سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 20 فبراير 2012

مقالات فى العلوم الطبيعية: ماهية الضوء؟ بقلم/ مروان محمد





ما أثارنى بخصوص موضوع الضوء و ماهيته جانب آخر أراه لا يقل أهمية عن الموضوع الأول و هو التكنولوجيا التى استخدمها العلماء ابتداءا من القرن السابع عشر حتى منتصف القرن العشرين لاختبار ماهية الضوء و محاولة التعرف عليه من خلال تجارب علمية بسيطة باستخدام تكنولوجية تبدو فى الوقت الحالى بدائية و لكنها كانت فى ذلك الوقت قمة التكنولوجيا التى وصل إليها الإنسان ليتعرف على ماهية الضوء و لولا تلك الخطوات الأولى فى سلم أختراع وسائل تكنولوجية تساعد العلماء على إجراء التجارب العلمية ما كنا وصلنا اليوم إلى عصر النانوتكنولوجى و هى السمة الرئيسية للتكنولوجيا فى القرن الحادى و العشرين.

لم يكن غريبا أن يصل الإنسان الغربى إلى هذه القفزات التكنولوجية المذهلة لولا تلك البدايات البسيطة التى شارك العرب فيها بنصيب فى زمن عصور الظلام التى كانت السمة السائدة للمجتمعات الأوربية و أنقطع من بعدها ذلك التراث العلمى بشكل متسارع حتى أضحينا اليوم مستهلكين للعلوم الغربية و لا نشارك فى إنتاجها ألا فى أضيق الحدود لأننا توقفنا عند البدايات البسيطة و لم ننطلق لما هو أبعد من ذلك و تفسير ذلك هو أيضا بسيط للغاية و هو يتعلق بحجم الفساد الذى تضخم فى تلك الدول الإسلامية حتى أعمى بصيرة حكامها حتى عجزت الأمة الإسلامية عن اللحاق بركب التقدم و تخلفت حتى وصلنا من الأنحدار و قمة الأنحدار إذا جاز هذا التعبير الذى نحن فيه اليوم.

و لا سبيل لنهضة الأمة الإسلامية و العربية ألا من خلال الانطلاق مما يقف عليه الغرب الأن من وسائل تكنولوجية متقدمة و معقدة جدا تساعدنا فى الارتقاء بالعلوم الإنسانية فى المجالات العلمية المختلفة حتى نصبح عضو فاعل فى الحضارة الإنسانية كما كنا فى فترة من فترات التاريخ الإسلامى و التى كانت للأسف قصيرة جدا لم تتعدى عمر الدولة العباسية الأولى و بدأت فى الأضمحلال حتى التوقف التام فى نهاية الدولة العباسية الثانية حينما تفرقت تلك الحضارة الكبيرة المترامية الأطراف إلى سلاطين و أمراء متنازعين لا هم لهم سوى استعباد العباد و استنزاف و سرقة موارد الدولة و الانشغال بالاستيلاء على السلطة بأى شكل و بأى وسيلة حتى و لو كان بالتعاون مع أعداء الدولة الإسلامية!

و بالعودة إلى البدايات العلمية للكشف عن ماهية الضوء يمكننا أن ننطلق أبتداءا من القرن السابع عشر ميلاديا حيث أجرى العالم الأنجليزى أسحاق نيوتن فى العام 1666 أول تجربة علمية لمعرفة ماهية الضوء و كانت التجربة بسيطة عبارة عن تمرير حزمة من أشعة الشمس خلال منشور زجاجى و لدهشة نيوتن فإن الضوء الخارج من المنشور لم يكن ألا مجموعة زاهية من الألوان هى الأحمر و البرتقالى و الأصفر و الأخضر و الأزرق و النيلى و البنفسجى بنفس الترتيب المذكور.

و الواضح من هذه التجربة أن الضوء الأبيض مكون فى الحقيقة من مجموعة من الألوان أطلق عليها أسم ألوان الطيف و لكن التجربة و نتائجها لا تكفيان للتعرف على ماهية الضوء, افترض نيوتن وقتها أن الضوء مكون من جسيمات دقيقة تنتقل فى خيوط مستقيمة و فى العام 1675 تقدم عالم الفيزياء الهولندى كريستيان هيجنز بتفسير جديد للضوء فقال أن الضوء مكون من موجات و أن موجات الضوء لها أطوال مختلفة بدليل تفرقها إلى مجموعة من الألوان عند تمريرها من خلال منشور زجاجى و لكن هذا الافتراض أيضا لا يفسر لماذا ينتقل الضوء فى خطوط مستقيمة و لا يبين كيف يمكن لموجات الضوء أن تنتشر من الشمس إلى الأرض عبر الفراغ علما بأن الموجات يلزمها وسط لكى تنتقل من خلاله.

بقيت محاولات تفسير الضوء مجرد افتراضات حتى العام 1801 حين أجرى الفيزيائى البريطانى توماس يونج تجربة علمية قام من خلالها بتمرير شعاع ضيق من الضوء عبر حاجزين تفصلهما مسافة صغيرة و فى كل حاجز ثقب صغير بحيث يمر الضوء من الثقوب إلى شاشة خلف الحاجزين و فى هذه التجربة فإن الضوء الساقط على الشاشة كان ناصع البياض تارة و خافتا تارة أخرى و هكذا بالتناوب و لا يمكن حدوث هذه الظاهرة إلا إذا كان الضوء فعلا ينتقل على هيئة موجات و يكون التفسير فى هذه الحالة أن الموجات تتفق فى أطوالها يعزز بعضها بعضا و يؤدى ذلك إلى ضوء ناصع أما إذا اختلفت أطوال موجات شعاع الضوء بحيث يتضارب بعضها مع بعض فإن ذلك يؤدى إلى ضوء باهت و قد قام توماس كذلك بحساب أطوال موجات الضوء فوجدها تترواح بين 750 نانومتر للأشعة الحمراء و 390 نانومتر للأشعة البنفجسية و النانومتر وحدة لقياس الأطوال متناهية القصر و هى تساوى جزء من ألف مليون جزء ينقسم إليها المتر الواحد و تكتب اختصارا بالحرفين NM مثلما يختصر المتر إلى الحرف M.

و أطوال موجات الضوء ثابتة لا تتغير و قصر أطوال موجات الضوء هو السبب فى أن الضوء ينتقل فى خطوط مستقيمة و موجة الضوء تسمى موجة عرضية إذ تتذبذب يمينا و يسارا بزاوية قامة بينما هى تمضى إلى الأمام و فى العام 1845 اكتشف عالم الفيزياء و الكيمياء الإنجليزى مايكل فاراداى أن الضوء هو الجزء من المجال الكهرمغناطيسى مكون من موجات أطولها موجات الراديو و أقصرها أشعة جاما و بين هذه و تلك تقع موجات الضوء.

ثم أكدت التجارب و الأبحاث التى أجراها عالم الفيزياء الاسكتلندى جيمس كلارك ماكسويل صحة الاستنتاح الذى توصل إليه من قبل العالم مايكل فاراداى أن الضوء نوع من الإشعاع الكهرومغناطيسى و سرعة الضوء هائلة إذ ينتشر الضوء بسرعة ثلاثمائة ألف كيلومتر فى الثانية الواحدة و هذا هو السبب فى أن الظلام يسود فورا حالما تطفىء مصباحا فى مكان مغلق و العكس صحيح و من خصائص الضوء العجيبة أن سرعته ثابتة بغض النظر عن حركة الناظر إليه فإذا كنت مسافرا فى سيارة أثناء الليل و كانت هناك سيارة أخرى قادمة نحوك فى الطريق فالمفروض أن تكون سرعة الضوء هى مجموع سرعة السيارة القادمة نحوك مع سرعة سيارتك و لكن الحقيقة أن سرعة الضوء ثابتة بغض النظر عن سرعة سيارتك و سرعة السيارة الأخرى.

و على الرغم من اكتشاف هذه الخصائص الكثيرة للضوء فإن الضوء فى حد ذاته بقى غير معروف و بقى معه السؤال المحير ما هو الضوء؟ بغير جواب شافى إلى أن لوحظ الضوء إذا سقط على معدن فإنه يؤدى إلى سخونة سطحه و معنى ذلك أن الضوء طاقة و أن انتقال طاقة الضوء إلى المعدن هو الذى يؤدى إلى سخونة المعدن.

صاحب تلك الملاحظة هو عالم الرياضيات و الفيزياء ألبرت أينشتين و هو الذى أجاب عن سؤال ماهية الضوء و هو أنه وحدات من الطاقة و على هذه الوحدات أطلق اسم فوتونات و بسبب هذا التفسير استحق اينشتين جائزة نوبل فى الفيزياء, و الطريف أن ملاحظة آينشتين التى أدت إلى اكتشاف ماهية الضوء تشبه تماما ملاحظة نيوتن التى أدت إلى اكتشاف الجاذبية الأرضية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق