قرأت خبر أن القضاء الليبي قرر إعدام سيف الإسلام القذافى و القضاء المصرى الشامخ مستمر فى مهرجان البراءات بالجملة لقتلة الثوار فى مصر, فقلت فى نفسى , كيف ليبيا تنجح و نحن نفشل ؟!
الإجابة على فكرة بسيطة جدا و لكننا كالعادة قررنا دفن روؤسنا فى الرمال و لا نريد أن نقولها, ما حدث فى ليبيا ثورة حقيقية و الذى حدث فى مصر ثورة حتى العصر !!
ثورة لم ندفع ثمنها أصلا !!
هذه هى الحقيقة, الثورة التى نقول عليها أنها أبهرت العالم و أصبحت هذه الكلمة مثل العلكة فى فم كل الناس يرددونها بدون فهم و سذاجة بالغة و من العيب أن نقول عليها ثورة بمعنى الثوارات المتعارف عليها فى تاريخ العالم كله.
نحن فعلا لم ندفع ثمن حقيقى للثورة , سلمنا مع أول صفعة و قلنا حرام , البلد ستضيع, و جلسنا نولول على خسارة لم نخسرها للأسف.
نحن لسنا حتى بربع بطولة و شجاعة و إخلاص الشعب الليبى الذى مات منه الألاف و مفقودين بالألاف و جرحى بالألاف و معركة حربية وحشية بربرية قادها معمر القذافى لأكثر من ستة أشهر يدك فيها البلاد و يسويها بالأرض بمن عليها!!
ماذا دفعنا نحن فى سبيل حصولنا على حريتنا و القضاء على الفلول؟, حقيقة نحن لا شىء فى ميزان الثوارات, لم ندفع أى شىء, الثورة السورية ستدخل فى عامها الثانى فى ظل قتال وحشى بربرى و صمت عالمى مرعب و قتلى و جرحى و ذبح و قتل بالألاف و مدن دمرت بالكامل و تم تسويتها بالأرض و لازال الأمل بعيد المنال فى نيل حريتهم و إسقاط نظام بشار الدموى.
و لازال الشعب يثور على الحاكم و لم يوقفه كل هذا الدمار و القتل الوحشى و لا صرخ مولولا على الاستقرار و نعيمه..... نحن لن نكون أمة تضحك من جهلها الأمم فقط و لكن سنكون أمة تشمئز من جبنها الأمم, أمة ارتعدت و ارتعشت لما سقط المئات و أطلق بعض الكلاب من السجون و ضيقوا علينا فى العيش قمنا نصرخ و نولول أن حرام و كفاية كده!!
و بعد ذلك نندب و نقول الثورة فشلت .... كأن ليس هناك ثورة فى البلد حدثت... الأوضاع كما هى.
أمة ثورتها حتى العصر ماذا تتوقع أن تحصد؟!
أمة لا تغضب عندما ترى بأم عينها اللى يطس فيها رصاصة المجرمين و القتلة يأخذوا أحكام البراءة ككارت معايدة و لم تنزل إلى الشوارع لتثور و تردد بكل غباء احترام القضاء و هيبة القضاء!!
أمة ثارت لتهدأ و تحكم مرة أخرى بنفس منظومة من ثارت عليهم و تحترم قوانينهم و أحكامهم!!
يا أمة الخيبة و الغفلة !!
هل سمعتم يوما عن أمة أو شعب ثار ليسقط نظام بالكامل ثم يهدأ ليسير فى ركب نفس النظام؟!!
مجلس شعب الثورة يناقش قانون العزل السياسى ليعزل بضعة أشخاص فقط عن ممارسة الحياة السياسية ثم يقبلون بحكم محكمة مبارك الدستورية أن تطعن فى دستورية القانون و تسكت و تحترم أحكام محكمة مبارك الذين ثاروا عليه!!
هل هناك أمة أجهل و أخيب منا؟
أمة لها رموز غير وطنية من ورق و كرتون عطن الرائحة يدفعون بأنصارهم كالخراف لمحاسبة الرئيس على المئة يوم الأولى ثم تنقلب المظاهرة التى تنتهى فى وقت آذان العصر إلى سوق للدعاية الانتخابية للتيار الشعبى.
أمة من الخراف تنزل إلى الطرقات لتثور على أحكام البراءة فى موقعة الجمل ثم تهتف باسم الرئيس و مساندة الرئيس و الوقوف خلف الرئيس !!!
أمة تضع سقف و توقيت محدد لثورتها.
أمة تمركز الثورة و تجعلها فى ميدان التحرير فقط.
و كل حزب فرح بما لديه من أعداد يبرزها أمام الكاميرات فى ميدان التحرير فقط و بضعة مسيرات مئوية فى شوارع القاهرة و دمتم.
نصرخ من مركزية الحكم ثم نمركز الثورة أيضا فى ميدان التحرير و نضع لها مواعيد كبرامج الفضائيات!!
تيار ليبرالى جل همه هل ستطبق الشريعة على حرية الرقص و المايو فى البلد أم لا؟!
و تيار إسلامى يرى فى الإبقاء على مبادىء الشريعة الإسلامية فى الدستور الحالى ضياع لهوية الأمة الإسلامية.
و ينسى تماما كل الأطراف أو يتناسوا عن عمد أن هناك مواد دستورية كارثية فى الدستور تكرس لتفرد و تميز المؤسسة العسكرية و خلع أى مظهر من مظاهر الرقابة المدنية عليها.
أمة لا تجعل لمنظمات المجتمع المدنى أى صلاحية للرقابة على أقسام الشرطة لمتابعة ملف حقوق الإنسان و انتهاك ضباط مبارك لكرامة المواطن المصرى داخل الأقسام و الأمثلة بعد الثورة و حتى الأن أكثر من أن تعد و تحصى !!
أمة فشلت حتى الأن فى أن تدير الدولة بأيدى جديدة غير الأيدى الملوثة بالفشل و الفساد فنصف طاقم الحكومة الحالية من أعمدة النظام القديم و طرح فكرة تطهير القضاء و الداخلية للنقاش أصبح خط أحمر لا يحتمل المناقشة.
أمة تدلل مسجونيها من الفسقة و الظلمة و اللصوص و الفاسدين و تتعامل بكل حزم و قوة و غلظة مع أبنائها المساكين.
أمة يرتع و يلعب فيها أحمد عز من داخل محبسه متنعما بكل أمواله هو و من على شاكلته من الحيتان الكبار و كأن الثورة لم تعرف الطريق إليهم .
لازال حيتان مبارك من رجال أعمال و غيرهم من كبار رجال الدولة الذين سرقوا البلاد بجنون على مدار ثلاثة عقود لم تمس أموالهم و لم يؤخذ منها قرشا واحدا و نحن فى ظل الثورة كان لابد من إصدار قوانين ثورية تأمم كل أملاك الحرام لهؤلاء.
عبد الناصر أمم كل الأموال الحلال لرجال كسبوا أموالهم بعرق جبينهم و بطرق مشروعة و مصر الثورة الأن تعجز عن تأميم أموالها التى سرقت منها!!
هذه أمة الخيبة و الغباء.
و كل هذا لماذا؟ لأن أى قرارات من هذا النوع ستكون مخالفة للدستور و القانون و ستجلب سخط قنوات الفلول الفضائية على سيادة الرئيس الذى يرتعد لأى كلمة نقض أو هوجة سب و قذف !!
ليبيا بدأت تستعيد أموالها المنهوبة فى الخارج و مصر حتى الأن لم تستعيد قرشا واحدا من أموالنا المنهوبة فى الخارج و اتهامات متبادلة بين بريطانيا و الحكومة المصرية على عنوان البريد !!!
كل هذا إفراز طبيعى لحالة اللاثورة التى نعيشها, نحن لم نصنع ثورة حتى نأسف على ضياعها, نحن لم نخوض حتى الأن تجربة الثورة بأى شكل من الأشكال.
جل ما نفعله أننا نخوض و نلعب و حسبنا ذلك؟
إن كان كبار رجال المعارضة يعبرون عن أرائهم العظيمة فى مصير البلد من خلال تويتر, ماذا نتوقع من هذه الأمة غير النوم فى العسل؟!!
أخشى أن يأتى يوما قريبا ربما بعد عقد من الزمن الذى نقف فيه و نقول لأبنائنا أن ليبيا هذه كانت دولة متخلفة و كنا نحن نسبقها بأشواط و كنا نعلم أبنائها و نبنى لهم المدن و هم كما تراهم الأن يا أبنى دولة صناعية متقدمة على كافة الأصعدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق