سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 2 أبريل 2014

مقالات أدبية: وقف الحكيم أمام المرآة. بقلم/ بنيحيى علي عزاوي

يولج الخالق المدبر الحكيم ساعات في يوم ،ثم أياما في شهر ،ثم شهورا في سنة ،ثم يولج الوحيد الأحد سنة في سنة وتتعدد الأعوام بقرون بل بمليارات القرون والكون في حالة مستمرة إلى حين..!!.والإنسان الحكيم لازال يتأمل في جمال الكون ومخلوقاته البديعة في الصنع وروعة العقل الذي سلًمه بسخاء العزيز الرحمن لبني آدم وعلمه الأسماء كلها..وعند الله يوم واحد، ألف سنة مما تعدون،"وتلك الأيام نداولها بين الناس لعلهم يتفكرون...لعلهم يبصرون..لعلهم يتذكرون..لعلهم ينظرون...لعلهم يتأملون..ولعلهم ولعلهم.. وقول كلمة "الناس" تعطي للحكيم استبصارا في حب الإنسان لأخيه الإنسان أينما وجد وكان. كيف ما كانت عقيدته أو ملته أو نحله أو دينه وحتى فلسفته المستنصرة في تجليات نور الخالق وجمال الكون والأكوان...وبغثة وهو يناجي ويحاور الحكيم بمنولوجيه رقيب عقله الداخلي ثم عبر مغناطيسية الأرواح تذكر الحكيم توأم روحه الغابرة منذ أعوام ثم وقف بسرعة واتجه نحو المرآة فلاحظ كتابة كبيرة برزت بحروف براقة جميلة تقول:((حلت ببشائرها وأفراحها وأتراحها على البشرية سنة2014 ، بدون تخطيط استراتيجي يضمن للإنسانية: الأمن والسلام الذي يروج له عبر الفضائيات وتقارير مجلس الأمن الذي كان الإنسان الكوني يعوِل عليه في استتباب العدل والمساواة وحرية الفرد في كل جزء من هذا العالم الموبوء بالفيروسات ..تأسس مجلس الأمن بالحديد والنار بعد الحرب العالمية الثانية التي حصدت ملايين الأرواح بدون ذنب قتلت)).. ثم طارت الكتابة من سطح المرآة بشكل غريب ..رمش الحكيم عينيه ونظر من جديد في المرآة فتعجب في كون المرآة لم تعد تشتغل كعادتها فاستغرب لا انعكاس لوجهه في عمقها،فذهب بسرعة يبحث عن منشف نظيف ورجع بسرعة إلى المرآة ثم بدأ يمسح ويمسح حتى كلت يده وتعبت...جلس على كرسيه مندهشا مستغربا فيما حصل له ..بينما هو في تفكيره المتشرد حتى سمع صوتا جميل الإيقاع فالتفت بخفة رشيقة إلى المرآة فوجها تحولت إلى شاشة سينمائية ..هرع إليها فاقترب فرى بحرا أزرقا هادئا جميلا تتحرك أمواجه كأنها ترقص رقصا باليا عجيبا الحركات وكأن الأمواج تحولت أجسادا بديع الجمال ثم لمح تمثال الحرية يصعد تدريجيا من قاع البحر رافعا لافتة مكتوبة بحروف كوفية جميلة الإبداع..استغرب وبدأ يقرأ بأعلى صوته: ((أين منظمة الأمم المتحدة وأمينها الديكور المزركش بالألوان؟..ثم كثرت بكثرة التكاثر المنظمات العالمية في زماننا هذا لها أجندات شيطانية تدعي حقوق الإنسان ؟ أين مجلس الأمن الحامي كرامة الإنسان ؟)) ردد الحكيم بصوت متشنج غاضب على كتابة المرآة:(( هل الدول الكبرى متعمدة الصمت الصائت الذي تحول إلى خوف مخيف في أرجاء كوكبنا الأزرق الغريب؟ وهل منظمات حقوق الإنسان هي من صنيعة _مافيا_ تجار السلاح لقتل البشرية بدون حسيب ولا رقيب..؟.أجيبي أيتها المرآة؟ ثم تفاجأ الحكيم بكتابة أخرى كبيرة الحجم:" عمر الإنسان قصير جدا" قرأها بصوت مرتفع ثم خاطب المرآة وتساءل مع نفسه : أعرف هذا أعرف. قلي بربك أيتها المرآة لماذا الإنسان يعيش حتى مع نفسه صراعا داخل صراع؟ ثم رجع لقراءة مذكراته المختزلة فلم يجد لأسئلته الميتافيزيقية الموصدة الأبواب أي جواب. أسئلة تخص ماهية الإنسان وتفاوت العقليات والقدرات الذهنية بتعدد الثقافات والمعتقدات واختلاف الألوان والأشكال ثم تساءل عن سر كمون الجمال!!؟ ورجع الحكيم مسرعا أمام المرآة يتأمل في ملامح وجهه وإذا به استغرب في تغيير وجهه، أنصدم مرة أخرى ثم ركز تركيزا وعاد يتأمل وجهه وقال:(( سبحان الله ..وجهي كان شاحبا أسودا..!!هههه من أين جاءني هذا البياض المشرق..عيناني كانتا صغيرتين فأصبحت كبيرتين..ما شاء الله..سبحان الله..وشفتاي كانت غليظتين فأصبحت صغيرتين جميلتين..يا عجبا هل أنا في حلم أم في يقظة؟وفجأة سمع خارج بيته زغاريد وطبول وغناء شعبي رائع،سكت وابتسم وقال: ((يعجبك الفقراء في أعراسهم ،يكثرون الهرج والمرج ويخلفون ديونا باهظة، والسبب إسرافهم الفوضوي في الأكل والشرب والحمام..هههه.هههه نحن شعوب أكولة "ههههه ثم تصفح الحكيم جريدة كانت على الطاولة فقرأ بجهر:هذه السنة الزاهية بأحداثها أكثر من أخواتها في القتل والقتال وتجار الأسلحة يجربون في البشر العزّل أنواع المعدات القتالية وما استجدت به التكنولوجية ذات روعة في الخراب المدمر ولا من قلب رحيم يقول هذا منكرا وحراما...سكت الحكيم برهة وقال بأعلى صوته حتى خرج جيرانه يتفرجون عليه مندهشين من جارهم الرجل الطيب الأخلاق: صاح وقال:أين شعوب العالم؟لماذا هذا الصمت الصائت السراب. هل الشعوب لقحت بمخدر التنويم المغناطيسي؟ سكت الحكيم طويلا متأملا في وجوه جيرانه الشاحبة، فاعتذر لهم عن الإزعاج ودخل إلى بيته وأغلق الباب: ثم فتح الكمبيوتر وقرر قراءة تأويلات الفلكيين المنجمين العالميين ..تسمر أمام الكمبيوتر ساعات واختزل أخيرا أقوالهم كلها تصب في وعاء الدمار والتدمير إلا واحدا من العلماء أعجب به الحكيم حين قال: أتنبأ أن العلماء سيكشفون عما قريب عن مخلوقات أخرى أذكى من هذه البشرية المتواجدة منذ بمليارات القرون...ابتسم الحكيم وتعجب ثم اطلع على أبراج الشهور فوجد أنها تركز على سيكولوجية كل فرد منا حسب رؤية علماء التنجيم بقياس اليوم والشهر والساعة، وذلك باختراعهم سلم جداول الأبراج، التي تصيب وتخطأ ..تسعد البعض منا..وتحزن الآخر..تجعل المتأمل لهذا الكون العظيم أحيانا يشك وأخرى يصدق..تناقض ونقيض..جدل واستسلام ،صراع داخل الذات وخارجها..ما أصعب فهم بنية فكر الإنسان.؟؟؟
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج: 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق