سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 26 سبتمبر 2013

القصة القصيرة: مجنون بقلم/ سليم عوض عيشان


تنويه :

أنا لا أقصد بنصي هذا أي بعد سياسي بالمطلق .. ولا أقصد بالطبع أي حكم أو حاكم في أي دولة عربية أبدًا .. فالحمد لله بأن كل الحكام العرب في كل دول العرب ... يتركون كل الشعوب تتمتع بالديمقراطية المطلقة .. والحرية الكاملة .. والأمن .. والطمأنينة .. اللهم إلا إذا رأى القارئ الكريم غير هذا ؟؟؟!!! ...
وعليه .. فأنا لست مسئولا عن أفكار وآراء الآخرين من القراء ..
فنحن نعيش في بلاد العرب واسعة الحرية .. شديدة الاعتزاز برأي المواطن واحترام حريته ؟؟؟!!
وعليه .. فإنه لا يمكن .. بل من المستحيل ... أن يصفني أحد الحكام العرب .. بأنني .. " مجنون " !!!
( الكاتب )


" مجنون " ؟؟!!

سيدي الطبيب ... أنا لست معتوهاً ... لست مجنونا بالمطلق يا سيدي ...
فأنا " دكتور " .. نعم .. " دكتور " .. مثلك تماما ... ولكن الفرق بيننا بأنك دكتور .. طبيب نفسي ... أو لعلك .. طبيب نفساني كما يحلو لبعض المتحذلقين القول .. بينما أنا .. دكتور أكاديمي .. أعمل محاضرا في الجامعات المحلية .. والعالمية على حد سواء ... ولديّ الشهادات العديدة التي تثبت بأنني محاضر بارع .. محاضر ممتاز .. محاضر راقي ... الكل يشهد بهذا ... والجميع يعترفون بذلك .. الجامعات المحلية والعالمية تشهد بذلك أيضا .. قاعات المحاضرات .. الطلبة الجامعيين .. المحافل الدولية .. المؤتمرات العالمية .. الكل يشهد بهذا ... لا احد منهم اتهمني بالجنون ذات يوم .. ولم يرَ أي إشارة تنم عن جنوني .

الجميع .. يشهدون لي برجاحة العقل .. بالتعقل والعقلانية .. والعقل .. وكل لفظ يشتق من كلمة .. العقل .... الكل يشهدون بأنني " مفكر " .. متزن ورزين .

لماذا تحملق بي هكذا سيدي الطبيب ؟؟!! .. أرجوك .. تكلم .. أرجوك قل شيئا .. قل أي شيء ... ألا تصدقني فيما أقول ؟؟ ..

انظر .. انظر يا سيدي .. ها هي الشهادات العلمية والأكاديمية .. ومن أرقى الجامعات المحلية والعالمية .. ها هي شهادات الخبرة والكفاءة العديدة ... والتي تؤكد صدق حديثي إليك ...

أرجوك يا سيدي .. أرجوك .. لا تنظر نحوي هكذا...فنظراتك الغريبة هذه تقتلني ... أرجوك يا سيدي .. كل ما في الأمر .. أني أريد منك أن تصدقني ... لا لشيء .. إلا لأن هذه هي الحقيقة .. ولأن أولئك المسئولين في أبراجهم العاجية .. وقصورهم المذهبة .. وأولئك الذين يشغلون المناصب الرفيعة في الدولة .. قد أوهموك بأنني " مجنون " .. وحشوا ذهنك بهذا الأمر الغريب ..!!!

أنت لا تريد أن تصدقني رغم الأدلة والبراهين العديدة التي شاهدتها بأم عينك .. لا لشيء .. إلا لكي تثبت لهم بأنك الرجل المخلص الأمين لهم !! .. الموالي لهم !! ..

صدقني يا سيدي .. بأنني لست " مجنون " البته .. عليك فقط أن تعود وترجع لكل المراجع الأكاديمية في معظم دول العالم .. وإلى النشرات الدورية والصحف العالمية المختصة ... التي كنت – وما زلت – أنشر فيها محاضراتي وأبحاثي التي يشهد الجميع بأنها الأروع .. الأرقى ..

أرجوك يا سيدي الطبيب ... لا توجه بصرك نحوي هكذا بجنون ... نظراتك الغريبة هذه تخيفني ... ترعبني .. تقتلني ... أرجوك .. أشح بوجهك ونظراتك الجنونية هذه بعيدا عني .. أرجوك يا سيدي .. قل شيئا .. تكلم .. فأنا لست " مجنون " .. لست " مجنون " يا سيدي الطبيب ..

ألا تصدقني ؟؟ .. هل ما زلت تشك في قدراتي العقلية والفكرية والذهنية .. ؟؟ ... سوف أثبت لك بأنني أتمتع بطاقة كبيرة وذخيرة ضخمة من المعلومات في الفكر والعلم والمعرفة ...

هل تود أن أسرد عليك أسماء كل الكتب الأدبية والثقافية والفكرية والدينية والعلمية التي قام كل العلماء العرب والأجانب بوضعها ...؟؟ .. هل تريد أن أذكر لك تلك القائمة الطويلة من أسماء العلماء والأدباء والمفكرين ورجال الدين على مر التاريخ والعصور ؟؟؟ ... هل تريد أن أذكر لك كل تلك الاكتشافات العلمية والطبية والفلكية منذ بدء التاريخ وحتى الآن ؟؟ هل تريد أن أذكر لك كل هذا كي تصدقني ؟؟؟ .. لو أردت أن أفعل .. فسوف أذكرها لك كلها وأكثر ..

وقبل هذا وذاك .. هل تود أن أذكر لك كل الكتب والمراجع التي قمت شخصيا بوضعها .. ونشرها في شتى أنحاء العالم .. والتي تُدرس الآن في أرقى الجامعات المحلية والعالمية ؟؟

هل أنت بعد كل هذا ما زلت تشك بأني " مجنون " ؟؟؟!!!

حاول يا سيدي .. حاول أن تُحكم ضميرك قليلاً في هذا الأمر ... حاول ن تُحكم العقل والمنطق .. حاول أن تتمرد للحظة على أولئك الظلمة العتاة والمتحكمين الجناة .. والذين أصدروا إليك تلك التعليمات المدسوسة المشوهة ... حاول أن تتمرد على تلك المعلومات الخاطئة المغلوطة التي تلقيتها من السلطات العليا .. والتي دست عليك دساً معلومات خاطئة .. بأنني " مجنون " ... والتي لا تمت إلى الحقيقة بصلة ...

فإن من فعلوا ذلك لهم مأرب في الأمر .. بل قل .. مآرب .. ولو أردت أن أسرد عليك مآربهم لطالت جلستنا هذه لساعات وساعات طوال .. .

أرجوك .. أرجوك يا سيدي .. لا تصمت هكذا .. أرجوك يا سيدي .. قل شيئا .. تكلم.. قل شيئا بالله عليك ..

أرجوك يا سيدي .. لا تحملق بي هكذا .. أرجوك .. لا تصمت هكذا ...
فأنا دكتور .. بروفيسور ... محاضر جامعي كبير .. أنا مثقف .. متعلم .. أنا عالم .. أنا مفكر .. ..

لأول مرة ... ينطق الطبيب بالكلمات المتلاحقة .. وهو يرشقها كرشقات المدفع الرشاش في وجه الدكتور المحاضر .. وهو يوجه حديثه ونظراته النارية نحوه ... هاتفا بابتسامة غريبة :

- " طالما أنت تفكر .. إذن .. فأنت .. مجنون "؟؟؟؟!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق