سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 4 يوليو 2013

مقالات سياسية: بين شرعية الصندوق و شرعية الشارع " انتكاسات" بقلم/ مروان محمد



الخلاف بينى و بين الداعمون لمظاهرات 30 يونيو أو المشاركين فيها ليس خلافاً على سقوط شرعية مرسى من عدمه, لقد سقطت شرعية مرسى منذ خرج الملايين يعبرون عن رفضهم لحكم مرسى فهو بذلك فقط كل شرعية يمتلكها و لكن خلافنا على سعادتهم الطاغية بانقلاب العسكر على التجربة الديموقراطية .... كانت لدينا آليات ديموقراطية لو كنا اتبعناها لكنا عزلنا مرسى كما حدث و لكن من خلال الآليات الديموقراطية التى أقرها الدستور الذى سواء اختلفت معه أو اتفقت معه و لكنه تم إقراره بنسبة 64% من أصوات الناخبين المشاركين فى الاستفتاء, فكانت هذه هى الشرعية التى نتحكم إليها فى خلع مرسى أما ما حدث من تأييد لانقلاب العسكر على الديموقراطية سيدفع بنا إلى عصر ديكتاتورى, هذا هو محور الخلاف , لأن ما بنى على باطل بالتأكيد لن يقود ألا إلى باطل, كان من الأحرى أن تستثمر كل هذه الأصوات فى صناديق الانتخاب, أما رفض الآخر لصناديق الانتخاب أو الدستور هو محور الخلاف لأننا بذلك نقول للديموقراطية وداعاً و أهلاً بالانقلابات و استعراض العضلات فى الشوارع , نحن الذين نحدد لأنفسنا طريقة بناء الدولة أما من خلال استخدام قوة الشارع أو من خلال الممارسات الدستورية الديموقراطية. 

إذا بدأنا فى رفض نتائج الصندوق إجمالاً فهذا يعنى أننا نرفض إجمالاً الديموقراطية, لأن كيف نحقق الديموقراطية إذا كنا لا نحترم الصندوق و إذا جاء الصندوق بما لا يعجب طرف من الأطراف سيلجأ مرة أخرى للشارع لأننا لم نتفق على أن الصندوق هو الفيصل فى كل نزاعتنا, يجب أن تكون هناك مرجعية لحسم خلافاتنا و هى مرجعيتين أما استعراض قوى الشارع أو الممارسة الديموقراطية السلمية و ما حدث هو استخدام قوة الشارع و تأييد انقلاب عسكرى على التجربة الديموقراطية. 

مرة ثانية هناك البعض يخلط أو يربط بين شرعية مرسى و التجربة الديموقراطية و أنا هنا أفصل تمام الفصل بين شرعية مرسى التى تآكلت حتى أنتهت تماما و بين التجربة الديموقراطية التى تشرح لنا سبل إزاحة رئيس فقد شرعيته, كنت أتمنى أن نسير فى هذا المسار و لكن قدر الله ما شاء فعل و لكن علينا فى المرحلة المقبلة أن نتصدى لممارسات العسكر الغير ديموقراطية بحجة حفظ الأمن المصرى, تحت هذه الكلمة من الممكن أن تقمع الكثير من الحريات بدعوى حفظ الأمن المصرى فهى عبارة مطاطة من الممكن أن تستخدم على نطاق واسع لقمع كل مظاهر الحريات و حرية التعبير عن الرأى و الممارسة الديموقراطية التى نحلم بها.

تنديدنا و إعلان رفضنا الصريح لإيقاف جرائد المؤيدين لمرسى و قنواتهم و رفض الاعتقالات بين صفوف قياداتهم ليس من أجل عيون الأخوان أو من يواليهم و لكن من أجل عيون الديموقراطية و المكتسبات الثورية التى استحققناها من حرية التعبير و عدم جواز قمع الحريات, بدفاعك عنهم أنت تدافع عن نفسك أولاً لأن الدور سيكون عليك فى المرة القادمة بحجة حفظ الأمن المصرى!!
لا أطلب منك أن تكون ذلك الرجل النبيل الذى يترفع عن أن يعامل الأخوان بسوء كما لقى منهم السوء فهذه مثالية قد تبدو للبعض سخيفة مع أنها مطلوبة و لكنى أطالبك بما هو أهم , دفاعك عن حريته هو دفاع عن حريتك أولاً, فهل سنستمر فى غض الطرف عن ممارسات العسكر القمعية باعتبارها أنها موجهة إلى الأخوان فقط, لأن ممارسات القمع عندما يستخدمها طرف من الأطراف مهما كان ملائكياً و لم يجد طرف آخر يقف له بالمرصاد تولد لديه شعور بالديكتاتورية تجعله يكرر نفس الأمر مع آخرين كانوا داعمين له فى وقت من الأوقات.

لا يجب أن نسعد بالانقلاب على الديموقراطية و لكن يجب أن نقف لها بالمرصاد يجب أن نحيط القوات المسلحة علماً بأن التجربة الديموقراطية لن تسرق منا فى ظل عودة الفلول الأن إلى مناصبهم مرة أخرى .

فى ظل محاكمات تبرىء كل رموز نظام مبارك و تعيد الفسدة إلى مناصبهم , فهل سنقف مكتوفى الأيدى معصوبى الأعين أمام هذه الممارسات بدعوى أننا نريد فقط الاستقرار ؟, 
فكروا فى مستقبل أولادنا المعرض لأن يعيشوا فى عهود أخرى من القمع و الديكتاتورية أن لم نقف بالمرصاد لمثل هذه الممارسات.

إن مصير الديموقراطيات فى بلاد الشرق عامة و البلاد العربية خاصة هو أن ينقلب عليها العسكر دائماً, العسكر يكره الديموقراطيات فالعقيدة العسكرية تقوم على الطاعة العمياء و تبغض أى تعبير ديموقراطى داخل مؤسساتها فلذلك لا تتفق طبيعتها و الديموقراطية بأى حال, فماذا نتوقع من العسكر إذا حكموا أى بلد و نحن لنا سابق تجربة فى حكم العسكر فهم لا يفهمون مصطلح الرأى و الرأى الآخر هم يفهمون فقط مصطلح الطاعة و التبعية.

الامثلة فى الانقلاب على الديموقراطية فى بلاد الشرق و البلاد العربية كثيرة فلدينا على سبيل المثال التجربة الديموقراطية التى وفرها سوار الذهب ذلك القائد العسكرى للسودان و تم على أساسها تشكيل حكومة مدنية منتخبة برئاسة المهدى ثم انقلب عليها عمر البشير ذلك الرجل العسكرى و أطاح بها و لدينا تجربة موريتانيا عندما تولى رئيس مورتيانى منتخب مدنى الحكم و أطاح به محمد عبد العزيز ذلك القائد العسكرى و حكم البلاد و لدينا فى الجزائر مثا آخر عندما فاز الإسلاميون فى الانتخابات و انقلب العسكر على نتائج الانتخابات و تمسكوا بالحكم و أيضاً لدينا فى مصر التجربة الديموقراطية فى عهد الملك فانقلب عليها العسكر بقيادة عبد الناصر و أعادونا إلى عصور الظلام الديكتاتورى و فى باكستان انقلب برويز مشرف القائد العسكرى على رئيس وزراء باكستان نواز شريف الفائز حزبه فى الانتخابات البرلمانية و استولى على الحكم لمدة عشر سنوات كاملة و هذا ما حدث فى مصر الأن أياً كانت الأسباب التى أدت إلى الإطاحة بمرسى نتيجة لفشله و هذا حقيقة لا ينكرها أحد و لا ينكر أحد أن الشعب المصرى فى غالبيته ثار على مرسى و استثمر السيسى ذلك و انقلب على التجربة الديموقراطية المدنية و أطاح بمرسى و جلس ليحكم هو مكانه من خلف الستار من خلال رئيس المحكمة الدستورية العليا كرئيس مؤقت للبلاد و تشكيل حكومة ائتلافية من كفاءات كما يقول العسكر و لكن الحقيقة أنها ستكون باختيار العسكر!

و بدأ العهد العسكرى بتعطيل العمل بالدستور الذى استفتى عليه الشعب و حاز على 64% و لم يكن هناك أى مبرر لإيقاف العمل بالدستور استجابة لبعض القوى السياسية من أحزاب معارضة لا تمثل الشارع المصرى فى غالبيته فمن خرج فى ميادين مصر المختلفة خرج للتعبير عنر فضه لمرسى بعد فشله فى الحكم و ليس لرفض الدستور و من خرج منهم يرفض الدستور هم قلة و لا يمثلوا الأغلبية فكيف نقبل أن تفرض القلة رأيها على الأغلبية هذا ضرب للتجربة الديموقراطية فى الصميم, أن تحديد مصير الشعوب لم يعد مرهونا بأصواتهم الانتخابية و لكن تحكم قلة فاشية فى مصير الشعوب بقرارتها الفوقية التى تلبسها فى النهاية أسم الشعب لتكتسب مشروعية هشة و وصاية أبوية مرفوضة و أيضاً أغلاق القنوات المؤيدة لمرسى أو النظام الأخوانى بالكامل و أصدار أوامر باعتقال قيادات هذا النظام بالكامل و وضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية و هذا هو بداية عهد العصف بالحريات مرة أخر.

فأى قناة ستخالف العسكر و إجراءاتهم ستلتصق بها على الفور تهمة تهديد الأمن القومى المصرى 
, هذه عبارة دأب العسكر دائماً على مدار ستة عقود استخدامها, أن كل من يخالفهم فى الرأى يهدد الأمن القومى المصرى.

لا شك أن فشل الأخوان الذريع و ميوعتهم السياسية و طمعهم فى كرسى الحكم هو الذى قادنا إلى هذه المرحلة المزرية و لا يمكن أن نبرأهم بأى حال من الأحوال لما وصلت إليه البلاد و الأن تحريض قيادات الأخوان أنصارهم على الاستشهاد فى سبيل عودة مرسى مرة أخرى إلى الحكم, هذا يدل على همجية تفكير بعض قيادات الأخوان , لأن الصراع لن يكون الأن بين الجيش و الأخوان كما كان فى العهود السابقة و لكن سيكون بين الأخوان و أغلبية من الشعب أصبحت رافضة للأخوان 
الحقيقة أن جماعة الأخوان المسلمين الأن و منذ هذا التاريخ أنتهت رسميا و بشكل نهائى من الوجود السياسى و المجتمعى فكل قرارات عبد الناصر و السادات و مبارك لم تفلح فى جعل الجماعة جماعة محظورة , كانت محظورة فى أروقة الحكم الديكتاتورية فقط و لكنها تحظى بكل تأييد و شرعية من الشعب المصرى بمختلف تشكيلاته و طوائفه و فئاته و لكنها لأول مرة تصبح محظورة فى نظر الأغلبية من الشعب المصرى الأن و هذا هو الذى كتب نهايتها لأن أسوأ السيناريوهات عندما يصدر الشعب قراره بحظر جماعة أو تنظيم أو حركة ما فهى بذلك انتهت إلى الأبد. 
بالتأكيد كان أمام الأخوان فرصة قوية جداً للعودة مرة أخرى للحياة السياسة لو كان طرح مرسى فور انطلاق الدعوات للاحتشاد يوم 30 يونيو أن يخرج بمبادرة تنقذ جماعة الأخوان سياسياً من الطمس إلى الأبد و الأقصاء الشعبى إلى الأبد من خلال عمل استفتاء على بقاءه من عدمه أو انتخابات رئاسية مبكرة و بالتأكيد كان سيخرج الأخوان من السلطة لفترة ليست بالقصيرة و لكنها فى ذات الوقت ليست بالطويلة و لكن كانت كفيلة بأن تعيدهم للحلبة السياسية مرة أخرى و أهم من ذلك تنقذ الجماعة من فرض الحظر الشعبى عليها و لكن تمادوا للأسف فى غبائهم المنقطع النظير و قرروا أن يصعدوا مواقفهم و يتشبثوا بحماقاتهم إلى النهاية ففقدوا أى تأييد أو محاولة للتسامح بينهم و بين الشعب بالمصرى إجمالا.

خرجت الجماعة ليست فقط من الحلبة السياسية و لكن من الوجود الشعبى إلى غير رجعة على ما أظن و أظنهم سيحتاجوا لعشرات السنين ليعودوا إلى أحضان المجتمع مرة أخرى و استطاع العسكر و الفلول أن يستدرجوهم إلى نهايتهم السيئة المحزنة هذه لأنهم أدركوا فيهم الغباء السياسى و كان قمة الذكاء السياسى من العسكر أن أتاحوا الفرصة كاملة لمرسى لأن يخطب فى الناس مرتين من بعد أطلاق دعوات 30 يونيو لأنهم كانوا يعلمون جيداً أن خطابيه الغبيين سيستفزان الناس إلى أقصى درجة ممكنة و يدفع المزيد إلى النزول و هذا ما حدث بالفعل.

لو يمكننا أن نوجه أصابع الاتهام لجهة معينة و نحملها مسئولية فشل الثورة و كتابة شهادة وفاتها فأننا لن نجد غير الأخوان ليتحملوا هذه النتيجة المأساوية لفشل ثورة 25 يناير .

لم يكونوا أهل للأمانة مع الأسف الشديد و المصيبة أن قيادات الأخوان بكل قذارة و دونية استخدمت انصارها و اتباعها المساكين البسطاء و غررت بهم للدخول فى صراع سياسى حولوه إلى صراع دينى و الذى سيدفع ثمنه بالتأكيد اتباعهم المساكين و سيدفعون هذا الثمن من دمائهم 
أشعر بتعاطف بالغ و شديد مع شباب الأخوان و أسر الاخوان البسيطة الفقيرة و أبناء الطبقة المتوسطة الذى سيدفعون ثمن غرور و كبر و عناد قاداتهم و فشلهم السياسى و هذا النظام الوحشى و أقصد به العسكرى و الفلولى لن يرحمهم و سيسلط عليهم البلطجية لينكلوا بهم و سيقف الشعب متفرجاً لأنه يضمر لهم الغل و الكراهية.

و لن تفلح أن نوجه أى دعوة للناس فى الشوارع أن تترفق بالأخوان أو ترحمهم لأن ما رأيته فى الأيام الماضية و ما ألمسه على أرض الواقع هو أن كثير من الناس لا ترحم عندما يسقط الخصم و أنما ينكلون به فهل سيترفع الناس عن هذا؟

يكفى أن كلاب الداخلية سينكلون بالإسلاميين و سيضطهدونهم و يطاردونهم و يعتقلونهم بلا سند من قانون و لن يكون للأخوان البسطاء المعتقلين أى حق إنسانى يذكر فى سجون كلاب الداخلية و أقسامها و سيهانون و سيذوقوا الويلات و للأسف سيغض الغالبية الطرف عنهم و سيعتبرون أن الأعداد التى ستساقط من الأخوان هى مجرد أعداد فى قائمة خسائر التغيير ليس ألا!



ربما أرسم سيناريو مأساوياً أكثر من اللازم و أتمنى من كل قلبى أن يخيب الله كل ظنونى و لكنى لا استبشر خيراً فى ظل حكم العسكر أبدا فقد رأينا منهم عاماً و نصف العام, كانا من أسوا ما يكون 
, أكرر مرة أخرى أن تظاهرات 30 يونيو و ما تبعها من أيام ليست ثورة و لكنها فتنة لم يخرج فيها أياً منا منتصرا و لكن أخشى أن يكون المستفيد الوحيد من وراء كل ذلك هما الفلول و العسكر فقط و أن غداً لناظره قريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق