سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الثلاثاء، 3 فبراير 2015

دراسات و بحوث: اسم الله الاعظم بين الحقائق والاساطير إعداد/ على بن شعبان

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } .

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد .

فالحمد لله الذى يسر لى دراسة أشرف أبواب العقيدة الاسلامية وهو باب الاسماء والصفات بفهم الصحابة منهج السلف الصالح ، والذى أتممته والحمد لله على يد الشيخ / محمود بن عبد الرازق الرضوانى ، ذلك الرجل الذى له باع عظيم فى هذا الامر وأثرى المكتبة الاسلامية بشتى الكتب حول الاسماء والصفات وسهل الكثير بمنهجية علمية يسيرة باصول مُيسرة مُستمدة من كتاب الله وسنة رسوله ، وسعى الشيخ الى أن يوصل هذا العلم فى باب الاسماء والصفات الى طلاب العلم ، ومد يد العون ، ويسر التعليم عن بعد من خلال دورة اُصول العقيدة فجزاه الله خيرا

وهذه الورقات جمعتها من كتاب الشيخ / محمود بن عبد الرازق الرضوانى اُصول العقيدة بتصرف 

وهى تتناول مسألة حساسة جداً ترتبط باعظم العبادات ( الدعاء ) الذى هو العبادة وهى مسألة : ما هو الاسم الاعظم لله وتبيين إختلاف أهل العلم فى هذا الاسم ، والترجيح فى هذه المسألة الخلافية بما تتفق فيه كل النصوص .

وأسأل الله أن ينفع بهذه الورقات المُسلمين وأن يجعلها فى ميزان حسنات الدكتور الرضوانى إنه سبحانه كريم مُجيب ولا تنسوا من قام بهذا العمل من دُعائكم .. 

ناشدتُك الله ياقارئاً أن تسأل الغُفران للكاتب ******** ما دعوة أنفعُ ياصاحبى من دعوة الغائب للغائب


وكتبه أخوكم / على بن شعبان ، مدينة القنطرة شرق ، محافظة الاسماعيلية

● اسم الله الأعظم ودلالته على الصفات . 

زعم كثيرون أن الاسم الأعظم لله سر مكنون وغيب مصون وأن خاصة الأولياء العارفين يعلمونه بالتلقي عن مشايخهم ( الصوفية ) وأن هذا الاسم من عَلِمه ودعا الله به فلا بد أن يُستجاب له ، بغض النظر عن كونه كافرا أو مؤمنا وجعلوا لذلك هالة من التقديس في قلوب العامة خوفا من الدعاء بالاسم الأعظم الذي انفردوا بمعرفته . 

وهذا الكلام باطل والامر خلاف ذلك فإن أسماء الله كلها حسنى وعظمى على اعتبار ما يُناسبها من أحوال العباد فاسم الله الاعظم الذى يُناسب حال ضعفهم الدعاء باسم الله القدير المقتدر المهيمن القوى والذى يُناسبهم فى حالة الذلة وقلة الحيلة الدعاء باسم الله الاعظم العزيز الجبار المتكبر الأعلى المتعالي العلي ، وفي حال الندم بعد اقتراف الذنب يناسبهم الدعاء باسمه اللطيف التواب الغفور الغفار الحيي الستير ، وفي حال السعي والكسب يدعون الرازق الرزاق المنان السميع البصير ، وفي حال الجهل والبحث عن أسباب العلم والفهم يناسبهم الدعاء باسمه الحسيب الرقيب العليم الحكيم الخبير ، وفي حال الحرب وقتال العدو فنعم المولى ونعم النصير ، وهكذا كل اسم من الأسماء الحسنى هو الأعظم في موضعه وعلى حسب حال العبد وما ينفعه .


● الروايات النقلية الثابتة في اسم الله الأعظم .

والعظمة فى أسماء الله تكون باعتبار كل اسم إنفراده أو باعتبار جمعه الى غيره فيحصل بجمع الاسم الى غيره كمال فوق الكمال ، وبهذا تُحمل الروايات التي ثبتت عن النبي e في ذكر الاسم الأعظم ، روى ابن ماجة من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله e قال : ( اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ } وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ { البقرة 163 وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ) . 

سنن ابن ماجة 3855 ، وسنن أبي داود 1343 وصححه الالبانى .


وعند ابن ماجة من حديث أبي عبد الرحمن القاسم عن أبي أمامة t أن النبى e قال : ( اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ في سُوَرٍ ثَلاثٍ ، البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه ) . 


سنن ابن ماجة 3856 ، وسنن أبى داود 1327 وصححه الالبانى فى السلسلة الصحيحة 746


قال القاسم : فالتمستها إنه الحى القيوم } اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ { البقرة 255 } اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ { آل عمران 2 ، } وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلحَيِّ القَيُّومِ { طه 111 .

وعند الترمذى من حديث عبد الله بن بريدة الأسلمى عن أبيه t قال : ( سَمِعَ النَّبِي e رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ : اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ الله ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ، فَقَالَ e : وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ الله بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) . 

سنن ابن ماجة 3857 ، وسنن أبي داود 1341 وصححه الالبانى .

وعند أبى داود وابن ماجة من حديث أنس بن مالك t أنه كان مع رسول الله e جالسا ورجل يصلي ثم دعا : ( اللهمَّ إني أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حي يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النبى e : لَقَدْ دَعَا الله بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الذي إِذَا دعي بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) . 

سنن أبي داود 1495 ، وسنن ابن ماجة 3112 وصححه الالبانى .


● اسم الجلالة هو اسم الله الأعظم عند جمهور العلماء .


الاسم الأعظم هو الله U، وأكثر أهل العلم على ذلك ، وهذا القول صحيح من عدة أوجه ، منها أنه ورد ذكره في الأحاديث السابقة ، ومنها أنه يدل على جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا بالدلالات الثلاث : المطابقة والتضمن واللزوم ، فإنه دال على إلهيته سبحانه المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له مع نفي أضدادها عنه ، وصفات الإلهية هي التي يستحق بها أن يعبد وأن تتعلق به القلوب خوفا ورجاء وتوكلا والتجاء ، وهي صفات الكمال المنزهة عن التشبيه والمثال وعن النقائص والعيوب .

ولهذا يضيف الله I سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم كقوله I } وَلله الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا { الأعراف 180

وكذلك ورد قول رسول الله e : ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) . البخارى 6957 ، فلفظ الجلالة يُكمل المائة والتسعة والتسعون مضافة إليه .. 

كما أنه يُقال الرحمن والرحيم والقدوس والسلام والعزيز والحكيم من أسماء الله ولا يُقال الله من أسماء الرحمن ولا من أسماء العزيز ونحو ذلك ، فعلم أن اسمه الله مُستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى دال عليها بالإجمال ، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التى اشتق منها اسم الله . اهـ

مدارج السالكين 1 / 32 ، لابن القيم , ط / دار الكتاب العربى – بيروت .

واسم الله أيضا دال على كونه مألوها معبودا تألهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا وفزعا إليه في الحوائج والنوائب وذلك مُستلزم لكمال ربوبيته ورحمته المتضمنين لكمال الملك والحمد وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مُستلزم لجميع صفات كماله إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي ولا سميع ولا بصير ولا قادر ولا مُتكلم ولا فعال لما يريد ولا حكيم فى أفعاله . اهـ 

مدارج السالكين لابن القيم 1/32 بتصرف ، وانظر تفسير أسماء الله للزجاج ص 24 .


● اسم الله الأعظم الرحمن الرحيم وكمالها المخصوص .


الاسم الأعظم هو الرحمن الرحيم : وهو صحيح باعتبار عدة أوجه دلت على كمال مخصوص فوق كمال الاسم المُنفرد فالرحمن كما ذكر ابن القيم هو من اتصف بالرحمة العامة الشاملة ، والرحيم هو الراحم لعباده ، ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين مع ما فى اسم الرحمن الذي هو على وزن فعلان من سعة هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به ، ألا ترى أنهم يقولون غضبان للممتلئ غضبا ، وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن مليء بذلك ، فبناء فعلان للسعة والشمول 

ولهذا يقرن الله I استواءه على العرش بهذا الاسم كثيرا كقوله U } الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى { طه 5 وكقوله أيضا I } ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً { الفرقان 59 

فاستوى على عرشه باسمه الرحمن لأن العرش مُحيط بالمخلوقات وقد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم على اختلاف أنواعهم كما قال I } وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ { الأعراف 156

فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات ومن ثم وسعت رحمته كل شيء .


كما أن الله U خص المؤمنين باسمه الرحيم فقال I } وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً { الأحزاب 43 وذلك ليُميز بينهم وبين الكافرين ، فالكافر سيعامل بعدله والمؤمن سيعامل بفضله ، وهذان الاسمان كلاهما عليهما مدار الحكمة في الدنيا والآخرة 

قال ابن القيم : ( وأما الرحمة فهي التعلق والسبب الذي بين الله وبين عباده ، فالتأليه منهم له والربوبية منه لهم، والرحمة سبب واصل بينه وبين عباده ، بها أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وبها هداهم ، وبها أسكنهم دار ثوابه ، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم ، فبينهم وبينه سبب العبودية ، وبينه وبينهم سبب الرحمة ، واقتران ربوبيته برحمته كاقتران استوائه على عرشه برحمته فقوله } الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى { طه 5 مطابق لقوله } رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ { الفاتحة 2 و 3 فإن شمول الربوبية وسعتها بحيث لا يخرج شيء عنها أقصى شمول الرحمة وسعتها ، فوسع كل شيء برحمته وربوبيته ) . اهـ

مدارج السالكين 1/35 ، لابن القيم .


وعلى ذلك فإن الرحمن الرحيم هما اسم الله الأعظم على اعتبار علوهما عن غيرهما في الدلالة على معاني الكمال والحكمة .


● اسم الله الأعظم الحي القيوم وكمالها المخصوص .

الاسم الأعظم هو الحي القيوم : وهو صحيح باعتبار عدة أوجه دلت على كمال مخصوص فوق جميع الأسماء فهذان الاسمان عند اجتماعهما يختصان عن باقي الأسماء الحسنى بما فيهما من أبعاد اعتقاديه ويعطيان من معاني الكمال ما ليس لغيرهما ، فجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا تدل باللزوم على أن الله U حي قيوم ، فالحياة وصف ذاته ومن أجلها كملت جميع أسمائه وصفاته ، فلا يمكن أن يكون سميعا بصيرا عليما قديرا إلا إذا كان حيا ولا يمكن أن يكون ملكا عزيزا قويا غنيا إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون رحيما رءوفا مهيمنا عظيما إلا إذا كان حيا ، ولا يمكن أن يكون جبارا متكبرا خالقا بارئا مصورا إلا إذا كان حيا .

ولما كان دوام الحياة وكمالها يؤدي إلى انتقال الملكية وثبوتها ، فإن الحياة والقيومية أساس الربوبية وكمال العظمة والملكية 

وأما اسمه القيوم فمن المعلوم أن القيم في اللغة هو السيد الذي يسوس الأمور ويدبرها ، فقيم البلدة سيدها وأمينها ومدبرها 

واسم الله القيوم تقدير فعله قام اللازم وأقام المتعدي ، قام بذاته فلا يحتاج إلى غيره ، وأقام غيره لافتقاره إليه والله U هو القائم بنفسه الذي بلغ مطلق الكمال في وصفه ، وهو الباقي بجلاله وكماله على الدوام دون تأثر أو تغيير لأن الحي من البشر قد يكون موصوفا بالسمع لكن سمعه يتأثر بمرور الوقت فيفتقر إلى وسيلة للسماع ، وقد يكون بصيرا لكنه يتأثر بعد مدة فيضع عدسة يستعين بها على الإبصار ، فالحي قد يكون متصفا بالصفات لكنه يتأثر بالسنة والغفلة والنوم ، ولو كان قائما دائما لكملت حياته وبقيت صفاته .


ولذلك فإن الله U أثبت الحياة والقيومية اللازمة لكمال أسمائه وصفاته بطريق الإثبات والنفي المتضمن لكمال المقابل وهذه أبلغ طرق المدح التي اتبعها السلف الصالح في مدح ربهم فمدار أوصاف الكمال وجميع الأسماء الحسنى تدل باللزوم على أن الله U حي قيوم ، ومن ثم جعلهما النبي e اسم الله الأعظم على هذا الاعتبار . اهـ مجموع الفتاوى 18/311 .


● اسم الله الأعظم الأحد الصمد وكمالها المخصوص .


الاسم الأعظم هو الأحد الصمد : وهو صحيح على اعتبار أن الاسمين معا يدلان على كمال مخصوص يلازم جميع الأسماء والصفات ، فالأحد دل على أنه سبحانه المُنفرد بأسمائه وصفاته وأفعاله عن كل ما سواه ، فالأحدية هي الانفراد ونفي الشريك والشبيه والمثلية ، كما أن الصمدية تعني السيادة المطلقة في كل وصف على حدة فالصمد هو السيد الذي له الكمال المطلق في كل شيء وهو المستغني عن كل شيء وكل من سواه مفتقر إليه ، يصمد إليه ويعتمد عليه ، وهو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وليس فوقه أحد في كماله ، وهو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وسائر أمورهم فالأمور أصمدت إليه ، وقيامها وبقاؤها عليه ، لا يَقضي فيها غيره ، وهو المقصود إليه في الرغائب والمستغاث به عند المصائب ، الذي يُطعم ولا يَطعَم ولم يلد ولم يولد .


وحقيقة الصمدية وكمالها له وحده ، ولا يمكن انعدامها بوجه من الوجوه ، كما لا يمكن تثنية أحديته أيضا بوجه من الوجوه ، فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء كما قال تعالى } وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ { الإخلاص 4 


وقد استُعملت الأحدية هنا في النفى ، أى ليس شىء من الأشياء كفوا له فى شىء من الأشياء لأنه أحد .

وقد فسر بعض السلف الصمد بأنه الذي لا يأكل ولا يشرب ، وأن الصمد هو المصمد الذي لا جوف له ؛ فلا يخرج منه عين من الأعيان ولا يلد ، وهو كلام صحيح على معنى أنه لا يفارقه شيء منه ، ولهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد وذلك أن الولادة والتولد ، وكل ما يكون من هذه الألفاظ لا يكون إلا من أصلين ، وما كان من المتولد عينا قائمة بنفسها فلابد لها من مادة خرج منها ، وقد نفى الله ذلك بقوله } قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ { الإخلاص 1 

فإن الأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير فيمتنع أن تكون له صاحبة ، والتولد إنما يكون بين شيئين 

قال تعالى } أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُل شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ { الأنعام 101 

فنفى سبحانه الولد بامتناع لازمه عليه ، فإن انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم ، وبأنه خالق كل شيء ، وهو سبحانه غني بذاته ، يمتنع في حقه أن يكون والدا وأن يكون مولودا . اهـ

مجموع الفتاوى 17 / 220 بتصرف .


فاجتماع اسم الأحد مع الصمد يُضيفان من معانى الجلال والعظمة ما ليس لغيرهما ، ولذلك ذكرهما النبى e على أنهما اسم الله الأعظم ، فهو سبحانه مُتوحد صمد ، سيد كمل فى سؤدده وفى جميع أوصافه وعظمته وحلمه ورحمته ، وعلمه وحكمته ، وهذه صفته لا تنبغى لأحد إلا له .


وقد وردت روايات ضعيفة وموضوعة فى اسم الله الاعظم منها ما يروى عن أنس بن مالك t أن عائشة سألت رسول الله e أن يعلمها الاسم الأعظم ؟ فقال لها : ( يا عائشة ، نُهينا عن تعليمه النساء والصبيان والسفهاء ) . 

ميزان الاعتدال فى نقد الرجال 2 / 124 للذهبي ، ولسان الميزان لابن حجر 2 / 104 ، والكامل فى ضعفاء الرجال لابن عدى 2 / 169

ومن المُبالغات والموضوعات فيما ذُكر حول الاسم الاعظم ( أن إبراهيم بن أدهم كان من الأشراف ، وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب ، فبينما إبراهيم في الصيد على فرسه يركض ، إذا هو بصوت من فوقه يناديه : يا إبراهيم ما هذا العبث ؟ ألهذا خُلقت ؟ أم بهذا أُمرت ؟ ثم قرأ قول الله سبحانه وتعالى } أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ { المؤمنون 115

وقال له اتق الله ، عليك بالزاد ليوم الفاقة ، فنزل عن دابته ورفض الدنيا ، وصادف راعيا لأبيه فأخذ عباءته ، وأعطاه فرسه وما معه ودخل البادية ، فرأى فيها رجلا علمه الاسم الأعظم ، فدعا به فرأى الخضر وقال له : إنما علمك أخى داود ) . 

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 7 / 369 لأبى نعيم الأصبهانى ، وسير أعلام النبلاء للذهبى 7 / 388 .


ولا شك ببطلان هذا الكلام الفاسد القبيح الذى لا يحل نشره بين الناس الا على سبيل التحذير منه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق