بعد فترة وجيزة من قيام (ثورة)17/14 جانفي 2011 برز على الساحة الفايسبوكيّة على وجه التخصيص معطى جديد يتمثّل في وثائق يجمع أهل الحلّ والعقد أنها من مستمسكات وأرشيف دوائر مختصّة وعلى رأسها الأمنيّة. هذه التي قيل عنها الكثير من المبهمات التي تفيد تسرّبها إلى أيدي وجهات حتى اللحظة لم يكشف عنها إلاّ أننا وفي كلّ مرحلة جديدة حتى لا أقول في كلّ يوم ينهال سيل من هذه الوثائق "المفترض" سرّية وتحديدا على صفحات الفايسبوك.
وهذا ما يذكّرنا بالدور الذي لعبه هذا الفايسبوك من خلال ترويج ما سمي بقضيّة تسريبات ويكيليكس الشهيرة حينها وهنا أراني ملزما بإعادة طرح السؤال المحيّر(لماذا صمت العالم وخصوصا أمريكا عن متابعة دعاويها القضائيّة ضدّ منشئ ومسرّب الوثائق الاستخباراتيّة لدوائرها السرّية على موقعه ويكيليكس؟ ولماذا قبّرت هذه القضيّة حتى أننا نسيناها بفضل تعمّد جهات معيّنة نافذة سياسيا وطبعا إعلاميّا تابعا وخادما وموظّفا استعماريا وهم الذين يحاربون الدكتاتوريين حول حرّية ونزاهة وحياديّة الإعلام؟ ولماذا وظّفت ملفّات المخابرات الأمريكيّة من خلال إيهامنا بقوّة خارقة لصاحب موقع ويكيليكس في اختراق مواقعها وكشف حقائق وأسرار موظّفيها في دوائر إستخباراتها من رؤساء دول الربيع العربي؟)
ونقتصر على هذه الأسئلة حتى لا نخوض غمار قضيّة أخرى غير التي نريد في هذه المقالة التي نبحث من خلالها حول من يقف خلف هذه التسريبات لوثائق إدانة شخصيات وكوادر تونسيّة المفروض أنّ جهة واحدة تختصّ بالبحث في أخبارهم وسيرهم؟ ولماذا اختياره لمواقيت محدّدة لتسريبها كمادة فيسبوكيّة وهو يعلم علم اليقين أنّ التونسي أصبح مدمنا على الفايسبوك لبلوغ المعلومات وليس الأطر الإعلاميّة والوسائل الإخباريّة الرئيسيّة؟ ويعرف أنّ غالبيّة المتعاملين مع الفايسبوك هم من فئة الشباب الغاضب أساسا. والمتوتّر بسبب أوضاعه الحياتيّة العامة واليوميّة. والفاقد في غالبيته للوعي اللازم والكافي لتوجيه غضبه وسخطه.تجاه ما يثيره هذا الكم من المعلومات الموثّقة بوثائق. بلغ حدّ تزيفها وفبركتها ولا ندري لأيّ مصلحة ولمن يقدّم هذه المصلحة؟ حتى أننا نحتار ويبلغ بنا الأمر أن نخلط بين صحيح ومغلوط منها في اعتمادها كشاهد ووثيقة إثبات وإدانة.
إنّ هذه الآلة التي تفيدنا سرعة تحرّكها ودقّة تسريباتها فيما يتعلّق بالشأن الرسمي للبلاد. أنها متمركزة جيّدا في مراكز القرار على اختلاف محيطاته. من حكومة. ورئاسة. وحتى الأمن والجيش. والأحزاب بشخصياتها حتى التي تتموقع في خطوط خلفيّة. وغيرها من المنظمات والجمعيات أو ما يسمى بالمجتمع المدني فبأي قدرة خارقة تحتمي. وفي أي قدرة خارقة وحارقة في بعض الأحيان تتحكم وتسيّر؟وأي قادر حاكم بأمره يوجّه مسارها لتوجيه دفّة بلد برمّته؟ وهل هو تونسي أو أجنبي؟ وأي مصلحة سيجنيها من كلّ عمله هذا؟
كلّ هذه الأسئلة وغيرها يحيلني شخصيّا لما يروج من أخبار تمكّن مخابرات عالميّة من التغلغل في ساحتنا الوطنيّة.مع فرضيّة من كانوا السبّاقين إلى إخفاء وثائق الدولة لخاصتهم وعلى رأسها وثائق أمن الدولة أو ما يسمى بأرشيف البوليس السياسي. وهنا لابد أن نتسائل عن مصير هذه الوثائق هل بقيت لدى تونسيين أم وصلت إلى أيدي هذه المخابرات العالميّة التي وجدت لها موطئ قدم في ساحتنا الوطنيّة؟
وهي طبعا ستستغل فيما يخدم مصالح محدّدة في حينه(وحينه هذا أوّل غيثها الانتخابات القادمة التي يراد لها أن تكون نزيهة وشفّافة)ولتكون فعلا كذلك يجب على من يريد أن تستعاد هيبة الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها وزارة الداخليّة أولا أن تكشف عن مصير وكل من تورّط في إخفاء (وأين أخفى؟ولمن سلّم؟) هذه الوثائق الراجعة إلى البوليس السياسي. أو إلى أرشيف الدولة. خصوصا القصر الرأسي. والوزارات وعلى رأسها وزارات السيادة الوطنيّة. منذ فترة الغنوشي ثم السبسي وصولا إلى حكومات الترويكا النهضاويّة
وتفعيل دور المخابرات الوطنيّة التي لا تختصّ في البحث عن ما يشوّه المعارضة الوطنيّة بل همها الوحيد وشغلها الرئيسي ومهمّتها الوحيدة والمحدّدة حماية الوطن من المتخابرين عليه(أي عناصر الإستخبارات الأجنبيّة) والكشف عن عناصرهم والمتعاونين معهم من خونة تونس (ولا أقول تونسيين). ومحاكمتهم في تونس كمتآمرين على أمن الدولة والشعب.
وترك مهمّة البحث عن المعلومة الصحيحة والموثّقة على عاتق إعلام وطنيّ حرّ ونزيه.له كامل الصلاحيات للنفاذ للمعلومة أيّا كانت الجهة مع إعطاء الضمانات اللازمة لحماية المصدر قضائيا وقانونيّا.وهذا لا يتأتّ إلاّ بعد تطهير ميدان الإعلام من مصادر التمويل المشبوهة والأقلام أو الأبواق المأجورة. التي احترفت وتحترف بيع ضميرها(حتى لا أقول أكثر).
ولأنّ كلّ الذين مرّوا على الحكم يوجعهم إنّ لم أقل يدمّرهم الكشف عن حقائق هذه الملفات الحارقة المتعلّقة بأرشيف وبنك معلومات البوليس السياسي. والقصر الرأسي. ووزارات الدولة السياديّة منها وغيرها.وحتى لا تحرق مصائرهم ناره خيّروا عدم الكشف عن مصيره والتستّر عن وجهته ليس فقط للمتاجرة به بل وحتى لا ينكشف مستور ما صنعته عمالتهم وتاريخهم الذي يريدون تبيضه بين قوسين بوطنيّة مزعومة وهبتها لهم(الثورة المغدورة).وهنا لا يفوتنا أن نسأل السيد وزير الداخليّة المستقلّ ما الذي فعلته في فترة تولّيك الوزارة في خصوص أرشيف وزارتك السياديّة(المستقلّة).خصوصا ونحن نقترب من خلال بنود خارطة الطريق نحو انتخابات وطنيّة ستلعب فيها هذه الملفات لعبتها ليس من خلال الكشف البريء والمطلوب كمطلب شعبيّا منذ قيام (الثورة)لكن الموجّه. والمنتقى. والمختار. بحساب الظرف. والمعطيات(إن لم أقل الأوامر) الخارجيّة قبل حتى الداخليّة المسترابه والمشبوهة
فبأيّ تحف فايسبوكيّة سندخل الانتخابات الديمقراطيّة جدّا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق