سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 12 أغسطس 2013

القصة القصيرة: غرفة بلا أبواب بقلم/ محمود الجعيدى



صداع قوى ضرب رأسي بلا رحمة عندما فتحت عيناي.
مئات المطارق التى راحت تدق على جمجمتى بلا هوادة.
لا يمكنني أن أرى شيء
ظلام ...
ظلام دامس لا يبدده أى بصيص من النور...
أشعر أننى أسبح فى بحر من العدم بلا أى حواجز.
أين أنا ؟..
تحسست بيدي المكان ...كنت ملقى على الأرض لذا لن أحاول النهوض حتى أتبين ما حولى.
أزحف بحذر ...
الأرض كانت عارية خالية من أى غطاء
صلبة ...
باردة ...
القشعريرة تسرى فى جسدى.
أسمع أنفاس أشخاص حولي...
أنفاس تبدو منتظمة قليلا ...
هناك أيضا ما يشبه آنين يأتى من مكان قريب منى.
أنا لست بمفردي...
تحسست بيدي فارتطمت بما يشبه وجه...
وجه إنسان.
يا ألهى من هنا.
قفزت إلى الخلف وأنا أصيح.
- من هنا.
صوت ضحكة مخيفة تصل إلى..أحسست بالخوف...عدت أصيح
- من أنت.. أجب.
الصمت هو ما أجابنى.
الآنين يزداد.
المكان أشعر أنه يزداد ظلمة وبرودة...ما الذى أتى بي إلى هنا؟
آخر ما أتذكره هو ركوبي سيارتي متجها إلى عملي.
مهلا ...هناك ما يبدو أنها نافذه بالقرب من السقف.
أستطيع أن أراها الأن...نور بسيط بدأ يتسلسل منها فأظهرها لى.
لحظات وبدأت أستطيع أن أرى من حولي..ما زلت أشعر بالخوف
مجرد رؤيتي لما أصبحت فيه لم يعطينى الأطمئنان الذى كنت أتمناه بل على العكس زادني رعبا.
أقف فى وسط غرفة صغيرة بلا أثاث و بلا أبواب.
نعم بلا أبواب.
كيف ذلك غرفة بلا أبواب.
هناك فقط تلك النافذة الصغيرة العالية...الوصول إليها صعب كما أن حجمها يجعل الدخول أو الخروج منها مستحيل.
أذن كيف دخلت إلى هنا.
أيضا من هولاء الذين معى.
هناك ما يبدو شخصان آخران معى.
الأول رجل كبير السن يجلس القرفصاء فى أقصى الحجرة والهدوء يبدو عليه.
يبدو أنه الشخص الذى تحسست ملامحه.
الثانى شاب ملقى على الأرض فاقد الوعي وأحيانا يصدر منه آنين مكتوم.
بدأت أستوعب الموقف قليلا...لابد أن أفكر فى كيفيه الخروج من هنا.
اقتربت من العجوز وأنا أتأمل ملامحه الهادئة.
- أين نحن يا سيدي؟
ارتسمت على شفاهه تعبير غريب أقرب إلى الأبتسامة.
لم يرد عدت أسأله.
- من أين أنت؟ ... هل تعرفني؟ ... كيف نخرج من هنا؟ ....هل تعرف من اتى بي ؟ ....لماذا لا ترد؟ ...أجب بالله عليك ...
أمسكته من كتفه محاولا أرهابه لأجباره على الكلام.
- هل ستتكلم أم ... 
قطعت كلامي عندما سمعت صوت الشاب من خلفي وهو يتحرك...يبدو أنه استعاد وعيه.
ألتفت إليه ربما أجد لديه الإجابة
- أين أنا؟
كانت تلك أول كلمة خرجت من فمه مع مزيج من ملامح الخوف والتعجب...
لا أعتقد أنه يعرف شيء عاد يقول
- ما الذى أتى بي إلى هنا؟
أجبته
- صدقني أنا مثلك ولا أعلم أي شي, هل تتذكر شيء؟
رد قائلا:
- كل ما أتذكره هو أنني كنت أركب دراجتي وأسير فى الشارع ثم بعد ذلك فوجئت بنفسي هنا.
صمت للحظات ثم أشار إلى أعلى مستطردا و كانه وجد المخرج
- هذه النافذة.
نعم النافذة أنها الحل الوحيد للخروج من هنا لكنها صغيرة.
عاد يكمل:
- أحملني على كتفك لعلى أرى أحد نطلب منه المساعدة
نظر إلينا العجوز وضحك لكننا لم نعبأ به.
لن نقف ساكنين فى انتظار المجهول.
حملت الفتى على كتفى فأصبح وجهه فى محاذة النافذة راح يصرخ بكل قوته و بصوت عالى ممزوج بالخوف
-النجدة ...النجدة.
قلت له وكتفاي تائنان من الألم بسبب وزنه.
- ماذا ترى؟
لم يجب على و كأنه لم يسمعنى
عاد الصداع يضرب رأسي من جديد ومعه ومضت دقائق أخرى من ذاكرتي المفقودة.
تذكرت نفسي وانا اقود السيارة متجها إلى العمل.
كنت أتحدث فى الهاتف غير منتبه للطريق وفجاه اعترضت طريقي  دراجه مسرعة...
دراجه عليها شاب...
نعم أتذكر الأن..
شاب مثل الذى أحمله على كتفى..
لا أنه ليس مثله..
أنه هو..
هو..
قفزت تلك الصورة إلى ذهني كالقنبلة مع صوت الفتى وهو يقول بتوتر:
- لا أرى سوى شواهد قبور.
أصبح كل شيء واضح الأن..
لم أعد خائف..
أدركت الحقيقة..
نحن داخل مقبرة..
نحن ...
أموات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق