سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 1 فبراير 2012

مقالات أدبية: خير جليس في الزمان (كتاب )... رؤية : عماد الدين منسي1


 15 نوفمبر 2011

 الحقيقه اني قرأت كثيرا من الكتب في شتي العلوم والاداب وتمتلأ مكتبة منزلي بالكثير من الكتب القيمه والنادره ...منها الادبيه والعلميه والدينيه وكثرها في كتب الهندسه الميكانيكيه وخصوصا تكييف الهواء تخصص ابني الوحيد في عمله .

 ورغم كل ذلك احسست بانني بعد لم انهل من بحر العلم الا مقدار كوب ماء لايهم ان كان كبيرا أو صغيرا ولكنه اعطاني القدره علي التفكير وحسن الاختيار والقدره علي فهم الاشياء ..ورغم ذلك ماذلت احنو الي هذا الكتاب الذي قراته مره واحده علي فترات متباعده اثناء عملي هناك وكان الكتاب الصديق الصدوق الذي تعلمت منه الكثير ...وكنت في كل باب من ابوابه ..او فصل من فصوله ..أو ركن من اركانه اجدني في اشد السعاده لما فهمت من معني وماتعلمته من ادب وسلوك معرفيه .

 ولعلي من شدة اعجابي بهذا الكتاب سوف ابين لكم فيما يلي بعض ماجاء به وانقل لكم مااردت ان اوصله لكم ...ولأعطيكم نبذة عنه دون ان اشير الي اسمه لأنكم سوف تفهمونه وتعلمونه وتذكرونه فور الانتهاء مما اريد الاشارة اليه .

 فالكتاب الذي اتحدث عنه هو مما وضعه علماء تلك الدوله من الامثال والاحاديث التي الهموا أن يدخلوا فيها أبلغ ماوجدوا من القول في النحو ( أي القصد والنهج ) الذي أرادوا . ولم تزل العلماء من أهل كل مله يلتمسون أن يعقل ( أي يؤخذ ويفهم ) عنهم ، ويحتالون في ذلك بصنوف الحيل ، ويبتغون اخراج ماعندهم من العلل ، حتي كان من تلك العلل ( أي الاسباب ) وضع هذا الكتاب علي أفواه البهائم والطير . فاجتمع لهم بذلك خلال ( أي فضائل ) . أما هم فوجدوا متصرفا ( أي مذهبا ينصرفون اليه ) في القول وشعابا يأخذون منها . وأما الكتاب فجمع حكمه ولهوا : فاختاره الحكماء لحكمته . والاغرار ( أي من لاتجربه لهم )للهوه ، والمتعلم من الاحداث ناشط في حفظ ماصار اليه من أمر يربط في صدره ولايدري ماهو ، بل عرف أنه قد ظفر من ذلك بمكتوي مرقوم ( أي موشي ومزين ) . وكان كالرجل الذي لما استكمل الرجوليه وجد ابويه قد كترا له كنوزا وعقدا له عقودا استغني بها عن الكدح فيما يعمله من امر معيشته ، فأغناه ما أشرف ( أي وصل ) عليه من الحكمه عن الحاجه لي غيرها من وجوه الادب .

 فأول ماينبغي لمن قرأ هذا الكتاب أن يعرف الوجوه التي وضعت له ، والي أي غايه جري مؤلفه فيه عندما نسبه الي البهائم واضافه الي غير مفصح ( أي غير ناطق ) وغير ذلك من الاوضاع التي جعلها امثالا . فان قارئه متي لم يفعل ذلك لم يدر ما أريد بتلك المعاني ، ولا أي ثمره يجتني منها ، ولا أي نتيجه تحصل له من مقدمات ماتضمنه هذا الكتاب . وانه وان كان غايته استتمام قراءته الي أخره دون معرفة مايقرأ منه لم يعد عليه شئ يرجع اليه نفعه .

 ومن استكثر من جمع العلوم وقراءة الكتب من غير اعمال الرويه ( اي التمهل ) فيما يقرؤه ، كان خليقا الا يصيبه الا ماأصاب الرجل الذي زعمت العلماء أنه اجتاز ببعض المفاوز ( أي الفلاه التي لاماء فيها ) فظهر له موضع أثار كتر ، فجعل يحفر ويطلب فوقع علي شئ من عين ( أي نقود ذهبيه ) وورق ( اي نقود فضيه ) فقال في نفسه : ان انا اخذت في نقل هذا المال قليلا قليلا طال علي ، وقطعني ( أي منعني ) الاشتغال بنقله واحرازه عن اللذه بما اصبت منه ، ولكن سأستأجر أقواما يحملونه الي منزلي ، واكون انا اخرهم ، ولايكون بقي ورائي شئ يشغل فكري بنقله ، واكون قد استظهرت ( أي استعنت ) لنفسي في أراحة بدني عن الكد بيسير اجره اعطيهم اياها . ثم جاء بالحمالين ، فجعل يحمل كل واحد منهم مايطيق ، فينطلق به الي منزله فيفوز به ، حتي لم يبق من الكتر شئ ، فلم يجد فيه من المال شيئا ، لاقليلا ولاكثيرا . واذا كل واحد من الحمالين قد فاز بماحمله لنفسه . ولم يكن له من ذلك الا العناء والتعب لانه لم يفكر في اخر امره .

 وكذلك من قرأ هذا الكتاب ولم يفهم مافيه ولم يعلم غرضه ظاهرا وباطنا ، لم ينتفع بما بدا له من خطه ونقشه ، كما لو أن رجلا قدم له جوز صحيح لم ينتفع به الا أن يكسره ويستخرج مافيه .

 وكان أيضا كالرجل الذي طلب علم الفصيح من كلام الناس ، فأتي صديقا له من العلماء ، له علم بالفصاحه ، فأعلمه حاجته الي علم الفصيح ، فرسم له صديقه في صحيفه صفراء فصيح الكلام وتصاريفه ووجوهه ، فانصرف المتعلم الي منزله فجعل يكثر قراءتها ولايقف علي معانيها
 ثم انه جلس ذات يوم في محفل من اهل العلم والادب ، فأخذ في محاورتهم ، فجرت له كلمه أخطأ فيها ، فقال له بعض الجماعه : انك قد أخطأت ، والوجه غير ماتكلمت به فقال وكيف أخطئ وقد قرأت الصحيفه الصفراء وهي في منزلي ؟ فكانت مقالته لهم أوجب للحجه عليه وزاده ذلك قربا من الجهل وبعدامن الادب .

 ثم ان العاقل اذا فهم هذا الكتاب وبلغ نهاية علمه فيه ، ينبغي له أن يعمل بما علم منه لينتفع به ، ويجعله مثالا لايحيد عنه . فاذا لم يفعل ذلك ، كان مثله كالرجل الذين زعموا ان سارقا تسور ( اي دخل عليه واثبا من فوق سور بيته ) عليه وهو نائم في منزله ، فعلم به فقال : والله لأسكتن حتي انظر ماذا يصنع ولا أذعره ( أي لاأخيفه ) ولا أعلمه أني قد علمت به . فاذا بلغ مراده قمت اليه ، فنغصت ذلك عليه ، ثم انه امسك عنه .

 وجعل السارق يتردد وطال تردده في جمعه مايجده ، فغلب الرجل النعاس فنام ، وفرغ اللص مما اراد وامكنه الذهاب واستيقظ الرجل فوجد اللص قد اخذ المتاع وفاز به ، فأقبل علي نفسه يلومها ، وعرف انه لم ينتفع بعلمه باللص ، اذلم يستعمل في امره مايجب . فالعلم لايتم الا بالعمل وهو كالشجره والعمل به كالثمره . وانما صاحب العلم يقوم بالعمل لينتفع به ، وان لم يستعمل مايعلم لايسمي عالما . ولو أن رجلا كان عالما بطريق مخوف ثم سلكه علي علم به سمي جاهلا ، ولعله ان حاسب نفسه وجدها قد ركبت اهواء هجمت بها فيما هو اعرف بضررها فيه واذاها من ذلك السالك في الطريق المخوف الذي قد جهله . ومن ركب هواه ورفض ماينبغي ان يعمل بما جربه هو او اعلمه به غيره ، كان كالمريض العالم بردئ الطعام والشراب وجيده وخفيفه وثقيله ، ثم يحمله الشره ( أي الطمع والجشع ) علي اكل رديئه وترك ماهو اقرب الي النجاه والتخلص من علته .

 واقل الناس عذرا في اجتناب محمود الافعال وارتكاب مذمومها من ابصر ذلك مبيزة عرف فضل بعضه علي بعض كما انه لو ان رجلين احدهما بصير والاخر اعمي ساقهما الاجل الي حفره فوقعا فيها ، كانا اذا صارا في قاعها بمنزلة واحده ، غير ان البصير اقل عذرا عند الناس من الضرير : اذكانت له عينان يبصر بهما ، وذاك بما صار اليه جاهل غير عارف .

 وعلي العالم ان يبدأ بنفسه ويؤدبها بعلمه ، ولاتكن غايته اقتناؤه العلم لمعاونة غيره ويكون كالعين التي يشرب الناس ماءها وليس لها في ذلك شئ من المنفعه، وكدودة القز التي تحكم صنعته ولاتنتفع به . فينبغي لمن طلب العلم ان يبدأ بعظة نفسه ، ثم عليه بعد ذلك ان يستفيدمنه ، فان خصالا ينبغي لصاحب الدنيا ان يقتنيها ويستفيد منها العلم والمال ، ومنها اتخاذ المعروف . وليس لعالم ان يعيب امرا بشئ فيه مثله ، ويكون كالاعمي الذي يعير الاعمي بعماه .

 وينبغي لمن طلب امرا أن يكون له فيه غايه ونهايه ، ويعمل بها ، ويقف عندها ، ولايتمادي في الطلب ، فانه يقال : من سار الي غير غايه يوشك ان تنقطع به مطيته ، وانه كان حقيقا الايعني نفسه في طلب مالاحد له ، ومالم ينله احد قبله ، ولايتأسف عليه ، ولايكون لدنياه مفضلا علي اخرته ، فان من لم يعلق قلبه بالغايات قلت حسرته عند مفارقتها . وقد يقال في امرين انهما يجملان بكل احد : احدهما النسك ( اي التعبد والتقوي ) والاخر المال الحلال ولايليق بالعاقل ان يؤنب نفسه علي مافاته وليس في مقدوره ، فربما اتاح الله له مايهنأ به ولم يكن في حسبانه . وللحديث بقيه باذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق