سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 20 مارس 2013

مقالات اقتصادية: مجتمع الاستهلاك عرض و تقديم/ مروان محمد

بقلم/ د. حازم الببلاوى

الغاية النهائية من النشاط الانتاجى فى كل مجتمع هى الاستهلاك, و لا يختلف المجتمع الحديث فى ذلك عن اى مجتمع سابق ألا فى الأهمية الزائدة التى بدأت تحتلها ضرورة العمل على زيادة الاستهلاك, و القدرة الهائلة التى توفرت لهذا المجتمع للعمل على تحقيق هذه الزيادة باستمرار و بمعدلات متزايدة دائما, أن التقدم الفنى الهائل المتاح الآن لاستخدامه فى أساليب الإنتاج قد وفر القدرة المستمرة على زيادة الانتاج و الإنتاجية مما زاد من فرص الاستهلاك.


كذلك فسيطرة الفنيين على قرارات الانتاج قد ساعدت على النظر إلى أن النمو أى زيادة الانتاج فى ذاتها و ما يرتبط بها من ضرورة زيادة التصريف باعتبارها من الأهداف الرئيسية التى يتوخاها مصدرو هذه القرارات, و قد نجم عن ذلك أن الاستهلاك فى المجتمع الحديث قد زاد بشكل لم يكن معروفا فيما سبق, كما نجمت عن مجموعة من القيم و القواعد التى تنظم حياة المجتمع فى ضوء زيادة الاستهلاك, إذ اعتبرت زيادة الاستهلاك ذاتها قيمة اجتماعية كبرى و محورا لكثير من أجزاء النشاط الاقتصادى, فزيادة الاستهلاك فى ذاتها و بصرف النظر عن الحاجات التى يشبعها هذا الاستهلاك المتزايد قد أصبحت من قواعد الانتاج فى العصر الحديث, فالاستهلاك لا يتزايد لاشباع حاجات قائمة, بقدر ما يخلق حاجات جديدة للتمكين من زيادة الاستهلاك و قد كان لهذه الظاهرة آثار بعيدة على الاقتصاد كما أنها نتائج خطيرة على السلوك الاجتماعى بدأت تظهر فى الفترة الأخيرة.


الواقع أن مظاهر مجتمع الاستهلاك لازالت حديثة كما أنها لازالت بعيدة عن أن تكون عامة سواء من يحث الدول أو حتى بالنسبة للدولة الواحدة, فالبنسبة للدول الصناعية لا يمكن الحديث باطمئنان عن وجود مجتمع الاستهلاك بالصورة التى تتحدث عنها إلا فى شكل اتجاه عام, و لا تكاد توجد دولة تتركز فيها خصائص هذا المجتمع إلا فى الولايات المتحدة الأمريكية, و حتى بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فهذا المجتمع لازال بعيدا عن أن يكون شاملا, ذلك أن التقدم المتحقق فى العالم حتى الآن قد أذ صورة النمو غير المتوازن بمعنى أن هناك دائما قطاعات أسبق من غيرها فى استيعاب التقدم و فى تحقيق النمو, كما أن هناك مناطق جغرافية أقدر على تحقيق التقدم من غيرها, و هذا النمو غير المتوازن نجده على مستوى العالم فى مجموعه مما أدى إلى وجود الدول النامية و المتخلفة كما نجده على مستوى الدولة الواحدة مما أدى إلى وجود الأماكن و القطاعات المختلفة, و على ذلك فعند حديثنا عن خصائص مجتمع الاستهلاك لا ينبغى أن يفهم من ذلك أن هذا المجتمع قد تحقق بالفعل و أنما هو مجرد اتجاه عام بدأت تظهر خطوطه الرئيسية, و لكن جزر الفقر موجودة دائما و هى تثير الكثير من المشاكل على ما سنرى.


و إذا كانت خصائص مجتمع الاستهلاك لازالت حديثة فإن بوادرها قد ظهرت على النظرية الاقتصادية منذ فترة, و هذا هو فى الواقع مغزى التطور الذى لحقها منذ التقليديون و كينز. و بدون التعرض إلى جوانب كيفية توزيع الدخل التى تثير فى الواقع خلافات مذهبية, فإن جوهر النظرية التقليدية فى الاقتصاد و التى ورثناها منذ آدم سميث و ريكاردو, هو أن الطلب الكلى يستوعب فى الواقع العرض الكلى دائما, فكل ما ينتج من السلع نجد له طلبا فى السوق, و إذا كان من الممكن حدوث بعض الاختلالات الجزئية فى الاقتصاد كأن يكون عرض سلعة معينة أكبر أو أقل من الطلب عليها فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون حالة استثنائية جزئية لا بد أن تعادلها اختلالات جزئية أخرى, و المهم فى كل ذلك هو أن مجموع الطلب الكلى فى الاقتصاد لا يمكن أن يقل عن مجموع العرض أو الانتاج الكلى, و لذلك فإن الاقتصاد بطبيعته يتوازن عند مستوى التشغيل الشامل, و تفسير ذلك أن الاقتصاد بعيد عن اشباع جميع الحاجات, و لذلك فإن الحاجة موجودة باستمرار لزيادة الانتاج و فرص الربح من الاستثمارات الجديدة مكفولة بالنظر إلى أن هناك دائما قدرة على زيادة الانتاج و زيادة الاستهلاك, و فرص الاستثمارات تكون عادة كبيرة, و لكن نظرا لأن الاقتصاد فقير فإنه لا يمكن القيام بكل هذه الاستثمارات, و يتم القيام فقط بالاستثمارات فى الحدود التى يمكن فيها ضغط الاستهلاك, و على ذلك فكل جزء يمكن ادخاره من الناتج القومى سيطلب بالضرورة للاستثمار لأن فرص الاستثمار كبيرة لوجود فرص الربح من الانتاج فى المستقبل و اشباع الحاجات الناقصة, و على ذلك فإن التقليديين و جهوا أنظارهم إلى الادار, فهذا هو القرار الهام, و هو الذى سيحدد مقدار الاستثمار, فكل ما يدخر سيتثمر حتما لأن الطلب على الاستثمار كبير جدا, و لذلك لم تقم صعوبة عند التقليدين لتقرير ضرورة تحقيق التوازن فى الاقتصاد, فالعرض الكلى يتساوى دائما مع الطلب الكلى, و العرض الكلى يتكون من عرض سلع الاستهلاك و عرض الادخار, و الطلب الكلى يتكون من الطلب على الاستهلاك و الطلب على الاستثمار. و نظرا لأن الطلب على الاستثمار يكون كبيرا جدا بالنسبة لعرض الادخار فإنه لا يمكن أن تقوم حالة يزيد فيها العرض الكلى عن الطلب الكلى.


و إذا انتقلنا إلى تحليل كينز نجد أن التجديد الذى أتى به هو أنه أوضح أن الطلب على الاستثمار قد لا يكون من الكبر بحيث يستوعب كل المدخرات. و لذلك فليس من المقبول الاهتمام فقط بالادخار باعتبار أن الاستثمار سيتحقق دائما, بل لعل العكس هو الصحيح, فنظرا لنقص فرص الربح فإن الطلب على الاستثمار قد يكون محدودا, و من وجب أن يتعدل الادخار وفقا لهذا الطلب المحدود, و رأى كينز أن تعديلات الادخار وفقا للطلب على الاستثمار تتم بتغيرات مستوى الدخل القومى و العمالة, مما قد يجعل وجود بطالة أمرا متفقا مع التوازن الاقتصادى, و هذا فى الواقع جوهر الثورة التى أحدثها كينز فى النظرية الاقتصادية فى كتابه الشهير النظرية العامة و من الواضح أن امكان نقص الاستثمار عن المدخرات أما يرجع إلى نقص فرص الربح من الاستثمارات الجديدة, و هذا ما يشير فى الواقع إلى أن زيادة الاستهلاك فى المستقبل لم تعد متوافرة كما كان الأمر قبل ذلك بقرن من الزمان. و هذا تغيير هام و هو مقدمة لبيان أن الاستهلاك قد بدأ يفرض نوعا من المشاكل, فنحن لسنا فى مرحلة الفقر الشديد و حيث كل زيادة فى الانتاج ستصرف حتما, و لكننا بدأنا ندخل مرحلة امكان نقص الطلب الفعلى عن توفير العمالة الشاملة و للك فإن السياسة التى نصح بها كثيرة, هى ضرورة العمل على زيادة الطلب. على أنه لا ينبغى أن تعطى نظرية كينز أكثر من دلالتها الحقيقية. فليس معنى ذلك أن العالم قد عرف مجتمع الاستهلاك فى الثلاثينات, و لكن ما نود أن نشير إليه هو أنه بدأت تظهر مشاكل الطلب الكلى و لم تعد أمرا تلقائيا كما كانت عند بداية الثورة الصناعية و فى ظل مستويات الاستهلاك المنخفضة. و مما ساعد على ظهور أزمة الطلب الكلى فى الثلاثينات سوء توزيع الدخول, فأصحاب الدخول المنخفضة لم يكن من الممكن زيادة استهلاكهم نظرا لانخافض دخولهم, و أصحاب الدخول المرتفعة لم يكن من السهل زيادة استهلاكهم نظرا لانخفاض مرونة الاستهلاك لديهم, و فى هذا الجانب يتفق تحليل كينز مع تحليل ماركس للأزمات الاقتصادية فى ظل النظام الرأسمالى.






من كتاب على أبواب عصر جديد للدكتور حازم الببلاوى مكتبة الأسرة 1997


الثلاثاء، 19 مارس 2013

مقالات اقتصادية: أزمة النظام الاقتصادى المعاصر بقلم/ د. حازم الببلاوى عرض و تقديم/ مروان محمد

لعله مما يدعو للغرابة أن تكون مطالبة دول العالم الثالث لإنشاء نظام اقتصادى دولى جديد أو نظام دولى جديد للمعلومات – نابعة من الرغبة فى اللحاق بما حققته الدول المتقدمة فى ميدان الثروة و الدخل المادى فى الحالة الأولى و وسائل الاتصال و المعلومات فى الحالة الثانية.

فمعارضة الدول النامية للنظام القائم إنما تعكس فى نفس الوقت الرغبة فى تقليد الدول المتقدمة و اللحاق بها, حتى أصبحت كلمة الفجوة هى المشكلة الرئيسية التى تعانى منها الدول النامية, فليس فى الأمر اعتراض حقيقى على النظام فى ذاته بقدر ما هناك من رفض لمكان الدول النامية فى هذا النظام, و على ذلك فإن دعوات الرفض للنظام القائد إنما تنبع فى الحقيقة من الإعجاب و التعلق به, و إن كان الاستنكار هو لترتيب الدول النامية المتأخر فى هذا النظام.


و إذا كانت الدول النامية قد عجزت حتى الآن عن تصور آخر مختلف عما ينبغى أن تكون عليه, باستثناء رغبتها فى أن تحسن ترتيبها فيه, فإن الجدل يثور فى الدول المتقدمة حول النظام الاقتصادى القائم و مشروعية أهدافه, فالغريب أنه فى نفس الوقت الذى تسعى فيه الدول النامية للحاق بالدول المتقدمة و تقليد نظمها بدأت هذه الدول فى التساؤل حول جدوى و مشروعية أهدافها.


و ليس من السهل تحديد هدف واحد أو أهداف محددة للنظام الاقتصادى السائد, و ذلك أن هناك نسيجا متشابكا من العلاقات و القيم التاريخية و الحاجات الحالية, و مع ذلك فمن أجل التبسيط يمكن القول بأن الهدف الغالب فى الدول المتقدمة هو النمو, فالنمو هو المثل الأعلى للسلوك الاقتصادى و النمو هو الزيادة المستمرة و هو أمر جد على الحضارة مع الثورة العلمية.


فمنذ الثورة العلمية و قد أصبح القياس مرادافا للعلم, فلا علم إلا ما يقبل القياس, و متى تحدثنا عن القياس فإننا نشير إلى الكم, و فى عالم الكم الأكبر أفضل من الأصغر, و لذلك لم يكن غريبا أن يكون السعى وراء النمود مصاحبا لهذه الثورة العلمية فالثورة العلمية قد غلب عليها الاهتمام بالكم و الكفاءة و تقلص دور الكيف و الجمال.


و هذا التغيير فى النظرة للأمور هو تغيير عقلى و ثقافى خطير لا ينبغى أن نقلل من أهميته, و قد ترك آثاره على مختلف أوجه الحياة و ليس فقط النشاط الاقتصادى و القيم السائدة. فالثورة العلمية الحديثة لم تتضمن فقط مزيدا من الاهتمام العلمى و تراكما للمعارف, و إنما عكست فى نفس الوقت تغييرا من اهتمامات العلماء لأساليب بحثهم, ففى ميدان العلوم الرياضية مثلا كان انتقال مجالات الاهتمام نذيرا بهذا التحول فى النظرة إلى الكون, فعند الإغريق مثلا كانت الهندسة هى أرقى العلوم و هما هو أفلاطون يضع على باب أكاديميته تحذيرا بأن من لا يعرف الهندسة لا يدل هنا و الهندسة هى علم التناسق و لا شأن لها بالكم و عندما جاء ليبنز و نيوتن فى القرن السابع عشر و طورا البحث فى الرياضة بالاهتمام بالتفاضل و التكامل( التحليل الرياضى) فإن ذلك لم يكن تطويرا عاديا و استمرارا لنفس الاتجاه السابق و إنما كان قفزة و انقطاعا عن الماضى, فقد أصبحنا نبحث مع التحليل الرياضى عن معدل التغيير, أى عن النمو و القيم القصوى, لقد انتقلنا إلى عالم الكم و بعدنا عن عالم الاتساق و الجمال, و لذلك لم يكن غريبا أن يرى العديد من المؤرخين أن الحضارة الصناعية فى أوروبا و أمريكا هى حضارة الكم.


و لكن أى كم؟ لقد أصبح الهدف زيادة الإنتاج و زيادة حيازة الأشياء, فهذا هو ما يقبل القياس, و أصبح الهدف هو تحقيق النمو, و اكتسب الناتج القومى و الدخل الفردى قدسية كبيرة فى الأهداف الاقتصادية للنظم المعاصرة.


فى ضوء ما أثير حول حدود النمو و استحالة الأستمرار بالمعدلات الحالية لنمو السكان و نمو الانتاج و الاستهلاك, فقد بدأ الجدل فى الدول الصناعية ذاتها حول جدوى النمو كهدف للمجتمعات, و لم يقتصر هذا الجدل على الإشارة إلى عدم إمكانية الاستمرار فى السعى وراء هذا الهدف, بل إنه جاوز ذلك التساؤل عن مدى فائدته و جدواه, بل و بدا البعض فى رفع شعار مضاد و هو صفر معدل نمو و بصرف النظر عن مدى فائدة هذا الشعار الجديد فإن هناك مصاعب عملية فى تنفيذه, ففى مجال يبدو الاتفاق عليه أكثر من عيره و هو تقييد أو وقف النمو السكانى, تظهر عدة صعوبات عملية, فمن ناحية قد يؤدى التطبيق الحرفى لمنع نمو السكان لسلسلة من التذبذبات فى السكان, فإذا نجحنا فى عدم زيادة السكان مباشرة فإن معنى ذلك أنه بعد فترة معينة ستزيد معدل الوفيات نتيجة لزيادة الأعمار, و من ثم تظهر الحاجة لزيادة المواليد بمعدل أكبر, ثم تنخفض هذه الحاجة مرة أخرى لتعود من جديد, و هكذا نضطر أن نمر بعدة تذبذبات قبل الوصول إلى مرحلة التوزان, فالسكان مثل السيارة مندفعة بسرعة لا يمكن إيقافها مرة واحدة و إلا وقعت حوادث. و لذلك فلابد من التدرج. كذلك يشير البعض إلى خطورة تحول منع نمو السكان إلى زيادة فى شيخوخة الأمة مع ما يترتب على ذلك من متاعب اقتصادية و حضارية, و أخيرا فإنه ما لم توضع سياسة سكانية عالمية, و يتحقق تضامن حقيقى ين الشعوب و يسمح بحرية انتقال العمل, فإن تقييد نمو السكان بشكل كبير قد يؤدى إلى الأضرار بالبعض على حساب البعض الآخر, و لذلك لم يكن غريبا أن يفشل مؤتمر بوخارست للسكان عام 1974 و هو الاول من نوعه على مستوى العالم, فى الوصول إلى نتائج مقبولة من الجميع.


و فيما يتعلق باستمرار نمو الإنتاج, فقد كان محلا لانتقادات متعددة متعلقة بآثاره على التلووث و تدهور البيئة المادية و الحضارية و ما نشأ عنه من سوء توزيع الثروة و الدخول, و إذا كان الجدل فى هذه النقطة كثيرا ما يختلط مع الجدل حول حماية نوعية الحياة فإن هناك انطباعا عاماً بوجود تعارض بين تحسين نوعية الحياة و بين الاستمرار فى زيادة الإنتاج, و على أى الأحوال فقد بدأ العديد من المفكرين يستبعدون فكرة النوم باعتباره مرادفا للتكرار, و يدعون إلى الأخذ بفكرة النمو العضوى الذى يقوم على إعادة تعديل علاقات القوى بين الدول و المناطق من ناحية و إعادة النظر فى القيم التى تحكم النظام و أهدافه من ناحية أخرى, فتقرير نادى روما الثانى يدافع عن فكرة أخرى للنمو تختلف عن مجرد التزايد الكمى إلى تعديلات كيفية.






من كتاب على أبواب عصر جديد للدكتور حازم الببلاوى , مكتبة الأسرة 1997


المقالات الاجتماعية: المختار من العقد الاجتماعى: العبودية بقلم/ جان جاك روسو عرض و تقديم/ مروان محمد



لما لم يكن لإنسان سلطة طبيعية على أقرانه و لما كانت القوة لا تنتج حقا فإن الأساس الوحيد الباقى للسلطة الشرعية فى المجتمعات البشرية هو الاتفاق.
إن جروتيوس يقول إنه إذا كان للمواطن العادى أن يتنازل عن حريته و يجعل نفسه عبدا لسيد, فلماذا لا يستطيع شعب بأكمله أن يفعل نفس الشىء و يخضع لإرادة ملك؟ و ينطوى هذا القول على عدد من الألفاظ المبهمة التى تحتاج إلى تفسير, و لكن دعنا نقف عند لفظ واحد:
هو يتنازل, إن التنازل معناه الإعطاء أو البيع, و الرجل الذى يصبح عبدا لآخر لا يعطى نفسه لأحد. إنه يبيع نفسه مقابل ما يقوم بأوده على الأقل, و لكن لماذا يبيع شعب بأكمله نفسه؟ إن الملك لا يوفر القوت لشعبه, بل على النقيض أنه يستمد قوته من الشعب, و من الشعب وحده, كما يقول رابليه الملوك يكلفون كثيرا. فهل لنا إذن أن نذهب إلى أن الرعايا يسلمون أشخاصهم على شرط أن تؤخذ أموالهم أيضا. من العسير أن نرى ماذا يبقى لهم بعد ذلك.
سيقال إن الحاكم المطلق يضمن السلام الداخلى لرعاياه, و لكن ما الذى يكسبونه إذا كلفهم ما يتعرضون له من حروب بسبب أطماعه و جشعه الذى لا يرتوى و كلفتهم تصرفات وزرائه أكثر مما قد يكلفهم أى نزاع داخلى؟ و ما الذى يجنونه إذ كانت حالة السلام الداخلى ذاتها هى أحد أسباب تعاستهم؟ إن المرء يعيش متمتعا بالسلام تماما فى زنزانته و لكن مثل هذا السلام وحده لا أظنه يضمن سعادة المرء, إن الإغريق الذين سجنوا فى كهف الغيلان عاشوا فى سلام و هو ينتظرون دورهم ليلتهمهم الغيلان.
و القول إن الإنسان يهب نفسه بلا مقابل كلام سخيف و غير معقول, و مثل هذا التصرف باطل و غير شرعى لمجرد أن من يفعل ذلك لا يكون سليم العقلو أن نعزو نفس الشىء إلى شعب بأكمله هو بمثابة القول بأن الشعب الى يتعلق به الأمر أمة من البلهاء, و البلاهة لا تخلق حقا.
و حتى إذا استطاع الإنسان أن يتنازل عن نفسه, فإنه لا يستطيع أن يتنازل عن أولاده, فهم يولدون أحراراً, و حريتهم ملكهم, و ليس لأحد سواهم حق التصرف فيها, و قبل أن يبلغوا سن الرشد, لأبيهم أن يضع بعض القواعد المعينة بالنيابة عنهم بقصد المحافظة عليهم و على رفاهيتهم, و لكن أى تحديد لحريتهم فى الاختيار يجب ألا يعتبر بلا قيد و لا شرط و لا مما لا يمكن الرجوع فيه, لأن التنازل عن حرية شخص آخر ضد النظام الطبيعى , و ينطوى على إساءة استعمال الحقوق الأبوية و ينبنى على ذلك أن الحكم التحكمى لا يمكن أن يكون شرعيا إلا بشرط ان يكون كل جيل من الرعايا حرا إما فى قوله و إما فى رفضه, و إذا حدث ذلك, لا يعود الحكم عنئد تحكيما.
و عندما ينبذ الرجل حريته ينبذ جوهر رجولته و حقوقه, بل و واجبه بوصفه كائنا آدميا, و ليس هناك عوض ممكن مقابل هذا النبذ الكامل, و هو لا يتفق مع طبيعة الإنسان, و حرمانه من حرية الإرادة بمثابة حرمات من تصرفاته من كل جزاء أخلاقى, و بالاختصار إن الاتفاق الذى يمنح طرفا سلطة مطلقة و يرتب على الطرف الآخر التزاما بالطاعة العمياء اتفاق غير مجد و بلا معنى, إليس من الجلى أننا عندما نستطيع الحصول على كل شىء لا نكون مدينين بشىء؟, إذ عندما لا يكون هناك التزام متبادل, أى لا تبادل فى الواجبات, ألا يكون بالتأكيد من الواضح ان تصرفات الطرف الخاضع لا تعود لها أيه قيمة أخلاقية!, لأنه كيف يمكن القول بأن عبدى له أى حق قبلى عندما يكون كل ما عنده ملكى؟, إذ لما كان حقه حقى, فمن السخف القول بان حقه ممكن أ يستعمل فى غير مصلحتى.
و قد وجد جروتيوس و من سلكوا مسلكه فى التفكير, فى الحرب تبريرا لما يسمى حق العبودية , فهم يذهبون إلى أنه لما كان للمنتصر حق قتل عدوه المهزوم فللأخير أن يفتدى حياته على حساب حريته, إذا شاء, و إن هذا التعاقد يكتسب قدرا أكبر من الشرعيه بكونه يفيد الطرفين.
بيد أنه من الواضح أن هذا الحق المزعوم للإنسانا فى أن يقتل أعداءه لا يستمد بأيه صورة كانت من حالة الحرب, و لو لسبب واحد هو أن الناس فى استقلالهم البدائى لم تكن تربطهم بعضهم البعض أية علاقة مستقرة إلى حد يكفى لأن تترتب عليها حالة حرب أو حالة سلام, فهم ليسوا بالطبيعة أعداء, إن العلاقة بين الأشياء و ليست بين الأشخاص هى التى تتكون منها الحرب, و لما كانت حالة الحرب لا يمكن أن تنشا أصلا من العلاقات الشخصية البسيطة, بل من العلاقة بين أشياء فقط, فإن العداء الشخصى بين الرجل و الرجل لا يمكن أن يوجد فى الحالة الطبيعية, حيث لا يقوم نظام عام معترف به للملكية الخاصة, و لا فى حالة المجتمع, حيث القانون هو السلطة العليا.
فالنزال الفردى و المبارزة و الصراع الشخصى حوادث لا تتكون منها حالة أى شىء, أما فيما  يتعلق بالحروب الخاصة التى أباحتها مراسيم الملك لويس التاسع ووضعت لها الهدنة الألهية حدا فأنها كانت مجرد إساءة استعمال للأوضاع الإقطاعية – و هو أسخف نظم الحكم, و الذى كان يناقض مبادءى الحق الطبيعى و حسن السياسة.
و من ثم فإن الحرب شىء لا يقع بين رجل و رجل, و لكن بين دول, و الأفراد الين يتورطون فيها أعداء بمجرد الصدفة, فهم لا يقاتلون بوصفهم رجالا, و لا حتى بوصفهم مواطنين, و لكن باعتبارهم جنودا, لا بوصفهم أعضاء فى هذا الوطن أو ذلك, و لكن بوصفهم حماته, و الدولة لا يمكن ان يكون لها أعداء إلا دول, و ليسوا أشخاصا بأى حال من الأحوال, نظرا لأنه يمكن أن تكون هناك علاقة بين أشياء من طبائع مختلفة.
و هكذا. من أية زاوية نظرنا إلى الموضوع نرى أن حق الاستعباد لا وجود له لا لأنه بلا أساس قانونى سليم فحسب, بل أيضا لأن نفس المصطلح سخيف و بلا معنى, فاللفظان العبودية و حق متناقضان و لا يتفق وجود أحدهما مع وجود الآخر, و سواء كنا نفكر فى علاقة رجل برجل آخر, أو فى علاقة فرد بشعب بأسره, فإنه من البلاهة أن نقول لقد عقدنا اتفاقا أنا و أنت ليس فيه لك سوى الخسارة و لى سوى الربح و سأنفذه طالما راق لى ذلك و كذلك ستنفذه أنت طالما راق لى.

شعر: عامية - فصحى: أحساس سخيف بقلم/ هانى مراد




الثلاثاء 26/2/2013

لما أشعر أن قلبى حته منك بيه بعيش
لما إيدى تيجى جنبك تضربيها كالشويش
أحساس سخيف .........................
لما أشم من خيالك ريح جمالك
وأوعدك بالود دايما ما تصونيش
شىء مخيف................
لما أطلب نبض قلبك جوه قلبى يرتعش
وانتظر الرعشة منك للجوايا ....مافيش
يبقه أحساسك خفيف............
كنت بطلبك لقلبى قبلته ومحراب للصلاة
كنت بتخيل يا قلبى .........
ان احساسى لحنانك هو احساس الحياة
كنت عاوزك تغمرينى..........
يوصل الأحساس معاكى كل لحظة منتهاه
كنت عوزك تطلبينى .........
أشعل الأحساس وليكى لما قلبك يتلقاه
كنت عاوز أبقى جنبك ......
كل لحظة من همومى توصل الفرح لمداه
أيوة منك صدقينى .........
كنت بنتظر السعادة ...كنتى طوق للنجاة
بس احساسى وفلحظة ....
ضاع خلاص لما كان لك أصبح أحساس وتاه

ما قل و دل: الخرباوى ..دعوة للاصلاح ام الخراب؟ بقلم/ هانى مراد



13/3/2013


اتعجب ممن قضى كل حياته وسط جماعة الأخوان وتربى بينهم واعتنق فكرهم ...ثم أنقلب على البنا نفسه!!!
يحيرنى أن أجد ثروت الخرباوى يهاجم الأخوان ومرشدهم الأول حسن البنا وسبب حيرتى وتعجبى أنه لا يهاجم الأخوان الأن وسياساتهم فقط ووقتها كنت سأجد له مبررا قد يفسره اختلافه مع منهجهم السياسى الأن وهذا حقه أما أن يهاجم البنا نفسه!!
هنا أجدنى متوقفا طويلا ،متأملا ، رافضا للخرباوى بخرابه الذى يطلقه ولا أجده ألا أما انشق لأنه لم يأخذ حظه القيادى كما كان يخطط أو أى شىء يجعلنى لا استمع له
ولا اقرأ لا قلب الأخوان ولا سر المعبد كتابيه الذين نشرهما فى طبعات كثيرة ، لولا موضة الهجوم الأن على الأخوان ووجود تربة صالحة بين من يريد تعطيل نهوض مصر على إيدى الأخوان حتى بين أبناء الشعب البسطاء الذين خرب لهم أمثال الخرباوى وأعلام الفتنة عقولهم ما بيعت منهما نسخة واحدة.

مقالات فى العلوم الطبيعية: الصداع النصفى عرض و تقديم/ مروان محمد


انتشرت مؤخرا فكرة التدواى من مختلف الأمراض عن طريق الأعشاب الطبيعية و أصبح هذا فرع حديث لم يستقر بعد كسائر علوم الطب الحالية و لكنه حظى بأهمية كبيرة مؤخرا و أصبح هناك عدد من الأطباء يمثلون هذا الاتجاه و ينصحون باتباعه و يقول البعض منهم بأن التداوى بالأعشاب أفضل بكثير من استخدما الأدوية المصنعة كيماويا بما لها من أضرار جانبية محتملة  تمتاز فى هذا الصدد الأعشاب أنها لا تمثل أى أضرار جانبية و قد أوضح بعضهم أن التدواى بالأعشاب هو الطب البديل حاليا و أيضا كان طب الإنسان الأول
و يعدد الدكتور أيمن الحسينى عدة أمراض مشهورة و كيفية التداوى منها  و نطرح فى هذا المقال مرض الصداع و الصداع النصفى و سبل التداوى من هذا المرض الذى يصيب تقريبا كل مصرى.
معظم أسباب الصداع و أكثرها شيوعا الصداع المرتبط بالتوتر العضلى و هو ما يحدث بسبب التوتر و الانفعال و الضغوط النفسية أو بسبب إجهاد و تقلص عضلات العين و هو ما يحدث بسبب تركيز الرؤية لفترة طويلة على هدف قريب كالقراءة أو نيتجة اتخاذ وضع متشدد غير مريح لفترة طويلة يؤدى لاجهاد و توتر عضلات الرقبة أو الكتفين كما يحدث لمستخدمى الكمبيوتر.
أما الصداع النصفى فيحدث بسبب نوبات من الاتساع و التمدد فى الأوعية الدموية بالرأس نتيجة عوامل مختلفة و من الشائع أيضا حدوث الصداع بأنواعه المختلفة بسبب الإصابة بنزلات البرد أو الأنفلونزا أو بسبب الحساسية أو قد يرتبط بمتاعب ما قبل الحيض أو قد يصاحب متاعب الهضم و القولون العصبى و فى ذلك الصدد يمكن استخدام بضعة أعشاب طبية لمدواة أثار الصداع و هى كالتالى:
(1)    الزنجبيل:
يقلل الزنجبيل من إنتاج مواد بالجسم مثيرة للألم, بمجرد الإحساس بقدوم نوبة الصداع النصفى ينصح الدكتور إيمن الحسينى وضع ربع ملعقة من بودرة الزنجبيل فى كوب ماء و شربه فقد يساعد على أحباط هذه النوبة من الصداع النصفى.
و لتسكين الصداع عموما ينصح الدكتور أيمن بشرب الزنجبيل, و يكون من الأفضل أن يتم مزجه بالبابونج و التيلية  حيث يحتوى كلاهما على مواد مساعدة على الاسترخاء مما يفيد فى حالات الصداع التوترى
(2)    الحصالبان مشروب و دهان:
يدهن جانبى الرأس بكمية بسيطة من زيت الحصالبان و ينصح أيضا الدكتور أيمن أن يشرب كوب من شاى الحصالبان
(3)    تخفيف المخاط و المساعدة على طرده:
فى أحيان كثيرة يحدث الصداع بسبب امتلاء الجيوب الأنفية بالإفرازات المخاطية و نفس الشىء قد يحدث بالممرات التنفسية بسبب الإصابة بنزلات البرد و تخفيف هذه الاحتقانات بطرد المخاط الزائد يساعد بالتالى على التخلص من الصداع و لكى تساعد جسمك على القيام بهذه المهمة يجب أن تتناول الأطعمة اللاذعة و الحريفة مثل الفجل و البصل النيىء و الشطة الحمارء فهذه النوعيات تساعد على زيادة تدفق الدم و تخفيف الاحتقان و تليين و طرد المخاط و اهتم كذلك بتناول المشروبات الساخنة كحساء الدجاج.
(4)    حمام ماء ساخن للقدمين:
ينصح الدكتور أيمن فى حالة الإصابة بالصداع أن تقوم بعمل حمام ماء ساخن للقدمين و تقوم بغطس قدميك لمدة 15 دقيقة فهذا الحمام يساعد على تدفق الدم للأسفل عند القدمين لأن السخونة تمدد الأوعية الدموية و هو يخفف بالتالى من حجم الدم بالرأسو أيضا يمكن عمل كمادات ماء مثلج على الرأس و الصدغين لقبض الأوعية الدموية و تقليل حجم الدم المار بها لتخفيف حدة الألم.
(5)    حمام زيت عطرى:
ينصح الدكتور أيمن بالاسترخاء فى بانيو ماء دافىء مضاف إليه من 5 إلى 6 نقاط من زيت اللافندر كما يمكنك عمل كمادات من الزيت العطرى , ضع فى وعاء ماء مقدار 5 نقط من زيت اللافندر و مقدار 5 نقاط من زيت المردقوش و بلل قطعتى نسيج من الماء فى هذا الوعاء ثم اعصرهما و ضع واحدة على الجبهة و الأخرى خلف العنق  و حاول الاسترخاء.
كما ينصح الدكتور بتجديد هواء الغرفة لأنه يزيد من احتمالات الاصابة بالصداع و أيضا ينصح بالابتعاد عن اللحوم المحفوظة لأنها أحدى العوامل التى تسبب الصداع النصفى و كذلك ينصح بشرب القهوة لتخفيف الصداع النصفى  و الطريف فى الأمر أنه ينصح المرأة بالحمل للتخلص من الصادع النصفى حيث أن حوالى 75% من ضحايا الصداع النصفى من النساء و يعتبر حمل المرآة هو العلاج الأمثل للتخلص من مرض الصداع النصفى.

الاثنين، 18 مارس 2013

مختارات إبداعية: من أشعار عمر بنى أبى ربيعة تقديم/ مروان محمد




عمر بن أبى ربيعة ولد فى عام 23 هـ فى الليلة التى توفى فيها عمر بن الخطا فسمى باسمه و كان يكنى بأبى الخطاب, و كان أوه سيدا من سادات مكة, و كانت أمه يمنية, قيل إن أباه قد سباها, و تولت هى تربيته بعد وفاة أبيه و هو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره و نشأ نشاة مترفة, كما كان وسيما, فتوافرت له بذلك العوامل التى ساعدت على توجيه شاعريته الوجهة التى اتجههاو قد اختلف الرواة فى أخبار عمر و حياته, مثلما اختلفوا فى تاريخ وفاته, فقال بعضهم إنه تاب فى الأربعين من عمره و حلف ألا يقول شعراً, و قال بعضهم إنه أراد أن يكفر عن سيئاته فاشترك فى الجهاد فى إحدى الغزوات فاحترقت السفينة التى كان فيها و هلك و قيل إنه قتل, أو أنه تغزل بسيدة أثناء الحج فدعت عليه فمات, و أغل الظن أنه توفى عام 93هـ.

حديث العازلين

أيا من كان لى بصراً و سمعاً
و كيف الصبر عن بصرى و سمعى
يجن بذكرها أبدا فؤادى
يفيض كما يفيض الغرب دمعى
يقول العاذلون نأت فدعها
و ذلك حين تهيامى و ولعى
أأهجرها و أقعد لا أراها
و أقطعها و ما همت بقطعى
و أقسم لو حلمت بهجر هند
لضاق بهجرها فى النوم ذرعى 

تاريخ: نابليون القائد المسلم ! بقلم/ مروان محمد




يذكر المؤرخ جمال بدوى أن حملة نابليون على مصر لم تكن حملة صليبية كغيرها من الحملات الصليبية التى داهمت الشرق الأوسط فى القرنين الثانى عشر و الثالث عشر و يصف حملة نابليون بأنها حملة لا دينية تحمل قيم الثورة الفرنسية المناهضة للدين و التى ثارت فى وجه الكنيسة و أزاحتها أزاحة تامة.
و يذكر أن جيوش الثورة قد هاجمت الباب رأس الكنيسة الكاثولكية فى عقر داره و اغتصاب جزء من ممتلكاته لإقامة جمهورية حديثة فى الأراضى الإيطالية على مبادىء الثورة الحديثة وقتها التى اسقطت الدين و رفعت العلمانية شعار دائم لها حتى الأن.
يرى المؤرخ جمال بدوى أن نابليون قد تصور أن رصيده من العداء للكنيسة قد يلقى هوى فى نفوس المصريين و سيكسب من خلاله ولائهم له و أن يضمن عدم مقاومتهم للاحتلال و قد برع نابليون فى التلاعب بمشاعر المصريين الدينية و أن يصور نفسه فى نظرهم على أنه المنتقم الجبار الذى اسقط عرش الكنيسة  الذى كان يحض النصارى على محاربة المسلمين و أن نابليون قد استخف بعقول المصريين عندما قال لهم إن الفرنسين مسلمون مخلصون و إنه شخصيا يعبد الله سبحانه و تعالى و يحترم نبيه و القرآن العظيم!
كان نابليون يمنى نفسه بأن يحقق كل طموحاته و آماله فى أن يبنى دولة كبرى فى مصر تحقق تعاليم الثورة الفرنسية كما يراها و نتيجة لموقع مصر المتميز بين أهم ثلاث قارات وقتها فهى الأصلح لتحقيق هذا الحلم و كانت بالنسبة له نقطة انطلاق بعد ذلك لاحتلال الهند فى صراعه لتحطيم مفاصل الأمبراطورية البريطانية خارج بريطانيا من خلال الانقضاض على كافة مستعمراتها و كانت فكرته فى احتلال مصر تتمحور حول الاستيلاء عليها بدون أدنى مقاومة و فى هدوء تام فهو لم يكن يريد أن تسود بينه و بين المصريين أى علاقات دموية فى الاستيلاء على مصر و كان حريصا على كسب عواطف المصريين و الأدعاء بأنه مسلم غيور و فى سبيل ذلك قام نابليون بممارسات ذكية للغاية منها أنه تقلد بتقاليد المصريين فأرتدى الجبة و القفطان و العمامة و تودد إلى العلماء و حضر احتفالاتهم الدينية  و حتى يستكمل خطته الشيطانية للاستيلاء على مصر دون أدنى مقاومة وزع منشور على أهل مصر استهله بـ( باسم الله الرحمن الرحيم, لا إله ألا الله, لا ولد له و لا شريك فى ملكه) و أتصور أنا كاتب هذه السطور أنه استعان ببعض رجال الدين الفاسدين المفسدين ليصيغوا له خطاباته الدينية التى يحاول فيها أن يخدع و يستخف بعقول المصريين و أن وعاظ السلاطين هم موجودين فى كل عصر و مكان لا يعدم أى ظالم أن يستعين به لإعانته على تحقيق أغراضه كما فعل بعد ذلك محمد على.
و أدل شىء على أنه استعان بعدد من رجال الدين الآفاقين لكتابة خطاباته التى وجهها للمصريين هذا الخطاب على سبيل المثال و الذى ورد فيه: و يأيها المصريون قد قيل لكن إننى ما نزلت أرضكم إلا بقصد إزالة دينكم, فذلك كذب صريحو فلا تصدقوه, و قولوا للمفترين إننى ما قدمت إليكم ألا لأخلص حقكم من يد الظالمين, و إننى أكثر من المماليك, أعبد الله سبحانه و تعالى و أحترم نبيه و القرآن العظيم"
فى تصورى الشخصى أن مشاعر الوطنية و القومية لم تكن تأتى على خاطر أى مصرى أو مسلم فى كافة أراضى الدولة العثمانية فهم كلهم رعية الحاكم المسلم و لا حدود سياسية أو جغرافية ترسم الحدود أو تحدد الانتماءات فكان من السهل أن يتمثل أى مستولى مستبد على أى من أراضى المسلمين من خلال أعلانه الإسلام فيكفى أن يعلن إسلامه لينصب نفسه حاكما, فعامة الناس لا يتحركون ألا مع حاكم مغتصب غير مسلم و أما و أن أشهر إسلامه أو أدعى الإسلام فلا بأس من أن يحكمهم و و قد استعان نابليون بمن يزين له هذه الخطة الشيطانية من وعاظ السلاطين المأجورين ليحقق استيلائه الكامل على مصر بدون أدنى مقاومة خاصة فى غياب كامل لفكر المواطنة و الوطن فى الأمصار المختلفة الخاضعة للدولة العثمانية و سعى نابليون فى نهاية خطابه إلى مملاءة المشايخ و العلماء بأن قال: ( أنهم يلازمون وظائفهم, و على كل واحد من أهالى البلد أن يبقى فى مسكنه, مطمئنا, و كذلك تكون الصلاة قائمة فى الجوامع على العادة, و المصريون بأجمعهم ينبغى عليهم أن يشكروا الله سبحانه و تعالى لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال: أدام الله إجلال السلطان العثمانى .... أدام الله إجلال العسكر الفرنساوى... لعن الله المماليك ..و أصلح حال الأمة المصرية)
هذا خطاب لا يمكن أن يصيغه ألا رجل دين خان دينه و باعه بثمن بخس إلى الفرنسين لأنه وضع فى الخطاب مفاتيح الشرعية الدينية للاحتلال الفرنسى, فكيف لنابليون أن يحيط علما بكل هذه الأمور التى تمس أكثر الأمور حساسية لدى المسلمين ألا إذا أعانه على ذلك رجل دين مأجور فيكفى أن يضمن خطابه كلمات مثل : تبقى الجوامع مفتوحة قائمة للصلاة و أن يأمن كل فرد على نفسه و أن يبقى المشايخ فى وظائفهم و أن يضفى شرعية عثمانلية على وجوده و يقرن بها العسكر الفرنسى و أن ينزع الغطاء الدينى عن المماليك ليكتمل مشهد إضفاء الشرعية الدينية على الاحتلال و هذه المفاتيح هى أنجح المفاتيح لضمان الاحتلال دون أدنى خسارة تذكر.
و يتساءل المؤرخ جمال بدوى: (هل أتى هذا المنشور البليغ ثماره. و هل أفلح فى أقناع المصريين بوادعة نابليون و حبه للإسلام؟ ان مجرى الأحداث يكشف لنا فى صراحة و وضوح عن عدم قبول الشعب المصرى لكل الادعاءات الكاذبة التى حاول نابليون عن طريقها أن يضحك على عقول المصريين)
و انطلقت بعد ذلك ثورتان قام بها المصريون و كانت أصدق دليل على رفضهم للاحتلال الفرنسى و عبر المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى عن تشكك المصريين فى الأفكار و الوعود التى أذاعها نابليون بالرغم من تملقه للإسلام و أظهاره أنه المسلم التقى الذى هدم الكنيسة الكاثوليكية و أهان بابا الكنيسة.
و لكن يؤكد المؤرخ جمال بدوى على أن رفض المصريين لخطاب نابليون لم يكن ينبع فقط من بعد دينى  و لكن نابليون فشل فى سد الثغرات الثقافية بين حضارتين مختلفتين تمام الاختلاف من عادت و تقاليد دفعت المصريين دفعا إلى عدم تصديق وعود نابليون و قد ورد فى السجلات الفرنسية رسالة للقائد البحرى حوبير أرسلها إلى وزير بحرية فرنسا و قال فيها: لعلكم أيها البارسيون تضحكون حينما تقرءون هذا المنشور الإسلامى الذى وضعه قائدنا الأعلى و لكنه لم يعبأ بكل سخريتنا من المنشور.
حتى أن نابليون نفسه اعترف فى آخر أيامه عندما كان يستدعى ذكرياته و هو سجين فى سانت هيلانة بأن ما فعله " على الإنسان أن يصطنع الدجل فى هذه الدنيا لأنه السبيل الوحيد إلى النجاح"

المقالات الدينية : ذكر الشيطان فى القرآن الكريم عرض و تقديم: مروان محمد



أحاول هنا فى هذا المقال أن أنتقى بعض الآيات التى تتحدث عن ذكر الشيطان فى القرآن الكريم و دوره المحورى فى غواية البشر و الوسوسة إليهم و قد قمت بانتقاء بعض الآيات من كتاب معجم الأعلام و الموضوعات فى القرآن الكريم للدكتور عبد الصبور مرزوق, على أمل أن يلقى هذا المجهود البسيط جدا قبولكم و أن ينفعنا جميعا بما فيه من تذكير لأنفسنا بخطر الانسياق لوسوسة الشيطان التى قد تودى بنا إلى التهلكة و بئس المصير و ندعو الله سبحانه و تعالى أن يحسن خواتمنا و لا أجد أفضل من كتاب الله سبحانه و تعالى للتذكير بهذا الأمر الجلل و الملفت للنظر من خلال تصفحى لباب ذكر الشيطان فى هذا الكتاب أنه قد ورد ذكر الشيطان أو الشيطانين و مختلف مشتقاتها فى أكثر من مائة آية فى القرآن الكريم و أن دل هذا فيدل على خطورة و أهمية هذا الأمر و تكرار ذكره بهذه الصورة فى كتاب الله هو دلالة قوية على الدور المحورى الذى يلعبه الشيطان فى الوقيعة بين الناس و بين العبد و ربه و فى تحريف عقيدة التوحيد و فى حرف الإنسان عن طريق ربه إلى طريق الضلال و هو من الموضوعات القلائل التى حظيت بهذا الاهتمام البالغ فى كتاب الله لا يضاهيه فى كثرة الذكر و التأكيد سوى أخبار اليهود و بنى إسرائيل و كأن الموضوعين على نحو ما قرينين لبعضهما البعض! 

فيما ورد فى القرآن الكريم من وجوب التعوذ بالله من الشيطان الرجيم, و البديع فى القرآن الكريم أنه حدد للمرء المواقف التى يستعيذ بها الإنسان من الشيطان الرجيم مثل أن يهبك الله ذرية فيجب وقتها أن تستعيذ بالله كما ورد فى الآية التالية:(وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (آل عمران/36)و آية أخرى تتحدث عن ضرورة التعوذ من الشيطان بشكل مستمر و خاصة من همزات الشيطان كما ورد فى الآية الكريمة التالية:(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) ( المؤمنون /97-98), و فى موقف ثالث يبين الله لنا كيفية التعامل مع نزاغات الشيطان إذا مست أحدنا و كيفية التعامل معها و مداوة هذا المرض الخبيث كما ورد فى الآية التالية: ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) (فصلت/36)و هناك فى الآية التالية أمر مباشر من رب العزة و الجلالة يأمرنا فيه بوجوب التعوذ من الشيطان قبل قراءة القرآن الكريم خاصة (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل/98) فى هذه الآيات و غيرها التأكيد على ممارسة فعل التعوذ الدائم من الشيطان فى مختلف الأفعال و خاصة الأمر المباشر و الصريح فى وجوب التعوذ قبل قراءة القرآن و قد أعطى هذا الأمر أهمية خاصة فكثيرا منا يتعوذ بدافع التعود و الممارسة دون الإدراك الحقيقى لقيمة التعوذ من الشيطان الرجيم و لذلك فتلك الآيات تنبهنا إلى أن الأمر بحق مهم و حيوى. 

و قد ورد فى القرآن الكريم أيضا عداوة الشيطان لكافة الرسل و الأنبياء فى الآيات التالية: 

(و كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ) (الأنعام/112) 

(فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) (طه/120) 

( و ما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) (الحج/52) 

(و اذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) (ص/41) 

و الآيات التى وردت أيضا فى ذكر عداوة الشيطان لكافة الأنبياء و الرسل كثيرة و لكن نكتفى فى هذا الصدد بأربعة آيات من كتاب الله و الذى دعانى إلى التفكير هو أن حتى الرسل و الأنبياء لم يفلتوا من وسوسة الشيطان و غوايته و لعل الشيطان من خلال استعراض مختلف الآيات قد بذل كل ما فى وسعه لتخريب رسالات الرسل و إفساد الدعوة على الأنبياء و قد عانوا منه أكثر مما يعانى البشر العاديين من وسوسة الشيطان. 

و نورد هنا بعض الآيات التى تتحدث عن كفر الشيطان و عصيانه لربه و هى كالتالى: 

(إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا) (مريم/44) 

( و كان الشيطان لربه كفوراً) ( الإسراء/ 27) 

( إلا إبليس استكبر و كان من الكافرين) (ص/74) 

(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) ( البقرة/102) 

و الشيطان فى القرآن هنا محل صفة وصف بها أبليس الذى كان من الجن و أيضا يوصف بها الآنس كما ورد فى الآية الكريمة: " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا" و فى آية أخرى أيضا " من الجنة و الناس" 

و هنا استعراض لعدد من الآيات التى تحذر الإنسان من فتنة الشيطان و خطورة اتباع خطواته و هى كالتالى: 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) و قد وردت أيضا فى آية أخرى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) ( البقرة/186-208) و فى الآيتين ورد التنبيه و التذكير على وجه العموم و على وجه الخصوص فى نفس السورة ففى المرة الأولى يخاطب الله عز وجل فئة المؤمنين و هى فئة خاصة و من ثم يوجه خطابه إلى عموم الناس أى جميع البشر, جميع بنى آدم ألا يتبعوا خطوات الشيطان. 

( وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) (النساء/ 60) 

( وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً) ( النساء/119) 

و يحذر الله فى هذه الآيات الناس جميعا و المؤمنين خاصة أن يتبع الشيطان يضله ضلال و ليس بضلال محدود الآثار أو بالهين و لكن أكدت الآية الكريمة على أنه سيكون ضلال بعيدا أى الأنحراف الكامل عن الطريق المستقيم للوصول إلى رضى الله سبحانه و تعالى و أيضا يحذر الله الناس من عاقبة أن تتخذ الشيطان وليا فهو بذلك قد خسر خسرانا مبينا, و هل هناك خسرنا مبينا أكثر من أن يقذف بالمرء فى جهنم. 

و تتوالى عدد من الآيات تحذر من عاقبة اتباع الشيطان فمرة تقول الآيات الكريمة أن اتباع الشيطان يقود المرء إلى أن يخذله الشيطان كما ورد فى الآية التالية: (و كان الشيطان للإنسان خذولاً) ( الفرقان/96) و أما علامة خذلان الشيطان لمن يتبعه عبرت عنها الآية التالية بوضوح يجب أن تقشعر له الأبدان : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ) ( الأنفال/48) و أيضا يرد فى آية أخرى أن اتباع الشيطان يورث صاحبه قسوة القلب ( وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/43)

مقالات فلسفية: معنى التنوير بقلم/ د. جابر عصفور عرض و تقديم: مروان محمد



كلما فكرت فى كلمة التنوير  ترابطاتها الدلالية تداعى غلى ذهنى مدلولان: العقل و النور – الأول يشير إلى الثانى إشارة السبب إلى النتيجة و الثانى يشير إلى الأول إشارة المعلول المتعدد الأبعاد إلى العلة الواحدة المتجددة. هذا الترابط بين العقل و النور موجود فى اللغة الإنجليزية التى ضافت دلالة النور Light صيغة الفعل ينير enlighten و مصدره التنوير, إو الإنارة enlightment و لا تتلف هذه الدلالة الاشتقاقية فى اللغة الفرنسية عنها فى اللغة الفرنسية أو الألمانية أو غيرها من اللغات الأوربية.
لكن هذه اللغات حديثة العهد بالقياس إلى اللغة العربية التى سبقت غيرها من اللغات الأوربية فى استعارة النور للمعرقة و وصلت بين فعل المعرفة الإنسانى و دلالة النور, كما وصلت بين الجهل و الظلام, و منحت هذا الوصل دلالة سامية, متميزة, فالنور من صفات الله عز و جل (الله نور السماوات و الأرض) و من مسميات العقل الإنسانى, فيما يقول الغزالى فى الإحياء, و حيث يذكر النور و الظلمة فى القرآن الكريم يراد بهما العلم و الجهل ( يخرجهم من الظلمات إلى النور) و قبل الغزالى بقرنين على وجه التقريب, وصف الحارث بن أسد المحاسبى (243هـ) العقل بأنه غريزة يتهيأ بها إدراك العلوم النظرية كأنه نور يقذف فى القلب, و بعد المحاسبى بأكثر من قرن, ذهب أبو بكر بن زكريا الرازى (313 هـ) فى مفتتح كتابه " الطب الروحانى" إلى أن العقل إذا صفا " أضاء لنا غاية إضاءته" و بعد الرازى جاء ابن سينا (428 هـ) الذى ربط الوجود كله بالنور, و العدم بالظلام, و لم يكف عن التطلع إلى " فالق ظلمة العدم بنور الوجود" و حين انحاز الغزالى (505 هـ) إلى الأشاعرة, و هاجم الفلاسفة فى كتابه الشهير " تهافت الفلاسفة" مؤسسا اتجاها مناقضا للعقالنية, لم يتخل تماما عن الميراث العقلانى الذى ورثه عن الفلاسفة الذين هاجمهم, فدافع عن العقل فى كتابه " فضائح الباطنية" و ربط بين المعرفة و النور بوجه عام, بين العقل و دلالة النور بوجه خاص, و ذهب إلى أن العقل منبع العلم و مطلعه و أساسه, و العلم يجرى منه مجرى النور من الشمس و الرؤية من العين.
و ما يعنيه التنوير, فى هذا السياق الدلالى, هو منهج الأولوية للعقل فى إدراك الوجود, و إبداع العالم, و النظر إلى العقل البشرى بوصفه النور الذى يهتدى به الإنسان, و يصوغ به عالمه, متحررا من أشكال الوصاية التى تحجر على العقل أو تقيد انطلاقه و كان منح الأولوية للعقل, فى السياق نفسه, شعار طوائف متعددة فى تراثنا العربى الإسلامى, اقترن لديها نور العقل حرية الإنسان و حقه فى اختيار فعله الخلاق و ممارسته, فى كل مجالات الفعل المعرفى و الاجتماعى و السياسى و الاقتصادى, و ذلك فى مواجهة طوائف أخرى استبدلت العقل بالنقل, و بالحرية العبودية, و بالاختيار الجبر و بالعدل الظلم و بالمعنى العقلانى للتوحيد المعنى القمعى للإذعان المفروض على الجماعة, و من الواضح أن اقتران العقل بالنور لدى طوائف المتكلمين و الفلاسفة كان بمثابة تأكيد لحرية العقل الإنسانى فى الإدراك و الإبداع, و تأكيد لنوع جديد من المساواة بين الطوائف التى أشرقت عليها شمس الإسلام, لو تفرق بينها إلا بالتقوى و بمسعى العقل و جهده فى الانتقال بمن حوله من الظلمات إلى النور.
و لذلك تحدث عقلانيو الإسلام عن ملكة العقل التى تميز الإنسان على الحيوان و التى يدرك بها الإنسان الأمور الغامضة البعدية و الخفية المستورة, منذ القرن الثانى للهجرة, و إذا كان ذلك هو مقدار العقل و محله, فيما يقول أبو زكريا الرازى, فخليق بنا أن لا نحطه عن رتبته و لا ننزله عن درجته, و لا نجعله  و هو الحاكم محكوما عليه, و لا هو المتبوع تابعا, بل نرجع فى الأمور إليه و نعتبرها به و نعتمد فيها عليه, فنمضيها على إمضائه و نوقفها على إيقافه.
هذا الذى قاله أبو زكريا الرازى الفيلسوف وجد ما يدعمه فيما أكده أغلب الذين جاءوا من بعده, حتى أولئك الذين لم يمضوا بالعقل و مع العقل إلى منتهاه, و توقفوا عند معنى العقل الناقل, أو المستفيد, أكثر مما تطلعوا إلى العقل الخلاق, أعنى أمثال أبى حامد الغزالى الذى تحدث عن " بيان شرف العقل" فى الباب السابع من الإحياء فقال إن شرف العلم من قبل العقل, و العقل منبع العلم و مطلعه و أساسه, و العلم يجرى منه مجرى النور من الشمس, و يؤكد الغزالى شرف العقل مستشهدا بالحديث القدسى الذى يقول: أول ما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل, ثم قال له: أدبر فأدبر, ثم قال الله عز و جل: و عزتى و جلالى ما خلقت خلقا أكرم على منك, بك أذ و بك أعطى و بك أثيب و بك أعاقب, و لا يتلفت الغزالى إلى ضعف هذا الحديث فى الإسناد من منظور علماء الحديث, فقد أخرجه الطبرانى بإسنادين ضعيفينو ذلك لأن ما يعنيه هو دلالة الحديث نفسها من حيث إشارتها إلى المكانة المتميزة للعقل, بوصفه حجة الله على خلقه, و الجوهر الأسمى الذى خلقه فيهم ليعرفوه, و ينير لهم طريقهم فى الوجود. و يمضى الغزالى فى تأكيد هذه الدلالة فينقل ما روى أن عبد الله بن سلام رضى الله عنه سأل النبى صلى الله عليه و سلم فى حديث طويل فى أخره وصف عظم العرش و أن الملائكة قالت: يا ربنا هل خلقت شيئا أعظم من العرش؟ فقال: نعم: العقل قالوا: و ما بلغ من قدره؟ قال: هيهات لا يحاط بعلمه. هل لكم علم بعدد الرمل؟ قالوا: لا قال الله عز و جل: فإنى خلقت العقل أصنافا شتى كعدد الرمل, فمن الناس من أعطى حبة و منهم من أعطى حبتين و منهم من اعطى الثلاث و الأربع و منهم من أعطى فرقا و منهم من أعطى وسعا جمعا, و منهم من أعطى أكثر من ذلك" و يبدو أن الغزالى أراد بالدلالة المضافة لهذا الحديث الأخير تأكيد من نوع آخر من التمايز بين البشر على أساس معرفى, هو أساس القدرة العقلية التى يمايز بها الله بين مخلوقاته.
من كتاب أنوار العقل للدكتور جابر عصفور مكتبة الأسرة 1996

الأحد، 17 مارس 2013

مقالات سياسية: ضياء رشوان صفعة على قفا المعارضة بقلم/ هانى مراد



16/3/2013

كان ضياء رشوان الفائز مؤخرا بمنصب نقيب الصحفيين فى انتخابات لم يشارك فيها حتى 20% من أعضاء النقابة وبنسبة لم تتجاوز 52% من عدد المصوتين ، كان من أشد المعارضين للدكتور محمد مرسى (مرشح الأخوان الاستبن كما كان يحلو له ولمن على شاكلته تسميته)
ضياء رشوان أكبر سنيد لعمرو أديب فى برنامجه القاهرة اليوم الذى يطل علينا يوميا مع عمرو أديب معارضا ومنكلا بسياسة الدكتور مرسى الذى لا يمثل كل المصريين (قطعا بعد أن يهبر الهبرة المحترمة كأجر يومى عن سنده للأديب عمرو) وحجته فى ذلك أن نسبة من صوتوا فى الانتخابات الرئاسية لم تتجاوز 50% من عدد المصريين الذين يحق لهم التصويت وأن نسبة فوزه فى الانتخابات لم تتجاوز 52% من هؤلاء الذين صوتوا إذا فنسبة الدكتور مرسى لا تجاوز 25% ممن يحق لهم التصويت إذا فهو لا يمثل كل المصريين ( يا حلاااااااااااااااااااوة على الديمقراطية التفصيل ).
ماحدث بالأمس وقبله بأسبوعين فى انتخابات نقابة الصحفيين التى تم تأجيل جمعيتها الأولى لعدم اكتمال النصاب ثم تأجيلها أسبوعين حتى الأمس أكبر دليل على ازدواجية المعايير حسب الأهواء والأغراض (وكما قالوا قديما الغرض مرض) لهو أكبر دليل على فشل تلك المعارضة التى تدعى الشرف والأمانة وأنها تخاف على مقدرات البلد وهاهو أول محك يتعرض له عبدة الديمقراطية ودعاة الفضيلة وهو فوز رشوان بمنصب النقيب بأقلية الأقلية ،فهل يخرج علينا الشريف المناضل صاحب المبادىء ضياء رشوان الأن متخليا عن منصبه بدعوى أنه جاء فى انتخابات ضعيفة لا تمثل أعضاء النقابة كلهم وبأغلبية قليلة كما كان يطالب الدكتور مرسى ويستهزىء منه ليل نهار مع الأديب عمرو أما سيظل متمسكا بالكرسى فرحا به مسرورا ؟! وما حجته الأن فى عدم أقبال الصحفيين على الانتخابات ؟ هل مثلهم مثل بقية الشعب جهلة لا يعرفون القراءة والكتابة كما كان يدعى؟!وهل سنراه نقيبا مقنعا لكل الفصائل داخل النقابة ؟ ولا تحدثنى عن أن النقابة يجب ألا يكون لأعضائها اتجاهات سياسية حتى تكون نقابة بحق لكل الصحفيين !! فكل ما نمر به من نكبات ومصائب كانت بسبب صحفيي الفتنة وأعلامهم الذى شوه كل الحقائق لأن أغلبهم أما معد ببرنامج فتنة أو سنيد لمذيع فتنة أو مذيع مروج للفتنة كل ما يهمه ويشغل باله أن تظل الأحداث فى مصر على صفيح ساخن حتى يضمن الهبرة اليومية من برنامجه أو صحيفته .
أجدنى الأن أقف متأملا أمام النكتة التى أثارها البعض من أن الأخوان هم من أوقع رشوان فى هذا المطب حتى يثبتوا للجميع أن مثل هؤلاء ماهم ألا مطبلتية أو أصحاب مصلحة وليسوا دعاة أصلاح كما يدعون.
أخيرا لا أجد خيرا من الآية الكريمة التالية لأختم بها كلامى        ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ، أفلا تعقلون....) صدق الله العظيم


ما قل و دل: يدعى الثورية بقلم/ هانى مراد




17/3/2013

أتعجب ممن يدعى الثورية ويرفض العنف وكان أول من شارك أو بارك حرق مقرات الأخوان وحبس الشيخ العجوز بالمسجد 13 ساعة وحرق المساجد ولطخ يداه بدماء الشرفاء!!!
أتعجب ممن يدعى الثورية وكل كلامه سب دين وسب أو لعنات وسباب وشتائم لا تليق بأى محترم سواء كان رجل أو حتى إمرأة ناشزّّّّ!!!!
أتعجب ممن ثار لضرب دومة الذى سب الدين والقرآن ولم يثور لسبه القرآن والدين وأتساءل هل هؤلاء مسلمون يغارون على دينهم بجد؟!!!
أتعجب وسأظل أتعجب حتى تنظف البلد من أمثالهم.
أغضب يا مرسى حسبى الله ونعم الوكيل فيهم وفيك أن لم تغضب عليهم وترينا فيهم عجائب قدرة الله.