سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

كلمة الشهر: التاريخ البشرى أكبر خدعة إنسانية - شهر يناير 2014 بقلم/ مروان محمد

النظرة العامة للتاريخ الإنسانى تجعلك تشكك بشكل كامل فى كل ذلك التاريخ الإنسانى فى ظل المقولة الشهيرة أن التاريخ دائما يكتبه المنتصرون فبالتالى هو تاريخ فى السواد الأعظم منه يعتمد على جملة من الأكاذيب, فيضعنا هذا الأمر أمام حقيقة ساطعة كالشمس ستقف أمام أعيننا تبهرنا بضوئها و هو أننا أمام تاريخ إنسانى كامل مزيف!

فضلا عن أن المهزوم يمارس نفس كذبة المنتصر لدى كتابته للتاريخ لينسج الكثير من الأحداث الوهمية التى تبرأ ساحة المهزوم من هزيمته و أن هزيمته كانت قدرا لا مفر منه , فإذا نظرت فى كتابات هؤلاء أو هؤلاء تجد نفسك فريسة لكذبة تاريخية مستمرة منذ آلاف السنين.

على سبيل المثال محمد بن اسحاق هو كاتب السيرة النبوية كتبها فى عهد الخليفة جعفر المنصور الذى طلب منه أن يكتب لابنه المهدى السيرة النبوية, فهل نتصور أن يكتب محمد ابن اسحاق فى السيرة النبوية ما يمكن أن يشين العباس عم رسول الله, أو فيه ما يسىء للدولة العباسية, أو ينصف أى شخص من جانب الدولة الأموية.

هل لو كان أنتصر الأمين على المأمون فى صراعهم على تركة والدهم هارون الرشيد, بماذا كان سيتم وصف المأمون و كيف كان سيعظم الأمين؟!

لو كان أنتصر هتلر فى حروبه على دول الحلفاء, هل كان سيذكر التاريخ الحديث وقتها أن هتلر مجنون و يؤمن بالتنجيم و أنه حاول أن يكون فنانا تشكيليا و لكنه فشل, هل كان سيقال وقتها أن حروب هتلر كلفت العالم 20 مليون قتيل أم كان التاريخ سيلعن دول الحلفاء و ما صنعوه من شرور لا تغتفر فى العالم و أنهم كانوا يريدون أفناء العالم و لكن دولة هتلر النازية أنقذتنا من شرور دول الحلفاء.

لذا أى تاريخ هذا الذى من الممكن أن نثق فيه و كل من شارك فى كتابته تعمد الكذب فيه, حتى التاريخ الحى الذى نحياه اليوم يتم تشويهه من خلال مئات الحكايات الكاذبة أو على أقل تقدير مبالغ فيها, لذا نحن أمام حقل ألغام يسمى التاريخ الإنسانى و الأحداث الصادقة فيه هى مثل أبرة فى كوم من القش, من المستحيل أن تنبش عنها و تصل إليها و تدعى أنك وصلت إلى تاريخ إنسانى بدون تزييف.

حتى تاريخ الأسر الفرعونية و الدول الفرعونية الثلاث هو يحتمل الكثير من الشك, و ذلك لأن الكثير من ملوك الأسر الفرعونية أعتادوا أن يطمسوا تاريخ من سبقوهم و من أبسط صور الطمس أن تجد ملك فرعونى حينما يعتلى العرش يقوم بإزالة أسم الملك الذى سبقه من كل الجداريات و الأعمدة التى تسجل عليها مآثر هذا الشخص و يضع أسمه مكانها ! فبالتالى الملك الذى كنا نعده عظيما ربما هو سرق مآثر و أمجاد ملك سبقه لا نعلم عنه الكثير !

أغلب البحوث و الدراسات التاريخية من جانب المستشرقين أنما قامت لهدف تشويه الحضارة الإسلامية و تاريخ الدول العربية عامة فبالتالى أصبح مجال الدراسات الاستشراقية متهم بالتحيز و التعصب و التوجيه قبل كل شىء.

يمكننى أن أورد مئات الأمثلة التى تعضد فكرة تزوير التاريخ الإنسانى بالكامل, و لكنى أكتفى هنا بما يرد على خاطرى من أجل إيضاح الفكرة بقدر المستطاع لقارىء هذا المقال, نحن أمام كارثة حقيقية أسمها تاريخ إنسانى نتصور أنه يعضد فكرتنا عن الماضى و يجعلنا على اتصال قوى بالماضى و الحقيقى أنه يقدم لنا صورة وهمية عن الماضى لا تعبر عنه فى أى ناحية من النواحى و ما أقوله لا مبالغة فيه.

يكفى أننا نختلف فى التاريخ المعاصر الذى قد يكون مر عليه بضعة سنوات و نبرهن أمام بعضنا البعض بروايات مختلفة حول نفس الحدث و نورد أسباب مختلفة و دوافع مختلفة لنفس الحدث فما بالك بأحداث مرت عليها قرون, هل ما وصل إلينا منها الأن يمكن أن نعده بأى حال من الأحوال أنه يعكس صورة حقيقية أو حتى قريبة مما حدث بالفعل, لا يمكن أن نجزم بذلك, لأن لا يجزم بذلك ألا جاهل أو مكابر.

فبالتالى هل هذه دعوة إلى نسف كل التاريخ الإنسانى السابق, بالتأكيد لا, لا يمكننا أن نلقى بمئات القرون خلف ظهرنا و ندعى أنها لم تحدث! و لكن يمكن أن نظر إلى التاريخ الإنسانى باعتباره كائن مشكوك فى أمره, الظن يداخلنا فى كل رواياته, لم يعد مصدر ثقة كما كنا نتوقعه من قبل.

لا يمكننا أن نقتل بعضنا البعض بعد الأن على تاريخ هو فى حقيقة الأمر أكبر خدعة فى تاريخ الإنسانية, إدعاء أننا نضع إيدينا على تاريخ سليم هو محض إفتراء و معاندة و مكابرة لا معنى لها, و يمر برأسى الأن خاطرة عن الشيعة.

كيف لهؤلاء أن يحولوا تاريخ مشكوك فى صحته إلى عقيدة يدافعون عنها و يؤمنون بها و يكفرون من يخالفها و يقتلون الآخرين دفاعا عنها و هى فى الأصل جملة من الحكايات المشكوك فى صحتها, حدثنا بها راوى لا ثقة له و يمكن إلى حد ما أن أوجه نفس السؤال إلى السنة و لكن أرى أن السنة أيضا لم يحولوا التاريخ و أن كانوا يقدسونه فى كثير من الأحداث إلى عقيدة إيمانية موازية لعقيدة التوحيد كما يفعل الشيعة.

التاريخ الذى نقتتل عليه لألف و أربعمائة سنة هو محل شك فعلى ماذا نقتتل؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق