سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 10 مايو 2012

القصة القصيرة: أساطير فلسطينية: السحب الوردى 2 بقلم :مروان محمد




مدثر في الأسبوع الأخراني ده كان دايما شارد وكأنه بيفكر في حاجة رافضة أي حل بيحاول يوجده لدرجة أنه بطل يتكلم تقريبا مع اهله , اصله دلوقتي أصبح لديه رصيد ضخم من معرفة سماوية !, المعرفة السماوية دي جت له في لحظة من الشفافية متعمدش أنه يستعد ليها أو حتي يستناها ومنها عرف جني في عمره تقريبا عنده معرفة سماوية ضخمة أصبحت دلوقتي تقريبا مجرد تراث كبير لأنها انقطعت عن الجنيين من أزمان بعيدة .
المعرفة دية مليانة تكتيكات مذهلة معرفهاش البشر قبل كدة ,القدرة الغريبة اللي اكتسبها مدثر خلت عنده احساس بأنه ممكن يعمر مية سنة زي سلامة ,الحقيقة اللي تقريبا قلب بيها الجني حال مدثر هي أن الجني الحاقد اللي كان بيلعب بجسم ياسر عرفات خلاص سابه وهجر فلسطين كلها ومعشر الجن ميعرفوش راح لفين!
مدثر أذكي من أنه يعلن حقيقة زي دي,تجربة سلامة العريضة كفيلة بأن هي ترشد خطواته اتجاه تعامله مع قدراته الجديدة ,علي الرغم من سعادته بالمعرفة دي ألا أن هو محسش بفخر ولكن حس بعبء وقع علية و أن هي طابقة علي صدره أكتر ما بتفتح عينه علي حقايق متصورش أن هي ممكن تميزه في يوم من الأيام ولكن علي العكس اعتبرها عقاب لذنب قديم ارتكبه !
كانت ردود فعله اتجاة نشرات الأخبار في الراديو يا أما عادية أو باردة أحيانا , يعني كان ممكن يقعد في أوضته الضلمة يشرب الشاي المركز بالنعناع اللي أصبح بيحبه قوي اليومين دول و ميديش أي انطباع زي أن السلطة الإسرائيلية مثلا صادرت البرطمانات الموجودة فى السوق الفلسطينى كلها وأن هي منعت أزايز الحاجة الساقعة في الأسواق الفلسطينية ومرة استقبل بالضحك خبر عساكر إسرائيلية بتقتحم بيوت الفلسطينيين عشان تلم البرطمانات اللي عندهم ونعي غباء المذيعة اللي اتصورت أن الجنود طمعانين في البرطمانات ذاتها, كان بيسمع من الجيران أن الكتايب الإسرائيلية كل شوية بتقتحم مدينة جديدة وتجيب عاليها واطيها بالمدافع والدبابات.
أخوه الصغير دخل عليه مرة في ضلمته وقاله بدون مقدمات أن الكتايب الإسرائيلية بتمسح المدن لأن الفلسطينيين بقوا يدبحوا نفسيهم عشان يعبوا دمهم في برطمانات!
يوميها مدثر شتمه وحلف اأنه هيدبحه زي اللي سمع عنهم لو دخل عليه الأوضة تاني خصوصا وهو بيسمع فيروز!
بس اللي مكنش بيتقال هو أن المدن اللي كانت بتدك دك كان بيطلع منها أزرع دخانية وردية تفضل تتلوي في الهوا وهي طالعة السما ومتندمجش أبدا مع الدخان الأسود اللي طالع من مسام الانقاض وتتضفر مع بعضيها فتكون سحابة أو أتنين لونها وردي و تابع السحب البيضا في حركتها المجهولة.
بس كانت تنفصل عن السحب البيضا وتقف فوق أي ممقابر للفلسطينيين تصادفها وتمطر بشدة عليها لحد ما تدوب أخر حتة في السحابة الوردي.
مدثر كان الصاحب المقرب للحفيد الأخير للأبن الأخير لسلامة ولأنه فى لحظة شفافة صدق أسطورة رسمت معالمها فاعتبر المعلومة دي التفسير الوحيد المنطقي اللي حاول بيه يفهم ليه انتقلت ليه قدرات سلامة ,لما اجتمع بأصحابة الأتنين في أوضته الضلمه قرر يخبرهم بأول حقيقة سماوية ولما قالهم عليها كان متوقع الدهشة دي منهم بس هما ما اندهشوش من الحقيقة بأكتر من روعتها ,حسوا أن هما أخيرا بقي لديهم دور فعال في صنع أسطورة جديدة تتضاف لكم متراكم من أساطير فلسطينية سابقة.
عشان كدة في نفس الليلة راحوا قعدوا في المقابر القريبة من بلدتهم مستنيين فيها فرصة مرور أي سحابة ,مملوش من الانتظار ولكن ملوا أن الأسطورة تموت قبل ما تتولد ,في اليوم التالت مع أول تكبيرة في آدان الفجر وقفت سحابة وردي فوق المقابر ومطرت بشدة ,فاق التلاتة علي صوت ضرب المطر فوق السقف البلاستيك اللي شدوه علي أربع أوتاد خشب وقعدوا يتأملوا السقف البلاستيك وهو بيتكور من النص زي بطن الست الحامل.
سحب مدثر شيشة الجنة من يمينه و واحد من الأتنين راح يعمل تلات كوبيات شاي مركز بالنعناع, بعديها بيوم استنوا في لهفة نتائج تدابيرهم في أذاعة الراديو بعد ما صبوا مطر السحب الوردي في نهر الأردن, مدثر بقي الوحيد اللي كان عارف مسبقا عشان كدة كان قاعد بيدخن الشيشة في هدوء ولما سألوه عن اللي حيحصل ضحك وقال عشان أنا أعرف اللي أنتوا متعرفهوش مش حقول لكم حاجة.
كانوا بيجوا يبلغوه بحالات الحرق والتسمم اللي انتشرت بين المواطنين الإسرائيليين فكان يستقبل الخبر عادي وهما كانوا عارفين أن دة حيكون رد فعله لأنه بيتلقي معارف تانية غير أرضية ويسبوه يدخن شيشةالجنة في تلذذ, القوات الإسرائيلية بقدر الإمكان كانت بتحاول تحصر أكبر كم لمقابر الفلسطينيين وتقوم بتطويقها ولكن بعد كدة طوقوها من مسافة بعيدة بعد المرة اللي غفي فيها جندي إسرائيلي جنب شاهد وما أخدوش بالهم من السحابة الوردي اللي وقفت في خبث فوق المقابر ومطرت بشدة وكانت المطرة فيها تخرم جسم الجندي زي طلقة الرصاص.
مدثر و أصحابه الأتنين اتنقلوا لمقابر في حضن الجبل دلهم عليها بدوي بعد ما عرف مدثر من الجني أن السلطة الفلسطينية بتدور علية بالاشتراك مع السلطة الاسرائيلية ولما سأل مدثر الجني عن سر التعاون العجيب ده ما بين السلطتين هز كتافه وقال معرفش بس ممكن يكون ده حل جديد للسلام فضحك الأتنين.
أما بالنسبة للسحب الوردي زي ما تكون اشتركت في التواطؤ مع مدثر و أصحابه الأتنين لأنها مبقتش تمطر فوق مقابر الفلسطينيين المحاصرة ولكن فضلت تتبع كل تنقلات مدثر في كهوف الجبل القريبة من المقابر المدفوسة هناك وتمطر منين ما يقعدوا.
لما الجنود عرفوا يوصلوا ليهم في الأخر ملقوش غير صحابه الأتنين ولما استجوبوهم عن مكان مدثر ,الأولاني قال أن الجني هرب مدثر للأردن والتاني قال أنه طلع بالليل يتسابق مع الجني حوالين الجبل ولسة مرجعش لحد دلوقتي وفعلا ميعرفش إذا كان هيرجع ولا لأ والبدوي اللي دل مدثر وصحابه الأتنين علي كهوف الجبل هو برضة اللي دل الجيش الإسرائيلي علي مكانهم قال ساعة الاستجواب أنه شافهم بيدفنوا مدثر في مقابر الجبل بعد ما مات موتة طبيعية جدا ومبسم الشيشة في بقه , السياسة الإسرائيلية اضطرت مرة تانية أنها تغير سياستها اتجاه الفلسطينيين ورجعت تزود كتايبها علي نقط التفتيش حوالين المدن الفلسطينية المحاصرة برصاص مطاطي وكمان كرتون وجابوا دبابة تزأر عشان بس تخوف الفلسطينيين .
الدكاترة الإسرائيليين بيقعدوا أغلب الوقت في وحداتهم الطبية المتحركة وساعة العصرية يتجمعوا حوالين التلفزيون يتابعوا أخبار الحرق والتسمم اللي مش قادرة الحكومة تحط ليه حد و الجنود في الشوارع ما بين الوقت والتاني يبصوا للسما في خوف متوقعين ظهور سحابة وردي في أي لحظة , لما بيت واحد فلسطيني عجوز ولعت فيه النار فجأة كدة , جري الجنود الإسرائيليين يعبوا المية في الجرادل من الحنفيات العمومي ويطفوا بيها الحريق , في حين أن الفلسطيني ساب البيت ومشي لحد الرصيف المقابل وفي أيده جهاز ترانزيستور بيسمع فية أخر أخبار السحب الوردي!

1-4-2002
الإسكندرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق