سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

قصة قصيرة: وش القهوة بقلم/ مروان محمد

حاول أن يختار بين المشاهد الثلاثة المختلفة, المشهد الذى يناسبه, وضع المشاهد الثلاثة أمامه على الطاولة و أخذ يعقد المقارنات بينهم, يفاضل, يطرح السلبيات من الإيجابيات ثم...
نفخة طويلة ...
هذه المشاهد الثلاثة تمثل لديه ثلاثة قرارات, أشبه بمفترق طرق (يمين – يسار- إلى الأمام)
ماذا يختار؟
هذه هى قمة السخافة, أنه عليه أن يختار بين ثلاثة طرق.
الميزة الوحيدة التى يمتلكها أنه يعرف إلى أين سيفضى كل طريق؟
و لذلك اللعبة السخيفة تمارس عليه مرحلة جديدة من مراحل الحيرة
المفاضلة.
فهو يعلم إن قول (لا) سيعنى حتما أنه سينصرف و هو لم يحرز نصرا و لم تكتب أيضا له هزيمة و لكنها مرحلة وسطية بلا معنى, لا تقع فى المنطقة الرمادية و لكنها تقع فى المنطقة سيئة السمعة حيث لا توجد كفة ترجح الأخرى!
إذا قال (نعم) فهذا يعنى أنه أحسن الأختيار و لكن عليه أن يتحمل تبعات قول نعم, و هو ينفر من تبعات قول نعم.
أو ينسحب فى هدوء بالغ و بذلك هو ترك الأمر معلقا, من الممكن أن توصف هذه الحالة بأن يبقى الأمر على ما هو عليه أو لا.
فهو بذلك يفرض على الطرف الآخر أن يتورط معه فى منطقة الحيرة المبتذلة.
اختيار رائع.
عندما اقتربت من مائدته أطاح بالمشاهد الثلاثة من على المائدة, استقبلها بهدوء, جلست.
قاعدة مسلم بها أن يكون الصمت هو الطرف الثالث الجالس على المائدة بينهما.
- حتشربى إيه؟
- أى حاجة يا رفيق؟
بنظره يعيد المشاهد الثلاثة إلى المائدة مرة أخرى, الصمت ينسحب فى أدب, يحدق فى المشهد الأول:
- مش حقدر أكمل.
صدمة ...
ذهول ...
دموع تنساب فى رقة ....
يغادر المكان ....
حسنا, مشهد مبتذل للغاية.
- رفيق.
يرفع عينين تحملان التساؤل.
- أنت جاى عشان تقعد ساكت.
المشهد الثانى.
- خلينا نحاول مرة تانية.
دموع سعادة ربما.
تهز رأسها.
ثم تقول:
- أنت متأكد من قرارك ده و لا حتيجى تنسحب زى المرة اللى فاتت.
المشهد يحترق أمامه بدون أن يلمسه !
- أنت عاملة إيه؟
ترفع حاجبها الأيمن, يلتفت باتجاه الجرسون يقول على عجل:
- أتنين حاجة ساقعة.
ارتبك الجرسون لأن هذا مخالف لبرتكولات عرض الطلبات ثم الاختيار فقال محنقا:
- عندنا شويبس برتقان – ميرندا تفاح .....
- ممكن قهوة مظبوط و واحد شاى.
ذهول يعبث بملامح الجرسون ثم ضيق ثم يومىء برأسه و ينصرف.
الجرسون يشعر بالغيظ لأنه حتى لم يترك له المجال ليسأله " عايز قهوتك إيه؟!"
- بلاش التحفز اللى فى عنيكِ ده الله يخليك.
- أعصابى يا رفيق مبقتش مستحملة.
المشهد الثالث
- لازم ندى نفسنا فرصة تانية نشوف فيها إذا كان فيه قابلية للاستمرار أو لأ.
تعلق عينيها بوجهه, يبدو وجهها باردا بلا أى أنفعال, هو لا يشعر بالطمأنينة لهذا السكون اللحظى, صوتها يعلو كما توقع:
- أنت كل مرة حتعيد على نفس الكلمة و تسيبنى متعلقة.
المشهد يختفى تحت صينية الطلبات و الجرسون يضعها بخفة, يصب القهوة فى الفنجان و يضعها أمام رفيق ثم يضع كوب الشاى و السكراية أمام الفتاة, يسحب الصينية و ينصرف.
- أنا بحبك يا راميس.
ملامحها تلين, تتشنج, عينيها تلمع, إذن هى الدموع, تدور كوب الشاى و هى تنشغل بمفرش المائدة.
يتراجع فى مقعده و هو يتنفس رائحة الراحة, إن كانت للراحة رائحة فهو بالتأكيد يعبء بها صدره الملتهب و يدرك أخيرا أنه من الممكن أن يكون هناك مشهد رابع.
تعلقت عينيه بفنجان القهوة و بالوش الطافى عليها, يغرق فى تفاصيل العروق التى انتشرت على وش القهوة بتدرجات البنى المختلفة من الفواتح حتى الغوامق و يحاول أن يشكل منها عنصر مفهوم.
11/10/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق