سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

مقالات سياسية: إنقاذ.. للإنقاذ أو دم للإنقاذ؟ بقلم/ المختار الأحولي

                 
                     
ونحن نشارف على الليلة الخامسة للاحتجاجات الشعبيّة أمام المجلس التأسيسي. وفي أغلب ولايات الجمهوريّة المطالبة بحلّ المجلس التأسيسي. والحكومة المنبثقة عنه. وعن الأغلبيّة فيه ومن تحالف معها فيما اصطلح على تسميته بالترويكا الحاكمة. وبعد حادثة اغتيال الشهيد أحمد البراهمي و العمليّة الغادرة التي راح ضحيتها تسعة جنود من جيشنا الباسل في جبال الشعانبي.زادت حدّة الاحتجاجات وفتيل الأزمة اشتعل والوضع قابل للتطور نحو انفجار.
ولا يزال يطالعنا بعض من انطلت عليه حيل القائمين على بثّ السموم الفكريّة. بين أبناء شعبنا. الذين كانوا في عهد المخلوع وطيلة ثلاثة وعشرون سنة يرهبهم ويرعبهم لفظ السياسة.ليلقّنهم الحاكم الحالي. عبر وسائله الخاصة مستغلا انعدام الوعي السياسي والفكري. عند هذه الشريحة. وبساطة مقرونة بجهل للدور المواطني. نتيجة ما يزيد عن الثلاثين سنة من التصحّر السياسي. والفكري. والثقافي. الذين لم يفكّ أسرها على ذاته ومن خالطه قلّة من الذين مرّوا بالحياة السياسية صدفة. أو عن وعي كرّسته بقايا فترة الحرب الباردة. في محيط التعليم أو غيره من المواقع ذات الفعل النقابي المتواصل.
فنسمع تصريحات من قبيل(يتقاتلون على الكراسي فليرحلوا جميعا).أو(مللنا من السياسة والساسة).وهذا عمق ما يرغبه الحاكم الحالي. من حالة أوصلنا إليها بخبث ودهاء من يملي عليه. ويرتب أوراقه. للتغلغل في كلّ الحياة بتفاصيلها الصغيرة حتى. للمواطن التونسي(أفرادا وجماعات).وليصل إلى مشروع الحكم المطلق. والدكتاتوريّة الثيوقراطيّة. التي تنبع من مشروعه السياسي. لتكوين إمارة. تنبني على قواعد (يقولون مجازفين ومستخفّين بعقليّة التونسي البسيط. وهم كثر نتيجة ما سبق وأشرنا) جرّاء غياب للوعي السياسي. والثقافي. الذي يحمي هذه الشريحة ويوجهها نحو مصالحها الحياتيّة وحتى الدينية منها.
ففي سؤال بسيط بخصوص الذين يتقاتلون على الكراسي.أليست هذه الكراسي هي من تمسك بحياة الشعب اليوميّة على المستويين القريب والبعيد؟ وفي كل تفاصيلها وجزئياتها؟ أليست هذه الكراسي هي مصدر القرار الذي يوفّر للمواطن حقوقه ويفرض عليه تطبيق واجباته داخل حدود الوطن وحتى خارجه؟ أليست هذه الكراسي هي التي من المفترض أن توفّر الحياة الكريمة والشغل والمسكن والدراسة والصحة وغيرهم من متطلبات الحياة الكريمة والعزيزة للبلاد؟
والسياسة التي ملّ منها هذه الشريحة نتيجة لما دسّوه في عقولهم لإلهائهم عن ماهيتها الخطيرة في حياته وحياة عائلته وأبناءه.أليست هذه السياسة التي تحدد  توجّه البلاد الاقتصادي وهو الذي يوفّر لكل المواطنين في حدود البلاد وخارجها (عن طريق السياسة الخارجيّة)مستلزمات الحياة الكريمة من شغل وصحة وتعليم وخبز ورواتب تتوافق والمعيشة الكريمة في بلد مستقرّ آمن؟ من الحدود إلى الأعماق إلى كلّ رقعة من تراب الوطن؟أليست السياسة هي التي (عند فهمنا ووعينا باختلافات ما يطرحه كلّ فريق على الساحة.ومن مشاريع يدعوا إلى قيامها واعتمادها لخير الأمة والشعب والوطن.كلّ من منظوره ومن رؤيته لثروات الوطن وطرق تقسيمها على أفراد الشعب الكادح حتى يضمن لكلّ رغيف وملبس ومسكن كريم وحياة كريمة)
أليست هذه المشاريع السياسية التي لم يمضي على خروجها للعموم سوى الفترة التي تمتد ما بعد 14 جانفي بقليل والتي كانت طيلة أكثر من ثلاثة عقود مغيبة قسرا على عموم الشعب حتى لا يعرف مصالحه وينكشف أمر الدكتاتور السارق لخيرات البلاد هو وبطانته وحاشيته؟وتعمّد الضرب بقوّة خارقة قصد قتل و تصحير الساحة لتخلوا له ولأتباعه وأهله وذويه حتى بات آخر اهتماماته هو الشعب الفقير الجائع؟
وبلغ بهم أمر الدعاية المضادة (للثورة)أن يبثّوا الأفكار التي تقول(أنّ زمن المخلوع كان أحسن فكنّا نسرق ونأكل)لكن ماذا نأكل أليس فتات الموائد وفي المناسبات الانتخابية الصوريّة .التي كان يدفع فيها هذا الفتات حتى لا يشاع خبر سرقاته وهتكه للأعراض وقتله للفكر والإبداع الفكري والعلمي للتونسي.وما أزيد من القول إلاّ قليلا مما يجب أن يقال.لكن ضيق المجال يمنعني؟
وبهذه الآراء والأفكار الهدّمة يحاولون من جهة حصر رقعة الوعي(وهي رقعة الخطر على وجودهم في سدّة الحكم)ومن خلالها يضمن جانب الأغلبيّة الصامتة بحيث تبق صامتة ويكون لأتباعهم مجال للحرث في الماء.
وأقول في الماء مؤكّدا على أنها هذه الأفكار لن تعيش طويلا وها هو اليوم الذي من المفترض أن يكون قد حسبوا له حسابا لأنّ المستور ينكشف في أسرع من المتوقّع على أيامنا هذه بحكم توسّع رقعة الوعي بين صفوف المناضلين الشباب الذين شرعوا في حذق آليات الفكر السياسي وبلغوا مرحلة متقدّمة من الوعي الضامن لوقوفهم على قدميهم شامخين ضدّ كلّ محاولة لعودة الدكتاتوريات والسارق لسدة الحكم ولو بأخطاء هي واجبة للتعلّم(ولولا الخطاء لما كان هناك صواب).
ونتيجة لكلّ ما سبق ذكره هاهو الشعب يقرّر قراره الذي في مرحلة سابقة(على إثر استشهاد شكري بالعيد)منعه التفاف الملتفين من الترويكا بمسرحيّة الجبالي التي انتهت بسقوطه المسرحي(فهو مشروع النهضة للمنافسة القادمة بعد أن جعلوا منه بطل المرحلة وضحيتها).لكن كان استشهاد البراهمي نقطة فارقة وفصل جديد من فصول الصراع الذي جرّتنا إليه الترويكا برؤسائها الثلاثة من خلال ما قامت به وأرادته واقع للبلاد من ديمومة حكم أفلس حتى في توفير الرغيف للشعب الذي زادت نسب فقره ومرضه مقابل أرقام رهيبة دخلت البلاد سواء عبر قروض أو هبات أو مساعدات لا نعرف حتى الآن أين وقع صرفها وفي أي وجهة اتجهت.مع محاولة السيطرة على كلّ البلاد من خلال الإدارة التي شملتها تعيينات الو لاءات وفي جميع المراكز والمواقع التي باتت كلّها حسّاسة لما تمثّله من ورقة ضغط يمكن استخدامها متى استوجب الأمر.وها نحن نشهد مصائب هذه الولاءات وما أنتجته من فقر ومحسوبيّة وعنف بلغ حدّ القتل المنظّم وشراء ذمم وتشويه وتخدير ومحاولة بثّ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد(الشعب الذي لم تفرّقه لا عرقيّة ولا اختلافات دينيّة منذ الاستعمار الفرنسي البغيض).وغير ذلك مما سبق وأن ذكرناه محللين من ما نجحت هذه السلطة في إنتاجه وترويجه.
وبذلك تكون قد حادت عن مهامها ووجب أن ترحل.وعلى الشعب أن يختار البديل.بما يصلح لتطوير حياته نحو الأفضل. وحسب برامج يجب أن يستمع إليها بانتباه شديد. ويناقشها بجدية.عوض حالة السلبيّة التي سبق وأن شرحنا مبتغاها في بداية المقال. وأن يقاوم من أجل الحفاظ على مكتسبات(ثورته) وكرامته وحرّيته
وعلى كلّ فاشل أن يخلّي مكانه بعد اعترافه بفشله لمن يقود نحو الأفضل ويتعلّم قدر ما يمكن له أن يحكم يوما ما إن أعادته الانتخابات إلى الحكم يوما.و رحيله الذي حتمته سقوط شرعيته أخلاقيا وسياسيا من مواقع القرار الذي يسيطر عليها بتعنّت وعنف. و جب أن يعود ويقتنع بحجمه الطبيعي كطرف في الحياة السياسية للبلاد وليس ككل البلاد كما تخيّل وتوهّم لوهلة.

تونس في:30/07/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق