبيعية كما خلقت منذ الأزل من لدن الرحيم الرحمن؟؟ هذا الكلام وجهه الرقيب للعقل سلطان للذات ..سكت العقل ثم ضغط على زر جهاز أمامه وقال: 
تسألني عن الحواس الخمسة ؟ أجاب الرقيب : أجل سيدي العقل العظيم..لاحظت أن حواس الإنسان تعطلت لماذا؟ رد العقل بصوت رخيم: ولمَ لا تقول تغيرت..." ضحك العقل ضحكات مسترسلة حتى تفاجأ رقيب الذات من شكل الضحكات المخيفة ...نظر العقل بقوة نور عيونه الزئبقية إلى الرقيب حتى طأطأ الرقيب رأسه ثم بعد صمت دام أكثر من دقيقة ونصف ،ضغط على زر الجهاز وقال بصوت جوهري": ألا ترى يا رقيب أن الحياة كلها تغيرت وستتغير بفضل أبحاث الإنسان الكوني اللاً متناهية!! تسألني على حاسة الذوق أقول لك من كثرت الروتين تعودت على الملح من عدمه ثم الحلو من مره وجميع ما يقوم به اللسان تكلّف به البطن  وان سألتني عن اللمس أقول لك اختصارا بحكم تغير الزمان فقد حاسته لأن كل شئ أصبح أملس ههههه وأما عن حاسة السمع فطبلة الأذن تخرّبت من كثر الموسيقى المزعجة فعوضها الأطباء بآلة لا تسمع إلا المصلحة المادية  وأما حاسة الشم من كثرة العطور الكيماوية تكيفت حتى أصبحت تشم كل ما حول محيطها طيب ورائع،حتى وان كانت الروائح نتنة  وهكذا إلى أن تتغير مناعتها تمهيديا للعيش في كواكب أخرى ذات جمال أجمل... أما حاسة النظر فإنها أصبحت ترى كل شئ وردي  الحروب والقتل والجوع والفقر وجميع أنواع الشرور،وهي تتلذذ بسادية لذة شر الشرور بعيون وردية،... جميل هذا الزمان وغريب ، زمان التغير يا رقيب..وأنت لم يطرأ عليك تغيرا..!! لماذا؟ انتظر أين تمضي ،؟ قال الرقيب بحشرجة عجائبية: سأرحل إلى الأبد وستبقى وحيدا مع ديكتاتوريتك ...(( قهقه العقل قهقهات الجبروت وقال: انتحر أو لا تنتحر فالحياة ستستمر والبشر قرر أن يرتقي إلى ما هو أفضل وأجمل ....((فجأة استيقظت مهزوما خائفا من هذا الحلم المزعج...وقلت مع نفسي ،هل الرقيب هو الضمير ؟...وهل صحيح أنه مات!!!!؟ ممكن؟ ربما لأن المصلحة المادية
طغت على المشاعر الإنسانية..عجيب عصر القرن21.)) 
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

المقالات الفلسفية: أسطورة مدهشة بقلم/ : بنيحيى علي عزاوي

يعتقد بعض الفلاسفة الماديون أن الهيام الروحي ليس موجودا ولا أثر له في الواقع إلا في عالم العلوم الإنسانية مثل:/الملحمة/ /المسرحية/ الرواية/ القصة/ أو في لوحات تشكيلية أو لدى المتأملين المتصوفة والفلاسفة الطوباويين من الشعراء،ومع ذلك فأنا لا أبالي بما قيل أو سوف يقال عن هذا النوع الجمالي من الحب السامي/الهيام الروحي/، أحس بسعادته من خلال بحثي المستمر ودراساتي لتاريخ الشعوب وتجربتهم في عالم الحب العذري بما فيها الأساطير والخرافات، أجل أتأمله بدرجة كبيرة أن الهيام الروحي موجود في جمال الطبيعة وفي التجلي الأسمى للإلوهية الخالقة التي تنجلي واضحة لذوي الأبصار من خلال بلاغتهم للكلمة السريالية ومستجدًياتها ولو عبر علم التكنولوجية وعلم الأرواح الخاص بعلم النفس..هيام الله سامي عذري بديع الكمال لا يتحسَسه ويتلمسه بسهولة إلا الإنسان الباحث المتحكِم في القوى المحرِكة الداخلية وعناصر أخرى اكتشفها علم النفس وعلماء في عالم الفلك، ثم ترويض الخيال المخيلة لهما دور عظيم للسارح في سرح مبين مرصًع بمعين العلم الملفلف بأكمام ذات جمال وأفنان ...سبحان خالق الكون الأكوان وكل مخلوقاته خلقها بساعة بيولوجية ذات حسبان.. الى حين...!!.

المقالات الأدبية: متاهة بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

عندما تتوفر الشروط الضرورية للمبدع ابتداء من العدالة الاجتماعية إلى حقوق المواطنة ثم الحرية الفكرية المشروطة بمناخ صحي في مجتمع ما..يكون الإبداع زاهيا ورائعا روعة التجلي الأسمى لعظمة الكون و نور جلال الواحد القهار.. ثم يرتقي الإبداع إلى سمو الجمال... أتساءل لماذا الإنسان الجنوبي لم يرتقي بإبداعه لمنافسة بشر الشمال؟من عطل عجلة الإبداع في العالم العربي؟ هل جهله وتجاهله أم أن الإنسان الجنوبي عموما لا يفقه شئ في عالم العلوم الإنسانية وعلم الجمال ؟ لماذا تعطل العقل عندنا؟ من السبب في تعطيل العقل العربي خصوصا والجنوبي عموما ؟ هل العلة في الحاكم أم في المحكوم؟ ثم حتى مشاعرنا لم تعد فيها حرارة العاطفة كما كانت أيام الستينيات والسبعينيات؟ هل مات الحب؟ وان كان صحيحا قد مات من قتله؟
جميع الفواكه والخضر تغيرت طعمتها وحتى لذة اللذة في اللذة الكبرى ما بين توائم الأرواح فقد ت جمال حرثها المحروث وخاصة في التلاقي عند الوصال؟ ما السبب في هذه العلل المعلولة التي عطلت مناعة الإنسان؟ أو بالأحرى هل تغير مناخ الأرض من كثرة الحروب والمواد الكيماوية التي خربت الأرض وذبحت الإنسان ذبحا ورعبا وخوفا وتخويفا...كثرت العاهات في عصر العهر الفكري، من عاهة الجسد إلى عاهة العقل إلى عاهة العاطفة التي هي الفضيلة الكبرى ضاعت وماعت...أين نحن من قرن الواحد والعشرين ، تضبب كل شئ ما هو سر هذا الغموض الذي يحاك ضد الإنسانية وخاصة أنام الجنوب...هل نحن معرضون إلى خطر لم يصحصح بعد معا لم حقه؟ تساؤلات تراودني بين الحين الآخر أطرحها على إنسان الجنوب عله يستيقظ من نومه العميق وينفض الغبار عن أعينه، ويفكر في إبداع نظارات وقائية لجميع عيون بشرية الجنوب عل وعسى تصبح العيون تنظر نظرة الاستبصار فتكتشف سر سياسة هذا الغموض الذي دوختنا به الدول الكبرى.
الناقد المسرحي الغربي الدراماتورج: 

المقالات السياسية: طوبى للمشردين بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر


قريبا يفقد السودان وجهه الأخضر، ليتحول من سلة غذاء مثقوبة إلى فلاة شاسعة، فيغرق في رمالها الناعمة الباحثون عن حياة - أي حياة. وقريبا يفقد نباشو التراب في الجنوب آخر أمل في العثور على جذر ناج أو نبتة ضالة، فيتكومون فوق رمال بلادهم الحارقة تسفعهم الشمس وتلهو بثيابهم الريح دون أن يحركوا ساكنا ليغطوا عوراتهم المكشوفة أو يلوحوا لطائرات الخبز الجاف التي تحلق فوق عظامهم النخرة.
في وقت يواصل المرابطون عند حدود الهزائم زحفهم غير المقدس نحو الهاوية، يزحف المواطنون دون متاع ودون غاية على بطونهم الخاوية في اتجاه أي وطن بديل. ولأن سيلفا كير ورياك مشار أهم من خمسة مليون سوداني يشقون طريقهم نحو الهلاك، فلا يجب أن تضع حرب الجنوب أوزارها، وليعضن كل جنوبي بائس على بندقيته بالنواجذ حتى الرصاصة الأخيرة أو الرمق الأخير.
سبعة مليون ونصف سوداني معرضون للموت جوعا في الموسم القادم فوق تراب وطنهم الخصب، هكذا تلخص تقارير الأمم المتحدة أسوأ كارثة بشرية يمكن أن تقع، لكن أرقام المنظمات الدولية المطعون دوما في نزاهتها من أمراء الحرب لا تستحق الالتفات. فليغلي الواقفون على حدود المجاعة جذور البقاء بضع مرات حتى تتخلص من سمومها، ثم يضعوها مرة كالعلقم في أفواه لم تعرف طعم الحليب منذ ثلاثة أشهر عجاف. وليأكل الفارون من هشيم الحرب خشاش الأرض وحشائشها كما فعل أولو العزم من الفلسطينيين والسوريين. 
في إبريل ومايو، لن يخرج الجنوبيون كعادتهم وفي سلالهم بذور الأمل ليرشوا فوق وجه الخريطة بذور الأمل، وسيمر موسم الزرع دون حرث ودون غرس، لأن أحدا من الواقفين في طوابير المهانة لن يجرؤ على مواجهة زخات المطر وزخات الرصاص، ولن تخرج الأرض أثمارها. وحينها، إن لم يتغمد السودانيون الله برحمته، ستجد النسور والغربان طعاما وفيرا في صحراء الجنوب القاحل.
وإن كانت قوافل الإغاثة تجد صعوبة في الوصول إلى المحاصرين بين النيران الصديقة اليوم، فماذا تفعل غدا حين تنمو الأعشاب فتسد الطرق أمام عربات الشوفان والقمح؟ وكيف يجد الأطفال وسيلة لتلقف القمح المتساقط عند الحدود، وهم لا يجدون ما يحملهم عليه آباؤهم نحو أي بقعة آمنة في وطن يحترق؟ الجنوبيون أشد بؤسا ويأسا من كل دول الربيع الكاذب، وشتاؤهم أشد إيلاما ومقتا، وأمطارهم التي اختارت أسوأ الفصول لن تأتي أبدا بخير. 
في وقت يموت السودانيون عند فواصل التاريخ كفئران هرمة أصابها طاعون الحرب، يقف عرب الجوار وعرب البوار من مأساتهم موقفا مخزيا، وتضل قوافلهم السير في متاهات السياسة، فيقبضون أياديهم عن دعم إخوانهم في العجز والهزيمة ليصبح التاريخ العربي المعاصر أشد غضاضة من علقم كل العصور، وتتلاشى في فلوات النخوة كل موائد الشهامة. ألا يستطيع رفاق التاريخ أن يدعموا أشقاء الجغرافيا الواقفين على شفا الموت بعربات أمل وثيران كرامة تثير الأرض وتسقي الحرث؟ 
لم يبق من خرائطنا المهشمة إلا التاريخ، ولم تعد الجغرافيا والقيم حصنا آمنا لأحلامنا المعلقة. ولم يعد ثمة أمان لبائس، فكلنا في الهم عرب، والموت في فلاة التاريخ أسمى مراقدنا. ما الذي يثير فينا شهية الأمل إذن، وكل دروبنا مهددة بالقناصة، وجل خيامنا مهددة بالقصف؟ وكيف نثق بالتاريخ ونحن نوزع الجغرافيا على مواسم القحط والفقر والحرب؟ وكيف نطالب من يجثو على أربع ليأكل الحشائش السامة أن يرفع رأسه عاليا ليغني لتاريخ لم يعد يؤمن به أو يثق به؟ طوبى للمشردين من أهل السودان، وطوبى لمن يحملون بذور الأمل في جيوبهم رغم تصحر الميادين وقسوة المواسم. 
عبد الرازق أحمد الشاعر
Shaer129@me.com

المقالات الاجتماعية: تنبؤات علماء القرن الواحد والعشرين بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

يقول علماء الاقتصاد أن الفضاء العربي معرض لإخطار جسيمة لا تعد ولا تحصى، إن لم يعجل حكامه بلم شمل شعوبهم برؤية علمية جديدة على المستوى الاقتصادي سيكون مصير بلدانهم استعمار جديد ليس له لون أو شكل... استعمار القرن الواحد والعشرين هو: ("غول مثله كمثل إبليس هو يراك وأنت لا تراه")...ويتنبأ منجم في علم المستقبليات:أن هذا الاستعمار هو عبارة عن فيروسات وباء قاتل ينخر الذات البشرية في العظام ويلوث الدم لكي يذوب كالشمعة هيكل الإنسان وتمتصه الأرض وأخيرا تكون أتراجيديا الإنسان العربي بشكل فجائي.عجلوا يا حكام العالم العربي بتوحيد شعوبكم وحولوا visa وسهلوا للشباب الزواج من المحيط إلى الخليج شرط،أن تقتلعوا من نفوسهم شر العنصرية ((الجنسية)) منذ صغرهم ثم فعلوا قوانينكم الوضعية بحقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان لكي تستثمروا أدمغة إنسانية أخرى من كل القارات الخمس .ويضيف قائلا: يا حاكمنا كونوا من دعاة إنسانية الإنسان العالمية.ثم أخيرا يستجدي بصوت منتحب:هل من منقذ يا علماء شباب القرن الواحد والعشرين؟ ...ويتحدث عبر قناة "السلحفاة" عالم من الجنوب في علم الروحانيات: أن في سنة 2014 ستهب عاصفة هوجاء في العالم أجمع وستتغير مؤسسات الدولة ،و سيبقى الفقير أفقر مما كان عليه ،إن لم يستفيق من سبات نومه .لذلك أرسل رسائل مغناطيسية للعلماء الإنسانيين في الشمال وأقول لهم عبر تغريدة سلحفاتيه:(( ساعدوا الفقراء يا أصحاب الفكر والصولجان بالبحث عن دواء شافي لعقول الفقراء المغفلين)).. ثم يقول عالم منجم آخر من الشمال في علم الاقتصاد عبر مواقع الاتصالات السريعة: ((جميع أغنياء الجنوب وأقلية منهم في الشمال ستصادر أموالهم لأنهم لصوص الدكتاتوريات التي تلذذت بكرسي الحكم المطلق))...ثم تحدث عبر القنوات الفضائية العالمية علماء النفس من الشمال وأقلية صغيرة جدا من الجنوب، وأكدوا بالإجماع أن الغباء ليس مرضا بل هو عاهة عقلية تصيب الإنسان أثناء تكوينه في بطن أمه و سببها الزواج المبكر للبنات ثم الزواج الغير المتكافئ ما بين الذكر والأنثى لذلك ينصحوا البشرية من إناث وذكور قبل عقد قرانهم عليهم بتحليلات الدم لكي يتعرفوا على فصيلة دمهم ، وينصحون أن تكون فصيلة الدم فيها اختلاف من أجل إنتاج إنسان متوازن...واختتم علماء العرب جلستهم مع علماء النفس الشماليين بقولهم كلمة واحدة فقط: "والله أعلم"..
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

ما قل و دل: علامة التعجب تبحث عن أخواتها بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

هذا العام غريب وعجيب ومضحك ومبكي ،عام ليس كباقي السنوات، عام مفعم باللا معقول.. حتى أصبح المتتبع لأحداث العالم لا يفهم شئ من رجالات السياسة، تضبب المشهد السياسي على مستوى أعلى قمة في العالم/مجلس الأمن/ ماذا جرى؟ هل سيتغير مفهوم الدولة كما سبق أن تنبأ علم المستقبليات منذ عقدين من الزمان؟ سبحان الله!!! ما أغرب وأعجب هذا المخلوق الهلوع الذي سمي ب:/الإنسان/؟...
البعض من البشر عنده عين ناظرة والى وجه رب الحق يوم تسود العدالة الاجتماعية ناضرة....وآخرون لهم عين لاعبة وفي المادية علوبة لا تقدر العلم والعلماء بل تناصر الشيطان ومعه مطمئنة راضية...
لكن مادمت الدنيا فيها حياة هناك البعض من الأنام رائعين كطائر الكروان...
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج:

الأربعاء، 2 أبريل 2014

دراسات: نثر - شعر: رواية ثلاث مرات لمروان محمد خالية من عناصر الجمال والتشويق بقلم/ إيمان أحمد

بداية أحب أن أقول أن الرواية ليست جيدة على الإطلاق أو بمعنى آخر مبتذلة خالية من عناصر الجمال والتشويق وليس فيها ما يدفع الشخص إلى قراءتها وتكملتها فالرواية بأختصار شديد تتناول بعضاً من المشاكل التى تواجه المخطوبين بشكل إجمالى ولكنها تركز على مشكلة واحدة وهذا لا بأس به ولكن الراوى يتكلم ويطيل الحديث فيها ثم بعد ذلك لم يضع نهاية لها بل أكتفى بوضع نهاية مفتوحة لا تستطيع أن تتوقع من أحداثها ونهايتها شئ وأسم الرواية (ثلاث مرات ) لا تستطيع أن تعرف أهو يعنى بذلك ثلاث مواقف أم ثلاث جهات فى الفصل الأول, كانت المرة الأولى يتحدث فيها سليم ويدور الموقف من جهته عندما قابل سهير على الكورنيش ثم بعد ذلك ذكر المرة الثانية وهو نفس الموقف ولكن من جهة سهير وطريقة تفكيرها ثم بعد ذلك ذكر المرة الثالثة وهى مع أيمن خطيب سهير والذى يترك الساقطة من أجل لقاء سهير ثم بعد ذلك يتكرر نفس الترتيب فى الفصول الثلاثة, الأولى بنفس المنهج وأذكر أنى قد تهت وضعت أكثر من مرة فى ثنايا الرواية وانتابنى بعض الملل لأنه عندما يذكر موقف من ناحية طرف يسرد بشكل مختلف عن الطرف الآخر والحوار يكون مختلف مما يولد تسائلاً أهو نفس الموقف أم هو موقف آخر مشابه وهذا النوع من الروايات لا يجب أن يكون فيه هذا النوع من الغموض والألغاز وهناك أيضاً الكثير من التضارب والتناقض بين أحداثها ففى الصفحة 29 قابل سليم سهير صدفة فى كافية على الكورنيش وتحادثا ثم بعد نقاش طويل صعدت معه السياره بعد أن رأت خطيبها يقل بسيارته فتاة أخرى وذهبت مع سليم وتناولا بعضاً من الأيس كريم ثم بعد ذلك ركبت التاكسى وذهبت إلى المنزل وقد أخذت رقم هاتفه .وفى المرة الثانية فى آخر الصفحة 38 يتكرر نفس الموقف ولكن من ناحية سهير ولكن هذه المرة كانت قد قابلت صديقتها فى الكافية فكيف تكون قد تكلمت مع سليم ؟!, فعلى الرغم من أنها رأته ألا أنها لم تجلس معه أو حادثته ولم تركب معه فى السيارة مما يجعلك تتسائل أهو نفس الموقف أم هو فقط موقف مشابه ؟!, وأيضا كانت تقول سهير لصديقتها أنها تفهم ما يقوله فى الهاتف عندما رأته من داخل المقهى التى هو يجلس خارجها وأنه أحضر لها هدية "أى خطيبته" وأنه ينتظرها ولكن كيف يكون ذلك وهو قد تعارك معها لأنها لم توافق على الخروج معه لأنها مرتبطة بصديقتها, ولكن الموقف من ناحية سهير أن خطيبته قد حضرت بعد ذلك ثم أعطاها الهدية وأنصرفا فكيف يكون ذلك؟, مما جعلنى أصاب بصداع شديد .ثم تأتى المفاجئة الكبيرة فى المرة الثالثة عندما كان يروى أيمن خطيب سهير أنه لا يستطيع أن يقاوم رغبته وأنه ذاهب ليقل تلك الفتاة من على الكورنيش ولكن المفاجئة هذه المرة أن سهير لم تذهب إلى المقهى وأنها كانت فى البيت ولم تستطع أن تنزل لترى خطيبها يخونها مع فتاة أخرى كما قالت سهير لأيمن عندما ذهب إلى البيت بعد ندمه ليقابل سهير فالقارئ يقف بين تلك المرات الثلاثة فى هذا الفصل لا يستطيع أن يفسر أو يفهم أى شئ ..وأيضا نفس تضارب المشاهد يتكرر فى الفصل الثانى ففى المرة الأولى تذهب سهير للقاء سليم فى مطعم زفير فى الماكس فى الصفحة 67 ويتناولا الطعام ويتحادثان ثم بعد ذلك فى المرة الثانية يتغير المشهد كليا فأن سهير تتصل بصديقتها داليا ليتناولا الطعام فى زفير ماكس وليس بسليم كما فى المرة الأولى وذلك بعد أن أتصل بها خطيبها أيمن عدة مرات ولم ترد وتذهب سهير للقاء داليا فى المطعم وتختار نفس الطاولة الملاصقة للنافذة التى تطل على البحر ويتناولا الطعام ويتحدثان ثم بعد ذلك تأتى مفاجئة أخرى فنفس المشهد يتكرر ولكن الحوار والأبطال مختلفين فأن أيمن يتصل بسهير بعد أن شعر بالندم لخيانتها ويتصل بها عدة مرا ت ولكنها فى هذه المرة قد ردت بخلاف المرة الأولى وقد تزينت ثم خرجت مع أيمن وتحدثا فى السيارة ووصلا إلى زفير وقد تناولا الغداء وكانا سعداء وفى الفصل الرابع فى المرة الثانية عندما جاء أيمن ليقابل سهير كانت حازمة على مصارحته وعلى توبيخه ولكن كان هو بارد الأعصاب وقال لها "أزيك" لكن هى لم ترد ودار حوار بينهما ولكن ليس بطريقة جيدة وخرج منزعجا ليتركها فى صدمة و ذهول من تصرفاته وفى المرة الثالثة نفس المشهد ولكن بسيناريو وحوار مختلف ففى هذه المرة كانت سهير جميلة وسعيدة وكانت هى البادئة وقالت له "أزيك" و لكنه لم يرد عليها, المهم دار حوار رومانسى ما بينهما مختلف تمــــــــــاما عن المرة الثانية ولكن النهاية هى ما صدمتنى حقا, ليس فيها ما يدل على أى نهاية, هل هو تاب أم أنها فترة مؤقتة طيب و ما الذى حدث مع سليم و كيف كانت نهايته؟, أنا أظن أن النوع من النهايات المفتوحة التى تجعل لك الحرية فى تخيل أكثر من نهاية, لا أظن أنها مناسبة لوضع الرواية فالرواية تنقصها الكثير وبها الكثير من التناقضات ولكن على أن أقول أنها لا بأس بها بالنسبة لكاتب مبتدأ ولكن عليه أن يتعلم من أخطائه صراحة لولا ألحاح أخى المستمر بأن أكمل الرواية ما أكملتها وفى النهاية أرجو ألا أكون قد أطلت الحوار عليكم وأصبتكم بالملل ...وأرجو أيضا ألا أكون قد قسوت كثيرا على الكاتب ولكن هذا فقط رأى الشخصى وأرجو كل الخير والإبداع للكاتب فى المستقبل و أرجو له النجاح وكل التوفيق. 

مقالات أدبية: وفاة الصحفية ميادة اشرف ناقوس خطر على كل مدعي الصحافة بقلم/ محمد حسن عبد العليم

إن استشهاد الصحفية المصرية ميادة اشرف يفتح ملف غاية في الخطورة.عانينا منه نحن الصحفيون الغير مثبتين عند إلتحاقنا بالعمل في صاحبة الجلاله ببداية حياتنا .
فعندما نلاتحق للعمل بأي مؤسسة صحفية سواء كانت قومية أو خاصه نجد المناظرين يناظرون بكلماتهم دون عمل ... كنا نجدهم يقيمون نصب تذكاري لهم قبل أن يصنعوا تاريخا لهم حتى فتارة نجدهم اساتذه كبارا خاضوا معاركهم بالقلم ،وتارة نجدهم فوق كل موهبة صحفية فذه ،وسرعان ما نكتشف حقيقتهم انهم عملوا في الصحافة ،اما بالواسطه، او نتيجة خطأ في اختيارهم من الاساس للعمل بالصحافة .
من هنا يصبح هذا المناظر الذي يستقبل كل من يريد أن يعمل بالصحافة متواكل في عمله فيعتمد على الموهبه الصحفية الجيدة ،يستغل حماس شبابه وطموحه في أن ينشر أسمه في الجريده او المجلة ويجعله يعمل كالثور دون صاحب ... بدون مكافأة وبدون أسم بل ،واحيان اخري يجلس الاستاذ الذي نصب نفسه استاذا كبيرا رغم اخطائه الاملائية ،يصرخ في وجه الصحفي الشاب ويهدده إذا لم يفعل ما يأمره به سيكون مصيره الشارع ويضيع حلم التعيين ...
هذا هو حال مصر في الصحافة منذ عقد مضى ، يمنع الصحفي الشاب من الكتابه الحره ..يمنع رسام الكاريكاتير من الرسم الحر .... يقتل الابداع إذا وجد ..وفي احيان اخرى يؤجل لأجل غير مسمى .... ومازلنا نترحم على الكاتبان الكبيران يوسف السباعي وإحسان عبد القدوس اللذان اكتشفا العديد من المواهب الادبية والصحفيه بل ووقفا بجانب الكتاب الشبان آنذاك فأصبحوا جميعا في قامه واحدة امثال ( أحمد بهجت ، وأحمد بهاء الدين .. وغيرهم من الكتاب )
رحم الله الكبار الذين وقفوا بجانب الكبار ورحم الله الصغار الذين ماتت مواهبهم ...ورحمك الله يا مياده لعل موتك يكون بداية عصر جديد

ما قل و دل: رأس البر تعود للحياة بقلم/ محمد حسن عبد العليم

من منا ذهب رأس البر ؟ من منا يعرف بلبول صاحب محل الفطائر من منا يعرف الطفطف وقائده الراحل رينجو ..
من منا ذهب غلى السينما هناك ومنطقة اللسان وهي قمة الاعجاز ..إلتقاء المياة العذبه مع المياه المالحة 
هاهي عادت رأس البر مرة أخرى بعد أن نسيت ثلاثة سنوات واتجه المصطفين إلى الساحل والغردقة وشرم ..
هاهي عادت بمهرجان سينمائي لتعود إلى الحياة بعد أن كانت ملاذ كبار الفنانيين ومنهم سيدة الغناء أم كلثوم .
رأس البر مدينه جميلة دائما ما كنت أراها بالنسمة التي لم يشعر بها أحد كل الدعم للمخرج الكبير عمرعبد العزيز ومبروك علينا مهرجان سينما جديد ...
واهلا بكل مبدع يعمل من اجل رفع المعاناه عن الشعب المصري

مقالات أدبية: ما أعظم سر عظمة الخيال بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

عام بعده عام ثم تتوالى السنون والأعوام ...ولا يستيقظ الإنسان للقيمة الزمنية إلا بعد فوات الأوان.. العلم جميل والقراءة هي طاقة للعقل لكي يستطيع البشر التحكم في إرادته لتنعم الذات بنور الجمال، لهذا فكرت أن أخاطب العاشقين الباحثين عن الحب العذري من شباب وكهول وشيوخ بمقال ،ليس قصة ولا أقصوصة تروي المحال ، بل مقال شاعري مفعم ومستحم برؤية دراماتورجية كثارسيسية المكان.. ربما ..!!!مستقبلا يصنف المقال وغيره من المستجدات المحملة بمثقال ذرة وعلم معين يقاس بالميزان. 
أحيانا أبحر بخيالي إلى ما هو أبعد وأبعد في سعة الكون وجماله ألعجائبي العظيم...عندما أركز تركيزا ثابتا على هدف معين تهتز الأرض بي أو تكاد تدور بشكل مخيف ، ترعب ذاتي ويتوقف عقلي بالرغم أن إرادتي لها سلطان مبين...خوف مرعب حين يسرح الخيال المتوازن للفنان ويترك المجال لعنان "عقل"الخيال من أجل الإبحار في عوالم الأكوان...تتراكم عليه أسئلة كثيرة مغلقة الجواب .........
ذات الإنسان عجيبة الصنع, قلب يخف لاإراديا, وعقل يشتغل بسلطة الإرادة لتحفيز المشاعر المتراقصة ما بين الذاكرة والخيال...ما أجمل الخيال حين يسمو إلى تلمس الحب العذري المقدس بأحاسيسه ومشاعره، وفجأة يجد صنوه الرائع في أحلام اليقظة وبسبب متهيئ من الأسباب يلتقي نصفه الثاني صدفة..أجل كل أسباب الحياة تأتي صدفة وبغثة وبالصدفة تتحقق المعجزات...ما أجمل الصدف الميمونة التي تثري الفكر بالسعادة التي فقدناها بكثرة الهرج والمرج والهذر المباح الذي أباح لكل من هب ودب له الحق يتكلم باسم الفعل الديمقراطي المزيف قول"لا " لمنارة وشعلة فكر الحكيم...,... هل الحب موجود ومتواجد؟ أم خيال الفنان يبدعه عبر القصائد الشعرية والمسرحيات الغريبة وفنون أخرى راقية في الإبداع..؟..أظن أن مادامت الحياة مستمرة في خطها الحلزوني والمفعمة بالحياة فهنا ك حب عذري وتلاقي ووصال.... وما دام فيها أخذ وعطاء فالحب العذري السامي متواجد بيننا ولا يمسك زئبقيته إلا من له عيون في قلب طيب رحيم. .....
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

المقالات الفلسفية: تغريدة للإنسانية الإنسان في كل جزء من العالم. بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

اقتراح رؤوس أقلام لفرضية إنسانية...كما يعلم الجميع أن الفرضية تتفجر من ينابيع العقل المتنور كالبركان.. فتصبح حلم كل إنسان يحب الخير والسلم والسلام للوطن والعباد،.. ثم تتحول/الفرضية/ إلى نظرية علمية لكي تطبق في كل أرض طيبة ظمآنة للخصب والإنجاب،حينها ثمر فيها أشجار مباركة يشهد عليها الإنس والجان في كل مكان ...ويسجلها في كتاب مرقوم التاريخ النظيف بقياس القيمة الجمالية للزمان.
العمل الجمعوي:/- السياسي-/الثقافي-/ الاجتماعي - القانوني/ يتطلب الإرادة والوعي والكفاءة والجرأة في الطرح المنشود ثم الثقافة المتنورة المخضرمة التي تخول للممارس في العمل الجمعوي الالتزام والإيمان المطلق(نسبيا)في الانخراط كلية في الهدف الأعلى للأيديولوجية المقترحة من طرف النخب الوطنية (( بدون تعصب..كل أطروحة تناقش بنقاش مثمر من لدن الشباب)) عندها يتبناها /الإنسان الجمعوي/ راض مرتضى على مستوى-الاستيعاب ثم الإدراك ثم الاستنتاج, وهذا العنصر السيكولوجي الأخير(الاستنتاج)هو الهدف والغاية لحلمنا العملي المقترح على النخب في البحث فيه بجدية وطرح رؤية إستراتيجية في الفعل والتطبيق على أرض الواقع ليس إلا!!! وهذا النتاج العلمي الجديد والمتعلق أساسا بالفكر الحر المتنور الذي يناصر إنسانية الإنسان,من خلال تبصر واستبصار الإنسان الصفوة لهذه الفرضية المستنتجة من علم التاريخ ثم المتبلورة من تجارب أممية حضارية ورؤيتها الفكرية المتراكمة عبر العصور و التي سلكتها كذلك الحضارات الإنسانية التي عاشت قبل الديانات السماوية وبعدها إلى يومنا الحاضر والمتعلقة أساسا: بمفهوم السلطة في عالمنا الجنوبي.؟نحن الآن في أوائل القرن الواحد والعشرين المفعم بالمستجدات والأبحاث العلمية التي ستبهر في الوقت القريب العقل الإنساني وخاصة ما استنتج واستخرج من تجارب علمية مدهشة في:"علم الهندسة الوراثية والتكنولوجية بشتى أنواعها" ثم الاكتشافات الأخيرة للشموس وكواكب أخرى وأشياء ستضع حدا للميتافيزيقا ...متأكدين لا تستطيع فهم /الأبحاث العلمية/ ولا نقدر تغيير الإنسان/القطيع/في ظرف وجيز من الزمان بل يتطلب الأمر سنوات من الكفاح أو ربما قرون...، وهذا القول عند النخب الوطنية تتلمسه وتعرفه جيدا بحسبان..ومع ذلك فليكن إيماننا المتفائل أكثر في الإنسان المعاصر الحداثي الشبابي الذي سبق أن حلل بامتياز الأسئلة التالية: هل الإنسان هو ذات فاعلة وفرد خلاق أم انه مجرد كائن مكلف؟؟ وهل الدنيا مزرعة الآخرة فقط؟؟ ثم ما الإنسان العربي والأفريقي والأسيوي؟؟ وصولا إلى مفهوم الإنسان الكوني.؟
إذن لا غرو في شبيبتنا العنيدة من إناث وذكور في كونهم جادين و لهم مؤهلات وعي ثاقب في تفعيل مؤسساتهم المجتمعية والنهوض بها إلى السير قدما فيما هو أفضل وأحسن وذلك أولا: بانخراطهم وتأسيسهم لمؤسسات المجتمع المدني من أجل ترسيخ ثقافة إنسانية لتوعية الشباب لكي يتصدوا للفكر ألظلامي الرأسمالي الاستغلالي ويتراصوا جماعات للدخول إلى عالم الديمقراطية المتجلية في/ العقد الاجتماعي / الذي فرض علينا على مستوى العالم ...أحببنا أم كرهنا موضة العصر هذه و لعبتها السياسية يجب أن نقبلها ثم الانخراط فيها بكل قوانا الفكرية لكي لا نترك للأفكار المتحجرة استصدار فكرنا الحر وحريتنا.../ نريد صحافة حرة/ نريد ثقافة حرة/ نريد مؤسسات مفعّلة حرة..استقلال القضاء/ استقلال السلطة التنفيذية مراقبة من لدن السلطة التشريعية/ استقلال السلطة التشريعية مراقبة من طرف المجتمع المدني...تفعيل المؤسسات التعليمية بالثقافة الجديدة...تعليم اللغات الحية ابتداء من الابتدائي ثم تدريس القانون العام والخاص ابتداء من الإعدادي ثم العلوم الإنسانية بما فيها التكنولوجية وعلوم الفضاء من الثانوي إلى الجامعي وووووو..ألخ... وبما أن ثورات الربيع العربي((اليابس الصقيع)) لازلت تعيش شعوبنا المغفلة مخاضا عسيرا على مستوى الفكر الناضج... عجبا العجاب.. وأخيرا اتضح بجلاء للعالم الفوضى الخلاقة ثم أكتشف للملأ أن التكالب على الحكم وحب الكراسي "اللذيذ" أصبح من شيم النخب الطوباوية بين قوسين التي تدعي الحرية والمساواة والعدل وهلم جرى ومن بينها طبعا تجار الميتافيزيقا والوصوليين وأصحاب الأجندات الرأسمالية الذين يبيعون دبلوماسيتهم حتى لشياطين الأنس والجان ..كل هذا وأكثر أفرزته هذه الثورات العجيبة والغريبة"قيل سطر لها" والتي جاءت بشهادة أغلب المحللين السياسيين أنها عفوية بدون تخطيط ولا استراتيجيات ولا خزعبلات ولا زعامة من الزعامات ((الكاريزميا ماتت منذ زمان..فأصبح في حاضرنا الحكم للشعب)) ولكن للأسف انقضًت على الحكم طفيليات بل هي أكثر من فيروسات ظلامية رأسمالية حبها للمال والنسوان والغلمان حتى سماها البعض هلامية إبليسية في سياسة التسييس وشيطنة الشياطين بحكم دغدغت مشاعر الأنعام من بني الإنسان بسهولة وبالمجان لتشريع شرعية الصندوق... لو لم نتصدى بسرعة وذكاء وحب وطني جميل لهذه الفيروسات الوبائية بالمرصاد سنعيش دكتاتوريات أقبح مما كان عليه المسمى (الربيع العربي اليابس الصقيع)), فلهذا من واجب الأوجب:على النخب الوطنية الحرة الحداثية التي تفهم جيدا /لعبة تكتيك الصندوق الذي أطلق عليه أخيرا في أبواق تليفزيونات الإشهار اسم"الشرعية"/..حان الوقت لتتكاثف النخب الحرة الوطنية ثم تنخرط في المؤسسات المجتمعية لكي تكون الرقيب وعين المجتمع المستبصرة من خلال برامج عصرية/سياسية ثقافية اجتماعية وقانونية بامتياز/ ثم تحفز الشبيبة وتقنعها للدخول في عالم /لعبة الصندوق..الشرعية هههههه/ مما يجعلها تبحث هذه المؤسسات المجتمعية على فعل سياسي ناضج جدلي لتوحيد الأحزاب الحرة التي تعي جيدا مفهوم الديمقراطية من أجل كسب الرهان على كتابة دساتير حداثية تكون الأرضية الخصبة لفكر حر متنور معاصر وعصري جميل لأجيالنا الأستشرافية /المستقبل/ وهذا لا يغرٍبنا أبدا ولا يبعدنا عن هويتنا وأعرفنا وتقاليدنا..
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

مقالات أدبية: وقف الحكيم أمام المرآة. بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

يولج الخالق المدبر الحكيم ساعات في يوم ،ثم أياما في شهر ،ثم شهورا في سنة ،ثم يولج الوحيد الأحد سنة في سنة وتتعدد الأعوام بقرون بل بمليارات القرون والكون في حالة مستمرة إلى حين..!!.والإنسان الحكيم لازال يتأمل في جمال الكون ومخلوقاته البديعة في الصنع وروعة العقل الذي سلًمه بسخاء العزيز الرحمن لبني آدم وعلمه الأسماء كلها..وعند الله يوم واحد، ألف سنة مما تعدون،"وتلك الأيام نداولها بين الناس لعلهم يتفكرون...لعلهم يبصرون..لعلهم يتذكرون..لعلهم ينظرون...لعلهم يتأملون..ولعلهم ولعلهم.. وقول كلمة "الناس" تعطي للحكيم استبصارا في حب الإنسان لأخيه الإنسان أينما وجد وكان. كيف ما كانت عقيدته أو ملته أو نحله أو دينه وحتى فلسفته المستنصرة في تجليات نور الخالق وجمال الكون والأكوان...وبغثة وهو يناجي ويحاور الحكيم بمنولوجيه رقيب عقله الداخلي ثم عبر مغناطيسية الأرواح تذكر الحكيم توأم روحه الغابرة منذ أعوام ثم وقف بسرعة واتجه نحو المرآة فلاحظ كتابة كبيرة برزت بحروف براقة جميلة تقول:((حلت ببشائرها وأفراحها وأتراحها على البشرية سنة2014 ، بدون تخطيط استراتيجي يضمن للإنسانية: الأمن والسلام الذي يروج له عبر الفضائيات وتقارير مجلس الأمن الذي كان الإنسان الكوني يعوِل عليه في استتباب العدل والمساواة وحرية الفرد في كل جزء من هذا العالم الموبوء بالفيروسات ..تأسس مجلس الأمن بالحديد والنار بعد الحرب العالمية الثانية التي حصدت ملايين الأرواح بدون ذنب قتلت)).. ثم طارت الكتابة من سطح المرآة بشكل غريب ..رمش الحكيم عينيه ونظر من جديد في المرآة فتعجب في كون المرآة لم تعد تشتغل كعادتها فاستغرب لا انعكاس لوجهه في عمقها،فذهب بسرعة يبحث عن منشف نظيف ورجع بسرعة إلى المرآة ثم بدأ يمسح ويمسح حتى كلت يده وتعبت...جلس على كرسيه مندهشا مستغربا فيما حصل له ..بينما هو في تفكيره المتشرد حتى سمع صوتا جميل الإيقاع فالتفت بخفة رشيقة إلى المرآة فوجها تحولت إلى شاشة سينمائية ..هرع إليها فاقترب فرى بحرا أزرقا هادئا جميلا تتحرك أمواجه كأنها ترقص رقصا باليا عجيبا الحركات وكأن الأمواج تحولت أجسادا بديع الجمال ثم لمح تمثال الحرية يصعد تدريجيا من قاع البحر رافعا لافتة مكتوبة بحروف كوفية جميلة الإبداع..استغرب وبدأ يقرأ بأعلى صوته: ((أين منظمة الأمم المتحدة وأمينها الديكور المزركش بالألوان؟..ثم كثرت بكثرة التكاثر المنظمات العالمية في زماننا هذا لها أجندات شيطانية تدعي حقوق الإنسان ؟ أين مجلس الأمن الحامي كرامة الإنسان ؟)) ردد الحكيم بصوت متشنج غاضب على كتابة المرآة:(( هل الدول الكبرى متعمدة الصمت الصائت الذي تحول إلى خوف مخيف في أرجاء كوكبنا الأزرق الغريب؟ وهل منظمات حقوق الإنسان هي من صنيعة _مافيا_ تجار السلاح لقتل البشرية بدون حسيب ولا رقيب..؟.أجيبي أيتها المرآة؟ ثم تفاجأ الحكيم بكتابة أخرى كبيرة الحجم:" عمر الإنسان قصير جدا" قرأها بصوت مرتفع ثم خاطب المرآة وتساءل مع نفسه : أعرف هذا أعرف. قلي بربك أيتها المرآة لماذا الإنسان يعيش حتى مع نفسه صراعا داخل صراع؟ ثم رجع لقراءة مذكراته المختزلة فلم يجد لأسئلته الميتافيزيقية الموصدة الأبواب أي جواب. أسئلة تخص ماهية الإنسان وتفاوت العقليات والقدرات الذهنية بتعدد الثقافات والمعتقدات واختلاف الألوان والأشكال ثم تساءل عن سر كمون الجمال!!؟ ورجع الحكيم مسرعا أمام المرآة يتأمل في ملامح وجهه وإذا به استغرب في تغيير وجهه، أنصدم مرة أخرى ثم ركز تركيزا وعاد يتأمل وجهه وقال:(( سبحان الله ..وجهي كان شاحبا أسودا..!!هههه من أين جاءني هذا البياض المشرق..عيناني كانتا صغيرتين فأصبحت كبيرتين..ما شاء الله..سبحان الله..وشفتاي كانت غليظتين فأصبحت صغيرتين جميلتين..يا عجبا هل أنا في حلم أم في يقظة؟وفجأة سمع خارج بيته زغاريد وطبول وغناء شعبي رائع،سكت وابتسم وقال: ((يعجبك الفقراء في أعراسهم ،يكثرون الهرج والمرج ويخلفون ديونا باهظة، والسبب إسرافهم الفوضوي في الأكل والشرب والحمام..هههه.هههه نحن شعوب أكولة "ههههه ثم تصفح الحكيم جريدة كانت على الطاولة فقرأ بجهر:هذه السنة الزاهية بأحداثها أكثر من أخواتها في القتل والقتال وتجار الأسلحة يجربون في البشر العزّل أنواع المعدات القتالية وما استجدت به التكنولوجية ذات روعة في الخراب المدمر ولا من قلب رحيم يقول هذا منكرا وحراما...سكت الحكيم برهة وقال بأعلى صوته حتى خرج جيرانه يتفرجون عليه مندهشين من جارهم الرجل الطيب الأخلاق: صاح وقال:أين شعوب العالم؟لماذا هذا الصمت الصائت السراب. هل الشعوب لقحت بمخدر التنويم المغناطيسي؟ سكت الحكيم طويلا متأملا في وجوه جيرانه الشاحبة، فاعتذر لهم عن الإزعاج ودخل إلى بيته وأغلق الباب: ثم فتح الكمبيوتر وقرر قراءة تأويلات الفلكيين المنجمين العالميين ..تسمر أمام الكمبيوتر ساعات واختزل أخيرا أقوالهم كلها تصب في وعاء الدمار والتدمير إلا واحدا من العلماء أعجب به الحكيم حين قال: أتنبأ أن العلماء سيكشفون عما قريب عن مخلوقات أخرى أذكى من هذه البشرية المتواجدة منذ بمليارات القرون...ابتسم الحكيم وتعجب ثم اطلع على أبراج الشهور فوجد أنها تركز على سيكولوجية كل فرد منا حسب رؤية علماء التنجيم بقياس اليوم والشهر والساعة، وذلك باختراعهم سلم جداول الأبراج، التي تصيب وتخطأ ..تسعد البعض منا..وتحزن الآخر..تجعل المتأمل لهذا الكون العظيم أحيانا يشك وأخرى يصدق..تناقض ونقيض..جدل واستسلام ،صراع داخل الذات وخارجها..ما أصعب فهم بنية فكر الإنسان.؟؟؟
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

المقالات الفلسفية: مفهوم الحنان على المستوى الفلسفي. بقلم/ بنيحى على العزاوى

من منا لا يعشق الحنان؟ ومن منا لا يحب من يحن عليه ولو من بعيد...؟ أو عبر مكالمة هاتفية أو شات"كويس" أو مجاملة مفعمة بالتخمة والمشاعر الجياشة السانفونية..؟ من منا لا يحتاج إلى أفكار جديدة تغذي عقله وفكره لأن الإنسان محتاج إلى طاقة جديدة تنير له طرق شتى في هذا الزمان الجافي الذي يهمش الفكر ويناصر أصحاب المال.. ..هؤلاء أصحاب المال من أين جاؤوا به.؟؟.ومن أين أتوا بهذه الثورة المتواجدة بكثرة التكاثر في المصاريف العالمية...وعلى رأس كل عام يكفّرون عن سيئاتهم أمام الحاكم خوفا من أن ينزل عليهم "التعزيرات" بحجة تبيض الأموال أو قانون وضعي يسمى الضرائب المباشرة.. لهذا يكون سبَاقا لتفعيل الزَكاة بالتطبيل والمزامير التي لا تتعدي بعض الدراهم لبعض الفقراء الذين يظنون أنفسهم أذكياء لكن في واقع الأمر هم أغباء في خبرة " تبلعيط وقوالبية كما يقول المثل المغربي" في الكذب المباح لإشهار الرجل صاحب المال "البلعوط الكبير"البرلماني في المدية..و يقول الفقير "القولبي البلعوط" للمغفلين الذين هم من سلالة المسحوقين: " الحاج الفلاني متقي الله، لو تقصده لا يبخل عليك في كل شئ(( ربي أعطاه المال))!!! للأسف الحاج العلاني هو أصلا قد ضٌربت عليه المذلة والمسكنة وعلى وجهه حجاب من شجر "الصنط" فأصبح لا يبصر ولا يستبصر أفلا يتذكّرون.. ويتفكرون..ويعقلون، هؤلاء المافيا في مجتمعنا العربي؟... لكن لا يبقى الحال من المحال...هو وأمثاله آية من آيات الله أمام الشعب المغفل المخدَر بأفيون الميتافيزيقا وما هو وأصنافه كشجرة الزقوم يأكلون في بطونهم نارا...سبحان الله ،إن لم تستحيي افعل ما شئت ولا تنسى "يا السيد الحاج ابن الحاج" أن عجلة الزمان تدور وخاصة في هذا القرن 21 ..تغير كل شئ وسيتغير مفهوم الدولة في العالم أجمع كما ستتغير دواليبها ومفاصلها وأسسها...هذا ما يؤكده عليه "علم " المستقبليات..ألم تلاحظوا معي أن في هذا الزمان الموبوء بالفيروسات أصبح كل صفيق يمارس السياسة" عيني عينك" متحديا علم السياسة..وما أكثرهم في –شبه- البرلمانات العربية تجدهم على رأس اللائحة... حار العقل في هؤلاء الأذكياء الأبالسة الذي يتسلقون ويتقنون لعبة فن الحيَل الشيطنة من أجل السطو على أموال الشعوب بغير حق ، باعوا أنفسهم للشركات العالمية الكبرى مبدعة عالم مافيا البيزنيس مان business manوقوة الحديد والنار،متخذين سحر هاروت وماروت على مستوى طرق "الماركو-تينغ marketing".. كل شئ عندهم سهل المنال..حركاتهم مشروعة ولا حاجة لتبيض الأموال. عندهم السلطة:=/المال الكاش/ الذكاء الزئبقي/واللعب على مشاعر عامة الناس باسم"تأويل التأويل " والكهنوت الرجيم..إذا كانت الرياح شرقية يرشقونها وإذا كان غربية يغربلونها وإذا كانت شمالية يشملونها وإذا كانت جنوبية يجنبونها سواء كان هذا التأويل سماوي أو وضعي ,وفي أوربا يستغلون جميع المفاهيم للعنصرية للوصول إلى سدة السلطة "الحنان"وما أدراك ما حنان الكرسي اللذيذ...الكرسي الحكم, وفي البلدان المتخلفة يٌروّج للقبيلة والجهوية باسم العرف السائد الأسطوري المروج له هو من طرف شيخ القبيلة ويعتبر من السُنن المحمودة التي رسّخت لها الديكتاتوريات ((الاستعمار الشمالي باسم الجنس السامي, ثم عند دول الجنوب التي تتحكم فيها السلطة الدينية المعروفة عندكم,..إيران مثلا وما جاورها.. تمنع الفقير المسحوق حتى من المظاهرات السلمية لأنها تمس شعائر وطقسية ولي الأمر الذي يلتصق بالكرسي –السلطة المطلقة -"الحنان" ويتحدث باسم الله، وحتى وان جعت وتظاهرت بلافتة تعبٍر فيها عن جوعك تحبس أو تجلد أو تنفى كما هو شأن أبي ذر الغفاري الغريب....شعوب الجنوب وحتى أنام الشمال محتاجة إلى "/الحنان/" القانوني الذي ينصف الإنسان ويصون كرامته...
كلنا محتاجين للحنان, وحتى حكامنا يشكون من الانفصام في الشخصية, مرضى بجمع المال بأية طريقة كانت.., الحلال يحلَلونه بالأسعار الغالية والحرام عند مفهومنا يروجون له بإشاعات طبية"الضرورات تبيح المحرمات.."...ما أقبح الحنان حين تجد نفسك مع"صفيق"...الصفيق له لسان طويل وفي كل المجامع تجده..يستطيع أن يبلور الكذب بأشكال مختلفة الإيقاعات حسب الجو والمكان المتواجد فيه .. ما أحوجنا إلى الحنان الصادق وخاصة عندما يكون بين فكرين متوازيين في الأخذ والعطاء, الحياة هي أخذ ثم عطاء وتدبير..والناس بالضرورة محتاجين إلى الحنان لكن طيب القلب يؤدي ضريبة المجاملات لأنه بحاجة ماسة إلى الحنان.كلنا بحاجة إلى الحنان وخاصة إن تحول إلى هيام جميل سعته كسعة البحر العظيم, يعشقونه الرومانسيون وذوي الألباب الذين يعرفون القيمة الجمالية العليا للهيام العذري وما أدراك من الهيام الجميل الذي يتولد أصلا من فلسفة الحنان....هل داخل مجتمعاتنا في الجنوب حنان أصدقاء "صح" أم أنتم كما أشعر أنا بالغربة واغتراب الحنان؟
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج

مقالات سياسية: أردوغان يحتفل بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

لأن تركيا ليست كمصر، أثبت سيف الاقتصاد هناك أنه أمضى من تسريبات ويكيليكس، وأن عمال تركيا وفلاحيها أقدر على تحديد هويتها من برامج التوك شو والفضائيات الملونة. ومرة أخرى، تفشل النخبة التركية في التمرد والحشد، وتخرج من غزوة الصناديق بخفي حنين لتبحث في ميادين التقسيم عن متنفس آخر لحملها الربيعي الكاذب. وفي أنقرة، وأمام مقر العدالة والتنمية، يقف أردوغان مرخيا قبضتيه المتشنجتين ليوزع على المهنئين بسمات النصر. 
بعد عام من المداولة، قررت محكمة الشعب التركي غض الطرف عن كل ما نسب إلى أردوغان من فساد ومؤامرات ومن انتهاك للحريات، كما أمرت بتعويضه بسبعة في المئة من الأصوات الإضافية، ليجتاز حزبه اختبارات الصناديق بستة وأربعين في المئة من الأصوات. وللمرة الألف يكسب الرجل الرهان، ويؤكد أن الحزب الذي يغض الطرف عن آلام البسطاء، ويتعالى على أحلام الفقراء مصيره إلى سقوط، وإن حكم البلاد بالحديد والنار وظن أهله أنهم قادرون عليها، وأن البروباجاندا التى تخاطب أمعاء الناس أقدر على حسم المعارك الانتخابية من تلك التي تخاطب نخبهم.
"قبله لم يكن لدي سيارة أو محل أو أي شيء من حطام الوطن،" يقول مراد ديمير. ثم يشير بكل ما أوتي من أصابع إلى جهات الوطن الأربع: "انظر إلى تلك الفنادق الزاخرة بالقادمين من شتى بقاع الكون، وانظر إلى ما تنعم به تركيا من أمان وشوارع نظيفة." "في التلفاز فقط يقولون أنه رجل سيء." لكن المواطنين من أمثال مراد لا يثقون بالاستديوهات المغلقة، ويظنون كما يظن أردوغان أنها تنفذ مؤامرة كبرى لإسقاط الوطن. 
ما معنى أن يصبح الوطن غرفة واحدة في مواقع التواصل، ويقسم بين الميادين إلى آلاف الخرائط المنمنمة؟ وما قيمة الصيحات التي تنادي بالسقوط الحر حتى الحجر الأخير، لكنها لا تستطيع أن ترمم شرخا في جدار أو تقيم جسرا يعبر فوقه جيل مهدد بالانقراض؟ وما قيمة أن تمتلك حنجرة من عاج وأحبال من فولاذ لا يعبر فوقها إلا المتربصون بخيامك ومآذنك؟ وكيف يستبدل الأتراك الذي هو خير بدقات نعال مشكوك في ولائها حول ميدان "تقسيم"؟
هكذا، وضعت نتائج الانتخابات المحلية في تركيا حدا لطموحات فتح الله غولين المعارض التركي الأبرز في العودة والإقامة، ومددت بقاءه في بنسلفانيا إلى أجل غير مسمى. وقد يقضي الرجل الذي بلغ من العمر عتيا ما تبقى في عمره من خريف محتضنا رمال الشاطئ التي فر بها من تركيا إلى منفاه الأمريكي بعد أن طاردته التهم حتى السواحل البعيدة. لكن براءه الرجل مما نسب إليه لم تؤمن له مقرا دائما في مسقط حزنه، كما لم يستطع القضاة الموالون له من توفير التأمين اللازم لفروة رأسه الكثة.
لكن رهين المحبسين لا يستطيع إلا أن يرفع القبعة لرجل لم تزده سنوات الحكم إلا شعبية، ولم تزده الوشايات والتسريبات والثورات إلا تمكينا. ورغم تحفظاتنا المستحقة على بعض سياسات أردوغان التي ينتهجها في المنطقة والجوار، إلا أنه ليس بوسعه ولا وسعنا أن نخفي إعجابنا أو نواري دهشتنا من رجل انتصر على المواسم، وهزم الأربعة التي زلزلت عروشا وممالك في منطقتنا الآيلة للتقسيم، وتحدى مواقع التواصل الافتراضية بتواصل أجدر مع فقراء شعبه والمهمشين من رعيته. 
يستطيع أردوغان بعد أن أزالت النتائج الأخيرة للانتخابات ما علق بثوبه السياسي من دنس أن يعد في هدوء لمعركته الانتخابية القادمة، لكن عليه أن ينتصر ما بين الصندوقين على أزمات دبلوماسية مستفحلة قد تجر تركيا لصراعات إقليمية غبية وتقوض ما بناه الرجل وحزبه في سنوات. وعليه أن ينتصر على ما تبقى من موالين لفتح الله غولين داخل الشرطة والقضاء دون أن ينتهك حرية أو يحصن تشريعات تخالف دستور الأتراك.
عبد الرازق أحمد الشاعر
Shaer129@me.com

القصة القصيرة: كؤوس العصيــــان بقلم/ محجوبة صغير الجزائر

لا تفارقه زجاجته ..يعانقها.. يحكم قبضته عليها ، يتمنى أن يموت في حضنها ، أغنته عن شريكة حياته التي أضحت في عداد المطرودين في يوم ماطر أسود ، كم ترجّته وأرادت تقبيل رجليه لأجل أن يبقيها تبيت تلك اللّيلة مع صغيريها حتّى لا يفترسها جنون الليل ، لكنّه رفض واستبدلها بمعاقرة نشوة الخمر وما تمليه عليه من ملذات ، حينها قرّر أن ينافس الليل ويُمضيه مع رفقاء سوء ،جلبهم لذات الغاية ، يحتسي ويحتسي حتى يتدفق المشروب على ملابسه الرثّة ، يضحك طويلا ويُغنّي في حركة دائريّة هستيريّة بحجرته المزيّنة بآيات الذكر الحكيم .لا تشفع له ولا يهتم لها ، يغمض عينيه كلّما رآها ، ففطرته تأبى الدنس أمّا شيطانه يودّ ذلك .يتوقف هنيهة من دورانه الذي أرهقه ، أمّا رفقة الســوء فتتمادى في جلبتها واحتسائها لكؤوس العصيان. ثمّ يواصل عربدته ويفتح زجاجة أخرى ، ودون وعي منه يميل جسده بترنّح ناحية طاولة في أحد زوايا الحجرة ..يشرف على السقوط فيستنجد بها ، حينها تقع عيناه على كتاب مفتوح فوق لوح مزخرفة حروفه ..مبهر رسمها ..تخطف الأبصار ، تخاطبه دون اصدار صوت :" يَاأيُّهَا الذينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسرُ والانْصَاب والأزْلاَم رجْسٌ منْ عَمَلِ الشَّيْطَان فاجْتَنِبُوه لَعَلّكُم تُفْلحُونَ."..صعقته فأردته أرضا ، ينظر في كلّ الجهات ويتعجب من وجود جماعة رجال في حضن بيته ، تفاجئه الدموع ، وتغسل آثار نشوته وبحركة مدروسة يحمل زجاجة العصيان ويكسرها على الجدران ، ينتبه من كان نشوانا ونائما ، مستغربين فعلته ، وبلا سابق انذار يحاول اخراجهم

بكلّ ما أوتي من قوّة وسط صراخهم وترنّحهم : " اخرجوا ..أنذال ..سكارى .اخرجوا ."

يتمكن من اخراجهم وغلق الباب وهو يبكي بحرقة ، يستشعر التوبة ، لا يتوانى في الذهاب إلى الحمام ..يفتح رشاش الماء وفي نيته غسل جسمه وروحه من دنس الذنوب .

جلطة دماغيّة:

ّأنهى شيخ المسجد درسه الديني المعتاد وهمّ بسماع أسئلة المجتمعين .فقال له أحدهم :" هل يجوز قتل الحشرات في رمضان ؟." ، لم يصمد الشيخ وسقط صريعا وسط الحلقة

القصة القصيرة: الجزيرة الملتهبة بقلم/ محمد كظيمى


يتجه صوبها دون أن يعلم أنها ليست مثله ﻻ تعرف السكن، يوم أن ضاقت به السبل في العاصمة أثينا، حيث هناك بساحة أمونيا يرسم الوداع من جديد. و كعادته يكتب في ركن ما، قبل أن يهاجر المكان، هنا وطأت قدمي ذات يوم.. في العاصمة تستعبد اﻷجانب ذو اﻷصول المسلمة. يخاف على نفسه أن يلقى مصير بني ملته اللذين اغتيلوا بدون أي سبب، ليس إﻻ لأنهم أجانب مثله.

صوب الشمال الجنوبي لتركيا يفر إليها وهي تسطع بأضوائها الملتهبة ليﻻ بين قبرص و بقية جزر البلدة. إنها جزيرة رودس اليونانية. فور وصوله بالباخرة أدرك أن أحلامه ليست بالصورة التي يراها أمامه اﻵن. الناس هنا عراة سكارى كما لو كان يوم البعث في أحد اﻷماسي في شهر أغسطس. و ضجيج قد احتوى المكان منبعث من المراقص التي بدورها غصت المكان. وحيد الشاب ذو العقد الثاني إﻻ بضع شهور، حلمه كان كمعظم أقرانه من المغاربة الشباب في أن يهاجر من أجل مستقبل أفضل. إﻻ أن الدراسة كانت أمله فضﻻ عن وضع أخواته اليتيمات الخمسة و اللاتي كن هوسه الكبير. الوقت ﻻ يسعفه في أن يسلك طريق العربدة. هو يعلم جيدا أن وضعه يختلف عن هؤﻻء السعداء، ربما..

لم يكن اﻷمر هينا على الشاب اﻷسمر اﻷمازيغي من اﻷصول الصحراوية ذا ملامح المسلم بهذه الجزيرة من سنة تسع مائة وألف و سبعة و ثمانين. الجزيرة التي عرف أهلها حربا في القرون الماضية مع جيرانهم المسلمين من اﻷتراك الذين استعمروهم من قبل تحت حكم اﻹمبراطورية العثمانية. هنا ﻻ حياة للمسلم قطعا و يكاد يكون اﻷمازيغي أو العربي الوحيد بالمكان. أما أهل الجزيرة من اﻷصول المسلمة فقد ذابوا من زمن بعيد في تصفيات أخذت أكثر من قرن من الزمن، على إثرها أنسوا من يكونوا في صمت كذاك الذي يحمله هو، و الذي سيعلم كنهه ﻻحقا..

جزيرة جعلت للسياحة و توفير الراحة لشباب كهؤﻻء. أما هو و أمثاله من العالم الثالث و اللذين يحملون نفس علامته المسجلة سواء أكانوا أمازيغيين أم عربا فقد خلقوا ليكدحوا مثل آبائهم. فهم يرثون الكدح أبا عن جد، فهم حمله إبن تافيلالت حتى عندما كان يعيش في بلاده.

اﻷخوين كوسطا و سفاس.

إسرع يا هذا..! زبائننا من الفنادق و المطاعم ينتظرون.. إسرع يا..هكذا كان حال اﻷخوين كوسطا و سافاس معه، صاحبي المصبنة الوحيدة بالجزيرة خﻻل الأربعة عشر ساعة بالعمل يوميا طيلة اﻷسبوع كله. كأنه يحتضر و هو ينتظر مصيره.. هم كذلك ينادونه بالخنزير اﻷسود كما كان يفعل معلمه قسمان بالقسم الرابع ابتدائي، آه.

الشقراء الحالمة.

لم يعد يحمل قلمه كما اعتاد صبيا. زحمة الوقت و جسمه المنهك يقتﻻن خياله الواسع الذي طالما كان وقوده اليومي حتى و إن كانت سطوره تلك تلقى مصيرها بالقمامة. كما لو كانت هي تلك التي رسمها في خياله.. بشعر أشقر طويل، عينان زرقوتان و كواعب كأنهما أترابا كانت تحتسي شيئا بجنب شرفة مقهى المدينة و هي تجلس أمامه. يجلس هو اﻵخر بالزاوية المقابلة يحمل شيئا يشبه ورقة ذابلة مثله و هو يبحث عن الكلمات كما كان يبحث عن يومه هذا دون أن يثيرها اهتماما بالغا.

بسب التهميش الذي عاشه منذ طفولته اعتاد أن ﻻ يبدي اهتمامه الزائد للغريزة. أورثه ذلك أن صار محافظا في طبعه. يخاف من الحرج من أي شيء يرى فيه نفسه صغيرا، حيث تعود السير بجنب الحائط من أمد بعيد، فتراه ﻻ يكترث بحق له هذا الفتى القاهر لنفسه.

تسأله ذات الشفتين الحمراوتين و الجسم الناعم فجأة ماذا تصنع؟ يبدو عليك رسام يوناني.. كﻻ سيدتي! مازلت ﻻ أعرف من و إلى أين أنا قادم، لكني! اﻵن أحاول أن أصنع الكلمات في ابتسامة يجيبها. إذن أنت موسيقي أو كاتب كلمات تسأله في إنجليزية مرنة يتضح في لكنتها أنها من أهل شمال أروبا. يسترسل اﻹجابة في خجل لست كذلك، إنما اعتبريني شاعر اللحظة إن سمحت لي سيدتي. كارولين ذات الثامنة عشر من عمرها من بﻻد السويد و التي رافقت أهلها إلى الجزيرة في عطلة الصيف تكاد هي اﻷخرى تحس باﻻختناق. لم تتعود حرارة مناطق البحر المتوسط تخبر الصحراوي. و في عفوية يحكي الشاب وحيد قصة رحلته و عن آماله الضائعة و هو يحتسي كوبه من القهوة. أما هي فمازالت مندهشة في ما يقول هذا العابث بالكلمات، الغريب القصص.. لم أتحدث يوما إلى امرأة حسناء مثلك يعترف لها في عفويته تلك، صدقيني أيتها الحورية الشمالية!!.. تضحك في قهقهة و كأنها تريد مزيدا من الغزل.. أنت شاب وسيم كذلك، وسعيدة للتحدث إليك يا..

إسمي وحيد من المغرب يستدرك كلماتها و هو في ذهول هو اﻵخر. وحيد المغربي إذا أيها البارع..أنت بارع حقا مازالت تبتسم في حديثها إليه..

و في همس بإحدى أذنيه تعيد العبارة و هي تودعه على أمل اللقاء في نفس المكان و الساعة الغذ في قبلة بأنفاس دافئة على إحدى خذيه أذابت كل ما يحمله من آهات في هيجان يقحمه في هوس العشق.. لكن! سيدتي أنا.. و يتابع الحديث ﻻ تكترثي لن أذهب إلى الأخوين كوسطا وسفاس غدا، يبتسم وهو يؤكد الموعد دون شك يعلم أنه سيطرد من العمل...

مازال ينظر إلى نفسه في المرآة كعروس في ليلة دخلتها و هو يردد كلماتها على إحدى اﻹيقاعات لأغنية كان يحبها، أنت شاب وسيم.. أيها البارع، ههههه... يصرخ إذا أنا لست خنزيرا أسودا كم أوهموني.. لماذا لم أدرك من قبل أني كما قالت الحورية؟؟!!..و في مزيج من الحزن و الفرحة معا مازال على حاله ذاك ينتظر اللقاء في شغف.

ساعة الرحيل.

كما لو كانت هنيهة فترة العطلة هذه تقول الفتاة في حزن مؤكدة أنها ﻻ تستطيع أن تفارقه و هي تمسك بإحدى يديه. أما هو فتلك كانت لحظاته الجميلة. تعتريه السعادة و هو يعلم اﻵن أنه إنسان مهم في حياة امرأة حسناء من عالم متطور كهذه التي اﻵن تداوي جروحه كأي إنسان عاش حرمان اﻷبوين و تسلط المجتمع.

يركبان الطائرة إلى عاصمة السويد استكهولم بعدما كانا قد سبقهما الرحلة من أسبوعين أبوا الفتاة. يعلم اﻵن أنه سيودع سﻻلته الخنزيرية و أنه لن يطرد من جديد كما فعل معه كوسطا و أخوه. قد تتهيأ الظروف له لإسعاد أخواته البنات يحلم و هو يستكين في نوم عميق ﻷول مرة منذ أن هجرته أمه طفلا مستلق بين ذراعي الشقراء الحسناء اليافع

شعر: عامية – فصحى: أنا المصرى بقلم/ أبو جنة


أنا المصري

شارب من نيلك يابلدي

واكل من طينك يابلدي

بس خايف يابلدي

يوم ما أصحى من نومي

ألقاكِ يامصر مش بلدي

أنا الحلم اللي دايب في عيون ولدي

أنا البسمه اللي رايحة من غير رجوع

أنا النسمة اللي تايهة وسط النجوع

انا لمبة ومكسورة

أنا كلمة ومجبورة

أنا الأيام اللي بتعدي

ولسة الدمعة في الصورة

أنا المصري

شربت المر يا بلدي

ودقت الهم يابلدي

خايف عليكي يابلدي

يوم ما أصحى من نومي

القاكي يامصر مش بلدي

أنا المصري

أنا المصري

أنا الثورة اللي مكبوتة

أنا الآهه أنا الموتة

للظالم صفحه في النوتة

جايه في عز غفلتهم

تشيل العفره يابلدي

تضئ الضلمه يابلدي

وتكشف عن مساوئهم

وتجلي الظلم عن بلدي

أنا المصري

شعر: عامية – فصحى: حَمَاقَةُ المِلْيَار بقلم/ حسن الأضم (فلسطين)

تُرَاوِدُنِي فَآتِيها

تَشُدُّ إنْ ثَارتْ .. لِيَ المِأْزَرْ

و إنْ زَادَتْنِي أَنْفَاسًا

و إنْ حَطَّتْ خَطَاوِيها

فأنا كَخَيْلٍ عَرَبِيًّ

أنا لها كالعَسْكَرْ

أشُدُّ بِمِأْزَرِي هذا

و آتِيها لأرْوِيها

بعيدًا منْ هنا

قريبًا منْ هناك

إلى أنْ أسْمَعَ تَكْبِيرًا

تَعْلُوها اللهُ أَكْبَرْ

فَيَتْرُكَ السَّيْفُ غِمْدَهُ

فَإِمَّا أُقْتَلُ الآنَ

أوْ أَعُودُ حَامِيها

أُعِيدُ الشَّمْسَ للشَّرْقِ

و تَارِيخٌ سَابِقٌ تَالِيها

فَكَمَا كانَ الذي أَبْحَرْ

يَعُودُ كَمَا البَحْرُ أَكْبَرْ

بأُمَّةٍ جَاءَ شَاهِدُهَا

جَاءَتْ جُيُوشُها ومُقَاتِليها

مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ

يَكَادُ يُنْسَى و قَلَّ ما يُذْكَرْ

بِقُرآنٍ .. بِتَسْبِيحٍ

بِآيَةٍ بِاسْمِ اللهِ أَتْلُوهَا

إذا جَاءَ نَصْرُ اللهِ و الفَتْحْ

فَآخُذُ مِنْ مَعَالِمِها

تَأْوِيلُ مُسْلِمٍ و بُخَارِيّ

كي أَعُود و بِالحَقِّ أَظْفَرْ

أَيَا قُدْسُ قَدْ جِئْتُكِ

بِأُمَةِ المِلْيَارِ لِأَهْدِيهَا

مِلْيَار حَمَاقَةٍ فِيهِم

بأنْ تَرَكُوا عُرُوبَةً فِيكِ

و خَانُوا تُرَابَكِ الأَطْهَرْ

و ذَهَبُوا هُنَاك لَيْلَتَها

لِعِلَّةٍ عَنْكِ تُلْهِيهَا

فَقَدْ رَاوَدَهُمُ زَمَنٌ

بِلَيَالٍ و مَالٍ و دُنْيَا و مَلاهِيهَا

و عَنْكِ أَبْعَدَهُم

مِنْ هُنَا زَمَنٌ أَغْبَرْ

فَكَيْفَ لِي أَنْ أُسَامِحَهُم

و دَمْعُكِ مِنْ المِلْيَارِ أكْثَرْ

و جَرْحُكِ نَازِفٌ ها هُنا

و دَمٌ يَجْرِي و يَرْوِيهَا

زَمَانُ زَمَانِنَا ولّى

و عُرُوبَتِي لِلقُدْسِ أَهْدِيهَا

فَلَيْسَ لِي مُصَافَحَةٌ

و لا سَلامٌ ولا أَكْثَرْ

فَمَا زَالَ يَنْتَابُنِي أَرَقٌ

و خَاِطُر قُدْسِي لَمْ يُجْبَرْ

شعر: عامية – فصحى: أنت العدم بقلم/ محمد كظيمى

طراز الشعر الحر المغنى

هكذا اﻵن أنا من عدم.

ترحلين ﻻ همس و ﻻ كلم.

في هجرك يخاصمني السكون بﻻ سلم.

فأجافي النفس في ضعف و في لمم.

يشق الليل النهار و كذا شقك لي فيه ألم.

حتى العتاب فيه عطف و أنت العطف منك في عدم.

أنت من بدء العداء بﻻ سمح و ﻻ ندم.

و أنت اﻵن من كنهه في سطر، ﻻ قلم.

شعر: عامية – فصحى: رمال الصحرا بﻻدى بقلم/ محمد كظيمى.

ورثي رمال الصحرا من جد لجد والواحة دواري.

عﻻمة الحق ساطعة نجمة خضرة و راية حمرة و الخيمة و الوادي.

بوي رقص و النخلة تحت قمر الصحرا أرضي و بﻻدي.

و طعام جدي ثمار النخلة و حليب الناقة والثمرة باقيا زادي.

مراكش و الساقية تواما حمرا و جدي موﻻي علي الشريف الوالي.

زين سﻻلة عمة و خالة، أمير اﻷمة سيدي محمد فخيرو ربي هادي.

بﻻدي من طنجة لكويرة وعلى حدودك نموت مغرابي و نعادي.

ربي احفظ ملكي و تراب أرضي والواحة و الساقية و الوادي.

دواري=جمع دوار=الحارة بالمصري.

كويرة=مدينة مغربية تقع على حدود الصحراء المغربية.

شعر: عامية – فصحى: ضر الحبيب بقلم/ محمد كظيمى

قصيدة مقفى 

سألت المساء عنك شكوت حبي في مغيب.

و أي مغيب من مغيب شكوت ضري في حبيبي.

سرب الطير عﻻ و لم يغرد شدى الغدير.

و لحن الصمت في القرى ينوح السرب فنحيبي.

عشقت الحياة في الهوى فنحر الفراق ما بي مهيبي.

و لست قيس و إن كنت في حب القيس ألقى لهيبي.

إن العليل حين يقوى يستغيث في صريخ.

و ضري أضحى صمتا و في اﻷنين طبيبي.

إذا أحب المرء صار عبيدا ضريرا لمحبه.

إن للهوى رمد أريت الناس ضره حين جفى حبيبي.

شعر: عامية – فصحى: حديث المساء بقلم/ محمد كظيمى

طراز الشعر الحر

عبق الزهر و الليمون و رائحة تربتنا.

في كل اﻷمكنة، إﻻ هنا.

شمس الضحى و ياسمينة تفوح ببلدتنا.

و ظﻻم القرى لم أره إﻻ هنا.

أذكر الجبل أن كنت طفلا و رفيقة الجيران بقريتنا.

ﻻ ذكرى اليوم، ﻻ حساء قمح و ﻻ رفيقة العمر هنا.

أشتاق إلى حديث المساء، إلى جدتي و عيشتنا.

أضجر حين أرى الرفقاء بالبلدة أذﻻء مبخوسون هنا.

زيتونة بكل اﻷلوان أنت قزبرة البراري و خبز شعير من صنعتنا.

ﻻ أملك.. شيئا باعوني إياه حتى اﻷكسجين هنا.

سمعت أن جدي و أبي أضاؤوا اسمي بكنية عيلتنا.

قزم أنا اليوم ﻻ يذكر لي اسم هنا.

أطفال نحن.. باقات زعتر التلة أكرمنا أهالي جيرتنا.

نحن الغرباء، أبناء التيه لسنا من هنا.

مازلت أذكر نسمة النعنع و جلسة اﻷهالي و أبناء عمومتنا.

نصخب الجلسة اليوم ﻻ نعرف لنا رأسا من قدم هنا.

أرحل يوما إلى مراكش بحقيبة، أترك حفيدا و دمعة و صديق الذل و ذكرى الخنا.

فأكتب بالدمع تاريخي و تاريخ اﻷصدقاء من هنا.

شعر: عامية – فصحى: عشق الأسى بقلم/ محمد كظيمى

أما كنا يوما أحبة خﻻنا.

نطرق الهوى عصرا مغربا و عشاء.

فلما الجفاء سويدى لما الجحود.

و قد أضحى العشق للفؤاد وجاء.

ثمﻻن مشينا معا اﻷمس صحابا.

واﻵن لنا فراق القدر شاء.

مزقني الحب أن كنت أشتاق لقاء.

و يمزقني الفراق ياليت وصاﻻ ما جاء.

عشقت الرموش و في جفونها داء.

فأرتني بعينها الرمد ليس من ضره شفاء.

و يا ليتني ما سبحت بحر الهوى جزافا.

أنا من في عشقه رأى دمس الظﻻم ضياء.

رحلت بﻻد الدنيا فعصرتني رحاها.

أربعين حوﻻ و يا ليت دروسها كانت وقاء.

ياصاحبي اختر في الحبيب الصديق تجزى ثوابا.

و ﻻ تعاشر سقيطا يرث الحفيد سوء ﻻ جزاء.

فجمال الطبيعة معجزة في شموخها و كساها.

و كسى الشريك في بيت أبيها و دونه عراء.

عرفت عرائسا أعراقا و أطيافا.

و لم يكن لي فرح و في كل عرق عشت عزاء.

بﻻدي مراكش 'أمازيغ' رايات حمراء.

فيها عروسي بلد الكرام و نعمة نعماء.

اظفر بذات الدين حدثنا ثربت يداك.

و ﻻ تغتر بمن ﻻ دين لها، أف زيجة شعواء

فبداخل اﻷصداف لؤلؤ و بداخلها إنسان.

بنت بﻻدي حلمي و خير اﻵن جاء.

أمازيغ: أصل يوسف بن تاشفين الذي حكم المغرب في القرن الخامس حيث عرفت البﻻد ازدهارا..

الاثنين، 31 مارس 2014

شعر: عامية – فصحى: ثائر من المنفى بقلم/ محمد كظيمى



من بني يعرب و عدن و قحطان ورث اﻷجداد لغة عربية.

مثلي أنتم من قوم رسموا السلم و السﻻم في التحية.

كنية العيلة فﻻح وطينة اﻷهل وراثة شرقية.

مزارع كان أبي و يحب أنس اﻷصدقاء و صﻻة الفجرية. 
 
أمي أمازيغية صحراوية عربية. 

تلكم سلمى شهيدة ﻻ منسية. 

بﻻ أرض أخي اليوم، أبنائي و أبناؤكم الهوية.


آه!


يموت أخي بﻻ كفن يدفن بين اﻷشﻻء و اﻷسماء المرمية.


خبريني!


أغرباء في قريتنا نحن يا خالة سعدية؟ !


طفل أخي بينهم في المهجر كانوا ينادونه يابن الغجرية.


آه!


لو يعلموا طيبة سلمى و طبيعتها الشعبية.


أشتاق إلى أمي إلى خبز شعير و حساء العشاء و أحجية الأمسية.


إلى خطاب قائدي يا قائد العروبة و الجنوب و روح الوطنية.


أصدقائي المبخوسون ﻻ عفوا!


تعالوا لنكتب حاضرنا بأنفسنا المثقلة المسبية!


فأشق بساطور الزمن أيامي و أيامكم الشقية.


أمسح سبات أحﻻمكم، و سبات ما قبل الثورية.


أذﻻء مثلي، لما تغضبون؟ أين التحية؟


أين إرثي؟ و بسالة جنوبية.


ﻻ نرى نحن في كل اﻷمكنة في بيتنا في جامعتنا العربية.


متى نكبر الله؟ نصنع حلما في جامعة محمدية.


تلكم هي الثورة و بداية الحق الأبدية.


مﻻحظة! القصيدة سبق أن عرضت في بعض المواقع العربية. للأسف بتر و حذف منها كثير من المعاني و المفردات و عوضت بأخرى في موقع عراقي. القصيدة كذلك اختيرت من بين اﻹنتاجات اﻷدبية الجيدة بالسويد لسنة 2013 و كتبت على مبنى متحف تنستا باستكهولم..

شعر: عامية – فصحى: تكتب الحياة بقلم/ محمد كظيمى

القصيدة مقفى



يا نفسي ﻻ بأس على الدنيا، إن الناس أطيافا.

زكي نفس بطيبها تنال اﻷرض الجياد و مثلهم أخيارا.

و عليل نفس ضرا تسقى به اﻷرض فينبث شرا و عصيانا.

اﻷعراق بعضها من بعض، يميل العريش و ﻻ يغدو إﻻ أشجارا.

إن الحياة كتاب ﻻ تكتبه أقﻻم و في الخلق تقرأ أحرفه أشطارا.

فيها من العيش أشكال كما في الناس معادن، طوبا و أحجارا.

تكتب الحياة بالناس و هم أجنة فإما أذﻻء أو أعزة كراما.

شقي و لو في اﻷرض يسعد، فما السعيد إﻻ بطيب أعمال و سرده أذكارا.

تجود الدنيا بالخلق و في جودها ترى فيهم الشر و الخير أصنافا.

فهي كما تفور البحار موجا، تمور كذلك الطيات ﻵلئ و أحجارا.

من لم يقنع بحال بين أهله يعش دنيا ضنكا و مدانا.

و إن عرف الناس من كل قطر أو حتى جاب اﻷرض

أقطارا.

شعر: عامية – فصحى: صريخ الصمت بقلم/ محمد كظيمى

القصيدة مقفى

صرخت نداء خارسا ﻻ من كلم.

ونخر القوى بداء من زكم الزمن.

يبكم اللسان حين يقوى حر اﻷلم.

وأنيني سعال لم يغث من ثقل الحزن.

أصبري عن الدهر و ما فيه من سقم؟!

أم الصبر عن أهله و نقم هذا الزمن.

إن الدنيا كتاب ﻻ سطر فيه و ﻻ قلم.

و حبر كتابي قتيم ﻻ عنوان إﻻ الفتن.

قرأت نصف كتابي من الدنيا و لم أجد فيه من السلم

فوددت أني ما فقهت الحرف و ﻻ كنه دائي من الحزن.

فمن يعاند أهوال الدنيا مثلي و بﻻء في كثم.

يعش عليﻻ فيها ﻻ يرى حياة الشجن.

كثم=بفتح الكاف و تسكين الثاء. ﻻ تعني هنا الكثمان. كثم الشيء أي جمعه لغة أما اصطﻻحا فهو احتواء كل أنواع البﻻء.

الصريخ= اﻻستغاثة في صراخ.

دراسات: نثر- شعر: استخدام المفارقة في القصة القصيرة جدا (فاطمة السنوسى) نموذجاً بقلم/صلاح الدين سر الختم على


فاطمة السنوسى رائدة القصة القصيرة جدا في السودان تتميز ببصمة خاصة في الكتابة ، فهى من جهة سبقت في انتاجها الكتابة النقدية عن فن القصة القصيرة جدا فى السودان وربما في العالم العربى، وهى كتابة تأخرت كثيرا ولازالت شحيحة، فاطمة السنوسى قدمت نماذج ناضجة لفن القصة القصيرة جدا فى وقت مبكر نسبيا ، هو مطلع الثمانينات، وجاءت نصوصها المبهرة نصوصا تعليمية مكتملة النمو ولم تحفل باخطاء البدايات التى لاتزال مصاحبة لكثير مما ينشر على انه قصة قصيرة جدا ، وهو أمر مثير للدهشة ويعنى ان فاطمة السنوسى كانت ملمة بشكل عميق بفنيات كتابة القصة القصيرة ومطلعةعلى نماذج محكمة لذلك النوع، فالمعرفة لاتستحدث من العدم، وبسبب قلة الظهور الأعلامى للكاتبة التى انسحبت من المشهد الثقافى السودانى منذ نهاية الثمانيات وعاشت فى المنفى، لم يلامس النقاد السيرة الذاتية لها ليتم القاء الضوء على ينابيع تجربتها الثرة المدهشة بالرغم من أن نصوصها المعروفة نشرت بالصحف السيارة فقط ولم يتم جمعها ونشرها بكتاب على حد علمى. لكن التجربة المتفردة وقفت بناية شاهقة تلفت نظر المهتمين بتاريخ القصة القصيرة جدا في السودان ، وان لم تلق نفس الإهتمام والإنصاف من النقاد العرب الذين كتبوا عن تاريخ القصة القصيرة جدا في العالم العربى، بل تجاهلوا تجربتها وريادتها واهتموا بكتاب لاحقين لها و ليس عذرا لاولئك النقاد عدم وجود كتاب مطبوع لاعمال القاصة فاطمة السنوسى، فمعظم كتاب القصة القصيرة جدا يكتفون بالنشر للتجارب في الصحف السيارة والمجلات المتخصصة ومؤخرا النشر الالكترونى. نحاول التعريف بفاطمة السنوسى وتجربتها المهمة ونصوصها وطريقتها في الكتابة زاعمين ان نصوصها تعتبر نصوصا تعليمية ذات فائدة كبيرة لكل من يهتم بهذا الفن المستحدث. ومن جهة أخرى نريد انصاف الكاتبة ونصوصها ووضعها فى المكان اللائق بتفردها وتجربتها. فى هذه الدراسة نستعرض جانبا من تجربة فاطمة السنوسي مع القصة القصيرة جدا وهو تقنية استخدام المفارقة بأنواعها المختلفة في كتابة القصة القصيرة جدا، وننهج منهجا تطبيقيا في هذه الدراسة لتكون إمتدادا لدراستنا النظرية عن المفارقة، والغرض واضح وهو يحقق عدة أهداف مجتمعة: ربط الدراسة النظرية بالواقع العملى وعملية انتاج النصوص وتحليلها لتقريب الصورة للكتاب والنقاد، تبيان الإحكام الفنى والتجويد فى نصوص فاطمة السنوسى للتدليل على ريادتها واهميةتجربتها الابداعية. تمليك القارئ منهجية علمية لتحليل وفهم النصوص .

تعريف المفارقة:

مصطلح المفارقة،وهي أن تفهم لفظ على عكس معناه أو تكّوِّن فكرة عن شيء على عكس حقيقته . تعتبر المفارقة من أهم مقومات النص الإبداعي ، خاصة في الرواية والدراما. سواء كانت مفارقة في اللغة بين الدال والمدلول والدلالة؛ أقصد مرونة الدلالة بين اللفظ والمعنى. أو مفارقة في الموقف بين التصور أو المعرفة والفهم لعكس الحقيقة . أو مفارقة في الحركة بين الحركة الطبيعية للإنسان والحركة غير الطبيعية ،سواء كانت آلية أو حيوانية أو معوقة ( و هذه عادة توظف في الكوميديا ). عند الرجوع إلى «قاموس أكسفورد» وجدناه يشير إلى أن مصطلح(Irony ) مشتق من الكلمة اللاتينية (Ironia) التي تعني التخفي تحت مظهر مخادع، والتظاهر بالجهل عن قصد، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

١- هو شكل من أشكال القول يكون المعنى المقصود منه عكس المعنى الذي تعبر عنه الكلمات المستخدمة، ويأخذ - عادة - شكل السخرية حيث تستخدم تعبيرات المدح، وهي تحمل في باطنها الذم والهجاء.

٢- نتاج متناقض لأحداث كما في حالة السخرية من منطقية الأمور.

٣- التخفي تحت مظهر مخادع أو الادعاء والتظاهر، وتستخدم الكلمة - بشكل خاص - للإشارة إلى ما يسمى بـ «المفارقة السقراطية» من خلال ما عُرف بفلسفة السؤال، وكان سقراط يستخدمها ليدحض حجة خصمه. هى كلام يبدو على غير مقصده الحقيقي،أو أّنها كلام يستخلص منه المعنى الثاني الخفى من المعنى الأول السطحي، إ ذ ن المفارقة لعبة لغوية ماهرة وذكية بين طرفين: صانع المفارقة وقارئها، على نحو يقدم فيه صانع المفارقة الّنص بطريقة تستثير القارئ، وتدعوه إلى رفضهبمعناه الحرفي، لصالح المعنى الخفي، الذي غالبا ما يكون المعنى الضد. وهو في أثناءذلك يجعل الّلغة يرتطم بعضها ببعض، بحيث لا يهدأ للقارئ بال إ لا بعد أن يصلإلى المعنى الذي يرتضيه ليستقر عنده،فالمفارقة إًذا "لغة اتصال سري بين الكاتبوالقارئ أو بين المرسل والمستقبل. والمفارقة قد تكون جملة، وقد تشمل العمل الأدبي كلَّه. وتتعدد أشكال المفارقة وأهدافها، فقد تكون سلاحا للهجوم الساخر، وقد تكون أشبه( بستا ر رقيق يخفي ما وراءه من هزيمة الإنسان".)وتحتاج المفارقة - في صناعتها- إلى مهارة لغوية خاصة، كما تحتاج إلىإحكام بالغ الدقة للعلاقة بين الشكل والوظيفة،أو بعبارة أخرى بين المقال والمقام. "وُتعد المفارقة من زاوية المعجمية التاريخية عاملا من عوامل الّتطور الدلالي لّلغة، من حيثإ ن الّلفظ يكتسب معها معنى جديدا هو من معناه القديم بمنزلة النقيض، وذلك حين يكون الخطاب للّتهكم ونحوه"

( 1). والمفارقة صيغة من التعبير تفترض من المخاطب ،بمعنى أن المخا طب يد رك في التعبير ،(Double audience) ازدواجية الاستماع المنطوق معنى حرفيا يكمن في ناحية، ومن ناحية أخرى فإّنه يدرك أَ ن هذا المنطوق -في هذا السياق- لا يصلح أن يؤْخذ على قيمته السطحية، ويعني ذلك أَ ن هذا المنطوق،يرمي إلى معنى آخر يحدده الموقف التبليغي، وهو معنى مناقض- عادًة - لهذا المعنى الحرفي، وبناء على ذلك تبدو المفارقة نوعا من الّتضاد بين المعنى المباشر المنطوق،والمعنى غير المباشر"ويتخصص هذا المفهوم قليلا بالمفارقة الدرامية حيث تنطق الشخصية المسرحية بشيء له عندها وعند ،(Ironie Dramatique)الشخصية الأخرى التي تخاطبها معنى ما، ولكن هذا الشيء الذي تنطق به له -عندالنظارة- معنى مختلف تما ما".

( 2) إ ن هذا الَتضاد الذي نتحدث عنه يلحظه القارئ أو المخا طب من خلال السياق.1)- خالد سليمان: المفارقة والأدب، دراسات في النظرية والتطبيق، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، د.ط، . 1991 ، ص: 08. 2)- نبيلة إبراهيم: فن القص في النظرية والتطبيق، ص: 197 ).هذا باختصار تعريف نظرى موجز للمفارقة كمصطلح نقدى وفلسفى. ولابد للناقد والكاتب من منهجية معينة يستخدمها لمعرفة المفارقة وبنائها فى النصوص والتعرف عليها وعلى دلالتها حيث وجدت. والمفارقة لا تكون إلا عندما يكون أثرها مزيجا من الألم والّتسلية، ولا تترك القارئ إ لا بعد أن تكون قد رسمت على شفتيه ابتسامة هادئة تصحبها السخرية من الضحية. وهي -أي المفارقة- رفض للمعنى الحرفي من الضحية، هذا الرفض للمعنى الحرفي للكلام يكون لصالح المعنى الآخر، المعنى الذي لم يعبر عنه. وقد استقر النقد والنقاد على منهجية معينة للتعرف على المفارقة فى النص. وتتمثل العملية فيما يلى:

الخطوة الأولى: رفض المعنى الحرفى للنص:

ينبغي على القارئ أن يرفض المعنى الحرفي، وليس أمرًا كافيًا أن يرفض القارئ هذا المعنى لأنه لا يوافق عليه، وليس كافيًا أيضًا أن يقوم بإضافة معانٍ أخرى من عنده. فإذا كان القارئ يقرأ قراءة دقيقة، فإنه لن يستطيع تجاهل هذا التنافر أو التعارض بين الكلمات وما يعرفه هو «أى القارئ». وفي كل الأحوال، فإن السبيل إلى معانٍ جديدة يمر عبر اقتناع صامت لا يمكن أن يتوافق مع المعنى الحرفي. وينبغي أن نلاحظ شيئين فيما يخص هذه الخطوة الأولى، وهما رفض افتراض ما، لأننا ينبغى علينا أن نرفض هذا الافتراض الصامت أو غير الواضح،. كما ينبغي على القارئ أن يتمكن من الإمساك بما يعتبره البعض مفاتيح خارجية.

الخطوة الثانية: التأويل البديل :

يقترح القارئ تأويلات أو شروحًا بديلة، وسوف تكون كل هذه التأويلات متعارضة إلى حد ما مع المعنى السطحى الظاهر لما يقوله النص، ومن المحتمل أن تكون غير متوافقة، ولكنه بالتأكيد سوف يراجع نفسه. وربما يقول: إنها سقطة من الكاتب، أو أنه مجنون، أو قد مرَّ شىء في البداية لم ألاحظه، أو أن هذه قد تعني شيئًا لا علم لى به.

الخطوة الثالثة :التعرف على القصد المحتمل أو المرجح للكاتب:

وبناء عليه يجب أن نتخذ قرارًا بشأن معتقدات الكاتب، فعندما يقول فولتير: «إنها تمطر»، فإن ثقتنا في أن فولتير كان يستخدم المفارقة تكون عظيمة لدرجة ترقى إلى مرتبة الحقيقة، ونعتمد على قناعتنا بأنه مثلنا، يرى ويرفض ما تتضمنه العبارة «كلا الجانبين يستطيع أن يكسب الحرب نفسها». إن هذا الحكم على معتقدات الكاتب يتماشى مع تأويل المفارقة الثابتة Stable Irony ولا يتم إدراك المفارقة الثابتة بدون الوصول إلى هذا الحكم.ونلاحظ أن الخطوتين الأولى والثانية في حد ذاتيهما لا تستطيعان أن تقولا إن العبارة بها مفارقة. ولا يهم إلى أي مدى نكون مقتنعين اقتناعًا راسخًا بأن العبارة غير منطقية وغير معقولة وأنها محض زيف واضح. ويجب علينا أن نقرر: هل الأمر الذي نرفضه مرفوض أيضًا من وجهة نظر الكاتب؟ وهل للكاتب سبب منطقي يجعله يتوقع أن نتفق معه؟. من البديهي أن الكاتب الذي يثير اهتمامنا به ليس إلا الشخص المبدع المسئول عن الاختيارات التي صنعت العمل، وهو ما يسمى بـ «المؤلف الضمنى» Implied Author الموجود في العمل. والحديث عن «المغالطة المتعمدة» أو «المقصودة» حديث صحيح لكنه لا يستطيع أن يحل مشكلاتنا النقدية، فنطلب الكاتب على الهاتف ونسأله ماذا كان يقصد بعبارته تلك أو هذه. إن أفضل دليل على النوايا الخفية التي تكمن خلف أية عبارة في نص هو النص كله. ولأجل بعض الأهداف النقدية، سوف يكون من المعقول أن نتحدث عن مقاصد «النص» وليس عن مقاصد «الكاتب». ولكن التعامل مع المفارقة يجعلنا نشعر بأن الحكم - بشكل نهائي - على دعوتنا ما يزال متجسدًا في وعي الكاتب حينما نكون مدفوعين باتجاه التأويل الصحيح. وفي نهاية الأمر: ينبغي أن نقول إنه ليس من المنطقي أن يكون الكاتب قد وضع هذه الكلمات بهذا الترتيب دون أن يكون قد قصد هذه المفارقة الدقيقة.

الخطوة الرابعة استنباط معنى جديد:

بعدما نكون قد اتخذنا قرارًا بشأن معرفة ومعتقدات الكاتب أو المتحدث، نستطيع في نهاية الأمر أن نختار معنى جديدًا أو نختار حزمة من المعانى التي نشعر معها بالاطمئنان. وعلى عكس الافتراض الأوَّلى، فإن المعاني التي يعاد بناؤها يجب أن تكون متوافقة مع المعتقدات الخفية غير المعلن عنها التي قرر الكاتب أن يعزوها إلى المؤلف. وهنا تلعب ثقافة الناقد وقدراته وخبراته والمامه بالموضوع وبيئة النص دورا كبيرا فى تاويل النص وترجيح هذا المعنى أو ذاك، ويجب الوضع فى الاعتبار ان شرط الاجادة في استنباط معان جديدة ليس هو موافقة الكاتب على التأويل أو رفضه، بل العبرة بمنطقية التحليل حسب عبارة النص وظروف انتاجه، وقد يكشف الناقد معان خفية حتى على كاتب النص نفسه ، وتلك هى ميزة من ميزات النقد الأمين العميق. إن استنباط المعانى الخفية المضمرة هو فى حد ذاته عملية انتاج لنص جديد واعادة انتاج لنص مقروء، وحتى عملية إعادة الإنتاج في الحقيقة هى إبداع أصيل للناقد مثلها فى ذلك مثل عملية بناء لحن موسيقي لقصيدة ليست للملحن ومثلها مثل اداء المغنى للقصيدة واللحن ففى العمليات الثلاث هناك بصمة شخصية لكل من الناقد والملحن والمغنى وهناك منتوج إبداعى خاص به لايلغيه كونه يشتغل على نص آخر. وهذا هو مايعرف بالحقوق المجاورة فى الملكية الفكرىة. ومثلما تتطلب كتابة النصوص الإبداعية المقرؤة ثقافة عالية وإلماما بشروط انتاجها من كاتبها ، تتطلب ذات الشئ مضافا اليه ملكة خاصة وذائقة نقدية ومعارف مفهومىة لدى الناقد تمكنه من فك شيفرة النص ومحاورته وإستنطاقه. على هدى من هذه المفاهيم ندلف الى عالم فاطمة السنوسى المدهش لقراءته وتحليل النصوص بحثا عن كيفية انتاجها ودلالتها الكامنة ومنهجية بناء النص عند فاطمة السنوسى. من خلال قراءتنا لمجموعة كبيرة من نصوص الكاتبة لاحظنا ملاحظات أولية مهمة:

1/ انتاج نصوص فاطمة السنوسى ليس صورا بلاغية منمقة جميلة ، بل هى كتابة واعية بشروط انتاج الجنس الأدبى الذى كتبت تحت مظلته وهو القصة القصيرة جدا، وتكشف النصوص عن امتلاك الكاتبة لمعارف نقدية متقدمة حول هذا الفن، تجلت في بنية نصوصها بشكل ملفت.

2/ المفارقة بانواعها المختلفة حاضرة حضورا مدهشا ودائما فى مجمل التجربة الإبداعية للكاتبة، بحيث يمكن الجزم بعدم وجود نص خال منها.

3/ تتميز نصوص فاطمةالسنوسى بالتدقيق في اختيار الكلمات والجمل والإقتصاد الشديد فيها، مما يؤكد وعيها بأهمية التكثيف في القصة القصيرة جدا.

4/ تميل فاطمة السنوسى الى استخدام الجمل الفعلية.

5/ لاتخلو القصة من الطرفة والسخرية وعنصر الإدهاش والمفاجأة في الخاتمة.6/ القصة القصيرة جدا دائما تتميز عندها بالوحدة فى الزمان والمكان والحدث وقلة الشخوص والأحداث، والسير مباشرة نحو الهدف دون تمهل أو ابطاء.

المفارقة الدرامية فى نصوص فاطمة السنوسى:

ارتبطت المفارقة الدرامية بالأساس بالمسرح، فهى متضمنة بالضرورة في أي عمل مسرحى، لكن هذا لا يعنى عدم وجودها خارج المسرح، وهى تكون أبلغ أثرًا عندما يعرف المراقب ما لا تعرفه الضحية. كذلك تتحقق المفارقة الدرامية عندما يعرف المراقب ما لا تعرفه الضحية. وهذا النمط من المفارقة متداخل بشكل أو بآخر مع ما يعرف بمصطلح «مفارقة الأحداث» والمفارقة الدراميةهي ((المفارقة التي ينطوي عليها كلام شخصية لا تعي أن كلامها يحمل إشارة مزدوجة: إشارة إلى الوضع كما يبدو للمتكلم, وإشارة, لا تقل عنها ملاءمة, إلى الوضع كما هو عليه, وهو الوضع المختلف تماما مما جرى كشفه للجمهور) ومن خلال قراءة العديد من نصوص الاستاذة فاطمة السنوسى نستطيع التقرير باستخدامها للمفارقة بوجه عام والمفارقة الدرامىة على وجه الخصوص فى نصوصها.

قراءة النصوص:

النص الأول :

(خلعت ثوب عافيتي لأنشره عليك..ما وجدتك..صار في الدنيا مريضان.)فى هذا النص الصغير الرحب، بكلمات قليلة جدا سردت القاصة المبدعة قصة حب خالدة صورت فيها شغف المحبين وتفانيهم واخلاصهم فى الحب، لكنها لم تورد تلك المعانى صراحة، بل فعلت كما يفعل الشعراء فى الإستعارة المكنىة ، حذفت ماتريد قوله وأشارت اليه باشياء وافعال من لوازمه، صورت امرأة عاشقة سمعت بمرض حبيبها، فهرعت حاملة ماتملك وهو عافيتها لتهبها له حتى ينهض من وعكته ويتعافى ولو هلكت هى، لكن المفاجأة كانت أنها سقطت مريضة هى الأخرى مثله، وفقدت عافيتها، وبذلك صار فى الدنيا مريضان، الدلالة هنا، انها حين عجزت عن وهبه عافيتها، شاركته الألم فسقطت مريضة مثله حتى لايتألم وحده، انها صورة شفافة وعصية على التكرار للحب وأحوال المحبين رسمتها ريشة مبدعة بذكاء مفرط،فالنص المخادع يبدو للوهلة الأولى رسالة من حبيبة الى حبيبها أو خاطرة عادية لاقصة فيها، لكن من يطبق منهجية البحث عن المفارقة لتحليل النصوص يدرك حين يرفض المعنى الظاهر الحرفى للنص، أن النص لها دلالةمخبوءة وكامنة وحين يبحث عنها تخرج قصة الحب المروية من بين السطور عملاقة هادرة كمظاهرة صاخبة ونرى الدموع تسيل على خد المحبوبة مثل حبات لؤلؤ أنفرط عقدها فأخذت في التساقط واحدة تلو الأخرى، ونشعر بالتياعها والحزن الذى اعتصر قلبها، ونراها تركض لتفدى حبيبها الذى تفتك به الحمى بنفسها، فتسقط فى منتصف الطريق مغشيا عليها ، يحملها المارة صوب المستشفى فتجاوره فى غرفة العمليات حين استعصى عليها أن تخرجه منها معافى ، حينها تبتسم ويدها الصغيرة تتسلل بين السريرين لتلامس يده. حينها نتساءل ( ماذا ارادت الكاتبة قوله بهذه الصور المفعمة بالمحبة والتفانى والشغف بالمحبوب؟) حينها تكون الاجابة هى ان القصة تمجد هذه القيم الجميلة وتدعو لتعزيزها وبقاءها فى عالم لاهث لايعترف بالحب ومشاعر المحبين، عالم يصنع القنبلة الذرية ويمتنع عن بناء أكواخ للمحبين ومستشفيات ولادة وحدائق لاجنود فيها ليتهامس فيها العشاق دون ان يزعجهم قانون العقوبات أو الطوارئ أو الدبابات أو القنابل، انها دعوة لتمجيد الحب فى الأرض واعلاء شأنه. وتطوف بالمخيلة قصة هدية عيد الميلاد للكاتب الأمريكى العصامى أو هنرى التى صور فيها قصة حب بين زوجين، جاء عيد الميلاد وكلاهما لايملك شيئا ليشترى هدية عيد الميلاد للاخر ، فباع الرجل ساعته ليهدى الزوجةدبوسا ذهبيا لشعرها الطويل، ففوجئ بانهاقد قصت شعرها وباعته لكى تهديه هدية ذات صلة بساعته.المفارقة فى تلك القصة مفارقة درامية مثل هذه، وفى النهاية أهدى كل من الزوجين الآخر شعورا لايقدر بمال الدنيا وكنوزها، تمجيد رائع للحب والمشاعرالانسانية هو هذا النص البديع لهذه الكاتبة الشفيفة.

النص الثانى:

(في قلب سحابة بعيدةحفرا مخبأ لحبهماامطرت السحابةانسكب الحب على المدينة)المعنى الظاهر لهذا النص ، عاشقان خائفان من ذيوع سرهما ( حبهما) تركا الأرض بما فيها ومن فيها، وحفرا حفرة للحب في جوف سحابة لحمايته من فضول البشر، لكن المفاجأة التى لم تكن في حسبانهما ولم تطف بخاطريهما تحققت حين هطلت السحابة مطرا على الأرض التى هربا منها وأخفيا حبهما عن أهلها، فتحقق عكس ما اراد العاشقان وذاع سرهماوانتشر في المدينة. القارئ قد يظن لأول وهلة من الفهم السطحى الظاهر للنص ان النص ليس بقصة، ولكن النص في الحقيقة قصة قصيرة جدا توافرت فيها كل مقومات القص القصير جدا،فالتكثيف حاضر بقوة، والمفارقة سيدة الموقف وتشمل كامل النص المراوغ الذى لايبوح بكامل اسراره الا اذا ادركنا المفارقة ومغزاها وتوصلنا الى المضمر المخبوء خلف الكلام السطحى الظاهر، المفارقةمفارقة درامية مثل قصة عقدة أوديب المشهورة التى اراد فيها الأب تفادى النبوءة فحققها من حيث لايرغب،بطلا القصة ارادا اخفاء عشقهما وتلك دلالة خفية على كون العشق محرم ممنوع وملاحق ومطارد في البلاد مثل المخدرات والسموم وماهو بمخدر ولاسم حتى يلحق به حكم التحريم الخاص بهما، محاولة اخفاء العشق اذا دلالة على مدلول هو القمع للحب في مجتمعنا الشرقى وتم حذف المدلول وتركت الدلالة عليه وهو (الإخفاء) ليستخلص منها القارئ الخفى والمضمر بين سطور القص، والاخفاء للحب في( السماء) دون غيرها لم يورد اعتباطا أو عبثا، بل أن له دلالتان: الأولى : هى ان الخوف من البشر، من الأرض، لا من السماء، فالأرض هنا دلالة على البشر . وهناك دلالة ضمنية هى ان البشر هم مصدر القمع الذى يخاف منه العشاق.الثانية: هى أن الخوف الذي يعترى العاشقين خوف من البشر، وليس من الله، ذلك أن الله لم يحرم الحب ولم يقمعه، بل حرمه البشر وقمعوه ولاحقوه بالهمس الظالم والظنون والصفات الحاطة من قدره برغم انه فطرة الله التى فطر الناس عليها وجعلها أساسا للتزاوج حين جعل السكينة الى الاخر من اسباب تشريع الزواج، وهل السكينة الى الاخر هى شئ سوى الحب؟! وفي الدلالة هنا حوار فلسفى طويل حول الحب والمفاهيم الخاطئة عنه. تتحقق المفارقة الدرامية فى النص حين تمطر السحابة فتخرج السر المخبوء بجوفها وتعيده الى الأرض مشاعا ً منتشرا على الجميع وهنا يتحقق عكس ما اراد العاشقان( أرادا الستر، فحدث هتك الأستار، أرادا الخفاء والإخفاء ، فحدث البوح والإعلان،أرادا الباطن ، فوجدا نفسيهما فى الظاهر) وهناك دلالات لهذا الإفشاء للسر من قبل السحابة:

الدلالة الأولى: أن مايخبئه الناس باعتباره عارا يستوجب المساءلة والقمع، هو خير عميم لاتستقيم الحياة بدونه، فبدون الحب والزواج والعطاء لاينبت شئ فى الأرض ولايتحقق التكاثر، تماما كما يحدث للطبيعة كلها، فالأرض بلا سحاب يجلب الخير لاتنبت شيئا.الدلالة هنا أن عدالة السماء نصرت الحب ، فوضعته في قلب الغيث وهطلت به على الكون كله حجة على الناس الذين انكروه وجعلوا أهله يخبئونه خوفا منهم.السحاب لايحمل في جوفه سوى الخير، اذن الحب خير مستفيض وليس شرا.

الدلالة الثانية:حين فر الحب الي السماءمن القمع وحيدا ليختبئ، تمت اعادته منصورا بالغيث الى الأرض معززا مكرما، علانية وليس خفية، وهذه دلالات خفية على النصرة والأنتصار. هكذا يخرج المضمر الخفى من بين السطور القليلة عملاقا ضخما لاحدود لجماله وقوته وتعدد معانيه الكامنة. وقد لاح لى هنا تناص ظاهر _مع الفارق_ بين خروج الحب من الأرض خائفا يترقب، وبين خروج سيدنا موسى من مدينة فرعون خائفا يترقب فى سورة القصص (: ( فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ( 21) وذلك بجامع الخوف من الظالمين فى كلا الحالتين.والاستعانة بالسماء فى كلتا الحالتين.والفارق الظاهر هو قتل سيدنا موسى عليه السلام نفساً.بينما المحبين لم يفعلا ذلك. هكذا ند ان استخدام المفارقة في النص كان استخداما مقصودا ومتعمدا وتم باحترافية عالية جملت النص واعطته أبعادا ساحرة وعمقاً.



النص الثالث:

(اخذت حبل وصلك المقطوع حاجزاً من شك وعقدة من خوف ونصبت مشنقة لحبككان الحب كبيراً ما طوقته المشنقةفشنقت اوهامى وحررت شهادة بقاء ابدي للحب الكبير)النص هنا نص مراوغ يقدم نفسه فى شكل رسالة حب برئية جدا موجهة الى الحبيب تفيده انها باقية على العهد، لكن يجب ملاحظة الكلمات( حبل) و(حاجز) و(عقدة)و ( مشنقة) و( شهادة) وملاحظة الافعال(أخذت) و(نصبت) و(طوقته) و(شنقت) و(حررت). المفارقة حاضرة في هذا النص بقوةممثلة فى أن الحبيبة ونتيجة للشكوك والظنون والمخاوف التى فتكت بها بسبب قطع الحبيب للتواصل قررت ان تحرر شهادة وفاة للحب بعد أن تنصب له مشنقة إفتراضية( بمعنى ان تحكم على العلاقة بالموت والإنتهاء بقرار من جانب واحد) وحين حزمت أمرها وقررت اتخاذ ذلك القرار فوجئت بأن مابينهمامن حب أكبر من حبال المشنقة التى نصبتها، توارت المشنقة خجلا، واكتشفت هى عظمة الحب وأنه أقوى من غضبتها العابرة وظنونها وهواجسها، لذلك وبدلا من كتابة شهادة وفاة له كما اعتزمت، قامت بتحرير شهادة خلود للحب. وهكذا انتصر الحب الكامن داخلها بلا( حبل) ولا (حاجز) ولا( عقدة) ولا (مشنقة) منصوبة ولا ( شهادة ميلاد أو وفاة) على كل أدوات القمع ممثلة في القرار المتعسف من جانب واحد ( الدكتاتورية) هى الرمز هنا، وكل ادواتها في القمع من طنون وهواجس وحواجز وحبال معقودة للشنق وللقيود ومشانق واجراءات بيروقراطية لاتضيف شيئا لحقائق الحياة الموجودة بدونها وباستقلال عنها ف ( الموت) و( الحياة) موجودان سواء صدرت شهادة ميلاد أو وفاة أو لم تصدر. مرة أخرى ينتصر النص للحب في مواجهة القمع وللحياة في مواجهة الموت وللحرية في مواجهة القمع.فاطمة السنوسى قصصيا هى خير معبر عن المرأة العربية وشوقها للحرية والحب ودفاعهاعنهما. نصوصها تنتصر دوما لإرادة الحياة في وجه ارادة الموت وارادة الحب فى وجه الكراهية.

النص الرابع:

(كتب إليها وكان على فراش المرض«لن أموت حتى لا تبكي فتحمر عيناك الجميلتان»لكنها حين قرأت الرسالةبكت.. فأحمرت عيناها الجميلتان)يبدو هذا النص قريبا من سابقه، فهو يصور تبادلا جميلا للمحبة بين عاشقين يخاف كل منهما على الآخر من النسيم، فهو يعدها وعدا مستحيلا( بأنه لن يموت) حتى لاتبكى فتحمر عيناها الجميليتان، فهو على فراش المرض لايخاف من الموت بقدر مايخاف عليها من البكاء وإحمرار عيناها!! كان قصده من الرسالة والوعد المستحيل تخفيف وقع خبر مرضه عليها، لكن الرسالة حققت عكس ما أراده، فقد تسببت في بكائها واحمرار عيناها!! وهنا تكمن المفارقة المدهشة والخاتمة المتوهجة، فكل ما أتخذه البطل من احتياطات لدرء الخطر عنها باء بالفشل وتحققت مخاوف البطل، فهل تحققت المخاوف لأن وعده كان كاذبا ومستحيلا؟ أم انه كان فى الأصل يقصد خلافا للظاهر أن تبكيه وتحمر عيناها؟ّ! ولماذا بكت هى هل أبكتها الرسالة والمشاعر المخبوءة فيها ؟! هل كانت الرسالة وداعاً مبكرا وحين وصلتها كان المرسل قد غاب غيابه الأخير لهذا بكت لأنه كان يفكر فيها حتى آخر رمق؟! أم أبكاها خبر مرضه وشعوره نحوها؟! تتناسل الأسئلة ولاأجابة حاسمة تلوح، لكن المؤكد والثابت ان المفارقة تحققت ونال البطل عكس ماتوقع وأراد. الملفت للنظر في هذا النص هو وجود أكثر من مكان وحدث في النص برغم تكثيفه، فالمكان الأول سرير المرض حيث البطل يكتب رسالته، المكان الثانى مكان الحبيبة وهو مجهول حيث قرأت الرسالة وبكت. هناك مقابلات جميلة بين الأفعال في النص فهو(كتب) وهى (بكت) يجب ألا تفوتنا ملاحظة التلاعب بالحروف ذاتها وصيرورة المعنى مختلفا، فالحروف نفسها تتكون منها الكلمتان السابقتان. وهناك (فتحمر) و(فاحمرت) ينطبق عليها نفس الشئ ، فالكلمة واحدة، لكن الأولى تعنى شيئا سيحدث ولم يحدث بعد، بينما تعنى الأخيرة شيئا حدث فعلا وانتهى. هذه المقابلات هى مما يميز أسلوب الكاتبة. المعنى الخفى للنص هو معنى بعيد جدا عن المعنى الظاهر أشارت اليه الكاتبة بدلالتين هما ( المرض) و(الموت) ، ودعمت الإشارة بتقنية (الإستباق ) أو التوقع لحدث ما قبل وقوعه،و (القدر) المشار اليه بما حدث فعلا. وبينهما زرعت محاولة لتفادى وقوع المتوقع. وبذلك كله نشأ صراع الارادات في النص، فالحبيب الذى داهمه( المرض) تذكر القدر المتربص (الموت) وخاف من أثره على الحبيبة( والتوقع لبكائها هو نوع من الاستباق) وحاول الحبيب منع حدوث ذلك الأثر بارسال رسالته تلك، ولكن القدر كان أقوى فتحقق ماخشى منه. المغزى الخفى هنا ان المرض والموت يتربصان بالحب الدوائر، وتبدو فرص النجاة معدومة من كلاهما مهما فعل المحبون لتفادى ذلك،فدوام الصحة محال والخلود محال، لذلك فأن الأفضل ان نتعايش مع حقائق الحياة ولاندع الهواجس تفسد علينا حظنا في الحياة.

النص الخامس:

(سألها عن مدى حبها له فأجابت بأنفاسك أحيا، فكتم انفاسه مداعبا فماتت!)هذا نص باذخ في تصويره لحقيقة الحب، فقد سألها عن مدى حبه لها فقالت له انها تعيش بأنفاسه، فظنها تتلاعب بالألفاظ وتتحدث مجازا، فكتم أنفاسه على سبيل المزاح، فانقلب المزاح ماساة ، ماتت البطلة وتبين أنها تعيش بأنفاسه فعلا، لكن البطل وقع ضحية المفارقة، فهو لم يك يدرى أنها تقول الحقيقةوحين حاول التأكد مزاحا فقد الحبيبة فلم يعد للحقيقة التى عرفها من قيمة فقد اصبحت مجازا! كانت الحقيقة أمامه فظنها مجازا، وحين أدرك أنها حقيقة لم يعد لها وجود وباتت مجازا.المغزى الخفى للنص ان الشك يقتل الحب الحقيقي، لأن الحب حين يحوطه الشك يتبخر مع الظنون ويبقى الهلام فقط. موت الحبيبة هنا مجازى وليس حقيقىا والمقصود به، ان الشك فى قلبه طرد حبه من قلبها، فبات قلبها ميتا تجاهه.

وهكذا تحذق الكاتبة تقنية المفارقة وتبنى نصوصها دائما على مستويين: ظاهر دال على آخر خفى، وخفى مدلول عليه ببعض آثاره وعلاماته.مع ملاحظة الأنسنة الدائمة للنصوص عند فاطمة السنوسى، فهى تكتب دوما عن الإنسان وصراعه فى الحياة وتنتصر للقيم الإيجابية وتدين القسوة والفظاظة والأوضاع المزرية التى يرزح تحتها الإنسان المعاصر.

النص السادس:

(تحاببنا بصدق، توحدنا..سألني صورتي..فأعطيته المرآة..) هذا النص روعته في في خاتمته، فالخاتمة عند فاطمة السنوسى تحمل اللغز وحله، المضمرودلالته القوية، الخاتمة عندها هى القنبلة الملقاة من طائرة والتى يتوهج المكان بضوئها فتلمح العين الإبرة فى كومة القش، لكن تلك الومضة قصيرة العمر، فهى لاتدوم طويلا ، ولكنها تتجد مع كل قراءة للنص.سؤال النص لماذا اعطته المرآة؟! الإجابة مضمنة في الكلمة السابقة لجملة (سألنى صورتى) وهى كلمة( توحدنا) المغزى هو قطعة احجية مخبوءة بين ( توحدنا) و(فأعطيته المرآة) وتفسيره بسيط جدا: توحد العاشقان صارا روحا واحدة وعندما سألها صورتها أعطته المرآة لان صورتها باتت محفورة فيه وداخله ولم تعد منفصلة عنه، فحين ينظر فى المرآة سيراها هى وبذلك لايحتاج الى الصورة وقد ملك الأصل!! يا للروعة. صراع الظاهر والخفى والدال والمدلول عليه فى قمته فى النص.



النص السابع:

(عبر منفذ صغير اقتحمت حياته..دخلت عالمه الرحب..استغرقتني كنوزه..ضاعت مني بوابة الخروج)المفارقة هنا هى مفارقة الورطة،فهى دخلت حياته بالصدفة(عبر منفذ صغير) ومن ثم اقتحمت عالمهالذى تبين لها انه (رحب) ومتسع وليس صغيرا كالمنفذ الذى دخلت به، واخذت تتجول فى هذا العالم وتكتشف في كل لحظة جديدا، حتى تاهت فيه ولم تعد تعرف كيف تخرج ، الورطة هنا تشير الى انها غيرراغبة في الخروج فقد اختارت الإقامة الدائمة ولم تعد بحاجة لمعرفة طريق الخروج، وهكذا نكتشف ان رسالة النص هى ان الورطة ورطة جميلة في الحقيقة ، بل هى اختيار واع مارسته. نلاجظ المقابلات في النص ( منفذ صغير) دخلت به( مقتحمة) ونلاحظ انها دخلت من (المنفذ) وليس( المدخل) وتقا بل ( المنفذ الصغير) ( بوابة الخروج) المخصصة أصلا للخروج وهى بوابة كاملة وليست منفذا صغيرا، الإشارة هنا الى كونها تسللت الى حياته وطابت لها الإقامة ورفضت الخروج لكنها تتظاهر بانها تائهة عن بوابة الخروج عمدا. الإشارة هنا الى كونها تسللت الى حياته وطابت لها الإقامة ورفضت الخروج لكنها تتظاهر بانها تائهة عن بوابة الخروج عمدا.الخفى فى النص هو أن الحب لايطرق الباب ولايستأذن أحدا عند الميلاد، فهو يأتى كالعاصفة بلا ميعاد، لكنه لايرحل سريعا كالعاصفة والبرق، بل يبذر بذوره فى المكان ويركل عصا الترحال ومفتاح الخروج ويبقى سيدا للدار والمكان. انه تمجيد آخر لعاطفة نبيلة.



النص الثامن :السخرية المرة وثنائية الحب والقمع:

(اقتادوه إلى مركز الشرطةلأنه حين يذكرهاينبض قلبه بعنف مسبباً الازعاج العام.)خلافا للعادة المتبعة عند فاطمة السنوسى وهى ان تبدأ بايقاع هادئ ثم يتصاعد الإيقاع كلما اقتربنا من النهاية حيث يبلغ قمته، فى هذا النص بدأت من أعلى نقطة(اقتادوه الى مركز الشرطة) حتى يثور السؤال في الذهن مباشرة( ماهو جرمه؟) فيأتى الرد العجيب المدهش (لأنه حين يذكرها ينبض قلبه بعنف مسبباً الازعاج العام) !!!! وعلامات التعجب من عندى.ينتهى النص وتتقافز الأسئلة الموجعة (أى بلاد هذه التى تعتبر الحب جريمة وضربات قلوب المحبين جريمة تسبب الإزعاج العام وتستوجب الإقتياد الى قسم الشرطة؟!) ان المفارقة هنا تتفق مع تعريف بعض النقاد لمصطلح المفارقة بما يفيد انها السخرية الواعية والتهكم المقصود الذى يخبئ في ثناياه رسائل كامنة ودلالات.فالنص تهكمى ولكنه يحوى نقدا مراً لأوضاع تساوي بين الحب والجرائم الموصوفة في قانون العقوبات وتقتاد المحبين الي اقسام الشرطة لاسباب مضحكة ونتذكر ان النص كتب بعد تجربة قوانين سبتمبر 1983 في السودان التى أثارت الرعب في الشوارع وبات السير في الشارع مع فتاة أو سيدة شبهة تبرر الاستيقاف والاقتياد الى قسم الشرطة، فجاء النص ساخرا من تلك الأوضاع مفلتا من الرقابة باعتماده المفارقة والسخرية لاخفاء مغزاه الحقيقي. انه نص يشكل امتدادا لثنائية الحب والقمع الموجودة فى معظم نصوص فاطمة السنوسي والتى تعبر عن هموم المرأة والشباب السودانى في حقبة مظلمة من التاريخ شهدت انتهاكات رسمية جسيمة للحريات الشخصية وشكلت قطيعة مع إرث سودانى عظيم من التسامح وسيادة روح سودانية لاتعتمد الشك أساسا للتشريع ومحاصرة الحريات.

النص التاسع:(الطرفة والمدح بما يشبه الذم والذم بما يشبه المدح)

(قرأت مرة بالصحف إعلاناًمن دائرة الشرطة برصد مكافأةلمن يدلهم علي رجل يملك إمتاعالعقل والروح والعين والفؤادفي لحظة واحدة..خنت حبيبي..أرشدتهم إلى مكانه وقبضت المكافأة)

فى هذا النص تلجأ فاطمة السنوسي الى مفارقة تعتمد على الطرفة والمدح بمايشبه الذم والذم بما يشبه المدح للايحاء بالمضمون المخبوء بين السطور والمموه جيدا،فهى تريد أن تتحدى ادوات القمع ممثلة فى الشرطة وتجاهر امامها بحبها علنا دون ان تعاقب ودون ان تفهم الضحية( الشرطة) انها موضع سخرية وتندر،فصاغت النص بحيث يفهم من ظاهره أن الشرطة اعلنت عن حاجتها لرجل تنطبق عليه مواصفات حبيبها ولأن الشرطة تعرف ان الشعب لن يتجاوب معها بلا مقابل فقد اعتاد الشعب انها تقبض على الناس وتعرض المكافآت مقابل ارشادها على المطلوبين ولن يصدقها ان قالت انها تريده لطلب برئ، لذلك قرنت الشرطة الإعلان بمكافأة لمن يرشد عنه( لم تنس اداة القمع اساليبها السيئة فى افساد الناس) هذه هى الإشارة الخفية، ومن ثم قامت البطلة بخيانة حبيبها وأرشدت الشرطة عنه وقبضت المكافأة، هذا على حد تعبيرها وظاهر القصة، لكن القصة تفيض سخرية فمن تخون حبيبها لاتتغزل فيه وتصفه بأنه(رجل يملك إمتاع العقل والروح والعين والفؤادفي لحظة واحدة..) والشرطة لايمكن ان تصف مطلوبا لديها بهذه الأوصاف، ولايمكنها ان تتحول فجأة من أداة مهمتها قمع المحبين ومطاردتهم في الشوارع والحدائق العامة بالسياط والهروات ، الى حمامة وديعة ورسول سلام يجمع شمل العشاق ودور رسول المحبة، إذن ماذا تقصد الكاتبة بهذا النص؟ هل خانت حبيبها فعلا؟ هل الشرطة بحثت عن رجل بمواصفات حبيب؟ هذه الاسئلة تقودنا الى قناعة راسخة بان النص لايجسد حقيقته ، انما يحتوى على رسالة مخبوءة ومضمرة مفادها ان الشرطة يجب ان تكون في خدمة الحب وليس هراوة في وجهه، وانها يجب ان تكف عن ترويع العشاق وافساد الناس بالرشاوى والقمع ويجب ان تكون اداة محبة لا كراهية . وهكذا تتوغل فاطمة السنوسى مجددا فى ثنائية الحب والقمع وترفع زهور الحب الملونة في وجه القيود والهراوات الغليظة.

النص العاشر: الأمومة محبة طاهرة( مفارقة الطرفة والإدهاش)

(يضحكنى حبيبى فهو قصير القامة جدا ،مستدير الوجه جدا ،صغير الوجه جدا ،يفشل فى تقبيلى لاننى عندما انظر اليه انفجر بالضحك احببته معنى..همت به حقيقة اعطيته الحياة.. اطال لي حياتى، نادانى.. ياماما ناديته ..يارجل، فقد بلغ من العمر .. ثلاث سنوات)

تقدم فاطمة السنوسي فى هذا النص الرائع صورة تتدفق أمومة وحياة تجسد فيها مشاعر أم تجاه طفلها، وتتمهل في السرد عمدا لتوحى للقارئ والمستمع انها تتحدث عن حبيب وعن علاقة حسية نوعا ما وتخبئ مفاجأتها حتى النهاية عند جملة( فقد بلغ من العمر ثلاث سنوات) التى تنفجر فى وجهنا كقنبلة ،لنكتشف ان من تتحدث عنه الراوية هو محض طفل صغير هو طفل الراوية نفسها، فنضحك. وكان حقيقا بنا أن نبكى على أنفسنا، فقد غررت الراوية بنا جميعا واستدرجتنا الى فخ أعدته بعناية وعلى مهل، فحتى عندما ناداها( ياماما) لم نظن انه طفل وكنا لازلنا ننتظر مزيدا من أسرار تلك العلاقة التى انصرفت أذهاننا إليها..وثمة ملحوظة هنا وهى أن ورود الطرفة والإدهاش في الخاتمة كان هو مركز الثقل في القصة ولحظة الكشف المفاجئ الصادم وليس التقرير، مع إن البوح بشخصية الحبيب يعتبر تقريرا، لكن فى سياق القصة لم يكن ذكر شخصية الحبيب شرحا للقصة أو لمغزاها، بل كان هو لحظة الصدمة وأداتها وأداة الكشف عن المغزى، فالطرفة هنا ليست مقصودة لذاتها، ولكن بهدف السخرية من انصراف ذهن الناس كل ماجاء ذكر الحبيب والحب إلى علاقة حسية بين رجل وامرأة، النص يقول لاتعتقلوا مارد الحب ومفهومه الكبير فى زجاجة الأفكار المسبقة ولا تختزلوا الحب في العلاقة الآثمة بين رجل وامرأة، لاتبحثوا عن سر مخبوء خلف كل استخدام لكلمة حبيبي.باختصار سخرت الكاتب من المجتمع بأكمله وأخرجت لسانها له فى آخر جملة في القصة.

النص الحادى عشر( نوستالجيا الحنين فى لوحة )

(في مطار ناء فخم وأنيق رأى حقيبة متهالكة،فبكى وضج في اعماقه الحنين ،لم يعرف الحقيبة لكنه عرف ذرات التراب التي على الحقيبة)تعزف فاطمة السنوسي ببراعة علي أوتار الحنين في هذا النص وتتنقل ببراعة بين المعنى الظاهر للنص الذى يجسد حالة فردية لشخص غائب عن وطنه وتشير اليه بضمير الغائب وتورد حالته ولاتصف ملامحه ولاتعطى أى معلومةعنه، ربما لتؤكد بصرامة على أنه نموذج مختار ليمثل قطاعا واسعا من الناس أو مفهوما وأنه رمز وليس شخصا معينا بالذات، ونشعر ان هناك معنى ومعانى مستترة بين السطور الظاهرة،فالرجل الذى هو فى مطار بعيد وفخم نعرف انه لاينتمى لتلك البلاد البعيدة فهى منفى اجبارى بالنسبةله، والحقيبة المتهالكة المجهولة بمعنى انها تخص غيره عليها ذرات تراب عرفها صاحبنا هى دلالة على انها حقيبة تخص مهاجرا جديدا قادما من ذات الوطن الذى قدم منه الرجل، بمعنى انه قادم جديد ذكر الرجل بماضيه ، بيوم بعيد جاء فيه من الوطن بحقيبة متهالكة عليها ذرات تراب حملها صاحبها عمدا لتذكره بالوطن أو صاحبته سهوا، وفى الحالتين لاتغنى تلك الذرات الصغيرة من تراب الوطن عن الوطن، لكنها ذكرت الرجل بلحظاته تلك بشجنها وحزنها ومرارتها، فبكى وطنا نائيا بعيدا أكرهته الظروف وأجبرته على مغادرته. الرجل في الحقيقة نموذج لعشرات الألوف بل مئات الألوف من السودانيين الذين تخطفتهم المنافئ الاجبارية بسبب الظروف القاسية في بلادهم على امتداد فترات الحكم الوطنى، فجميعها بلا استثناء عجزت عن وقف نزيف الهجرة وعجزت عن توفير حياة كريمة لابناء السودان. النص انشودة مطر حزينة مماثلة لصرخة السياب في الخليج حين داهمه الحنين الي العراق فشرع يبكى شعرا:

مطر ..

مطر ..

أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟

وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟

بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،

كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ

سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،

كأنها تهمّ بالشروق

فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .

أَصيح بالخليج : " يا خليجْ

يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "

فيرجعُ الصّدى

كأنّه النشيجْ :

" يا خليج

يا واهب المحار والردى .. "

أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ

ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،

حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ

لم تترك الرياح من ثمودْ

في الوادِ من أثرْ .



مفارقة التحول والذوبان فى الآخر عند فاطمة السنوسى:

تتكرر عند فاطمة السنوسى مفارقة التحول وهى تقنية تلجأ فيها الراوية الى تقمص شخصية الحبيب ثم ترصد رد فعل الآخرين.(وضعت قلبي على لساني لأكون صادقة القول ولأنك ملء القلب تلونت بك كلماتي فأصبحت إمرأة عذبة الحديث) فى هذا النص الساحر فاض شعورها بالحب تجاه الحبيب فوضعت قلبها على لسانها حتى تأخذ من صدقه المستقر بقلبها صدقا، فكانت النتيجة أن كلماتها تلونت به فأصبحت فى نظر الآخرين (عذبة الحديث)، انها تبحر صوب ضفافه الآمنة بإصرار ، هى تبحث عن الذوبان فيه مثلما يذوب جدول صغير يحمل ماء عذبا فى النهر. وتتكرر المسألة نفسها في نص آخر مشابه:(وضع طپيپهآ آلسمآعة على صدرهآ .. نظرت آليه معآتپه.. إستدرگ آن قلپهآ لم يعد معهآ فوضع آلسمآعة على صدره)في هذا النص الأخير تعلن التحول للاخرين وتلزمهم به، فهي تجبر الآخرين على رؤية الحب ، هى لاتخبئه هنا في جوف سحابة ، بل تجاهر به وتفرض على الاخرين احترامه، ان العاشقة تتحرر من الضغوط وتنتقل الى مواقع الهجوم بدلا من مواقع الدفاع. وفى نص آخر تقول:

(في قاعة الدرس تجاورنا(اخذ قلمي مرةولم يرده..اخذت عقله ولم ارده ،على هذا الحال تخرجنا،مر الزمن.. ونسيت قلمي غير انه ما زال يبحث عني عله يسترد لبه المفقود)

في النص أعلاه لاتكتفى بقلب الحبيب بل تأخذ لبه معها، وأخذ هو قلمها فى المقابل، المقارنة معدومة، فالقلم اداة والعقل هو كابينة القيادة، هى المنتصرة اذن.وفى نص آخر تجملت بالحب وخرجت للشوارع ، فكانت النتيجة مبهرة ومدهشة:(على الطريق العام كنت أسير ذات يوم وأفكاري معك..عاكسني أحد المارة ممتدحاً جمالي..أدركت في الحال أن الحب الذي يملؤني..قد فاض على وجهي..) النص فيه تناص مع مقطع للقاص بشرى الفاضل بعنوان (البنت التى طارت عصافيرها) يقول المقطع(خرجت من عندها ممتلئا بها حتى غازلنى الناس فى الشوارع)

اكتمال التحول:

فى هذا النص بلغ التحول والذوبان فى المحبوب قمته، حين باتت ترى بعيون حبيبها وقلبه( اكتمل الذوبان) (في وسط السوق..شاهدت منظرا أدمى قلبي..فرأيت حماية لقلبي أن أضعك على عيوني.. وأنظر الدنيا من خلالك..ما أن فعلت ذلك..حتى رأيت شحاذاً يعترض المارةيعطيهم ولا يأخذ منهم)المخبوء فى هذا النص هو انها حين نظرت بعينيه رأت العالم ورديا وسابحا فى الجمال عملا بمبدأ كن جميلا ترى الوجودجميلا، فقد رأت بعينيها ما أدمى قلبها، وحين نظرت من خلال المحبوب رأت مشهدا غاية فى الروعة والجمال:رأت شحاذا يعترض المارة ويعطيهم ولايأخذ منهم شيئا!! هل ثمة جمال فى الكون مماثل لهذا الوضع المقلوب؟جمال الوضع المقلوب هذا معناه ان الحب يطهر القلوب ويجعل العالم مكانا جميلا. نصوص فاطمة السنوسى تبقى موسيقى حالمة وصورا رائعة من الحياة تعزف فيها قاصة متمكنة على سلالم المفارقة بذكاء وإدراك عميق لأدوات عملها مما جعل من تلك النصوص نصوصا ذات قيمة فنية عالية فهى تجسد ابداعا مميزا ومتعة لاحدود لها. والمدهش ان النصوص من حيث المضمون تعالج بإصرار أوجاع العالم الداخلى للإنسان، تعكس معاناته وجوعه للحنان وتشرده فى عالم متحجر القلب لايرحم ولايعترف بالحب والرحمة وتسود فيه القسوة والفظاظة والعنف، فتشيد الكاتبة بنصوصها عالما موازيا ، رقيقا في عبارته، حالم الإيقاع، له نزعة انسانية واضحة تتجلى فى تقديس الحب والتبشير بالمحبة وفضح كل فظاظة موجودة فى الأرض وتمجيد قيم الجمال والحرية والكرامة الإنسانية.

الثانى والعشرين من نوفمبر 2013