نشأة عرابى ساعدت فى تكوين ملامح الثورة العرابية
شخصيات عرفناها وطالما افتخرنا ولكننا لانهرف الكثير عنها, اناس ضحوا بانفسهم من اجل وطنهم ولا نعرف عنهم وعن كفاحهم سوى القليل, أحد هذه الشخصيات التى تركت علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث هو أحمد محمد عرابى محمد وافى محمد غنيم عبد الله, والده أول من قـدم إلى مصر مـن العراق و هو من ذرية الأمام على الـرضا بن الأمام موسـى الكاظم من سلالة الأمـام الحسين بن على بن أبـى و كان والده شيخاً جليلارئيساً على عشيرته عاملاً تقياً موصوفاً بالورع والأمانـة و كان عرابى ثـانى الابنـاء أمـا الابـن الاكبر فهـو محمد وشقيقيه الصغيرين هما عبد السميع وعبد العـزيز , ولد في 1 أبريل 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية, بـدأ تعليـمه فى كـتاب القـرية الـذى أنشـأه والده حـيث تعلم مبادئ القـراءة والكتابـة ثم عهد به والـده إلى صراف القـرية الذى كـان يدعى ميخائيل غطاس حيث قام بتـدريبه على العمليات الحسابية والكتابية و مكث يتمرن علـى يديه نحـو خمس سنـوات أحسن فيهـا معرفـة القراءة والكتـابة وبعض القـواعـد الحـسابـية ،
وفـى سن الـثامـنة طلـب من أبيه أن يلحـقه بالجامع الأزهر فأجـاب طلبه وأرسلنه إلى القاهرة فدخل الأزهر عام 1265هجـريـة - نـوفـمبــر 1849 م – و مكث فـيه أربع سنـوات أتم خلالهـا حـفظ القـرآن الكريم و أجزاء من الفقه والتفسير , و قد تـوفى والده فى 23 يـوليو 1848 لإلصـابته بوبـاء الكوليـرا وكان يبلغ
من العمر 63 عـاماً ، وكان سنه 8 سنـوات وكان أخـيه محمـد هو الـذى يقوم بـالأنفاق عليه وكان مصدر معيشـة الأسرة ريع 74 فداناً تركها والده, تأثر جدا بأفكار جمال الدين الأفغانى الذى كان قد ذاع صيته فى مصر فى تلك الفتره كأبرز دعاة الإصلاح الإجتماعى و السياسى فى العالم الإسلامي.
وحينما عاد عرابى من الأزهـر ظل في بلدته ، إلى أن أمـر سعيـد باشـا بتجنـيد أولاد عمـداء البلاد و مـشايـخها فـى سلك الجيـش وكان محـمد سعـيد بـاشا الـوإلى الثالث من أسرة محمد على يفضل المصريين ولا يحب الاتراك, ارتقي عرابى فى سلم الرتب العسكرية بسرعة حيث أصبح نقيبا في سن العشرين, شارك في حروب الخديوي إسماعيل في الحبشة وترقي في الجيش إلي أن وصل إلي رتبة أميرالاي ما يعادل عقيد فى عهد الخديوى سعيد باشا و كان أحد المصريين القلائل الذين وصلوا اإلي هذه الرتبة بسبب انحياز قادة الجيش إلى الضباط الشركس والاتراك, اختارنه الضباط المصريين المتحدث الرسمى بأسمهم ، فكنان أول زعيم مصرى من أصل فلاح فى العصر الحديث و كـان سعيـد باشـا يثق به إلى درجـة أنه كـان يشـركه معـه فى تـرتيب المناورات الحربية و وصلت درجـة التقـارب بينه وبين سعيـد باشـا أن أهداه كتـاباً عن تاريخ نابليون بونابرت مكتوباً باللغة العربية و أعجـب عرابى بسيـرة نابلـيون وشـعر بحـاجة الـبلد إلى حـكومـة تسعـى إلى تحرير الإنسان و أصدر عريضة مكونة من أربعة مطالب أحداهم مساواة كل الموظفين بصرف النظر عن الجنس و الدين و المذهب.
وفى عهـد الخديـوى إسماعـيل وقعت خصـومة بينه وبين أحـد اللواءات الـشراكسـة يدعى اللـواء خسرو بـاشا ، وقدم بـسببها للمحـاكمة العـسكرية و حكم عليـه المجلس بالـسجن واحد وعـشرين يـوماً ، ولكنه اسـتأنف الحكم أمام المجلس العسكرى الاعلى والذى قضـى بإلغاء الحكم الابتدائى ، وبسبب
ذلك حدث تحالف بين وزير الحربية وقتئذ إسماعيل سليم باشا وببن رئـيس المجلـس العسـكرى الاعـلى ، لان الـوزير كـان يرغـب فى تـأييـد الحكم الابتدائى، وذهب وزيـر الحربية الي الخـديوى إسماعيل ليفـصل عرابى وتم فصله فعلا و تـركت هذه الحادثة فـى نفسه كـراهية شديدة للضباط الشراكسة وسيطرتهم على الجيش و حاول رفـع مظلمـة للـخديـوى إسمـاعيل ولـكن لم يتم النظر فيها وحاول رفع الكثير من المظالم إليه مده ثلاثه أعوام
وفـى هذه الفتره التحـق بـوظيفـة فى دائـرة الحلمـية وخلال شغله هذه الوظيفة تزوج من كريمة مرضعة الأمير إلهامى باشا وهى أخت حرم الخديـوى محمد تـوفيق فيمـا بعد من الـرضاعة و من هنـا كانت وسـاطة بعض المقربين من زوجته لاستصدار أمر من الخـديوى إسماعيل بـالعفو عنه وإعادته إلـى الجيش بـرتبتـه العسكـرية التى خرج عليها .. و حرم من مـرتبته خلال مـدة فصـله فزادت كـراهيتـه علـى أوضاع الجيـش ونفوذ الـضباط الـشراكـسة وتعـنتهم مع الضباط المصريين .
بعد ذلك عين مأموراً للحملة العسكرية المصرية في الحبشة ، وهذه الحملة إنتهت بهـزيمة الجيش المصرى وكـان للهزيمة أثر كبـير فى نفسه مما رأه من استهتـار للقيادة الـشركسـية, تلك العوامل كلها مجتمعة ساهمت فى تكوين ملامح الثورة العرابية فيما بعد و شكلت فكر عرابى الثورى الذى تطور بتطور الأحداث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق