سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 23 فبراير 2012

المقالات الفلسفية: فلسفة التنوير و رجل الشارع بقلم/ أميمة محمد



التنوير لفظ نسمعه كثيرا ونتفاخر في التحدث عنه . ولكن كيف نشات فكرة التنوير ؟ او كيف عرفنا هذا اللفظ ومامعناه ؟ وماهي علاقته برجل الشارع ؟ وعلاقته بعملية الابداع ؟

يرجعه البعض الي النصف الثاني من القرن السابع عشر ,وذاع صيته في انجلترا في القرن السادس عشر , ويري البعض انه ظهر اولا عند اليونانيين والرأي الشائع ان القرن الثامن عشر هو عصر التنوير او هو عصر ظهور الفلاسفه .

ولقد عبر كانط عن شعار التنوير وهو" كن جريئا في اعمال عقلك , والتنوير يعني " الا سلطان علي العقل الا العقل نفسة

ومن وجهه نظري اننا اذا امعنا النظر في المقوله كن جريئا في اعمال عقلك سنجد ان القران الكريم قد حثنا علي ذلك فلقد حثنا اللله سبحانه وتعالي علي اعمال عقولنا والتفكير فيما حولنا من ظواهر واشياء وذلك من قبل ان تظهر كل هذه الشعارات التي تنادي باعمال العقل . فمعظم الايات القرانيه تنتهي بكلمات مثل " وتفكروا يااولي الالباب" , " وأفلا تعقلون " وغيرها 

وهناك مقولة في فلسفه ابن رشد هي " التاويل " ويعرفها ابن رشد " بانها اخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية الي الدلالة المجازية "

ولذلك فهو يري ان عند اصدار حكم او قول علي نص ديني او امر ما في الشريعه فانه يوجد احتمالات كثيرة لذلك الفعل , فاذا كان مما سكت عنه الشرع ولم يتحدث فيه فلا يوجد تعارض واذا كانت الشريعه قد نطقت بحكم فيه فاذا كان القول موافقا للشريعه فلا يوجد هناك تعارض واذا كان مخالفا طلب هنالك تاويلة .

والتاويل عند ابن رشد لا يكون باجماع الجمهور ولكنه يكون باجماع اهل العلم فقط .

ولهذا فلقد اخطئ الغزالي عندما كفر الفلاسفه من أهل الاسلام من امثال الفارابي وابن سينا في كتابة " تهافت الفلاسفة "

".والذي يكفر اي شخص فهو يتوهم انه ممتلك للحقيقة المطلقه , ووهذا يعتبر تصلب في الرأي ويعتبر دوجماطيقيا اي انه بذلك يحد من سلطان العقل ويجعل علية حدود .

وانا من رايي انه لا يستطيع احد ان يكفر اي انسان الا اذا اتفق جميع اهل العلم علي ذلك كما ذكر ابن رشد ويكون ذلك في الحدود المنصوص عليها من قبل الشريعه .

وفي نظري فان مقولة ابن رشد عن التاويل هي متشابهه لحد كبير مع مسالة القياس الشرعي والاجتهاد التي حثنا عليها الرسول صلي الله علية وسلم .
ش
وفي بداية القرن السادس عشر في اوروبا اعلن لوثر انه من حق اي انسان ان يعمل عقله في النص الديني اي في الانجيل بدون وجود سلطه دينية . وادي ذلك الي تعدد المدارس اللاهوتيه حيث اصبحت الدوجماطيقية ممتنعه اي احتكار التأويل علي بعض الافراد فقط .

ويري مراد وهبه ان التنوير يسهم في نقد التراث والذي تركز عليه ثقافه الذاكرة , وهذا النقد بالتالي يستلزم تفجير ثقافه اخري وهي ثقافه الابداع والتي اسهمت في احداث الثورة العلمية والتكنولوجية التي هي ثورة التنوير وبذلك يكون الابداع جماهيريا .

ويري مراد وهبه ان رجل الشارع او الانسان الجماهيري او الانسان العادي الغير مميز هو من افرازات الثورة العلمية والتكنولوجية التي أدت بالانسان الجماهيري الي البطالة وهي تهدد المثقفين ايضا .

وهناك علاقه عضوية بين عقل الجماهير وثقافتهم وسياسة الدولة او الحكم حيث انه يسيطر علي الجماهير من خلال الاعلام والتلاعب بسيكولوجية الجماهير حيث اصبحوا يفكرون ويعملون ويشعرون باسلوب متشابه كما قال جوستاف لوبون في كتابة " سيكولوجية الجماهير"

ويري مراد وهبه ايضا ان مهمه التنوير في القرن العشرين هي الوقوف في طريق تعويق الابداع حيث سينتج من ذلك انسان جماهيري مبدع ,ومن هنا فلقد ان الاوان لكي نجعل مهارة الابداع هي المدخل الي التعليم بدلا من ان تكون مهارة تكميلية موضوعه في نهاية سلم المهارات التعليميه.

فالابداع يحتاج الي عقل ناقد لكل ماهو موجود بالفعل في ارض الواقع ولذلك يتحتم علينا البحث عن كل ماهو جديد .

فتعريف الابداع هو " قدرة العقل علي تكوين علاقات جديدة من اجل تغيير الواقع ",وبالرغم من حاجه الابداع الي الثقافه فانه يوجد تعارض فيما بينهم حيث ان الابداع يحتاج بالتالي الي نقد وتغيير لهذه الثقافه . والكشف عن ثقافه اخري جديدة بدلا منها .

واذا كانت مهارات التفكير هي " حل المشكلة ", " وتكوين العلاقات ", " والتفكير الناقد " فان الابداع يقوم علي هذه المهارات الثلاثة ايضا .

ويقول مراد وهبه ان التفكير الناقد هو في صميم التفكير المبدع , وهو يري بذلك انه عندما نهتم بالابداع كأساس او محور هام للعملية التعليمية فاننا بذلك سنغير مهارات التفكير التقليدية وبالتالي سيتم تغيير اسلوب التدريس وتاليف الكتب او التقويم وغيرها .

ومن هنا يمكن القول ان الابداع في حد ذاته ليس جنونا كما يقول البعض , ولكنه تفكير بطريقة مختلفة ناقدة للتفكير التقليدي وانه اذا اعتمد رجل الشارع علي ان يكون مبدعا واتخذ مبدأ الابداع فأن ذلك من شانه انجاح الثورات وتغيير مجتمعه حيث ان المجتمع يقوم علي اساس الرأي العام الذي هو في النهاية رأي الجماهير او راي رجل الشارع .

واذا كان الابداع اساسه النقد وهذا النقد من شأن عملية التنوير والتي تحث علي الجراة في استخدام العقل فان هذا يرجعنا الي عنوان المقال واهميه فلسفه التنوير والتي قد كفر البعض ابن رشد بسببها وبسبب اشعاره لسلطان العقل وانا من وجهه نظري ان ابن رشد قد انحرف قليلا في تمسكه بمساله انه لا سلطان علي العقل الا العقل نفسة لان ذلك من شانه ان يلغي الصفه الالوهية لله سبحانه وتعالي ومن شانه ان لا يضع حدود للتفكير البشري في كل المظاهر والمحرمات من حولنا وبالتالي فقد يدفع ذلك الانسان الي التفكير باشياء لا تصح له ان يفكر فيها ويجعله يتشتت ويمكن ان يصل فعلا لمرحلة الكفر بالله او الشرك بالله .وينحي مناحي من شانها ان تربك وتحير العقل نفسه

وبهذا فلقد اخطا ابن رشد من وجهه نظري لانه لو كان لا سلطان للعقل الا العقل نفسه فنكون بذلك رجعنا الي مسالة احتكار القول اي الدوجماطيقية او توهم امتلاك الحقيقه المطلقه لاننا في النهاية لن نصدق الا عقولنا نحن فنكون بهذا قد شردنا عن المبدأ الاساسي للتنوير ولا نستطيع بهذا ان نصل لمرحلة الابداع

وكما قال هو ( اي ابن رشد )من قبل في مسألة التأويل فيجب عمل حدود لسلطان العقل عن طريق اجماع العلماء في الفكرة او الحكم الصادر عن طريق العقل

وفي النهاية يميل الانسان دائما لان تكون هناك قوانين آلهية تحده وتبين له الطريق حتي لا يبدو تائها في الكون بدون هدف او بدون معرفه لماذا وجد او خلق اصلا ومن شأن ذلك ان يجعله يستقر في الكون الذي يعيش فيه اي ان يحدد هويته ويبقي في مأمن وهو مطمئن لحياته ولذلك لا يجب ان يطلق العقل بدون حدود او سلطان عليه ولكن بالطبع يمكن ان يتجرأ الانسان في استخدام عقله في النقد وبالتالي تحقق الابداع وانشاء ثقافه جديدة بدلا من الثقافه التقليدية كما سبق وان أوضحنا في المقال. .

المصدر : مأخوذ عن كتاب ملاك الحقيقة المطلقة للدكتور مراد وهبه مكتبة الاسرة 1999

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق