سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

المقالات الفلسفية: احتضار الفلسفة شىء حتمى بقلم/ مروان محمد

كثيراً ما يجول بخاطرى سؤال حول الفلسفة, ما هى أهمية الفلسفة فى الوقت الراهن؟, كل المنتمين إلى الفضاء الفلسفى سواء فلاسفة أو محبى الفلسفة سيذكرون لك عشرات الأسباب التى تقوى من أهمية الفلسفة فى الوقت الراهن و ضرورتها الحيوية فى الإجابة على تساؤلات تأملية هامة و المعترضين على الفلسفة و المناهضين لها سيذكرون لك عشرات الأسباب التى تضعف من شأن الفلسفة اليوم و جدوى استمرارها.

هذا السؤال ليس الأول من نوعه و لكنه جدل قديم و مثار لنقاشات فكرية متواصلة لم تتوقف و لم يقتنع فيها أى طرف من الطرفين بحجج الطرف الآخر حول أهمية الفلسفة فى العصر الحديث.

من المعلوم أن الفلسفة فى العصر اليونانى تعتبر أم العلوم كلها ( الطبيعية و الإنسانية) و لكن مع تطور الحضارات الإنسانية بدأت تلك العلوم فى الانفصال تدريجيا عن مدار العالم الفلسفى و تصبح علوم مستقلة بذاتها, فتحولت الفلسفة مع مرور الوقت إلى مجرد تأملات فكرية و خواطر إذا أمكن قول ذلك مع تحفظ الفلاسفة الشديد على قولى هذا, و لكن إليست هذه هى الحقيقة فى أبسط صورها؟!, ما هو الدور المقدر للفلسفة أن تلعبه فى الوقت الراهن سوى إرهاق العقل البشرى فى مجموعة من التأملات و التساؤلات التى سبق و قتلت بحثاً و فكراً و إجابة عليها و ما يحدث الأن هو إعادة إنتاج لنفس القوالب الفكرية مرة أخرى, حتى أن التكرار فيها أصبح محفوظ و مستنفذ من وجهة نظرى و هذا رأى سيهاجمه أى محب للفلسفة بشدة و هذا حقه و لكنى أرى أن الفلسفة أفرغت من محتواها فى ظل تقزم دورها فى فكرة خواطر فكرية تسمى الأن فلسفة! 

فرانسيس بيكون من أشد المهاجمين للفلسفة و هو يرى أن دور الفلسفة أنتهى من خلال النهضة العلمية الواسعة التى شهدتها أوربا, و يرى أن الفلسفة ركدت ريحها فى حين أن العلم يزداد قوة و نمواً و كان على إيمان قوى بأن العلم قادر على الإجابة على كل تساؤلات البشر و أن هذا لم يعد دور الفلسفة.

و أنا أرى أن الفلسفة تحولت إلى فرع من فروع الأدب ليس ألا, مجرد مفكرة لتسجيل خواطر إنسانية حول أمور شتى فى الحياة. 

و نجد أن الفلسفة بالإضافة إلى أنها تعيد بشكل ممل الإجابة عن تساؤلات فرغ منها العلم أو سبق و إجابت عليها الفلسفة فى عقود مضت, ألا أنها بالإضافة إلى كل ما سبق وقعت فريسة لصراعات مختلقة حول فكرة التلاعب بالألفاظ و محاولة مفتعلة لخلق مفاهيم فلسفية جديدة تكون محور للجدل و النقاش لا تعود على الإنسان بأى نفع يذكر, قد يرى الكثير من المشتغلين بالفلسفة هذه السطور الأخيرة على أنها مؤشر على ضحالة ثقافية واضحة لكاتب المقال و أنا أراها برهان دامغ على خلو موضوعاتهم من أى أهمية حقيقية, الفلسفة الأن لا تساعد فى تقديم حلول لمشكلات الإنسان اليومية أو حتى على المستوى الإنسانى العالمى.

الفلسفة لا تقدم إجابات أو نتائج قائمة على البحث و التجريب و لكن قائمة على التأمل و الاستنتاج و المنطق و الرأى و الهوى و هذا لم يعد مقبولا فى العصر الحالى بأى حال من الأحوال.

لماذا لا يؤمن المشتغلين بالفلسفة أن الفلسفة أدت دورها ثم ماتت و احتضرت و ما يتم الأن هى محاولات سخيفة لإحيائها و إعادة بعثها, فهى أصبحت حالياً جسد بلا روح بل تحولت من وجهة نظرى إلى مسخ يعملون جاهدين على إخضاعه للمئات من عمليات التجميل الجراحية ظناً منهم أن الفلسفة من الممكن أن ترجع مرة أخرى لها أهمية كما كانت منذ قرون ولت.

الفلسفة فعليا ميتة إكيلانيكيا و يجب نزع كل أنابيب الحياة التى تحاول أن تحافظ على هذا الجسد من العفن الذى سيصيبها فور نزع هذه الأنابيب عنها, يجب أن ترتاح الفلسفة و تذهب إلى مقبرتها فى احتفال يليق بها و لا تطل علينا برأسها مرة أخرى لأنها ستكون إطلالة بلا جدوى لأنى كما أرى أن الفلاسفة هم الوحيدين المشتغلين حاليا و المهتمين فقط بالشأن الفلسفى و العالم كله قد انصرف عنهم و لن ينظر ورائه مرة أخرى على ما أظن, الفلسفة تحولت إلى مجرد تراث فكرى مثل غيره من أرث إنسانى فكرى طويل ممتد, يمكن أن نقرأه من باب الثقافة و التعرف على نتاج فكرى سابق و لكن محاولة بعثه و البحث عن أهمية وهمية له يشوه من هذا النتاج الفكرى الذى كان له أهمية يوما ما لم تعد موجودة حاليا بأى حال من الأحوال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق