سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 18 مارس 2013

تاريخ: نابليون القائد المسلم ! بقلم/ مروان محمد




يذكر المؤرخ جمال بدوى أن حملة نابليون على مصر لم تكن حملة صليبية كغيرها من الحملات الصليبية التى داهمت الشرق الأوسط فى القرنين الثانى عشر و الثالث عشر و يصف حملة نابليون بأنها حملة لا دينية تحمل قيم الثورة الفرنسية المناهضة للدين و التى ثارت فى وجه الكنيسة و أزاحتها أزاحة تامة.
و يذكر أن جيوش الثورة قد هاجمت الباب رأس الكنيسة الكاثولكية فى عقر داره و اغتصاب جزء من ممتلكاته لإقامة جمهورية حديثة فى الأراضى الإيطالية على مبادىء الثورة الحديثة وقتها التى اسقطت الدين و رفعت العلمانية شعار دائم لها حتى الأن.
يرى المؤرخ جمال بدوى أن نابليون قد تصور أن رصيده من العداء للكنيسة قد يلقى هوى فى نفوس المصريين و سيكسب من خلاله ولائهم له و أن يضمن عدم مقاومتهم للاحتلال و قد برع نابليون فى التلاعب بمشاعر المصريين الدينية و أن يصور نفسه فى نظرهم على أنه المنتقم الجبار الذى اسقط عرش الكنيسة  الذى كان يحض النصارى على محاربة المسلمين و أن نابليون قد استخف بعقول المصريين عندما قال لهم إن الفرنسين مسلمون مخلصون و إنه شخصيا يعبد الله سبحانه و تعالى و يحترم نبيه و القرآن العظيم!
كان نابليون يمنى نفسه بأن يحقق كل طموحاته و آماله فى أن يبنى دولة كبرى فى مصر تحقق تعاليم الثورة الفرنسية كما يراها و نتيجة لموقع مصر المتميز بين أهم ثلاث قارات وقتها فهى الأصلح لتحقيق هذا الحلم و كانت بالنسبة له نقطة انطلاق بعد ذلك لاحتلال الهند فى صراعه لتحطيم مفاصل الأمبراطورية البريطانية خارج بريطانيا من خلال الانقضاض على كافة مستعمراتها و كانت فكرته فى احتلال مصر تتمحور حول الاستيلاء عليها بدون أدنى مقاومة و فى هدوء تام فهو لم يكن يريد أن تسود بينه و بين المصريين أى علاقات دموية فى الاستيلاء على مصر و كان حريصا على كسب عواطف المصريين و الأدعاء بأنه مسلم غيور و فى سبيل ذلك قام نابليون بممارسات ذكية للغاية منها أنه تقلد بتقاليد المصريين فأرتدى الجبة و القفطان و العمامة و تودد إلى العلماء و حضر احتفالاتهم الدينية  و حتى يستكمل خطته الشيطانية للاستيلاء على مصر دون أدنى مقاومة وزع منشور على أهل مصر استهله بـ( باسم الله الرحمن الرحيم, لا إله ألا الله, لا ولد له و لا شريك فى ملكه) و أتصور أنا كاتب هذه السطور أنه استعان ببعض رجال الدين الفاسدين المفسدين ليصيغوا له خطاباته الدينية التى يحاول فيها أن يخدع و يستخف بعقول المصريين و أن وعاظ السلاطين هم موجودين فى كل عصر و مكان لا يعدم أى ظالم أن يستعين به لإعانته على تحقيق أغراضه كما فعل بعد ذلك محمد على.
و أدل شىء على أنه استعان بعدد من رجال الدين الآفاقين لكتابة خطاباته التى وجهها للمصريين هذا الخطاب على سبيل المثال و الذى ورد فيه: و يأيها المصريون قد قيل لكن إننى ما نزلت أرضكم إلا بقصد إزالة دينكم, فذلك كذب صريحو فلا تصدقوه, و قولوا للمفترين إننى ما قدمت إليكم ألا لأخلص حقكم من يد الظالمين, و إننى أكثر من المماليك, أعبد الله سبحانه و تعالى و أحترم نبيه و القرآن العظيم"
فى تصورى الشخصى أن مشاعر الوطنية و القومية لم تكن تأتى على خاطر أى مصرى أو مسلم فى كافة أراضى الدولة العثمانية فهم كلهم رعية الحاكم المسلم و لا حدود سياسية أو جغرافية ترسم الحدود أو تحدد الانتماءات فكان من السهل أن يتمثل أى مستولى مستبد على أى من أراضى المسلمين من خلال أعلانه الإسلام فيكفى أن يعلن إسلامه لينصب نفسه حاكما, فعامة الناس لا يتحركون ألا مع حاكم مغتصب غير مسلم و أما و أن أشهر إسلامه أو أدعى الإسلام فلا بأس من أن يحكمهم و و قد استعان نابليون بمن يزين له هذه الخطة الشيطانية من وعاظ السلاطين المأجورين ليحقق استيلائه الكامل على مصر بدون أدنى مقاومة خاصة فى غياب كامل لفكر المواطنة و الوطن فى الأمصار المختلفة الخاضعة للدولة العثمانية و سعى نابليون فى نهاية خطابه إلى مملاءة المشايخ و العلماء بأن قال: ( أنهم يلازمون وظائفهم, و على كل واحد من أهالى البلد أن يبقى فى مسكنه, مطمئنا, و كذلك تكون الصلاة قائمة فى الجوامع على العادة, و المصريون بأجمعهم ينبغى عليهم أن يشكروا الله سبحانه و تعالى لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال: أدام الله إجلال السلطان العثمانى .... أدام الله إجلال العسكر الفرنساوى... لعن الله المماليك ..و أصلح حال الأمة المصرية)
هذا خطاب لا يمكن أن يصيغه ألا رجل دين خان دينه و باعه بثمن بخس إلى الفرنسين لأنه وضع فى الخطاب مفاتيح الشرعية الدينية للاحتلال الفرنسى, فكيف لنابليون أن يحيط علما بكل هذه الأمور التى تمس أكثر الأمور حساسية لدى المسلمين ألا إذا أعانه على ذلك رجل دين مأجور فيكفى أن يضمن خطابه كلمات مثل : تبقى الجوامع مفتوحة قائمة للصلاة و أن يأمن كل فرد على نفسه و أن يبقى المشايخ فى وظائفهم و أن يضفى شرعية عثمانلية على وجوده و يقرن بها العسكر الفرنسى و أن ينزع الغطاء الدينى عن المماليك ليكتمل مشهد إضفاء الشرعية الدينية على الاحتلال و هذه المفاتيح هى أنجح المفاتيح لضمان الاحتلال دون أدنى خسارة تذكر.
و يتساءل المؤرخ جمال بدوى: (هل أتى هذا المنشور البليغ ثماره. و هل أفلح فى أقناع المصريين بوادعة نابليون و حبه للإسلام؟ ان مجرى الأحداث يكشف لنا فى صراحة و وضوح عن عدم قبول الشعب المصرى لكل الادعاءات الكاذبة التى حاول نابليون عن طريقها أن يضحك على عقول المصريين)
و انطلقت بعد ذلك ثورتان قام بها المصريون و كانت أصدق دليل على رفضهم للاحتلال الفرنسى و عبر المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى عن تشكك المصريين فى الأفكار و الوعود التى أذاعها نابليون بالرغم من تملقه للإسلام و أظهاره أنه المسلم التقى الذى هدم الكنيسة الكاثوليكية و أهان بابا الكنيسة.
و لكن يؤكد المؤرخ جمال بدوى على أن رفض المصريين لخطاب نابليون لم يكن ينبع فقط من بعد دينى  و لكن نابليون فشل فى سد الثغرات الثقافية بين حضارتين مختلفتين تمام الاختلاف من عادت و تقاليد دفعت المصريين دفعا إلى عدم تصديق وعود نابليون و قد ورد فى السجلات الفرنسية رسالة للقائد البحرى حوبير أرسلها إلى وزير بحرية فرنسا و قال فيها: لعلكم أيها البارسيون تضحكون حينما تقرءون هذا المنشور الإسلامى الذى وضعه قائدنا الأعلى و لكنه لم يعبأ بكل سخريتنا من المنشور.
حتى أن نابليون نفسه اعترف فى آخر أيامه عندما كان يستدعى ذكرياته و هو سجين فى سانت هيلانة بأن ما فعله " على الإنسان أن يصطنع الدجل فى هذه الدنيا لأنه السبيل الوحيد إلى النجاح"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق