سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 3 أغسطس 2013

مقالات أدبية: مرض عصر هضم الكتابة ! بقلم/ مروان محمد


لا يمكن أن يكون هناك عبء يمثل ضغط على صدرى بقدر عجزى عن الانتهاء من الروايتين الباقيتين " ذكريات ما قبل الموت" و " التربة الحمراء", لا يمكنك أن تجبر الوحى على أن يكون تحت أمرك, مهما حاولت استعطافه فأنه يآبى و لا تعرف متى سيرضى عنك ليفتح لك الزنزانة التى تحتوى على كل الكلمات التى تكفى لإنهاء روايتك, أقاوم رغبة ملحة أن أفتح فى روايات أخرى لأنى لا أريد أن أكون مثل ليناردو دافنشى, يبدأ الكثير جدا من الأعمال و لا ينهيها, مات ليناردو دافنشى مخلفا أعمال كثيرة جدا غير مكتملة ألا القليل منها يمكنك عدهم على أصابع اليد الواحدة!

كما أنى لدى عادة سيئة و هى قراءة أكثر من كتاب فى وقتٍ واحد فلا أحاول أن أسرب نفس هذه العادة السخيفة إلى كتاباتى, استعين بمذكراتى أو مروانياتى حتى أحافظ على لياقة الكتابة إذا أمكن قول ذلك, فذهنى و أصابعى يحتجان إلى تدريب مستمر على الكتابة, يجب أن أسجل بشكل يومى خواطرى لعلنى أندمج فجأة فى رواية من الروايتين و لكن متى, كنت أحس أن تلك الأجازة الصيفية ستكون ملائمة جدا للإنتهاء من الروايتين أو على الأقل واحدة منهما, فانا لدى شهرين كاملين !!

أنها المرة الأولى فى حياتى التى أحصل فيها على شهرين كاملين أجازة فهى فرصة لا أعلم إن كانت ستكرر مرة أخرى أم لا, أعلم أن هناك قلة من الناس ستقرأ هذه الأعمال و كلهم لا يكلفون نفسهم خاطر أن يعلقوا على الرواية, ذلك التعليق و لو كان كلمة شكر ينتظره من هم مثلى بفارغ الصبر و لكنه لا يأتى أبدا, يكفى أن تشعر بالسعادة و أنت ترى أن هناك 12 شخص قاموا بتنزيل روايتك أو 150 شاهدوا روايتك و لا تعلم هل قرأوها؟, هل شعروا بالملل منها؟, هل أكملوها للنهاية؟, ما هو أنطباعهم؟

كل ذلك لن تعرفه و لكنى أيضا فى نفس الوقت لا أريد أن أتوقف عن ممارسة الشىء الوحيد الذى أحبه و أتصور أننى أجيده, أعلم أننى أسرف الكثير من الوقت للكلام عن الكتابة و أزمة الكتابة و كيف تكون الكتابة و المعاناة النفسية التى يعانيها الكاتب لمحاولة إنهاء رواية, ربما هذه الفقرات مكررة بصيغ أخرى فى صفحات سابقة و لكنى قررت فى مروانيات أن أكتب كل ما يجول بخاطرى و لا أريده أن يهرب, فالسبيل الوحيد لسجن هذه الخواطر و الإبقاء عليها حية هو تسجيلها فورا, فور أن ترد خاطرة أجلس لأسجلها, لأنها بعد أن تنتهى من العبث برأسى تنتحر فورا فتتركنى بلا ذاكرة , فيما كنت أفكر منذ دقائق؟, تختلط الأمور و تتزاحم الأفكار و لا تترك لدى سوى انطباع عال من الضجيج الغير مفهوم بالمرة.

أشعر أنى مذنب على نحو ما فى تأخرى فى إنهاء أيا من الروايتين, شعور بالكسل, أسرف وقت أكبر على موقعى الثقافى "حروف منثورة"و أحيانا فى مناقشات سياسية غير مثمرة حول الوضع الراهن و الدخول فى جدل طويل مع ألوان مختلفة من العقول التى أغلبها للأسف الشديد يتسم بالغباء الشديد!

الفيس بوك أشبه بأخطبوط يتسلى بحرق كل الأوقات التى كان من الممكن أن استثمرها فى إنجاز أعمالى الأدبية و لكنى للأسف أضيعها فى تلك المناقشات بدون جدوى, بدون نتيجة.

حتى مشروع روايتى المصورة أو بالأدق التى سأقوم برسمها أشعر بأن يدى ثقيلة جدا و لا تريد أن تنصاع لى و تبدأ فى الرسم, كنت أتعذر أثناء شهور العمل فى المدرسة أن ضغط العمل لا يدع مجالا لمزاجى الشخصى أو وحى أو أيا كان أسمه أن يساعدنى فى أنهاء أعمالى الأدبية و أننى فور أن أحصل على أجازة آخر العام سيكون مزاجى رائقا مما يعنى إنتاج غزير, اصطحبت معى اللاب توب من القاهرة إلى الإسكندرية, أنظر إليه على أنه وجبة ثمينة للغاية سألتهمها التهاما فور الوصول إلى الإسكندرية.

أجلس كل يوم إلى اللاب توب و أشعر بأن مشاعرى تنقلب إلى تقلبات معوية ! و لكنها لذيذة فى نفس الوقت, أتخيل نفسى لا اتوقف عن نقر الأزرار على اللاب توب لمدة لا تقل عن ساعتين ثم أنظر بعينين راضيتين عن 60 صفحة أنجزتهم فى أحدى الروايتين و لكن مر شهر كامل بدون أن انجز شيئا ذو جدوى ألا من قراءة عدد من الروايات الطويلة و التعليق عليها من خلال الفيس بوك و كما قلت الدخول بشكل يومى فى مناقشات سخيفة حول الأوضاع السياسة و أسهال شديد فى بوستات فيس بوكية حول الأوضاع السياسة ثم انجرف للرد على التعليقات.

ثم ماذا بعد؟, لا شىء ينتهى كل يوم بدون أن أكتب حرف واحد فى أى من الروايتين, هذا شىء مؤسف بالفعل, أشعر بالغضب من نفسى,لا أملك كل الوقت فى العالم لكى أمارس هذه الرفاهية من المزاجية الحادة و هو أن يفارقنى الوحى أو هذا الشىء اللعين لمدة شهر كامل و أنا غارق فى محاولات مستميتة مستجدية لاستدعائه بدون جدوى, يجب أن يعلم ذلك الوحى أن الزمن تغير تماما و أصبحت وتيرة الحياة أسرع و لا يمكن ان أصبر عليه كل هذا الوقت, عليه أن يعلم أن أجازتى محدودة و سأعود مرة أخرى إلى ضغوط العمل اليومية مما سيقلص من فرص استدعاءه فليس هناك وقت أفضل من هذا الوقت, بقى أقل من شهر الأن و أنا لازالت فى حالة انتظار.

هل الوحى حالة وهمية نخترعها نحن لنتهرب من أن مزاجيتنا الطفولية هى التى تتحكم فينا, نهرب من هذه الحقيقة بإدعاء أن الوحى يستعصى على الحضور. 

ربما و لكن كثيرا ما زارنى الوحى و جعلنى أكتب الكثير من الصفحات بحماس شديد فى كلتا الروايتين و أيضا هذا الألهام أو الوحى ما جعلنى أنهى روايتى شارع الست نخلات التى بدأتها فى 2001 و انهيتها فى 2012 !!, هو الذى جعلنى أنتهى من مجموعتى القصصية و أيضا رواية ثلاث مرات و من ثم قمت بتجميع كل مقالاتى المئة تقريبا فى كتاب تحت عنوان خبر عاجل و لكن و كأن الألهام قرر أن يأخذ أجازة مفتوحة بدون أن يعلن لى متى سيعود, يتعامل معى كأنه المتحكم فى كل الأمور و أنا مجرد إداة لكل خططه الأدبية, مجرد أن أتصور هذا يدفعنى إلى الشعور بالغيظ منه و من نفسى, و لماذا أحتاج إلى الألهام, فالفكرة كلها حاضرة فى ذهنى بالإضافة إلى المشاهد و الحوار, ماذا ينقصنى؟, الذى ينقصنى هو أن أضرب مزاجيتى بالجزمة القديمة !

كنت أتمنى أن أقرأ خواطر إنسان عادى و مذكرات إنسان عادى فقلت لنفسى و لما لأكون أنا فلأكتب عن نفسى و من ثم أقرأ ذكريات و خواطر إنسان عادى و هو أنا.

لا أثق فى نجاح هذه التجربة و لا أعول عليها كثيرا و لا أعلم متى سأتوقف, أتصور أن من يكتب ذكرياته لن يتوقف حتى يموت و لكننا نرى كثيرون يكتبون مذكراتهم و ينشرونها على الملأ و هم على قيد الحياة و كأن البقية من عمره لم تعد مهمة لتدون, كأن وجوده من بعد كتابة المذكرات أصبح تحصيل حاصل, المشهور من هؤلاء يكتب مذكراته ثم يعود إلى دكة الاحتياطى فى انتظار قرار موته!

لماذا لا يكتب كل ما يجول بخاطره و ذكريات أخرى ستتكون لديه حتى يضع رأسه و لا ينتظر أن يرى ردود الفعل على مذكراته, هو سيتركها لمن سيقرأها فيباركها أو يلعنها.

الناس تريد أن تقرأ فى مذكرات الشخصيات العامة و المشاهير مواقف و أحداث مثيرة أشبه بالأفلام , لا يريدون أن يقرأوا سيرة إنسان عادى لأنهم كلهم يعيشونها و لكن ربما لو كتبها البعض و عبر عنها بطريقة يعجز العامة عن التعبير بها لخرجت مثيرة و ممتعة و لربما رأى نفس المواقف التى مر بها فى سياق و من منظور مختلف يدفعه للتساؤل كيف لم أرى الأمر على هذا النحو و قد مررت بموقف مماثل, ثم أن مذكرات الأشخاص المغمورين العاديين تخلق نوع من الحميمية بين كاتب المذكرات و بين القارىء لأنها تتحدث عن مواقف عادية جدا مر بها القارىء ألف مرة فيشعر بالألفة بينه و بين كاتب هذه المذكرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق