سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 8 مارس 2014

دراسات: نثر - شعر: عنصر المفاجأة فى حكاية البيت الهابط لمروان محمد بقلم/ علاء الدين حسو

يخطر في بالك وأنت تقرأ العنوان كمدخل للنص، أن ثمة طريقان للرواية . الطريق الأول ساهمت اللوحة الفنية التي تصدرت الرواية في انطباعه في الذهن وهو أننا أمام بيت هابط اخلاقيا بائس روحيا . عبّر عنه سيطرة اللون الرمادي وخلوه من الالوان الساخنة أو البادرة. وجو مشبّع بالذعر والخوف والاستيلاب. حيث امرأتان الأولى راكعة . لا حول لها ولا قوة، وقد شق فستانها من الخلف ويدها اليسرى في حالة استسلام ، تنظر لجهة مذعورة منه خوفا منه أو عليه. وأمامها امرأة مبهمة المعالم لولا الأرجل والحذاء لخلتها رجلا. وتبدو أصغر سنا؛ ولكنها ليست بتعاسة الأولى . ويوحي- للناظر- انحناء الظهر وانتصاب الشعر على هم كبير وعجز كبير للتحمل . 


وما أن تخطو بقدمك اولى الخطوات لدخول البيت لتسمع مقطع لقصيدة للشاعر صلاح جاهين يتغنى (النخل في العالي ..والنيل ماشي طوالي..معكوسة فيه الصور .. مقلوبة وانا مالي ..) فيسنف الانطباع الذي ولده لك اللوحة الفنية ويدفعك للدخول سريعا للبيت لمعرفة حكايته الذي يبدو ليس بيتا منهار أخلاقيا وإنّما ثمة شيء أخر تتحدث عنه الرواية وما هذا البيت الا نموذج مصغر له.

كتبت الرواية بطريقة سينمائية، تعرض فصولا قصيرة كمشاهد متتالية . كل مشهد يمهد للمشهد الذي يليه. مع تقديم لذة توقع القارئ لما سيحدث حتى انه استخدم الفعل المضارع ليوحي الينا أننا امام رواية مصورة حيث يبدأ بمشهد الجد( الحاج عبد الرحمن على مقعده المتحرك بجوار البيت المفتوح على الشارع، ذلك الشارع الذي يعلو البيت . يراقب المارة ...ترسم تجاعيده الكثيرة ملامح اسى واستحضار لماضي جميل مضى عليه الكثير جدا من الوقت....)

وهكذا يبدأ لنا وصف الشخصيات الرئيسة استطراد مع الحدث. عائلة فقيرة معدمة تتألف من الجد وزوجته وهيبة وابن هو حسن الذي يعمد على قياس كشف الباب لمعرفة مقدار هبوط البيت، وولداه مؤمن وزينب. وأن الجد العاجز يطالب ابنه لجلب البنّاء لتعديل السلالم، ليتمكن من الصعود والخروج إلى الشارع. وتبدأ المشاهد المتتالية لنتعرف إلى زوجة حسن و البنّاء الذي يتهرب من تعديل السلالم ومن ثم وفاة الجد والجدة والبيت في طريقه للهبوط اكثر وعجز حسن من معالجة الوضع .

اذا الحكاية حكاية بيت مرشح للانهيار وهو يهبط تدريجيا والأسرة التي تقطنه تنتمي إلى ثلاثة أجيال . جيل الماضي الممثل بالجد عبد الرحمن المقعد والمرتبط بالكرسي، وزوجته الثانية التي تسيطر عليه وتسخر منه وترفض طلباته ويتمثل برفضها طلبه الدفن في الصالة وتختار أن يدفن في الغرفة الداخلية وتخبر ابنها أن لا يهتم فهو (راجل كبير وبقي زي العيل الصغير)ص 8.

وجيل الحاضر المتمثل بالابن حسن العامل القوي جسديا والفقير ماديا هو عاجز ماديا من اعمار البيت أو اصلاحه ولا يقدر على مواجهة زوجته النمطية، الثرثارة، المتمردة، والمتأففة. التي تطالبه بالتغير ومغادرة البيت ويرفض حسن ويعلل لها بأنه سيموت إن خرج فتقول له (كده كده حنموت يبقى نموت على وش الارض مش تحت الارض) ص9

أما الجيل الثالث فهم الأولاد مؤمن وأخته زينب حيث يمثلان المستقبل الذي يؤمن لجده المحروم من نور الشمس فهو يقوم بتعبئة (نور الشمس في الازازة)ص12

ويموت الجد ويدفن في الغرفة الداخلية وتموت الجدة والبيت في الهبوط ويقرر حسن كحل فتح نافذة في السقف لإنارة وتهوية البيت ليصطدم بقوة مقاول بنى قربه عمارة شاهقة يفشل في التصدي له، وتصل الذروة حين يقرر المقاول بإغلاق تلك النافذة .

اذا توضحت الصورة كما توقعنا وان البيت ما هو الا البيت المصري ، وأن أسماء الشخصيات تعبر عن ذاتها أي ذات دلالة رمزية وهي تعبر عن مضمون كل شخصية ويكاد ينتهي كل شيء وان البيت انهار واغلق وتستعد للخروج ونحن نرثو لحال البطل ونسقطه للوضع المعاش حاليا في أغلب البلاد اتي تشهد تغيرات فتكون الصورة قاتمة كما عبرت عنها اللوحة وأنك ستغني مثلما غنت القصيدة وستخرج وتقول مالك ومال هذا البيت لولا عنصر المفاجأة الذي تقوم حمدية تلك المرأة النمطية المتمردة حين تقوم بالمهمة الصعبة ، فحين ترى انهيار واستسلام زوجها الذي يدهش حين يراها تتجه نحو السدة التي اغلقها المقاول (ثم استمرت في الصعود حتى وصلت الى النافذة ....وهي تنظر الى حسن بعينين زاخرتين بمزيد من العزم والاصرار.....ناوية اكسر في الاسمنت ده لحد ما نطلع لوش الارض)

كان لعنصر المفاجأة دورا كبيرا في رفع سوية النص الذي اعتقد أنه أقرب للقصة الطويلة من الرواية قدمت لنا بصورة لطيفة وممتعة عرض أهم مشكلة في حياتنا الراهنة وقدمت لنا الحل بطريقة معقولة تركت في النفس اثرا طيبا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق