سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 10 مايو 2012

دراسات: نثر - شعر: من كنوز العربية أبو العتاهية في الزهد بقلم \ محمد عزوز




إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب

لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَت ْذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوب

... ُفَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى ،ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ

إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهم ِوخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريب

ُوإنَّ أمرءًا قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّة ٍإلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيب

ُنَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُه ُولَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيب

ُفأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّمابقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ

شرح الأبيات

إذا ماخلوت الدهر يوما فلاتقل*** خلوت ولكن قل علي رقيب

ولاتحسبن الله يغفل مامضى ***ولاان مايخفى عليه يغيب

يقول الشاعر في هذه الأبيات : لا يتصور ولا يظن إنسان أنه حين يخلو لنفسه ويبتعد عن مراقبة الناس أنه ليس مراقب ، ولا يحسب هذا الإنسان أن الله يغفل عن ما مضى وأنه يخفى عليه ما يعمل ، فالله يراقبه وهو الرقيب الأعظم الذي لا يخفى عليه خافية .

لهونا لعمر الله حتى تتابعت *** ذنوب على على اثارهن ذنوب

فيا ليت ان الله يغفر مامضى *** ويأذن في توبتنا فنتوب

في هذه الأبيات يظهر رجاء الشاعر وتعلقه بالله ، فيقول مقسما : إنه لهى كثيرا حتى تتابعت الذنوب وكثرت ، ولكن رجاءنا بالله كبير أن يغفر الذنوب ، فلو ارتكب الإنسان ذنوبا كثيرة ، لكنه توجه بالتوبة إلى الله ، فإنه سيجد نفسه أمام رب رحيم غفور يقبل التوبة ، فرحمة الله واسعة ومغفرته قريبة يقول تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر .

إذا مامضى القرن الذي كنت فيهم *** وخلفت في قرن فأنت غريب

وإنَّ امرا قد سار خمسين حجة *** الى منهل من ورده لقريب

يصور الشاعر حقيقة نعيشها مع من حولنا وهي أن الإنسان إذا عمّر وكبر سنه وعاش في زمن غير زمانه الذي كان يعيش فيه مع أصدقائه وأقرانه فإنه يكون غريبا يستغرب كل شئ ، ومن حوله قد لايقبلون منه ، وهذه حقيقة ثم إن الإنسان إذا بلغ الخمسين من عمره فهو قريب من منهله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي بين الخمسين والسبعين ، فعليه أن يحسن فيما بقي ويسير في طريق الخير والتوبة ليغفر الله له ما مضي فإنه إن أساء فيما بقي أخذ بما مضي وما بقي .

نسيبك من ناجاك بالود قلبه *** وليس لمن تحت التراب نسيب

فأحسن جزاء ما اجتهدت فانما*** بقرضك تجزى والقروض ضروب

يقول الشاعر إن قريبك ونسيبك الحقيقي هو من يخلص لك النصح ويحضك على الصلاح والأخذ بشعائر الدين ، وليست القربى قربى الدم وليست النسب المصاهرة ثم ختم الأبيات بقوله من أقرض قرضا حسنا وعمل صالحا لقي جزاءه في جنة الله ورحمته ، فالجزاء من جنس العمل .

هناك 8 تعليقات: