سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 9 نوفمبر 2013

قصة قصيرة: دهشة غير فُجائية بقلم/ مروان محمد

الروتين اليوم الذى لا ينتهى و لا يتغير أبدا. 
و لو بقدر قليل.
يستيقظ على منبه الموبايل.
يتجه إلى الحمام, يضرب وجهه الغارق فى النوم بالماء البارد.
حتى الشعور بالصدمة و البرودة التى تنتشر فى جسده كله أصبح شىء اعتيادى جدا!
يذهب إلى الدولاب لينتقى الطاقم الذى يرتديه لأول مرة هذا الأسبوع و لكنه سبق أن أرتداه عشرات المرات.
ينظر إلى وجهه, ما الذى يتوقعه؟ 
يتجه إلى الصالة يرتدى حذائه.
"حمدى"
- نعم
" متنساش تجيب أتنين كيلو بطاطس و كيلو بصل و باكو صلصة و أنت جاى من الشغل"
يهز رأسه على الرغم من أن صوتها يأتى من غرفة النوم.
يسحب مفتح الشقة من على " الجزامة" 
يغادر الشقة على عجل و هو ينظر إلى ساعة الموبايل.
مؤكد سيفوته أتوبيس المصنع.
حتى هذا الموقف مكرر إلى درجة الملل.
من الطقوس المملة أن يستقبل هواء الصباح البارد مع قدوم شهر نوفمبر.
يكاد يثب على درجات السلم. 
يقطع الطريق بخطوات سريعة.
يتجاوزها.
يتجازوه.
يهبط مع الطريق المنحدر لأسفل.
من الجيد أن كل المبانى و المحلات فى أماكنها, ليتأكد أنه لن يحدث أى تغيير و لو طفيف فى حياته!
يتباطىء فى مشيه و لا يعرف لماذا؟
عقله الذى أنشغل بفكرة ما تبدو ضبابية تدفع كل أعضاء جسده للتباطؤ.
يتوقف فى منتصف الشارع.
بوق سيارة من خلفه, يتحرك يمينا ليفسح لها الطريق و من ثم يبتسم و يدور للخلف عائدا.
اليوم أجازة رسمية من الدولة لأنها رأس السنة الهجرية.
يشعر بسعادة طاغية أنه وقع على هذا الاكتشاف المذهل.
يشكر ذاكرته المشوشة على أنها منحته لحظة سعادة غير متوقعة.
جميل أن يشعر بدهشة غير فجائية 
كيف يفسر هذا الشعور؟
لم يعد مهما أن يجد له تفسيرا.
الهم أنه يشعر بالسعادة.
و أنه لن يذهب للعمل.
الاستياء يعم ملامح وجهه لأنه تذكر أنه أضطر لأن يستيقظ مبكرا فى يوم أجازته.
يتوقف مرة أخرى و من ثم يدور مرة أخرى و يسير فى خطوات هادئة إلى قهوة على ناصية الشارع, يجلس عليها, يطلب شايا و من ثم يقلب فى أرقام موبايله, يطلب رقما.
- أيوه يا أبوحميد, معلش عشان صحيتك من النوم.
يستمع إلى صوت محدثه الحانق بابتسامة واسعة ثم يقول:
- عارف أن النهاردة أجازة بس أنا قاعد على القهوة ما تنزل نلعب دور طاولة.
جسده يهتز من الضحك و صوت محدثه يعلو أكثر ثم يقول:
- يا عم مش مجنون لما تيجى ححكى لك و الله أنا أكتشفت لأول مرة فى حياتى أن الصبح ده جميل يا عم.
يضحك بصوت عالى و هو يعقب على صوت محدثه:
- يا عم مش مسطول, طيب و الله بكلمك بجد, طول عمرنا بنروح الشغل الصبح و عمرنا ما أخدنا بالنا من الصبح, و الله ما حتندم ألبس و تعالى بس.
يهز رأسه مرات ثم يقول:
- طيب خلص حمامك بسرعة و تعالى, ده أنت بيتك ورا القهوة أساسا حتمثل.
ينهى الاتصال و هو يأخذ كوب الشاى من يد القهوجى الذى يقول له مداعبا:
- صاحى بدرى فى يوم الأجازة.
- ريحة الصبح حلوة.
لم يعلق القهوجى و تركه عائدا للداخل, فى حين أرتشف هو رشفة من كوب الشاى و ابتسامته تتسع مع تفتح جيوبه الأنفيه لرائحة كوب الشاى و هدوء تام يعم الشارع.
يضع كوب الشاى على المائدة.
الدخان يتصاعد من كوب الشاى خفيفا يكاد يكون غير مرئى.
يهتز كوب الشاى نتيجة لاصطدام جسد حمدى بالمائدة و هو ينهض, يسأل القهوجى عن الحمام.
سطح كوب الشاى يعود إلى السكون مرة أخرى.
خيط الدخان الغير مرئى يذوب فى الهواء و ذبابة تقف على حافة المائدة.
8/11/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق