سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

قصة قصيرة: تذكرة على حافة الرصيف بقلم/ مروان محمد

تمرر أصبعها على الجلاكسى تاب بسرعة, تبدو منهمكة للغاية, تضع ساق فوق الأخرى و هى جالسة على مقعدها فى محطة المترو, بدون أن ترفع نظرها, ترى الشباب الثلاثة الذين ينظرون إليها, لا يبحلقون فقط فى فضول و لكن يخترقون تفاصيل جسدها بنظراتهم, تراهم بدون أن تضطر إلى نقل عينيها من الشاشة إليهم, تتكهن بمزاحهم السخيف حول ما ترتدى.
تحاول أن تقزم حالة الغيظ بداخلها, تعلم أنه كعادته لن يأتى, سيتصل بها معتذرا أنه نسى أو سيختلق لها أعذار مكررة, تحفظها جميعا, تختلف فيها أسماء الأماكن و لكن تظل تحمل نفس طابع أعذاره المكرر.
لا تعلق آمالا كثيرة على ألتزامه بالموعد.
تتنهد.
تسمع صوت المترو يقترب, تبدأ فى لملمة أشيائها المبعثرة حولها على المقعد المجاور و تضع الجلاسكى تاب فى حقيبتها الوردية القماشية.
تنهض.
و رغما عنها تحين منها نظرة إلى الشباب الثلاثة, الشاب الأوسط يبتسم و هو يضرب زميله فى كتفه.
تبتسم ابتسامة أقرب إلى الضحك و هى تتخيل أن استشعار الفيس بوك يظهر فجأة من العدم ليغطى روؤس الشباب الثلاثة و مكتوب بخط عريض, أحمق!
الشباب الثلاثة يسيئون ترجمة الإبتسامة و يعتبرونها موافقة ضمنية من قبلها, تتحرك نحو باب المترو, يتبعونها فى سرعة, يتكرر فى مخيلتها ظهور العديد من استشعارات الفيس بوك التى تحمل كلمة أحمق و لكن بحجم خط أكبر, يهتز جسدها بالضحك رغما عنها, تتحرك يمينا داخل المترو هم من خلفها يتهامسون فى حماس.
تتجه إلى باب آخر, و فور أن تسمع صفارة إعلان تحرك المترو تقفز من باب المترو إلى الرصيف.
لا تعرف كيف فعلت ذلك؟, و هى تسمع من خلفها صوت رجل يهتف بها: حاسبـ.......
أبواب المترو تنغلق من خلفها و يتحرك المترو فى سرعة و هى تضحك بصوت عالى عندما تتخيل صورة كوميدية لكلب مزعور, فينجرف خيالها أنها تضغط لايك ليصل عدد اللايكات إلى 1000 لايك. تتوقف و هى لازالت تولى ظهرها للمترو, ملامحها مرحة ضاحكة, أيضا مرة أخرى بشكل لا إرادى تدير رأسها يمينا تراه يتحرك بسرعة على حافة رصيف المترو, يتحدث فى الهاتف يلوح لها, تذوب ملامحها المرحة تدريجيا حتى تتجمد ملامحها.
لا تبادله التلويح و لكنها تراقب اقترابه فى صمت هادىء, ينهى الاتصال, يقترب منها و هو يرسم ابتسامة متوترة على شفتيه, يقف أمامها.
- الطريق من مدينة نصر عند عباس العقاد لحد غمرة كان واقف, أنا أول ما وصلت غمرة نزلت و أخدت المترو على طول.
لم تعلق و لكنها بادرت بالتحرك فسار إلى جوارها, أفلتت من يدها بدون أن تشعر تذكرة المترو و هو يقول:
- هو أنت ليه خلتينا نتقابل فى رمسيس؟
التذكرة تتدحرج بضعة سنتميترات حتى تلامس حافة رصيف المترو.
- عشان عايزة أشترى حاجات من هناك.
- من رمسيس.
- أيوه.
- إيه؟
- أنا قولت لـ......
حديثهما يخفت تدريجيا و ذلك الممر الطويل المؤدى إلى مسجد الفتح يبتلعهما حتى يتلاشى صوتهما تماما مع صوت مترو آخر يقترب فى سرعة حتى يتوقف مطيرا التذكرة من على حافة الرصيف, الأبواب تفتح.
أقدام تصعد.
أقدام تهبط.
المترو يغلق أبوابه و هو يطلق صفيره ثم ينطلق مرة أخرى.
10/10/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق