لا أعتقد أنّ مستقيماً بإرادته باق في سوريا اليوم، مثلما المنحرف بإرادته مبتعد عنها .سوريا اليوم كنز للروايات السوداء وحلم لكتاب الروايات السوداء، مثلما ابراج دبي حلم للمشاهير .
الروايات الشاذة والمنحرفة تتجسد اليوم على أيدي أمراء الحرب، كل على طريقته. يتفنن في القسوة والعنف، يتجمع حوله كل موافق لهواه، فيأمر باستباحة الممتلكات وفق طريقته وعلى شريعته كلها تندرج تحت مسمى واحد (غنائم) .
يذكر الكاتب السوري المرحوم غسان رفاعي في مقال له تحت عنوان (ابالسة الشر) نشر في صحيفة تشرين قبل ثمانية اعوام ، بأنه في نهاية الحرب العالمية الثانية أقدم صاحب فندق من الدرجة الثالثة على تأسيس دار نشر واسمه (مارسيل دوهاميل) وكان متأثرا بالحياة الامريكية واصدر سلسلة كتب سماها (السلسلة السوداء) واستهل اصداره بمقدمة جاء فيها(سنقدم الى القراء في هذه السلسلة قصصاً جديدة، فيها حب حيواني، وكراهية سوداء، وجشع للمال، وجنون بالسلطة، وتلذذ بالقسوة، وتفنن في القتل، ومطاردات، ومشاحنات، أليس هذا ما يثير اعجاب جيلنا الجديد؟) وأنه أستخدم الأرباح المجنية منها في نشر روايات رصينة.
ويذكر غسان رفاعي في مقالته تلك، وكان يومها مقيما في باريس، بأنه زار معرضا للكتب السوداء ورأى فيها آلاف الكتب بأغلفة سوداء وعناوين صفراء وبصور مرعبة، وكاتب يوقع كتاب له عنوانه(لن تهرب مني، سأحز رقبتك بشفرة حلاقة) ويقول لمعجبين له "مسرح روايتي الجديدة عاصمة في الشرق العربي. انها المكان المفضل للروايات السوداء هذه الأيام: هناك أثرياء متخمون ومفسودون، ونساء شهوانيات متعطشات للمغامرة والمجون، وتجارة أسلحة وعصابات، وقتل وسرقة، ورشوة، ومطاردات في الشوارع والأزقة الضيقة، وطائرات تهبط في الظلام وصناديق مخدرات".
ويختم الكاتب رفاعي فقرته في تلك المقالة بقوله (ولماذا لا نفتخر إذا أضحت المعمورة العربية، بمدنها وصحاريها، وملاهيها، الساحة المفضلة للرواية السوداء، أو ما يسمى «رواية الأوباش!»؟)
لا عجب اليوم ، إن قسم كبير من الوافدين الينا من تلك الدول لممارسة هوايتهم المفضلة وقد صقلتها الافكار المنحرفة القادمة من بطون الغرب والشرق من رومها لفرسها ، فبلادنا لم تكن يوما من الايام مصدرة للمشاكل. بل كانت دوما مصدرة للسلام والامان، ولكنها كانت دوما مستوردة للمشاكل ومستهلكة بامتياز لها .
لقد بات السوري المستقيم اليوم مرتعبا من نفسه، لا يدري إلى أي طرف يميل، مثلما المنحرف بات اليوم طليقا ينتقل كيف يشاء ، ولا عجب أن يكون غالبية القادة مثقفة ومتعلمة واكاديمية فقارئ الكتب السوداء لا يمكن ان يكون جاهلا بالقراءة ، وليس شرطا ان تكون الروايات الغربية السوداء هي المصدر الوحيد، فالأحداث التاريخية السوداء هي المصدر الأهم.
لا مكان اليوم للون الأبيض في سوريا، حتى الأموات حرموا منها. مثلما حرمت المدينة من الألوان فلم تعد ألوان، ونقول للكاتبة رجاء نعمة صاحبة رواية (كانت المدينة ملونة) :
كانت سوريا ملونة . ونقول لها أيضا أنك في سوريا ستجدين وتتخيلين "امرأة ترتعد من الخوف تحب رجلاً يرتعد من الخوف هو أيضاً؟"
فسوريا اليوم، فردوسٌ للمنحرفين وجحيمٌ للمستقيمين
علاء الدين حسو قاص سوري
الروايات الشاذة والمنحرفة تتجسد اليوم على أيدي أمراء الحرب، كل على طريقته. يتفنن في القسوة والعنف، يتجمع حوله كل موافق لهواه، فيأمر باستباحة الممتلكات وفق طريقته وعلى شريعته كلها تندرج تحت مسمى واحد (غنائم) .
يذكر الكاتب السوري المرحوم غسان رفاعي في مقال له تحت عنوان (ابالسة الشر) نشر في صحيفة تشرين قبل ثمانية اعوام ، بأنه في نهاية الحرب العالمية الثانية أقدم صاحب فندق من الدرجة الثالثة على تأسيس دار نشر واسمه (مارسيل دوهاميل) وكان متأثرا بالحياة الامريكية واصدر سلسلة كتب سماها (السلسلة السوداء) واستهل اصداره بمقدمة جاء فيها(سنقدم الى القراء في هذه السلسلة قصصاً جديدة، فيها حب حيواني، وكراهية سوداء، وجشع للمال، وجنون بالسلطة، وتلذذ بالقسوة، وتفنن في القتل، ومطاردات، ومشاحنات، أليس هذا ما يثير اعجاب جيلنا الجديد؟) وأنه أستخدم الأرباح المجنية منها في نشر روايات رصينة.
ويذكر غسان رفاعي في مقالته تلك، وكان يومها مقيما في باريس، بأنه زار معرضا للكتب السوداء ورأى فيها آلاف الكتب بأغلفة سوداء وعناوين صفراء وبصور مرعبة، وكاتب يوقع كتاب له عنوانه(لن تهرب مني، سأحز رقبتك بشفرة حلاقة) ويقول لمعجبين له "مسرح روايتي الجديدة عاصمة في الشرق العربي. انها المكان المفضل للروايات السوداء هذه الأيام: هناك أثرياء متخمون ومفسودون، ونساء شهوانيات متعطشات للمغامرة والمجون، وتجارة أسلحة وعصابات، وقتل وسرقة، ورشوة، ومطاردات في الشوارع والأزقة الضيقة، وطائرات تهبط في الظلام وصناديق مخدرات".
ويختم الكاتب رفاعي فقرته في تلك المقالة بقوله (ولماذا لا نفتخر إذا أضحت المعمورة العربية، بمدنها وصحاريها، وملاهيها، الساحة المفضلة للرواية السوداء، أو ما يسمى «رواية الأوباش!»؟)
لا عجب اليوم ، إن قسم كبير من الوافدين الينا من تلك الدول لممارسة هوايتهم المفضلة وقد صقلتها الافكار المنحرفة القادمة من بطون الغرب والشرق من رومها لفرسها ، فبلادنا لم تكن يوما من الايام مصدرة للمشاكل. بل كانت دوما مصدرة للسلام والامان، ولكنها كانت دوما مستوردة للمشاكل ومستهلكة بامتياز لها .
لقد بات السوري المستقيم اليوم مرتعبا من نفسه، لا يدري إلى أي طرف يميل، مثلما المنحرف بات اليوم طليقا ينتقل كيف يشاء ، ولا عجب أن يكون غالبية القادة مثقفة ومتعلمة واكاديمية فقارئ الكتب السوداء لا يمكن ان يكون جاهلا بالقراءة ، وليس شرطا ان تكون الروايات الغربية السوداء هي المصدر الوحيد، فالأحداث التاريخية السوداء هي المصدر الأهم.
لا مكان اليوم للون الأبيض في سوريا، حتى الأموات حرموا منها. مثلما حرمت المدينة من الألوان فلم تعد ألوان، ونقول للكاتبة رجاء نعمة صاحبة رواية (كانت المدينة ملونة) :
كانت سوريا ملونة . ونقول لها أيضا أنك في سوريا ستجدين وتتخيلين "امرأة ترتعد من الخوف تحب رجلاً يرتعد من الخوف هو أيضاً؟"
فسوريا اليوم، فردوسٌ للمنحرفين وجحيمٌ للمستقيمين
علاء الدين حسو قاص سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق