سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 10 مايو 2012

القصة القصيرة: حكاية الليالى المنسية بقلم: مروان محمد




ملحوظة (1)
كان الملك شهريار مصاب بالبروستاتا ولكن لم يتسرب هذا السر خارج حدود البلاط الا لافراد حاشيته المقربين لانها تعتبر من الاسرار الملكيه المحرمة!!
ملحوظة(2)
مسرور احد افراد الحاشية المقربين للملك شهريار ومؤخرا انضمت الي الطاقم المقرب.....
الليالي التي سبقت الالف ليلة وليلة
(1)
الراوي يقول:
" وكان يا مولاي السعيد ولا اقولك الرشيد احسن !,لا....,ما علينا قام نط الجني الشرير ابو مخ خطير علي......... علي.....!!
"اللهم طولك ياروح وياولية احكي, لحد دلوقتي مقولتيش كلمة واحدة"
"مهو انا يا مولاي مش بعرف احكي,انا بعرف اعمل اكلة حلوة ,اغسلك هدومك غسلة نضيفة!"
"ادن يا ديك الزفت,خلينا نخلص"
لم يكد ينتهي من كلمتة حتي صاح الديك , افتر ثغر شهريار عن ابتسامة عريضة وهو ينادي:
يا مسرور يا سياف.
دلف مسرور متلهفا الي الحجرة الضخمة وعيناه تبرقان بشدة في حين ان شهريار كان يجلس القرفصاء علي فراشه الدائري والفتاة الحسناء تجلس علي طرف الفراش ترتجف في رعبو اتجه مسرور يمسكها من ذراعها اليمني في قوة فصرخت مذعورة تستجدي شهريار الذي ولي وجهه عنها.
كان مسرور قد جذبها عنوة خا رج الحجرة مغلقا بابها في هدوء ليغط شهريار في نوما عميق والديك يعود ليغوص في وسادته الحريرية بشرفة الحجرة.
(2)
مسرور يقول:
شعرت بنشوة بالغة عندما تدحرجت رأس الفتاة علي الارض الحجرية والدماء تسيل في تدفق غزير من عنقها المبتور .
احيانا يقشعر بدني عندما استعيد في خلوتي هذه المشاهد ولكنها في ذات الوقت تزول بسرعة عندما تتاح لي الفرصة للاطاحة براس جديدة.
جميل جدا ان أتأمل سيفي الملوث بدمائها ليس لأن بي حاجة لأشباع شهوة دموية بنفسي ولكن امرا كهذا يعني علاوة أكيدة لذا لن انسي وأنا في طريقي الي البيت هذا اليوم ان اشتري صينية هريسة باللوز والبندق!!
(3)
الراوي يقول:
" أن مكنتش حتجيب لي واحدة مية مية يا مسرور , صدقني حجيب مسرور تاني يطير راسك !,سامع يا كلب!"
غادر مسرور حجرة شهريار يتحسس عنقه فداهم كل أطرافة شعور بالبرد ,مجرد تصور أن رأسه يعبث بها مسرور اخر تكفي لأن تجعله يتبول علي نفسه!!
ملحوظة (3)
كاد شهريار ان ينفذ وعيده بمسرور ولكن في اللحظة الاخيرة تناهي الي مسامع مسرور أن هناك راوية في احدي القري التي تقع جنوب المملكة فأسرع اليها لأن مبرر كذلك كفيل بأن يمد في عمره الذي اصبح علي كف عفريت.
(4)
الراوي يقول:
ترجل مسرور عن حصانه وقد صاحبه صبي دلال اشار بسبابته الي باب الدار ثم مد يده الي مسرور فأسقط الأول في يده ثلاث قطع فضية فغادره الصبي يجري ومسرور يخطو نحو باب البيت وهو يسمع من خلف الباب امرأة شابة تصرخ في صغير ما,طرق مسرور الباب ففتحت له الشابة باب البيت ملامحها تبدو جميلة ولكن مغطاة بعدوانية غريبة, هكذا بدت لمسرور ,هتفت به:
نعم.
اسمك ايه يا بت؟
نعم يا روح امك .
اندهاشه كان منبعه عدم توافق هيئتها التي تبدو رقيقة مغ شراستها التي بدت له مضحكة:
شكلك بيئه خالص انما نهايته.
انت مالك قليل الادب كده.
كان مضطرا ان يكظم غيظه مكررا سؤاله:
اسمك ايه يا زفته, خلصيني.
عيشة.
طيب , علي العموم ,لمي هلاهيلك وتعالي معايا.
لو عايز واحده من اياهم بيت منصور اخر الشارع.
ابتسم لسذاجتها البالغه قائلا في ثقه:
مولاي شهريار طلبك في قصره شخصيا وانا جاي عشان أنفذ الأمر.
التقط من نطاقه قطعه جلديه ملفوفه فضها أمامها قائلا:
وده مرسوم ملكي فيه امر باحضارك.
طوي القطعه الجلديه متجاهلا محاولتها لمد عنقها الطويل لرؤيه القطعه الجلديه مستطردا:
باين عليكي جاهله, علي العموم لمي هلاهيلك وتعالي!
ملحوظه (4)
قام حكيم فارسي يخدم في بلاط الملك شهريار بتأهيل الفتاه بما يتلاءم مع مواصفات جواري القصر الملكي ووهبها اسم والدته المتوفيه....
شهرزاد!!
ملحوظه(5)
لحسن حظ مسرور ان في خلال الشهر الذي استغرقته شهرزاد في تأهيلها علي النحو الجديد,كان شهريار يعاني فيه من مشاكل حاده في البروستاتا حتي انه مرت عليه اياما عديده لم يتبول فيها الا بصعوبه الي ان مرت الزمه بسلام الي حد ما!
(5)
الراوي يقول:
استرق مسرور السمع من خلف باب حجرة شهريار ولكنه لم يسمع اي شئ ولا حتي التذمرات الخافته التي كان شهريار يبعثرها يمينا وشمالا طوال الليل.
رفع حاجبيه وخفضهما في دهشه ,تسلل مسرور الي شرفه حجرته يحاول ان يختلس الانظار الي الداخل ,فهاله ان شهريار يغط في نوم عميق وانامل شهرزاد تداعب خصلات شعره تهمس اليه في صوت رفيق حالم:
وقام البطل المغوار برفع سيفه الجبار ونزل بيه علي رقبه الجني المكار.....
لقد بدأت تباشير الفجر تلون قبه السماء السوداء وتمحو كل حين نجمة أخري من نجوم السماء.
نهض الديك في تثاقل يطلق صياحه ثم يعود ليغوص في وسادته وشخير شهريار يتعالي وابتسامه واسعه ترسم نفسها علي شفتي شهرزاد.!
(6)
مسرور يقول:
"ده اليوم التالت ولا نادي ولا قال يا مسرور, وبكده مفيش لا علاوات ولا مكافات وشكلها كمان مفيش مرتب اخر الشهر وحطلع معاش بدري!"
تلفت براسي يمينا ويسارا اتأكد من انه لا يراني احد وان اهذي فيظن ان بي جنة!
فالسن الخدم القذره لا تنفك عن تكرار ان شهرزاد تحرض مولاي علي طردي بل والي حد اعدامي والحكيم الفارسي يذكرني باستمرار ان شهرزاد علي وشك السيطره علي عقل مولاي.
لا اصدق انني الذي أحضرت هذة المصيبة الي هنا!
أكاد أجزم أن حكاياتها بها سحرا شيطانيا علي عقل شهريار , لابد أنه كذلك.
(7)
الراوي يقول:
ذرع مسرور مكانه جيئه وذهابا ثم توقف ينظر الي الباب في غيظ , غادر بعد وهلة مكانه في خطوات سريعه وقد راودت ذهنه فكرة خبيثة .
اقترب مسرور من وسادة الديك في خطوات مكتومة ثم وثبت اصابع يده اليمني تنتزع احد ريش الديك الذي وثب من مكانه فزعا يطلق صيحات الالم الشديد.
انتفضت شهرزاد في مكانها علي الفراش واعتدل شهريار من استلقاءه يجلس القرفصاء وفي عينيه الغاضبتين علامات استفهام كثيرة.
ايه الديك ابن العبيطه ده, هو بيأدن دلوقتي ليه ؟!
مش عارفه يا مولاي .
هو أحنا بسرعه كده بقينا في اخر الليل.
لا, يا مولاي هو انا لحقت احكي حاجه.
دي مصيبة تانية.
ثم صاح:
يا مسرور .
توقع شهريار ان يأتيه مسرور من باب حجرته ولكنه بدلا من ذلك وجد مسرور يثب اليه من الشرفه يهتف في صوته القوي:
أمرني يا مولاي.
أنت بتعمل ايه عندك في البلكونة يا مسرور ,مش واقف ليه عند الباب.
لازم اغير اماكن الحراسه يا مولاي عشان سلامتك.
ابتسم شهريار معجبا به وهو يرمي شهرزاد بنظرة فخر, فهتفت به شهرزاد:
والديك ده بيدن ليه في غير ميعاده؟
الديك مضبوط علي الساعه يا مولاتي ولكن دماغك هي اللي مبقاش فيها حكايات .
لم يمهلها اي فرصه للكلام وادار رأسه لشهريار يقول:
تحب اطير راسها يا مولاي؟
ارتجف جسد شهرزاد في عنف وهمست الي شهريار في دلال خاص:
مولاي , اهون عليك , دنا لسه عندي حكاوي تانية.
داعب شهريار ذقنه ثم قال:
يظهر ان الديك بتاعك يا مسرور عجز وبقي يخرف ,روح طير راسه
رمي مسرور شهرزاد بنظره جانبية تحمل كل الكراهية التي تضجر بها الأرض أن تحملها ثم مضي مكرها الي الشرفه يقبض علي عنق الديك الذي اطلق صيحات ألم متعاقبة ثم غادر به مسرور الحجرة في خطوات سريعة.
(8)
الراوي يقول:
- مسرور.
انحني مسرور بشدة اماما عرش شهريار ثم انتصب واقفا في اعتداد يتطلع الي مولاه الذي قال:
خذ مكافاة نهاية الخدمة وأبقي تعالي كل شهر خد معاش نهاية الخدمة ومش عايز اشوف وشك تاني , انت طول عمرك عارف أن مش بحب البطالة المقنعة!
تسائل مسرور مصعوقا:
ومين اللي حيطير رؤؤس الحريم يا مولاي .
ان تحمار يا مسرور , ما خلاص يا بني.
حمل مسرور بين ضلوعه كافه المشاعر الانسانية السوداء حتي ظن أن رأئحتها الكريهة تتسرب رغما عنه من مسام جلده, استدار يغادر قاعة البلاط الملكي منكس الراس وقد تأكد تماما ان الأشاعات التي سمعها قد تحولت الي حقيقة مفزعة وليحمد الله انها سارت الي هذا النحو ولم يامر شهريار باحاطة راسه.
-متنساش تسلم سيفك قبل ما تمشي يا مسرور.
عض مسرور علي شفتيه في حسرة والدموع تكاد تفر من عينيه الصفروتين.
(9)
مسرور يقول:
بابا...جبت لي ايه النهاردة معاك؟
أخرس يا ولد ,خلاص أتفقرت.
القيت بجسدي المكدود علي المساند الأرضية في ركني المفضل ودلفت الي صالة البيت زوجتي السمينة ترمقني بنظرة متحفزة وهي تقول:
خير
طلعت علي المعاش.
يا نهار اسود ,نيلت ايه؟
ملحقتش أنيل حاجة
أنا مش فاهمة حاجة
تجاهلتها لأني أعرف سذاجتها الباغة وأخفيت راسي بين ذراعيا وبكيت بصوت مسموع وكلي أمل ان ينتزع هذا البكاء ما يجيش به صدري من مرارة بالغة وغضب هائل.
نظر الولد نحوي وهو يجذب امه من جلبابها ويسالها في بلاهة الأطفال:
هو بابا بيعيط ليه يا ماما؟
ملحوظة (6):
1- شهرزاد تصفي جميع حاشية شهريار الواحد تلو الاخر في صور تتنوع بين حوادث اغتيال ومؤامرات ودسائس.
2- هذه هي الليلة التسعمائة والتسعة والتسعون التي لا يبرح فيها شهريار حجرته الا عند الضرورة القصوي
3- يجزم الأطباء بأن الملك قد شفي تقريبا من مرض البروستاتا الذي لازمه لسنوات عديدة!
4- حاشية شهريار المتشردون يتكاتفون في محاولة للقضاء علي شهرزاد ولكن حتي الان باءت جميع مؤامراتهم بالفشل وأصبحوا من المطاريد المطلوبين احياء أو أموات!
(10)
الراوي يقول:
جلس مسرور الي جوار نافذة بيته الصغير مبتسم الثغر,له ذقن نامية , أشعث الشعر, يغمغم الي نفسه في صوت يحمل نبرة متشفية:
-أيامك الأخيرة خلاص قربت يا شهرزاد الكلب
نظرت اليه زوجته السمينة في حسرة ومصمصت شفتها تقول:
-جري لعقلك حاجة
"كوباية شاي ياولية وكفياكي برطمة , خليني أفكر كويس"
شدة ابنه الصغير من كم جلبابه فنظر اليه مسرور شاردا فساله أبنه في براءة بلهاء:
_ انت بتعيط ليه يا بابا؟!
الليلة اللأخيرة التي تلت الألف ليلة وليلة
(11)
الراوي يقول:
" وبلغني أيها الملك السعيد ذو الراي الرشيد والعمر المديد...."
"كفاية مقدمات يا شهرزاد وخشي في الحكاية علي طول "
دفعت نحوة كأس نحاسي مطعم بالأحجار الكريمة ترسم ابتسامة مهزوزة تحاول أن تصبغها بالدلال والرقة وهي تقول:
طب خدلك شفطة او أتنين وأنا ححكي علي طول
داعب ذقنه ثم قال في ارتياب:
انا كل ما اشرب من كاس المانجا ده أحس اني عايز انام
مولاي ده عصير والعصير مش بينيم
زان الصمت للحظات , تفرس في ملامحها بارتياب مضاعف واشار للكأس في يدها يقول:
طب أشربي أنت الأول
تحول وجهها للاحمرار الشديد وقالت:
هو ده يصح برضه يا مولاي
نام علي الوسادة المبطنة بريش النعام يضع ساقا فوق الخري يقول:
احكي لي حكاية جديدة طيب وسيبك من العصير ده
أثرت الصمت لثوان ثم قالت :
احكي لك حكاية الشاطر حسن والأميرة.....
عارفها , شوفي غيرها
أحكي لك حكايه علاء الدين وال.....
برضة قديمة, عشان تعرفي كل حكايه قولتيها لسة محفورة طازجة في راسي, أنا عايز واحدة جديدة لانج !
ساد الصمت للحظات قطعه ناهضا من فراشه ينتعل خفيه وو قف مستديرا لها يردف :
انا كنت حاسس من زمان ان حكاياتك خلصت عشان كده بتديني مانجا ورا مانجا عشان شخيري يعلي لكن انا صاحي
اجهشت بالبكاء فجأة في حين لوح بذراعه اليمني في الهواء هاتفا في استهتار :
علي العموم انا مليت منك وبصراحه ,عايز واحدة تخلي لياليا كلها حمرا , أصل أنا زهقت من الحكايات !!
أدار رأسه أتجاه الباب صائحا:
يامسرور
ولكن لم يكن هناك مسرور ليلبي النداء فضرب جبينه بكفه الأيمن قائلا في حزم:
مسرور لازم يرجع لشغله من تاني , أنا كان عقلي فين لما طردته,اهو حضطر اسمع عياط لحد ما ابعت حد يجيبه , يادي القرف
نهاية اولي تقليدية
يقال ان مسرور شعر بسعالدة طاغية عندما وصله بأمر الملك وأسرع الي تنفيذ الأمر وعلق شهرزاد علي باب بيته والملامح الأخيرة التي حفرت علي وجهها كانت تعبر عن الألم والفزع والمرارة!

نهايه تقليدية تانية
يقال أن شهرزاد استطاعت ان تهرب قبل ان يصل مسرور بمساعدة أحد ضباط الملك خارج المملكة وروي في رواية اخري انهما هربا الي امريكا وتزوجا هناك ورزقت بثلاثة صبية واربع بنات!

نهاية ثالثة و اخيرة
يقال ان مسرور طلب من شهريار ان يبقي علي حياتها فوافق شهريار بعد ان استطاع ان يحضرؤ له مومس لبناني فايف استار والرسل شهرزاد الي بيته وهناك طلب منها ان تعيد علي مسامعه الألف حكاية وحكاية التي قصتهم علي اذن شهريار!

20-2-2002
الاسكندرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق