سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 10 مايو 2012

القصة القصيرة: فى مساء خريفى جدا بقلم/ مروان محمد




وقف رمضان عند باب الغرفة يتطلع الي الجالسين فيها بنظرة فضولية, دفعه السيوي بعيدا عن الباب الي الداخل وعدل من وضع سلاحه الذي يعلقه متقاطعا علي صدره وهو يهتف بضيق
- يا عم خش ,الأمن حيعلقنا.
اعتدل حسام جالسا علي الفراش ملقيا الملاءة الزرقاء عن جسده, بدت عينيه منتفختين من أثر النوم , همس في صوت ناعس:
- الساعة كام دلوقتي؟
ألقي عوض السيجارة باتجاه الباب فسقطت عند قدم السيوي الذي تطلع الي الساعة في يده وقال محدثا نفسه:
- المغرب قرب يأدن
تجاوز ابراهيم السيوي الي الداخل وتوقف في منتصف الغرفه يمسك في يده اليمني كوب شاي بلاستيك ,سأله خيري الذي رفع رأسه عن وسادته المتسخه:
- الكانتين فاتح
هز ابراهيم رأسه وألتفت الي حسام قائلا:
- 70 يوم يا جيش ونقول علي الجرايا عيش
ابتسم حسام وهو يتثاءب في صوت مسموع , توقف صادق امام السيوي يسأله:
- صحيح هي البروفه الساعه كام؟
هز السيوي كتفيه دون ان يجيب وتابع القطهة التي تتنقل بين اسطح عنابر الجنود في خفة حتي اختفت عن ناظره فزفر بقوة ,وثب حسام من فراشه العلوي الي الفراش الذي اسفله ليجاور عوض في جلسته يسأله عن سيجارة,دخل العريف تامر الي الغرفة يصيح بالسيوي وهو يتجه الي دولاب السلاح الحديدي الكائن في يمين الغرفة:
- اورطة أمن جيه,حنغير السلاح يا سيوي
ضحك عوض وهو يقول لحسام:
- من أمتي يا مصراوي المنوفي بيطلع حاجة لحد
- يا أبن الكلب
بصق السيوي علي الارض الترابية خارج الغرفة وأستغفر الله وهو يدخل الغرفة , لفت نظره هاني الذي ينزل درجات السلم في سرعهة من العنبر العلوي للمبني ذو الطابقين والواقع يمين نظر سيوي,قرب العريف تامرالجزء المعدني من السلاح من عينيه يقرأ الرقم المحفور عليه وقال للسيوي:
- هو ده سلاحك يا سيوي
ضحك ابراهيم ضحكته الخبيثه واشار الي العريف يقول ساخرا:
- الجبش بيرجع لورا ,الصول خايف من عسكري أمن
- دنا كده بأمن نفسي يا حمار
- مش كده
اهتز الكوب في يده وهو يضحك ضحكته الخبيثة مرة اخري ثم سال الموجودين:
- حد يصلي العشي يا رجالة
ضحك الجميع وقال خيري :
- صدق اللي قال عليك سكران ابن سكران
أغلق العريف باب دولاب السلاح وأستند الي الباب ينصت للسيوي الذي قال:
- الآيش بتاع السلاح علي وشك انه ينقطع يا صول.
- يا عم عدي غفرتك والسلام
- طب وعساكر المن
- ربنا حيولع فيهم مع اليهود في نار واحدة
ضحك الجميع حتي السيوي الذي هز رأسه واستدار عائدا الي مكانه ,نهض خيري متجها الي الشدد المعلقة علي مسامبر بارزة من الحائط الأيسر للغرفة يفتش فيها عن زمزمية بها مياه فلما لم يجد قال في ضيق:
- أنا عطشان قوي
ارتفع اذان المغرب من سماعات الاذاعة الداخلية لكلية الدفاع الجوي , أقترب علاء من السيوي يسأله:
- حمدي جوا يا سيوي.
اشار سيوي بسبابته الي الخلف ولم يجب لأنه أنشغل بترديد كلمات وراء المؤذن , نهض يوسف متثائبا وقال في نبرة عالية:
- حلمت بيها يا أخوانا.
زجره العريف تامر قائلا :
- بعد الأدان يا يوسف
جلس ابراهيم علي الفراش المجاور لحسام وعوض فامال فكري رأسه لسفل من علي فراشه العلوي محدثا ابراهيم:
- معاك سيجارة يا ابراهيم , دماغي وجعاني قوي
تربع ابراهيم في جلسته وناول فكري السيجارة يقول:
- عد الجمايل
- مشيلك زييها علب يا منوفي يا معفن
برز رأس عوض من فراشه السفلي ينظر لفكري ويقول:
- طب ليه الغلط يا شرقاوي يا بتاع محمد أيجا من الأجازة النهاردة
ضحك الجميع بما فيهم فكري الذي انشغل بنزع فتات من المرتبة الأسفنج التي يرقد عليها , دفن فكري وجهه في وسادته وخرج صوته مكتوما:

- بكره نسيب القلل علي الملل ,أحنا دفعة الرديف
أرتدي حسام الشبشب البلاستيك وقال:
- انا رايح اجيب شاي
اخرج العريف تامر من جيب بنطاله ربع جنيه ناوله لحسام يأمره:
- معاك واحد يا عسكري
- مبلاش العجرفة الكدابة دي, هات
همس السيوي:
- شايهم ماسخ
لم يعر احد أدني اهتمام للسيوي لأنهم يعرفون أنه يكلم نفسه,نزع الجفير عن نصل السونكي ثم اعاده لمكانه مرة اخري دون مبرر واضح الا بهدف التسلية بشئ ما,توقف ضابط الخفيف امام باب الغرفة ,ونظر من فوق كتف السيوي الايمن الي العريف تامر الذي كان يسترخي علي الكرسي الخشب ويبسط قدميه أمامه:
- البروفة الساعة تسعة أمام بوابة الافراد يا تامر
- تمام يا فندم
انشغل الضابط بنقر أزرار الموبيل للوهلة ثم هز رأسه للسيوي وأنصرف بعد أن أدي السيوي التحية العسكرية له.
"شغل قناه سوا يا يوسف"
ظهر الاعتراض علي وجه السيوي وتردد بين أن يبدي اعتراضه أو يسكت حتي حسم أمره هاتفا:
- شغل اذاعة القرآن الكريم احسن يا عم.
دخل حسام الغرفة ممسكا بكوبين من الشاي وقال:
- الرائد أيمن قابلني عند الكانتين وقالي البروفة ....
- عارفين مهو لسه قايلي ,هات الشاي وأسكت
- خد
أخد السيوي كوب الشاي من حسام دون أن يستأذن وأسند ظهره الي باب الخفيف يشرب الشاي.
" وله يا يوسف حلمت بيها في اي وضع؟"
انتبه يوسف من استغراقه في علي سؤال عوض في حين أشعل هو سيجارة تانية بعد أن أطفئ الأولي مباشرة ,اعتدل يوسف في فراشه جالسا يقول:
- حلمت بيها ...كانت زي القمر في الحلم والله
- أيوا ازاي يعني يا له
- زي اي بت حلوة , حتكون ازاي
ضحك عوض علي طول:
- علي النعمة الواد ده مسطول
رفع العريف تامر طرف الناموسية التي يعقد أطرافها بقوائم الفراش السفلي متسللا داخلها لينام ويقول في صوته الأمر:
- صحوني الساعة تسعة الا ربع عشان نشد نفسينا.
نظر السيوي الي ساعته وقال مستنكرا:
- اذا كانت الساعة دلوقتي تمانية ونص ,حتنام أمتي؟
- أنت مالك يا بارد خليك في غفرتك
دخل رضا فرد الامن الي الغرفة يمعن النظر بعينين حادتين بالموجودين بها واحد واحد , مال نحو ناموسية العريف يقول بابتسامته الكريهه:
- ازيك يا صول
- سيبني انام يا رض
- تنام ,آه ,تنام
رفع حسام كوب الشاي البلاستيك بعد ان فرغ من شربه اسفل الفراش الجالس عليه , نهض عوض وهو يرتدي الشيبشب فهتف به خيري :
- كنت لسه ناوي ألبس الشيبشب
- راحت عليك .
التفت رضا الي عوض متسائلا:
- رايح فين يا عوض
- الحمام يا رضا,الدنيا متهدتش
- تتهد ليه يا عم , روح
استلقي يوسف مرة اخري علي فراشه غارقا في شرودة حول الحلم وقد أولي ظهره لرضا , أمسك السيوي الجفير وخزانة السلاح جيدا بكلتا قبضتيه فأتاه رضا من وراءه يهمس في أذنه:
- مقلق مني يا سيوي
- أمن ولا تخون يا رضا
"يا رضا"
أطل رضا برأسه خارج باب الخفيف يتطلع للمنادي فوجده محمد بدر الذي صاح من مسافته البعيدة:
-مش جاي علي الفرع ياض
عدل رضا من وضع الطاقية الزيتي علي رأسه وغادر الغرفة دون أن يلقي السلام فقال السيوي ساخرا:
- وعليكم السلام
تقلب العريف في فراشه عدة مرات ثم رفع طرف الناموسية وجلس علي حافة فراشه ينتعل حذاءه الجلدي يسأل السيوي عن الساعة فأخبره أنها التاسعة الا ربع فهتف بالموجودين :
- يا له يا جدعان عشان نشد , مفيش وقت
نهض الجميع من أماكنهم في تكاسل وهم يتحدثون فيما بينهم منهم من ينتعل حذاءه ومنهم من أخذ يعدل من وضع فراشه والباقي أخذ يبحث عن طاقيته , هندم بعضهم ملابسه وتكالبوا جميعا علي الشدد المعلقه كلا تأخذ بواحدة ليرتديها علي ظهره كحقيبه الظهرو قد ثبت في منتصفها كوريك ذا عصي حمراء, وظلوا علي حالتهم في انتظار العريف لينهض ويفتح لهم دولاب السلاح ويناول كلا منهم سلاحه, أخذت هذه الافعال ما يقرب من العشر دقائق حتي اصطفوا جميعا في قطار واحد من صفين اما م باب الغرفة علي الارض الترابية بانتظار قدوم الشاحنة الحربية التي ستقلهم الي موقع البروفة , توقفت الشاحنة امامهم التي يقودها حسام في ملل ونظر من شباك الكابينه المجاور له للسيوي وصاح به:
- أوعي البطاطين تتسرق يا له واحنا في البروفة
- مهو أنا مستني واحد زيك يكلم أصلي
ضحك حسام ولم يعلق ونظر الي الامام وتابع العريف تامر الذي أصدر أوامره للمجموعة بأن تعتلي ظهر الشاحنة وتبسم عندما تعثر العريف تامر في بادئ الامر وهو يحاول اعتلاء ظهر الشاحنة حتي نجح أخيرا وأتخذ مكانه علي المقعد الخشبي الطويل بجوار عدد من الجنود , أطلق تنهيدة طويلة ثم لوح لحسام بذراع اليمني يصيح:
-أطلع يا زفت , ألهي ربنا يخدك
ضحك حسام وهو يتحرك بالشاحنة الحربية بعيدا عن غرفة الخفيف,أغلق السيوي نور الغرفة الداخلي فعم الظلام المكان ألا من ضوء البدر الفضي , لاحظ رجوع القطة من نفس الطريق الذي سلكته قبل الساعة فوق أسطح عنابر الجنود حتي اختفت مرة اخري عن ناظره, أغمض السيوي عينيه لعده دقائق وهو يسند ظهره المرهق لباب الخفيف حتي فتح عينيه علي أثر مواء قطة قريب من مسامعه فوقعت عينيه علي القطة السوداء وظلت تموء , استقبلها بسمرته الشديدة باش الوجه وظل يداعبها بقدمه اليمني حتي أجذت تدور حول كلتا ساقيه عدة مرات فرفع ناظرة الي السماء يحدث نفسه في ضيق:
- المغرب حتفوتني.
6-9-2003
الاسكندرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق