أعلم جيدا أن هذا المقال سيجلب لى الكثير من المشاكل أقلها أن يتم ألقاء القبض على بتهمة التحريض على العنف و أقصاها قتلى من قبل متطرفين يرفضون الفكر الحر, لأن هناك تيار للأسف يحاول أن يمارس الأرهاب الفكرى و مصادرة ليس فقط الرأى الأخر و لكن الرأى الحر لأنهم دائما ما يخشون الأراء الحرة التى تكشف الحقيقة كما هى دون مجاملات و هذا التيار لا يمكن تصنيفه بأنه أسلامى فقط أو مسيحى فقط و لكن أشمل و أعم من مسلم أو مسيحى و لكنه تيار الارهاب الفكرى!!
ركز الأعلام فى الاسابيع و الشهرين الماضيين بعد الثورة و تنحى مبارك فى الحادى عشر من فبراير على التيارات الأسلامية بشكل مكثف جدا و على أنهم مصدر من مصارد العنف و أنهم يمثلون طيور الظلام التى تريد أن تنشر ظلامها على المجتمع المصرى و ألصاق أى عملية عنف بهم و أنهم مصدر الفتن و الخراب فى البلد و ركزوا بكل قوة على التيار السلفى و صبوا عليه جم غضبهم و تأويلاتهم التى لم ترقى فى كل مرة إلى مستوى الحقيقة أو حتى التمست الحيادية, هل يظهر من هذه السطور طبيعة الكاتب أنه سلفى أو منتمى لأحدى التيارات الاسلامية؟, و الله أنى لاضحك فى سخرية و حزن و مرارة على التصنيف و الرغبة فى التعليب لتكون قائمة الاتهامات جاهزة, أنا لا أنتمى لأى تيار لا دينى و لا سياسى, أنا فى الأول و الأخير مصرى و حتى ألتزم بعض الحيادية و الموضوعية و ليس كلها فى مقالى هذا, أفتتح مقالى بأن كل ما سيرد فى هذا المقال هو تكهنات و محض تخمينات و سيناريوهات تدور فى رأسى مؤسسة على مؤشرات بسيطة على أرض الواقع و لماذا هى مؤشرات بسيطة و لماذا سأبنى معظم كلامى على تكهنات؟, ذلك لاننا عشنا ثلاثون عاما فى غياب كامل للشفافية و تزوير كامل للتاريخ الحديث.
فلم يبقى ألا التخمين المبنى على فتات من الحقائق المنثورة هنا و هناك, الغريب و كل الغرابة أن يركز الأعلام المصرى المرئى و المسموع و المقروء فقط على التيار الأسلامى و يغفل تماما الكنيسة و لا أقصد بذلك التعميم على كل من فى الكنيسة و لكن أقصد فئة متطرفة من رجال الكنيسة هم أيضا ضالعين بشكل مقيت فى الفتن الأخيرة التى تضرب مصر خاصة بعد الثورة و أيضا قبل الثورة فمن الغباء أو الاستخفاف بعقولنا ألقاء كل اللائمة على فلول النظام البائد فقط و لكن هناك أطراف أخرى اشتركت و تستفيد مما يحدث و تؤجج نيران الفتن, هناك للأسف نوع من الزعامات لا يستمد قوة زعامته ألا من خلال أشعال الفتن و هذه الفئة هم أشر فئة عرفها الإنسان, لأنها فئة تصعد سلم السلطة و القوة على جثث ضحايا الفتن و تجعل من الناس وقود لقوتها و تحركاتها.
لنعد قليلا إلى الوراء بالتحديد إلى شهر مارس قبيل الأستفتاء بعشرة أيام و قد ركزت الصحف و الأعلام المرئى و على الأخص قناة أون تى فى الساوريسية التى هاجمت بكل قوة و شراسة الأخوان المسلمين و التيار السلفى على اساس أنهم استغلوا سطحية البسطاء و سذاجة فكر الطبقة نصف المتعلمة للتاثير على عاطفتهم الدينية و دفعهم للتصويت بنعم فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية و وصل الأمر إلى حد اطلاق اشاعات على أن الأخوان المسلمين يوزعون سكر و زيت على الفقراء ليصوتوا بنعم و هى أضا احدى آليات و أدوات النظام البائد الذى للأسف تستخدمه كل القوى السياسية العلمانية و الليبرالية و الاشتراكية ضد التيار الأسلامى , نفس الآلية و نفس اللغة و نفس المنطق السخيف المبتذل الوقح فى منافسة غير شريفة على الأطلاق.
و ما قولهم فى الكنيسة التى صدرت بداخلها أوامر كنسية مقدسة فى منزلة الأمر الألهى بأنه على كل مسيحى أن يصوت بلا فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية و رقى الأمر لدى البعض إلى وصف المسيحى الذى لا يذهب للتصويت أو يصوت بنعم بأنه آثم و يحرم عليه دخول الكنيسة فى أيام الآحاد!!, طبعا ستخرج العديد من الأصوات و تقول بكل قوة و غضب و ثقة زائدة عن النفس أن هذا لم يحدث و محض أفتراء و أتحداك و أنازلك و أرفعك و أطرحك أرضا و كل تلك العبارات القوية و التى سيقف فيها إلى جانبهم بكل غرابة العلمانين و الليبرالين الرافضين أساسا التحيز الى جانب الدين و هم يرون بوجوب فصل الدين عن الدولة إلى ما غير ذلك مما يقولون و لا يطبقون للأسف و لكن الغريب و المعادلة الشاذة و الكيل بمكيلين من قبل تلك القوى التى لا تقبل بكل قوة التداخل بين ما هو دينى و ما هو سياسى بالنسبة للقوى الأسلامية أما إذا تعلق الأمر بالكنيسة فتسكت الأصوات كلها و لا تنتقد!!, أين أذن المبادىء العلمانية التى يتغنون بها و يتمنون أن تسود الشعب المصرى كله؟!!
لماذا تتحول الكنيسة يوما بعد يوم إلى دولة مستقلة داخل الدولة المصرية؟!!, هذه الظاهرة لم تبدأ منذ اليوم و لكنها بدأت منذ ثلاثة عقود للاسف الشديد, البابا شنودة الثالث سار إلى تأسيس دولة الاقباط الحرة المستقلة داخل أسوار الكنيسة و سورها بأسوار شاهقة الارتفاع لا يستطيع أن ينظر المتخوف الى ما خلفها لان بالداخل وفق تصورى سنجد دولة أخرى داخل الدولة المصرية و الغريب أن النظام المصرى طوال ثلاث عقود غض الطرف عن دولة البابا داخل الدولة المصرية و سارع إلى محاربة الجامعات الأسلامية فى فترة التسعينات حتى قضى عليهم تماما و لم يعلق حتى و لو بالاستنكار أو التنديد على دولة البابا !!
طبعا البابا شنودة الثالث لا يفعل ذلك من نفسه و لكنه محاط ببطانة خاصة هى الحكومة المفترضة لتلك الدولة القبطية داخل أسوار الكنائس الارثوذكسية المصرية و ما أطرحه من دولة الاقباط هو ليس محض أفتراء على الكنيسة أو على بعض المسيحين المتطرفين و لكنه أمر واقع , يمكنك أن تبحث من خلال محرك البحث جوجل عن موقع الاقباط الاحرار و سيفاجئك أن تجد دولة اقباط افتراضية كاملة على الانترنت ذات دستور خاص بها و رئيس لهذه الدولة و أغلب الفاعلين فى هذا الموقع هم فى الوقاع من رجال الكنيسة !!, و من يتصور أننى أكذب أو أدعى فعليه زيارة هذا الموقع الذى يبث روح كراهية مشينة ضد المسلمين وتجيش مشاعر المسيحين ضد المسلمين و يمكنك من خلال أسم الموقع أن تطلع على مدى روح التمييز الموجودة فى هذا الموقع و هى دولة الاقباط الاحرار , أحرار من ماذا؟ أحرار من الاحتلال الاسلامى بالطبع أو الاستعمار الاسلامى أو الغزو الاسلامى كما يسمون الفتح الاسلامى لمصر و هناك مقالات كراهية تحمل الكثير من الافكار المتطرفة الداعية إلى كراهية الطرف الأخر من امثال هذه المقالات كتابات للاب يوتا الذى كتب مقال عن الغازى عمرو بن العاص و الفظائع التى فعلها بشعب مصر القبطى, طبعا المقال يحمل كمية هائلة من المغالطات التاريخية و أغلب المقالات التى تبث الكراهية الواضحة هى مقالات لرجال دين كنيسين و مثال أخر لمقالات الكراهية مقال القس مرقس عزيز خليل يتسأل فيه (هل الاسلام دين رحمة ؟) و شاهد كم المغالطات المفضوحة فى ثنايا مقاله و التى هدفها فى الأخير هو كراهية المسلمين و هو مقال فى تركيبته أشبه بتصريح الشيخ محمد حسين يعقوب عن الاستفتاء على التعديلات الدستورية بنعم بأنها غزوة الصناديق و لا مبالغة إذا قلنا أنها أشد سلبية و عدائية !!
و أذا انتقلنا من هذه الجزئية إلى أرض الواقع نجد أن البابا شنودة و رجاله المقربين منه و الذين تتلمذوا على يديه يرددون نفس ذات العبارات و الكلمات : مصرنا _ ( عنصرية عرقية لا أساس لها من التاريخ و لكن لهذا شأنا و مقال آخر ) – الشعب القبطى – ( لاحظ نبرة التمييز الدينى) – الوافدين المسلمين ( لا تعليق)
طبعا هذا هو نبذة عن موروث من التراث السلبى أتجاه الطرف الأخر و لكن هل يعنى هذا أنه ليس هناك عقلاء من الطرف الأخر, لا بل هم كثر و الكثير منهم ينبذ مثل تلك الافكار المتطرفة إلى أقصى حد, أما المفاجأة التى لن يتوقعها أحد أن هناك أتجاه فكرى لدى بعض رجال الدين المسيحى يكتبون مقالات على موقع الاقباط الأحرار و غيرها من المواقع و المتديات القبطية و ايضا موقوع موسوعة تاريخ اقباط مصر يحررها عزت اندراوس و قد قمت بحفظ هذه المقالات على حاسوبى و التى تبث أفكارجهنمية و هى أن المسلمين ما هم ألا حركة مسيحية مهرطقة خرجت من عباءة النسطورية و الاريوسية !!!!! و بما أنهم مهرطقين فالحكم التالى هو ماذا ؟ يمكنك وقتها أن تخمن الكثير من وراء تسريب فكرة شيطانية مثل هذه!!
انتشرت الكثير من الاشاعات عن أن الكنائس تخزن الكثير من السلاح و أنها تحتوى على الكثير من مخازن الأسلحة و كنت أنا ممن يسخرون من هذه الفكرة إلى حد كبير و لكن بدأت هذه الفكرة تهتز فى رأسى شيئا فشيئا و أنا أراهم يبنون كنائس ليست فقط لتقوم بدورها الطبيعى و هى دور عبادة و لكنها قلعة محصنة ضد أى هجوم محتمل و ليس هجوم بأسلحة خفيفة و لكن بأسلحة ثقيلة فجعلوا غالبية مبانيهم خرسانية و أسوارها عالية خرسانية و قاموا بتطوير الكنائس القديمة لتكون هى الأخرى خرساينة شديدة السماكة , هل هو تحضير لمرحلة قادمة نحن مقبلون عليها أم هو من باب البزخ و بالبلدى مش عارفين يصرفوا فلوسهم فين؟, طبعا لا و لكنها ذات مغزى و معنى كبير, حتى جاءت أحداث كنيسة أمبابة الأخيرة و الشيخ السلفى الذى روى أحداث ما قبل اشتعال الفتنة ما بين المسلمين و المسيحين و اشتعال النيران فى كنيسة مارمينا و قد أوردت هذه القصة جريدة المصرى اليوم حينما حكى الشيخ فيما معناه أنه لما تبين له كذب و اضطراب قصة المسلم باحتجاز زوجته فى هذه الكنيسة و التى أسلمت دعا الشيخ المسلمين للعودة إلى ديارهم و توجه مع مجموعة أفراد إلى الكنيسة لطمئنة القساوسة فيها فاردف الشيخ أن أحد المسيحين ظن أننا متجهين لتفتيش الكنيسة فأخرج مسدسه و بادر باطلاق النار علينا فاشتعل الأمر !!!!
و هناك روايات أخرى تؤكد على أن هذه النيران انطلقت من داخل الكنيسة التى أنكر راعيها انها كانت من داخل الكنيسة و كونها من خارج الكنيسة أو من داخل الكنيسة فهذا يعنى أن الكنيسة بطريقة ما مسلحة مجهزة للدفاع عن نفسها و أن الكنائس بشكل ما تستخدم كمعتقلات للقبطيات المتحولات إلى الأسلام أو أى متحول للأسلام و لا نعلم ما الذى يدور فى غرف الاحتجاز التى تقيمها دولة الكنيسة و أن كان لهم كل الحق فى ألا يفتش كنائسهم أفراد غير ذى صفة رسمية و هذا حقا لهم و لكن أن يمتد هذا المنع حتى للسلطات المسئولة و التى من المفروض عليها أن تحقق دولة سيادة القانون و لكن تقف هذه القوانين و هذه السلطة عاجزة خارج أسوار الكنيسة , هذا سؤال يضع الكثير من علامات الاستفهام ؟!!!!!
لماذا؟!!!!!
و المثير للدهشة و المفاجأة المدوية أن يخرج القس بسيط و يعلن صراحة فتح الكنائس و تفتيشها أمر يخص البابا شنودة فقط و هذا ورد فى عدد 14 مايو لجريدة المصرى اليوم و هل هذا باعتباره رئيس لدولة الاقباط الاحرار ؟! و يضيف على ذلك نجيب جبرائيل أنه لا يجوز تفتيش الكنائس ألا بأذن من النيابة العامة و لا تستطيع أن تعطى الأذن سواء هى أو القاضى إلا إذا كانت هناك أدلة كافية و مرجحة لوجود جريمة " و هو ما يعنى فى الأخير أنه لا مجال لتفتيش الكنائس و لتسقط هيبة الدولة أمام سلطة دولة الكنيسة و هو ما أشار إليه الداعية الدكتور صفوت حجازى فى خطابه بمنصة اللجنة التنسيقية فى يوم الجمعة الفائت 13 مايو بأننا لا نريد رئيس شعب الكنيسة و لا رئيس شعب المسجد, هل تقف القوى الأمنية و وحدات الجيش أمام تفتيش الكنائس عاجزة و لما لا و قد أورد بعض الشهود العيان و لا أستطيع التحقق من مدى مصداقية هذه المعلومة و هى أن الجيش حاول فعلا الدخول إلى الكنيسة و لكنه فشل بعد اشتباك بين وحدة الجيش التى حاصرت الكنيسة و أفراد من داخل الكنيسة فاكتفى بمحاصرتها و هذه الشهادة على عدم وجود دليل قاطع يفصل فى مصداقيتها أو كذبها و لكنها تحمل أشارة واضحة إلى أن الاشاعة الخاصة بأن الكنائس مسلحة أو تخزن السلاح, فاصبح هذا السؤال محل علامة استفهام كبيرة و حتى يتم وأد الفتنة بشكل قوى و صريح, يجب أن تفتح أبواب الكنائس أمام القوات الامنية لتفتيشها بدون موافقة رئيس دولة الكنيسة و البحث عن أى محتجزين رغما عن أرادتهم أو مخازن للاسلحة كما يروج لقطع الشك باليقين و إذا كان ذلك محض أفتراء من قبل بعض الاطراف على الكنيسة فلا ضير من أن تفتح الكنيسة أبوابها أمام السلطات المعنية لتفتيشها او حتى امام مندوبى من منظمات الحقوق المدنية المصرية و الاجنبية و طمأنة المسلمين المروعين أيضا من أحتمال أن تكون هذه الاشاعة حقيقية مثل خوف المسيحين بالضبط من السلفيين الذين يصفونهم بالمتشددين و المتعصبين .
أن جلسات الصلح السخيفة التى تعقد بين الشيوخ و القساوسة و تبادل التحيات و القبلات و رفع الأيادى الدالة على وحدة الشعب المصرى أصبحت تمثيلية هزلية و سخيفة و لا تعالج جذور المشكلة التى تخلق حالة من التوتر و الاحتقان بين المسلمين و المسيحين.
هناك الكثير من الأسئلة التى أثارت شكوكى على مدار سنوات عديدة و هى الانسجام الشديد بين النظام السابق و خاصة مبارك و البابا شنودة, لماذا ؟!!, بحثت وراء هذا السؤال كثيرا و للأسف كانت الأجابة ماثلة أمام عينى و لكنى كنت مغيبا عنها و ذلك لأن النظام السابق تحلى بكل أنواع التزوير و الكذب و التعتيم و للغياب الكامل للشفافية التى نمطح إليها و للصفقات السرية التى أجريت من وراء الكواليس بين أطراف لهم مصالح مشتركة و دوافع واحدة , فأذا اجتمع أثنين مع بعضهما البعض على أمر واحد و كان هناك تناغم عالى بينهما فهذا أن دل فيدل بالتأكيد على مصالح مشتركة و دوافع مشتركة و فى الأخير مصلحة واحدة !!! و لا يفوتنا ان البابا اثناء الثورة المصرية شدد على المسيحين عدم المشاركة فى التظاهرات المناوءة لمبارك حتى بعد نجاح الثورة رفض مباركتها او تهنئة الشعب المصرى من التخلص من هذا الطاغية!!
و حتى يكون الموقف جليا علينا أن نعود بالتاريخ للوارء بنحو ثلاثة عقود تقريبا, عندما اغتيل السادات و تدور الأن الكثير من المناقشات و الأسئلة حول من قتل السادات بالفعل و أدراج أسم مبارك فى قائمة قتلة السادات خاصة بعد أن أتهمت رقية السادات مبارك بشكل مباشر بعد تنحيه بقتل والدها و طالبت بأعدامه و من قبلها النائب طلعت السادات الذى أتهم الجيش بالتقصير فى تأمين حياة السادات و كان جزاءه رفع الحصانة عنه و خلع عضوية مجلس الشعب عنه و تقديمه للمحاكمة العسكرية و من ثم الحكم عليه بعام فى السجن الحربى و التحليلات و الأدلة التى طرحت فى هذه الأيام و التى تدين مبارك فى اغتيال السادات كثيرة و فصلها الكثيرون و هى ليست محل بحث هنا أو طرح و لكن الذى هو محل الطرح و البحث هو الشق الأخر من الرواية و هو اغتيال الأنبا صموئيل , فى حادثة المنصة مع السادات ضمن عدد محدود من القتلى , تم انتخاب اثنين منهم بعناية فائقة , السادات و الانبا صموئيل !!!, و الطريف فى اغتيال السادات أن كل الرصاصات الطائشة الغزيرة تصيب السادات فقط و تتفادى بمهارة شديدة مبارك و أبو غزالة و للعجب العجاب تصيب الأنبا صموئيل خصوصا مع ورود تقرير مخباراتى عن أن الاصابة القاتلة أتت للسادات من داخل المنصة فهل هذا هو نفس سيناريو مقتل الأنبا صموئيل ؟!!
حتى نتعرف على من هو الأنبا صموئيل يجب أن نعود بضعة أشهر قبيل اغتيال السادات و هو فى الخطاب الشهير الذى ألقاه السادات فى مجلس الشعب القاضى بسحب تراخيص بعض الصحف و عزل بعض الاساتذة الجامعيين و حركة نقل أدارى لعدد من الحصفيين و الاساتذة الجامعين و أهم قرار هو عزل البابا شنودة و قد ورد فى هذا الخطاب :
" ألغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2782 لسنة 71 بتعيين الانبا شنودة بابا للاسكندرية و بطريرك للكرازة المرقسية ( فى هذه اللحظة يتوقف السادات عن الكلام نتيجة للتصفيق الحاد داخل قاعة مجلس الشعب فيعيد تلاوة القرار و من ثم يكمل) و تشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية من خمسة من الاساقفة هم أولا الانبا ماكسيموس اسقف القليوبية و هو عالم قبطى سبق و أن ترشح للكرسى البابوى و الانبا صموئيل أسقف الخدمات العامة" ... و البقية معروفة , فالانبا صموئيل هو أحد الخمسة المعين لمجلس القيام بمهام الكرسى البابوى, هل أطرح هنا نظرية مؤامرة أو أوجه أصابع الاتهام إلى البابا شنودة, أقل التقديرات يجب أن يعاد فتح هذا الملف بشكل حيادى و شفاف و نزيهة لاستطلاع كافة أركان الجريمة و ألقاء الضوء على الدوافع المشتركة خاصة أن الانبا صموئيل كان يمثل الاتجاه المعارض للبابا شنوده و أنصار البابا داخل الكنيسة و كان متضامنا معه فى هذا الاتجاه اقصد الانبا صموئيل و هو الانبا ماكسيموس و الاب متى المسكين و الذى اتهم من قبل الكنيسة بانه عين السادات و مرشده داخل الكنيسة !!!
و حتى نلقى الضوء على طبيعة الاتجاه الفكرى للبابا شنودة و الذى من أجله أصدر السادات القرار بعزله هو ما نقرأه فى موقع الاب متى المسكين حيث كتب الصحفى المصرى عبد الله الطحاوى مقال عن الأب متى المسكين و الفقرة المهمة فى هذا المقال هى كالتالى:
وعندما نفرق بين الأب متى والأنبا شنودة فنحن نفرق إذن بين تيارين:
الأول: يرى أن التربية الروحية هي الدور الرئيسي والوحيد للكنيسة، وأن أي أنشطة أخرى اجتماعية أو سياسية هي خروج على تقاليدها، ويرى أن الرهبنة هي طريق إصلاح الكنيسة، وألا تكون الكنيسة سببا في انعزال المواطن عمليا أو روحيا، فالكنيسة لا تعادي نظاما سياسيا ولا تمالئه، وهو ما يمثله الأب متى.
والثاني: يرى أن الإصلاح يبدأ بالإحياء الاجتماعي والثقافي للجماعة القبطية، وأن العلاقة بين الكنيسة والدولة تتشكل على أرضية الندية والضغط والطلبات، أو بمعنى آخر أن تكون الكنيسة وسيطا بين الدولة والمواطن القبطي، وهو ما يمثله التيار المهيمن على الكنيسة الآن.
و فى فقرة أخرى يذكر الكاتب و سنوضح بعض الكلمات التى حذر منها الأب متى المسكين و التى هى أحد أهم مظاهر المرحلة الحالية للكنيسة على مدار ثلاثة عقود و التى تميز الكنيسة منذ تولى البابا شنودة للكرسى البابوى : وحذر متى المسكين من خروج الكنيسة عن هذا الاختصاص والنزوع للسلطان الزمني، وتجييش العواطف والمشاعر باسم الصليب، أو أن تسعى الكنيسة وراء أموال الأغنياء أو أن ترتمي في أحضان أصحاب النفوذ؛ لأنها إذا حاولت الجمع بين السلطان الديني والزمني، ودأبت على المطالبة بحقوق طائفية وعنصرية فشلت المسيحية أن تؤدي رسالتها.
و يقول أيضا الكاتب فى فقرة أخرى سنظلل بعض النقاط الهامة فيها و التى ترسم ملامح الفترة الحالية للكنيسة فى ظل قيادة البابا شنوده و أنصاره: وقد خشي الأب متى المسكين من عودة الفكر القسطنيطيني (نسبة إلى الإمبراطور الروماني قسطنطين) تحت أي ثوب جديد، لا سيما إذا عجزت الكنيسة عن ضبط الإيمان بالإقناع والمحبة، وهرعت إلى الملوك والرؤساء لتصدر منشورا ملكيا بالإيمان، عندها تكون الكنيسة قد أخطأت الطريق؛ لأن الإيمان لا يحميه السيف والقانون.
أعتقد أننا نعيش فى هذه المرحلة كل هذه المظاهر التى حذر منها الأب متى المسكين, أذن من خلال هاتين الفقرتين نستطيع أن نستشرف ملامح المرحلة التى أسس لها البابا شنودة و أتباعه فى الكنيسة و هى كل ما أختلف فيه معه الاب متى المسكين و يذكر الكاتب فى فقرة أخرى من المقال : تعتبر فترة العزلة الاختيارية بعد إبعاده عن البطريركية ورفضه العودة إلى دير الأنبا صموئيل، والتوحد في وادي الريان من أخصب فترات حياته.
وتعددت التفسيرات حول هذه العزلة؛ حيث رآها البعض أنها كانت من أجل مزيد من التنسك والتصوف، في حين رآها آخرون أنها تعكس تمردا سلبيا على القرار البابوي والتكريس أكثر لتياره الذي بدا أنه ينمو سريعا خارج الإدارة الرسمية في الكنيسة وسط قطاع كبير من الرهبان
و التى أسميها انا العزلة الاجبارية التى فرضها عليه البابا شنودة بعد أن عاد لكرسيه مرة أخرى فى ظل عهد صديقه المقرب مبارك و يذكر الكاتب فى فقرة أخرى :
وبمرور الزمن خفت حدة الاحتقان بين الأنبا شنودة وبين متى المسكين؛ حيث قام الأول بزيارته في أثناء مرضه، ونشر خبر الزيارة في مجلة الكرازة التي يحررها البابا بنفسه، والتي وصفت الأب متى المسكين بالقمص المكرم، وتكريما له حفظ له البابا شنودة كافة سلطاته الرهبانية والروحية داخل دير أبو مقار، ولم يتدخل في الشئون المالية الخاصة بالدير حرصا منه على عدم استفزاز شعبيته التي يعرف أنها موجودة، وإن كانت كامنة حيث تحولت صورة متى المسكين لما يشبه الأسطورة لدى العوام
و طبعا خفة حدة الاحتقان لأنه كما اورد الكاتب أن الأب متى كان مريضا و رجل مسن حيث ذهب مع هذين السبيين أى فرصة لأن يستعيد مجده فى مقابل السطوة البابوية للانبا شنودة فلا ضرر من أن يعقد مصالحة مع رجل على فراش موته حتى يستقطب مريديه و يثبت أركان شرعيته كما حاول أن يفعل مبارك مع الشيخ شعرواى فى أخر أيام حياة الشعرواى أمام الجماهير و الاعلام المرئى !!!
و الذى يؤكد رسوخ ذلك الفكر المتطرف الجانح إلى كراهية الأخر و الطائفية و التمييز على أساس الدين و العرق مما يؤسس لعنصرية بغيضة, هذه فقرة من حكم محكمة القيم ضد الطاغوت شنودة :
" إن البابا شنودة خيب الآمال ، وتنكب الطريق المستقيم الذي تمليه عليه قوانين البلاد ، واتخذ من الدين ستارًا يخفي أطماعًا سياسية ،كل أقباط مصر براء منها وإذا به يجاهر بتلك الأطماع واضعًا بديلاً لها على حد تعبيره بحرًا من الدماء تغرق فيه البلاد من أقصاها إلى أقصاها ، باذلاً قصارى جهده في دفع عجلة الفتنة بأقصى سرعة ، وعلى غير هدى ، في كل أرجاء البلاد ، غير عابئ بوطن يأويه ، ودولة تحميه وبذلك يكون قد خرج عن ردائه الذي خلعه عليه أقباط مصر " .
هكذا جاءت حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ 3 يناير 1982 ، في التظلم المقدم من شنودة ضد قرار رئيس الجمهورية بعزله عن منصبه .
الهدف من هذا المقال ليست أثارة المشاعر و تجيش الجماهير ضد الطرف الأخر كما تحاول أن تفعل للاسف قلة متطرفة داخل الكنيسة, فهذا ليس القصد من المقال و لكن الهدف هو كما نتمنى و نحلم جميعا العيش فى ظل دولة مصرية يسود فيها القانون و يكون القانون و أحترامه هو المظلة التى نعيش كلنا تحتها لا فرق بين مسلم و مسيحى على أساس الدين و نبذ كل الاتجاهات و الخطابات المحرضة على كراهية الطرف الأخر و الجدير بالذكر فى هذا المقام أن ننوه إلى أن بعض الخطابات الأسلامية المتطرفة التى تؤسس لفكرة عدم تولى المسيحى لوظائف معينة بعينها و أن تكون حكرا فقط على المسلمين باعتبارها ولايات أسلامية لا يجوز لغير المسلم توليها هى فكرة طائفية همجية لا يمكن أن يقبلها عاقل أو نفسا سوية و لو استندت لاحاديث قام مفسرى هذه الاحاديث بلى عنق الحديث و تأويله بما يوافق زعمهم, و لكن حتى نحيا فى ظل دولة الحرية و العدالة و المساواة و أحترام القانون و سيادته و أنه ليست هناك أى مؤسسة مهما كانت فوق القانون أو فوق مستوى أن تفتح أبوابها للتفتيش مستندة لحجج قانونية استفزازية أكثر من كونها القوانين تجيز هذا الحق المبتذل و لهذا يجب أن تسود روح العدالة على الجميع و ألا نرى دولة دينية داخل الدولة المصرية تحت أى مسمى كانت هذه الدولة فكما يقول الكثير من الدعاة الاسلامين المتنورين أنه لا توجد دولة دينية فى الأسلام فنحن كذلك كمصرين و ليس كمسلمين نرفض أى دولة كنسية تدار بعقلية حقبة العصور الوسطى تمنح صكوك الغفران لمن تشاء و تمنعها عمن تشاء لو لم يستفتى على التعديلات الدستورية بلا !!!
و نثق أن هناك قيادات نزيه و حكيمة و رشيدة و عاقلة داخل الكنيسة مثل الاب متى المسكين قادرين على بذر بذور السلام و لا يتعيشون من جثث ضحايا الفتن و يستمدون طاقة الزعامة من الدماء المسفوكة !!
أحلم كما قلت باحترام القانون و سيادته فى مصر و النزاهة و الشفافية و حرية التعبير عن الرأى بشكل كامل و ألا تكون هناك خطوط حمراء يقف عندها المرء هو أساس قيام دولة مصر الحديثة التى تريد أن تنعم بنور الديموقراطية لاول مرة فى تاريخها الممتد طوال سبعة الاف سنة , هذا المقال اؤكد مرة أخرى أنه ليس من أجل التحريض على طرف من الأطراف و من يحاول أن يفهمه على هذا النحو أو يتخذه ذريعة للتحريض فهذا لخلل فى عقله و سوء نية منه و مرض نفسى متمكن منه و قولى هذا موجه للطرفين المسلم قبل المسيحى و أخيرا أنا أؤيد و بكل شدة طلبى كلا من الناشطين السياسين الأستاذ جورج أسحاق ( الذى أحترم فكره و أنهل من فكره المتنور التسامحى و استفيد منه كثيرا و هو من قلة صادقة حينما تتحدث و تعبر عن طموحاتها و شجونها المصرية ) و الناشطة السياسية كريمة الحفناوى على ضرورة متوقيع أقصى العقوبة على كل من يثبت تورطه أو تحريضه على إثارة الفتن و أيضا باستصدار قانون موحد لدور العبادة و ألا تكون دور العبادة قلعة حصينة تبنى كلها من الخرسانة المسلحة بسماكة مفرطة و مبالغ فيها و ذات أسوار عالية مهيبة تبعث الرهبة و الخوف فى قلوب من يشاهدها و كأنها مصممة كذلك على نحو متعمد لبث هذا الشعور المتطرف و أيضا استصدار قانون عدم التمييز على أساس الدين أو العرق و بدون تلك الاهداف النبيلة فأن مصر ستكون صورة أخرى لعراق جديد, نتمنى أن تنقشع هذا الغمة عن الأمة و نرى غدا أفضل لمصر و لنا جميعا مسلمين و مسيحين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق