سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 26 أكتوبر 2013

مقالات أدبية: «قواعد العشق الأربعون» لإليف شافاق بقلم/ أحمد السيد سابق


الانتهاء من «قواعد العشق الأربعون» لإليف شافاق زي الانتهاء من أجازة ممتعة وطويلة في منتجع تركي-فرنسي الطابع مطل على المحيط، لتواجه بعدها عالم الشغل المؤسسي الممل الخنيء، القائم على السستمة وغسيل الدماغ والضغط العصبي وانعدام الأمان. 
عمل جاوز الحد في نواحي الفن والأخلاق والفِكر. أركان متكاملة، وفابريقة بره وجوة، وتقفيل ما يخرش المية. حاجة تعقد فعلًا. دنيا كبيرة في كتاب، تعيش معاها وأنت في المواصلات العامة، وأنت ماشي لشغلك، وأنت راجع من شغلك، قبل ما تنام وبعد ما تصحي، وأنت في البريك اللي محسوبة عليك بالدقيقة. 
كل جملة "متصممة" بشعور مرهف وموهبة خالصة، ومطبوعة قدامك وفاتحة دراعتها عشان تستمتع بيها مرة واتنين وتلاتة، كأنها منتج جميل ملفوف في ورق سوليفان، ومرصوص بنظام على أرفف متوازية، في ماركت كبير من قزاز، بيمر عليه النهار والليل والشمس والغيم، على حسب مود الحدوتة. 
ومع إن الرواية من وجهة نظر "المتزمتين" دينيًّا (من أمثالي) مليان هتش وتخريف يقترب لحد الابتداع والهرطقة، وتصرفات لا يقبلها العقل السليم من أناس مختلي الإدراك (في سياق متناغم تمامًا مع سير الأحداث)، إلا أن مهما كانت خلفيتك ووجهة نظرك، لا تملك إلى أن تسلم نفسك لروعة الحكاية وسلاسة الأسلوب وجمال روح الكاتبة الطافح من كل كلمة (لو أنت قارئ محايد).
«قواعد العشق الأربعون» عمل ينضّف الدماغ، ويمثل نقطة مضيئة في عالم الآفات وطفح المجاري اللي إحنا عايشين فيه الآن، وفيه كل مكونات النجاح في الرواية المعاصرة، من قتل وجنس ودعارة ومتطرفين ومنافقين وسكارى، لكن مقدم بطريقة راقية وإحساس مرهف (مع كامل الاحترامات للروايات البشعة والصادمة).
شكرًا لإليف شافاق اللي أبدعت منتج ألذ من الشيكولاته وأنعم من الآيس كريم وأحلى من العسل المُصفّى، وأفيد منهم جميعًا، لأن في الوقت اللي فيه الشيكولاتة والآيس كريم والعسل ينتهوا للمعدة والمصارين، ويتحولوا في النهاية لغازات وفضلات، منتج إليف شافاق بيروح للدماغ فورًا زي المخدرات، وينخشش فيها للأبد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق