26\7\2011
لقد فرض الله العبادات وجعلها سببا للارتقاء بالأخلاق وتهذيب السلوك، فقال سبحانه
وتعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} (45) سورة البقرة. وقال تعالى عن الصلاة: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} (45) سورة العنكبوت. وقال تعالى في شأن الزكاة: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} (103) سورة التوبة.. وقال في شأن الصيام: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} (183) سورة البقرة.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) صحيح البخاري -1770- (6/472).. وقال تعالى في شأن الحج: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} (197) سورة البقرة..
ومن هذا يتبين أن الغاية العظمى من تشريع العبادات هو تحقيق كمال العبودية لله -عز وجل- ولا بد أن يظهر هذا في أخلاق المسلم.
فضائل حسن الخلق
* أن الله أثنى على نبيه بذلك فقال: (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ))[القلم:4].
* وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً ) أخرجه البخاري [ 3559 ].
* قال صلى الله عليه وسلم: ( ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ) صحيح الترمذي [ 5762].
* وسئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ( تقوى الله وحسن الخلق ). صحيح الترمذي [ 1927].
* وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم ) صحيح أبي داود [ 4798].
* وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ) صحيح الترمذي [ 2018 ].
وفيما يلي بإذن الله تعالى سنتناول هذا الجانب العظيم الذي يميز المسلم عن سائر المخلوقات جانب هو أساس دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال صلوات الله وسلامه عليه
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
وقفت...أمام معلم البشرية...ومربي الإنسانية... خاشعا...صامتا...متأملا...حارت حروفي...وتلعثمت خواطري...
حاولت أن ألملم ما تبعثر...وأهمس بصمت...في قلوب الحب...
إنما...
لم يقل "بعثت" وإنما قال "إنما بعثت..."
إنما في لغة العرب تفيد الحصر والقصر...
يعني عندما تقول إنما جئتك لأزورك...فكأنك تقول: جئتك لأزورك وأزورك فقط...ليس لمجيئي من هدف آخر إلا زيارتك...فقط...
فكأنه صلى الله عليه وسلم...يقول ما بعثني الله عز وجل ...إلا لأتمم مكارم الأخلاق...ولأتمم مكارم الأخلاق فقط...
فلو أني سألت الناس من حولي...أكمل الحديث..."إنما بعثت...." واذكر أهم شيئ في نظرك بعث لأجله ال***** لذكر الناس أصولا وقواعد وأمورا كثيرة...
ولكنه قال "....لأتمم مكارم الأخلاق"
لأتمم...
لم يقل "جئتكم بشيئ جديد"...إنما قال ..."لأتمم"
فكأنه يقول جئت لأكمل ما بدأه غيري ولأتمم ما ذكره من قبلي...
فمكارم الأخلاق ليست حكرا على أمة دون أمة...ولا بشرا دون بشر...ولا جنس دون جنس...ولا لغة دون لغة...
مكارم الأخلاق هي لغة الإنسان...كل إنسان...على مدار العصور...وعلى مر الدهور... يفهمها الصغير والكبير...يفهمها الغني والفقير...يفهمها الساقي والأمير...يفهمها العامي ومن كان في البلاغة مثل جرير...
وما يميز الإنسان...عن غير الإنسان...هي مكارم الأخلاق...
مكارم...
الله...الله...الله... ما أرقى هذه الكلمة...وما أحلى شهد معانيها...
لم يقل "إنما بعثت لأتمم الأخلاق..."
إنما قال "...مكارم...الأخلاق..."
فليست الأخلاق هنا هي المقصودة...إنما مكارمها...أي أعلى درجاتها...وأرقى منازلها...
فأن تتحلى بالأخلاق...أمر رائع...
لكن أن تتحلى بمكارم الأخلاق...فتلك حكاية أخرى...لا يطيقها إلا الكبار...تغرد لرقيها الأطيار...وتنثر في القلوب عطرا وأزهار...
هذا وللحيث بقية بإذن الله تعالى نتناول أخلاقيات يجب أن يتحلى بها كل مؤمن مسلم لله أسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق