قال امامنا الجليل رحمه الله
(قال تعالى ( وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون
اى ليعرفون باجماع المحققين من اهل الله تعالى ويؤيده الخبر الوارد فى بعض الكتب المنزلة(كنت كنزا مخفيا لم اعرف فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق خلقا وتعرفت اليهم فبى عرفون
(وقال وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه)
اى حكم فما خلقهم الا ليعرفوه فلابد ان يعرفوه المعرفة الفطرية التى فطر الناس عليها فالحق ما جهله احد من هذا الوجه وحكم ان لايعبدوا الا اياه فلا يعبدوا ابدا سواه لان حكمه نافذ لايرد ولا بعالب وانما لتفاوت عقولهم وتفاوتت عقولهم لتفاوت استعداداتهم والاستعدادات لا تعلل لانها قديمة غير مجعولة فهى فيض قدسى ذاتى ما تخللته صفة من الصفات ولما تعددت ظهورات المقصود بالعباده تعددت الملل والنحل لان المقصود بالعباده التعظيم والذله والخضوع من كل عابد نحو من يملك الضر والنفع والعطاء والمنع والرزق والخفض والرفع وهذه الصفات فى نفس الامر ليست الا فردا واحدا وهو الحق تعالى وهو غيب مطلق فكل عابد صورة من شمس وكوكب ونار ونور وظلمه وطبيعة وصنم وصورة خيالية وجن وغير ذلك يقول فى الصورة التى عبدها انها المقصود بالعبادة ويصفها بصفات الاله من الضر والنفع ونحو ذلك وهو محق من وجه لولا انه حصره وقيده فما قصد عابد بعبادته الصورة التى يعبدها الا الحقيقة المستحقة للعبادة وهو الله تعالى وهو الذى قضى به الله وحكم ولكنهم جهلوا ظهورها المطلق الذى لايشوبه تقييد ولا حصر فجهلوها على التحقيق وعرفوها فى الجملة وهى المعرفة الفطرية فكل من عبد الحق تعالى ماعدا الطائفة المرحومة طائفة العارفين انما عبده مقيدا محصورا محكوما عليه لانه عرفه هكذا حتى طوائف المتكلمين فانهم حكموا عليه بانه على كذا ولا يصح ان يكون على كذا وينبغى ان يكون على كذا وليس هو هكذا فحكموا عقولهم فى الحق والعقل ليس عنده شئ الا التنزيه الصرف وتوحيد الشرع الذى جاءت به الكتب والرسل عليهم الصلاة والسلام تنزيه وتشبيه ولا شك ان المتكلمين من سنى ومعتزلى ماحكموا على الحق تعالى بما حكموا من اثبات وسلب الا بعد تصوره بصورة عقلية خيالية فان الحكم فرع التصور ضرورة وان قال المتكلم ليس للحق تعالى فى عقلى صورة فهو اما جاهل بالتصور ماهو واما مغالط مباهت ولذلك تجدهم بعد حكمهم بما حكموا به يقولون كل ما يخطر ببالك فالله تعالى مخالف لذلك مقصودهم من الكلام تبرؤهم مما قالوا وقولهم هذا ايضا حكم تلزمهم بالتبرئة منه فكل طائفة من الطوائف تحصر الحق تعالى فى معتفدها وتنفى ان يكون للحق تعالى تجل وظهور على خلاف عقيدتها فيه وهذا هو سبب انكار المنكرين للحق تعالى وتعوذهم منه يوم القيامة فقد ورد فى
الصحيح ان الله تعالى (يامر بان تتبع كل امة ما كانت تعبد وتبقى هذه الامة فيها منافقوها فياتيهم الله تعالى فى صورة لايعرفونها فيقول لهم انا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى ياتينا ربنا فاذا جاء ربنا عرفناه فيتحول لهم فى صورة اخرى فيعرفونها فيقولون انت ربنا )
الحديث بمعناه والصورة المذكورة فى الحديث والتحول انما هى ظهورها ات للحق تعالى بما يريد ان يظهر به وهى اعدام لاحقيقة لها ولا وجود الا فى ادراك الناظر والحق تعالى على ماهو عليه قبل الظهور والنجلى لا يلحقه تغيير عما هو عليه كسائر تجلياته فى الدنيا والاخرة ولقد صدقوا فى انكارهم له اولا وفى اقرارهم له ثانيا والمتجلى واحد اولا وثانيا ولكن تجلى لهم فى صورة ماكانوا عرفوه عليها فى الدنيا ولا اعتقدوها ولا تخيلوها وما عرفه كل واحد من المنكرين الا محصورا مقيدا بالصورة التى تخيله عليها فى الدنيا وحكم عليه بانه لابد ان يكون كذا ولا يكون كذا وما عرفه احد مطلقا غير محصور فى معتقد ولامقيد بصورة لايتجلى بغيرها فلما تجلى بالصورة اى الصورة التى كانوا يتخيلوه عليها فى الدنيا اقروا به انه ربهم وهو تعالى المتجلى اولا وثانيا فما عرف احد من المنكرين المتعوذين الحق تعالى من حيث الاطلاق وانما عرفه من حيث تقييده بصورة معتقده صور تلك الصورة بعقله لكن الشارع اذن فى الصورة الخيالية ومنع الصورة الحسية وهو الصادق الامين قال فى حديث الاحسان
ان تعبد الله كانك تراه اى تتخيله كانه فى قبلتك مثلا وانت بين يديه حتى تتادب فى عبادته ويحضر قلبك فيها فالامر ورد بهذا التخيل ربطا للقلوب فى الباطن عن الخوض والتشتيت كما ربطت الاجسام باستقبال القبلة فى الظاهر ربطا للاجسام عن الالتفات والحركات وما امر هذا المتخيل للحق تعالى ان يقيده عنده ولا يكون عند غيره وانه محصور فى قبلته ولا يكون فى قبلة غيرهولا ان يحصره ذلك المتخيل دون غيره من الصور المتخيلات فانه تعالى مطلق فى حالة التخيل عن التخيل فهو المطلق والمقيد لانه عين المطلق والمقيد فهو عين الضدين والعارفون رضوان الله تعالى عليهم عند هذا التجلى والتحول فى الصور فى الاخرة ساكتون لايتكلمون ولا يعرفونه لاحد كما هم اليوم فى الدنيا لانهم عرفوه فى الدنيا بالاطلاق الحقيقى حتى عن الاطلاق لان الاطلاق قيد وعلموا انه تعالى المتجلى الظاهر بكل صورة حسية او عقلية او روحانية او خيالية وانه الظاهر الباطن الاول الاخر فما انكروه فى الدنيا ولا ينكروه فى الاخرة فى اى تجل ظهر ولهذا قال بعض العارفين هم غدا كما هم اليوم ان شاء الله
وللحديث بقية
رد الأستاذ محمد عزوز على هذا المقال: أضغط هنا
* · هذا المقال لا يعبر عن راى إدارة الموقع بالضرورة و لكنه يعبر عن رأى صاحبه و للجميع الحق للرد عليه او تأييده, فمن سياسة الموقع ألا تصادر حرية التعبير عن الرأى طالما لا تهدف إلى أزدراء الاديان او مهاجمة ثوابتها و الله ولى التوفيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق