القاهرة 2 مارس 2014
غرة جمادى الاولى 1435
«إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» آية 19 سورة النور.
تطل علينا أشكال جديدة من الزواج تنتشر بين الشباب والفتيات، مرتديةً عباءة الدين وأحدث وأغرب تلك الزيجات ما يطلق عليه الآن «زواج الفاتحة» الذي يتمّه أصحابه بجمل بسيطة وقصيرة، يقول فيها الشاب للفتاة: «أريدك زوجة صالحة فيما يرضي الله، زوجيني نفسك على الفاتحة المباركة». فترد الفتاة: «زوّجتك نفسي. لنقرأ الفاتحة ونوثق زواجنا أمام الله». فيرد: «أنا قبلت ببركة الفاتحة». وهذا بالطبع لا يعتبر زواجا ولكنه ستارا من اجل إباحة الاعراض والاستمتاع المحرم لأن الزواج الشرعي لابد له من أركان إذا توافرت كان زواجا شرعيا صحيحا وإن لم تتوفر فو ليس بزواج لأن عقد الزواج الشرعي يجب أن تتوافر فيه الشُّروط المعروفة وهي تعيين الزَّوجين ورضاهما ووجود الولي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاحَ إلا بوليٍّ وشاهديْ عدل»، وقوله أيضاً: «أيُّما امرأةٍ نكحت بغير إذنِ وليِّها، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل»، وأحقُّ الأولياء بتزويج المرأة والدها، والشرط الأخير هو خلوُّ الزوجين من موانع النِّكاح من نسب أو سبب كرضاعة أو مصاهرة وغير ذلك من الموانع.
و هذا الزواج الشيطاني يحاول أن يرتدي عباءة الدين باسم الفاتحة، التي وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن فضلها حيث يقول تعالى: «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» آية 87 سورة الحجر
هذا النوع من الزواج، الذي تتم من خلاله المتاجرة بالفاتحة، والزواج الشرعي الذي تكتمل كل شروطه وأركانه، إلا أنه غير موثق حكومياً، استناداً إلى أن التوثيق لدى البعض «بدعة» وليس شرطاً لصحة الزواج، ويستندون في ذلك إلى أن الزواج أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يكن موثقاً، والغريب أن بعض هذه النوعية من الزيجات غير الموثقة في المغرب تحمل أيضاً اسم «زواج الفاتحة»، وبالتالي فإن العبرة بتفاصيل الزواج ومدى توافر شروطه وأركانه وليس في المسميات فقط
وهذا بالطبع كلام فاسد لا أصل له شرعا ولا قانونا ولا مجتمعا ولابد أن يواجه مثل هذا الابتداع والغرابة المستهجنة بكل أنواع الحسم والحزم حتى لا يتم التغرير بالشباب والفتيات الذين هم من الجهل بالدين لهم حظ كبير مع غياب الوعي وغياب الرقابة ما يؤدي إلى كوارث نسأل الله السلامة والعافية لابنائنا وبناتنا ومجتمعنا وهذا ما نطق به الكثير من اهل العلم في أيامنا ومنهم فضيلة الشيخ نصر فريد واصل حين سئل عن مثل هذه العلاقات فقال :
الاستهانة مرفوضة
يحذر الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، من الاستهانة بهذا النوع من الزواج، الذي تنتفي عنه صفة الزواج الشرعي الصحيح، الذي يؤدي إلى المودة والرحمة والسكينة بين الزوجين، ويساعدهما على تكوين أسرة سوية مستقرة، ولهذا قال الله تعالى في وصف الزواج الشرعي: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» آية 21 سورة الروم. وأضاف واصل أنه لا ينبغي الاستهانة بموضوع «زواج الفاتحة»، الذي ينتشر بسرعة كبيرة بسبب الجهل الديني وتراجع رعاية الأسر لأولادها وبناتها. وتابع: «شتان بين زواج الفاتحة بين المراهقين والمراهقات، الذي هو أشبه بـ«لعب العيال» وتدفع الفتاة وأسرتها ثمنه، وبين ما يطلق عليه أيضاً «زواج الفاتحة» عرفاً في بعض البيئات البدوية، التي لا تعترف بالتوثيق الحكومي، لأن الكلمة عندهم عقد ويتم بعدها إشهار الزواج، إلا أن الكارثة تظهر وقت وقوع مشكلات وغدر الزوج أو حتى تسجيل المولود، فالأخير حلال مع الكراهة خشية ضياع الحقوق بسبب عدم التوثيق، ولهذا فإن مشكلته تحل بالتوثيق فقط، أما الأول فهو كارثة اجتماعية وإنسانية، وبالتالي هو حرام قطعاً».
وأنهى واصل كلامه بدعوة الرجال الذين يخدعون النساء بزواج الفاتحة، إلى أن يتقوا الله ويسألوا أنفسهم ويجيبوا بصدق: هل يرضون هذا لأخواتهم أو بناتهم؟ الإجابة بالقطع ستكون بالنفي، وقد أتبع الرسول صلى الله عليه وسلم في تقويم الاعوجاج والانحراف الأخلاقي، حين جاء إليه شاب يستأذنه في الزنى، فطلب منه النبي أن يقترب منه، وقال له: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال له الرسول: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، أفتحبه لابنتك؟. قال: «لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم، أفتحبه لأختك؟ قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم، أفتحبه لعمتك؟. قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم، أفتحبه لخالتك؟. قال: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم». قال راوي الحديث: فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه»، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء. ما أروع هذا الأسلوب التربوي الذي إذا قيل لمن يرغب في «زواج الفاتحة» سينصرف عنه تماماً.
هذا وبالله التوفيق أسأل الله لنا ولكم الهداية التوفيق
ربنا يستر على ولايانا ويكملها بالستر
ردحذف