تحية نضالية لكل إنسان /امرأة ورجل/ يؤمن بالتجلي الأسمى للإلوهية الخالقة وحبه لله،...وستبصارا في عظمة العزيز الرحيم الذي خلق عباده بالتساوي ..لكن مع ذلك فواقع الإنسان "المرٍ" وخاصة /المرأة/في هذا العالم الموبوء ،على مستوى القوانين الكونية لازلت ما بين المطرقة الشوفينية الذكورية ومطرقة سلطة الكاهن الرجيم ..ولنقل بتفاؤل على أن هذا العالم لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا بتوازن وعدل ومساواة ما بين الجنسين /ذكر وأنثى/مختلفين في الشكل صحيح لكن متساويين المضمون الذي هو/الإنسان/..نفس المشاعر والإحساسات وعقل وإرادة....طبعا هناك تفاوت في تموًجات في الفكر لكل منهما ،ولكن هذا لا يمنع من التوصل إلى توافق ما بين الجنسين لخدمة التقدم الحضاري و ما تحتاجه الذات البشرية لتسخير خيرات الطبيعة لصالح الأسرة والمجتمع لكي يرتقي الإنسان إلى علياء السمو في الخير وقتل الشر الذي أصبح وباء على الإنسان منذ غابر الأزمان، لكيف ؟ومتى؟ هذا ما سيصل إليه الإنسان الكوني الذي هو حلم توائم الأرواح.. حلم ليس صعب المنال... سيكون الإنسان الكوني له جينات العباقرة هو من يستطيع سحق عنصر الشر والشرور في كل مكان ثم يخلق زمان زاهي الألوان..
محطات تاريخية مهمة تحتاج منا الوقوف عندها والتأمل فيها.
في ظل بناء مفهوم الدولة الحديثة وبالضبط في أميركا سنة 1857, قررت المرأة "الإنسان", المرأة "النضال "أن تعلن بشفافية وتعري مفهوم السلطة بامتياز ,فخرجت النساء بالآلاف في شوارع نيويورك للاحتجاج على الظروف اللاً إنسانية التي كنً يجبرًن العمل تحتها ورغم أن شرطة القمع تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسئولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية كما أنه تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أمريكا بعد سنتين على تلك المسيرة الاحتجاجية.
وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك :شعار "خبز وورود". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف, رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وكان اسم تلك الحركة "سوفراجيستس" (suffragists) وتعود جذورها النضالية إلى فترات النضال ضد العبودية من أجل انتزاع حق الأمريكيين السود في الحرية والأنعتاق من العبودية.
وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليدا لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909
وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وذلك في مؤتمر كوبنهاغن بالدانمرك الذي استضاف مندوبات من سبعة عشر دولة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
غير أن تخصيص يوم الثامن من مارس كعيد عالمي للمرأة لم يتم إلا سنوات طويلة بعد ذلك لأن منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1977 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من مارس.
وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكير الضمير العالمي بالحيف الذي مازالت تعاني منه ملايين النساء عبر العالم. كما أن الأمم المتحدة أصدرت قرارا دوليا في سنة 1993 ينصص على اعتبار حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان وهو ما اعتبرته الكثير من المدافعات عن حقوق النساء حول العالم تنقيصا من قيمة المرأة عبر تصنيفها خارج إطار الإنسانية.
حتى نكون صادقين مع أنفسها فالتاريخ الإنساني يؤكد أن تداخل الحضارات هو ثمرة نضج للفعل الإنساني ولا شك أن كل أمة استفادت من الأخرى ثم طورت آليات الفعل و تفاعلت معه, ومن ثمة وجب علينا نحن معشر الرجال في بلدان" الأنعام"أن نحتفل بهذا اليوم العالمي مع حرات النساء العربيات في كل سنة من شهر 8 مارس،... في طقس جميل يضيف قوانين حداثية جديدة ،لمفهوم ((حق المواطنة ثم حب الوطنية)) ثم نقر في الدساتير أن المرأة /شريكة/ الرجل وليس "نصفه", في حين نعمل جاهدين لبلورة مدونات الأحوال الشخصية بامتياز ونعزز قانون الحريات المدنية التي سنتها الدساتير الحداثية العالمية حتى تعيش مجتمعاتنا في نعم الحرية وتزيح ستائر القهر والغبن واللا مساواة على مستوى إنسانية الإنسان ...كان الإنسان العربي بصفة خاصة والجنوبي بصفة عامة معذبا مقهورا مغبونا شارد الذهن مكفهر الأفكار لا يبالي بأي شئ, ناسيا متناسيا حتى جغرافية المكان وسرعة الزمان,......
وأخيرا...يجب أن لا ننسى فضل المرأة العربية المثقفة الواعية التي قامت بدورها النضالي في أحسن الأحوال...وستؤكد المرأة " الإنسان" في كل مكان أن مفهوم الحرية وسنن الديمقراطية , يجب على المواطن "الرجل "أن يستوعبها ويدرك مفهومها الفلسفي لكي نبني إنسانا جديدا ليعيش جنبا لجنب مع أخيه الإنسان: -الذكر والأنثى -صنوان لا يفترقان بل هما الاثنان ملتصقان أبديان وهما من يصنعان الحياة ويساهمان في استمرارية وديمومتها ونشوتها الديمقراطية الحداثية في ظل الثورات التي تنشد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وتحلم بالإنسان الكوني الجديد الذي هو مصدر الخصب والنمو الرفيع يحمل جينات العباقرة.هو الذي يستطيع تغيير المكان والزمان...
الناقد المسرحي المغربي الدراماتورج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق