سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 11 يونيو 2014

قصة قصيرة: الجراح بقلم/ أحمد سمير

فى منتصف الليل ستجرى العملية الجراحية 

سيجري العملية الجراحية شخص لم يجر عملية جراحية من قبل .. شخص يمقت حياته .. شخص غير مرخص له القيام بمزاولة المهنة .. شخص يعرف جيدا ان الامر سيكون طويلا وعسيرا . 

ستجرى العملية فى حجرة رطبة .. اشبه بزنزانه .. اعلى إحدى المبانى المتهالكة .. فى غرفه غير مجهزة سوى بمروحة سقف بيضاء طويلة الأذرع .. 

سيكون الألام لا يطاق .. لا مخدر .. سيتمنى مريضة ان يغوص فى الرمال والوحل ليلحق بضحاياه .. ومامن ضحية وقعت تحت يده الا وكانت نهايتها التراب .. 

حقيبتة .. هى حقيبة طبيب جراح .

أدواته .. هى أدوات كأدوات الجراحة .

قلمه ذات الأبرة الرفيعة .. هو مشرط الجراحة الحاد . 

دفتر ملاحظاته هو مريضه .. ضحيته .. التى تعوى من الألم .

رفع رأسه الغارقة فى العرق .. ورفع اصابع يده النحيلتين .. مضى اكثر من ساعة وهو على هذا الحال .. مريضه فى حالة مزرية جدا بعد أن امتلئت صفحاته بالحبر الأحمر .. 

ها قد انتهى الدم فى مشرط الجراحة وصار الان متعطشاً الى المزيد .. يعرف أن عليه ان يتصرف بسرعة ..

نظر الى زوجته المريضة التى عانت من نوبة حادة من السعال استمرت طوال المساء الى أن تمكنت من النوم .. شعرها الاشعث و صدر يعلو ويهبط مصدرا حشرجة خفيفة .. تذكر كيف كانت تداعبه وتحنوا عليه فى الماضى قبل ان تتحول الى الاستهزاء والسخرية منه .. تذكر كيف وجهت له الانتقادات ، كيف كانت تصيح فى وجهه " ابحث لنفسك عن عمل " ، كيف سخرت منه ومما يكتب ، واستهزائها به أمام اهلها وأهله .. ولم يكن يفتح فمه بل كتم مشاعره داخله .. 

لمعت عيناه ببريق متوحش وبلا اى خوف او ترد قام من مكانه بجسد متعبا لينتزع قلبها المرتعش بقلمة .. راح قلمة يغوص فى جسدها .. قاومت قليلا ثم استسلمت جاحظة العينين .. 

- لن يفتقدك احد يا زوجتى . 

عاد الى مكتبه سعيداً .. وعاد ليكتب , وبعد أن مضى عليه وقت طويل على هذه الحالة .. يكتب .. شعر بالانهاك الشديد ممزوجاً بالشعور بالرضى لقد انتهى من كتابه اول كتاب له .. شعر بالسعاده لانه ساعد زوجته على التخلص من مرضها .. وضع قلمه بعناية بجوار دفتره و تمدد بهدوء على ارضية الغرفة بجوار السرير " سأموت قريبا لاشك فى هذا .. اريد الراحة " . 

شمس يوم جديد فى طريقها الان .. ستخرج من احشاء الليل لتنير الظلام العميق كما اخرج قلب زوجتة لينير كتابة العالم .. لن يرا هذه الشمس و حيث سيذهب لا وجود لضوء الشمس .. فالزمان بالنسبة اليه سيتوقف قريبا ، سيتوقف بالنسبة لجسده اما روحة ستظل تعبث فى المدينة تطارد سكانها ناكرى الجميل الانانيون . 

ستكتب الصحف غدا عن جرائمه .. بعد ان تأتى الشرطة لتفحص منزله سيكتشفون قطط زوجته أسفل ارضية البادروم الصلبة ، سيكتشفون ابن زوجته التى اجبرها على ان تخرجه من احشائها .. بعد ان اقنعها انه قد مات وانه لاحاجه الى الذهاب الى المشفى .. كم يكره زوجته وطفلها .. سيجدونة اسفل عتبه الباب الامامى . 

ستكتب الصحافة عن رجل مغمور غريب الأطوار يعيش على حدود المدينة .. سيكتبون عن شخص خرج من الحياه كما دخلها فقير , معدم لامال لديه , بالكاد استطاع الزواج وبعد خمس سنوات تضع زوجته طفلها الأول ميتا .



سيتحدث الناس عنه لبعض الوقت قبل ان يعود الجميع للحديث عن امور حياتيه اخرى .. كعهدهم دائما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق