سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

مقالات أدبية: مسيرة اللهفة ونشيد الضياء بقلم/ د. نايف جراد


قبل أكثر من ثلاثين لهفة ولهفة ، أشرقت الشمس ذات صباح من ذات ثلاثاء.

تدحرج القلب على سلم حجري عتيق ، فانسكب مداد الروح على الروح.

قبل أكثر من ثلاثين لهفة ولهفة ، أودعت النفس ذات صباح من ذات ثلاثاء ، ممالك الود بأيدي ملائكة الحقول ، فاندلق غذاء الشوق على الشوق .

بذرنا في المدى فكرة

فسحنا للجوى جولة 

فتحنا للوغى صولة

كتبنا للهوى أشعار 

فصرنا للوفاء عبرة

وبتنا للفرح أخبار

سكبنا نارا على نار

على ضفاف نهر العاطفة ، زرعنا شجرة بتولا ، مزجنا الحنان بالعنفوان ، اجترحنا البوح ولوعة البراعم للمطر .

وتحت أغصان التواصل ، استنشقنا عبير الوله ، تفيئنا ظلال المودة ، تبادلنا على الأوراق لواعج القلب ، تمردنا على القيد والإيقاع الرتيب .

ومن نغمات الشوق واللهفة ، من نغمات الخوف والرهبة ، ومن تغريد البلابل والحساسين ، وإيقاعات القلب الجياش ، والعيون الساحرة المسحورة ، الشاردة والواردة ، أنجبنا سيمفونية التوحد والتشظي .

حينها استشرت أبي...... ، وضربت لي العرافة في الرمل... .فأسرعت وراء المدينة ، وانسكب الرحيل في مقاماتي ، حتى تعودت الرحيل .

عاقرت الغربة ، وأدمنت السفر.

حدثت النوى الحزين ، 

حماما بت أبحث عن هديل.

كلي خارج .

داخلي يتسلل خلسة إلى ما وراء الأفق.

لبست غبار السبل المتواطئة مع الأمل.

كانت تهرب منى الأرض ، كانت تهرب . كنت أنا ، ولم أكن كما كنت . ولم تكوني .

لاحقت الجسور اللامتناهية ، طاردت الأحلام في وعورة الأنقاب ، لكني لم أحلم بالنقب أخضرا كما ترويه الأساطير.

كم سريعا انطفأت أنوار السعادة ! عابرة كانت.

كم عديدا بحثت عن آلهتي ! 

بالذات الباحثة عن معنى التجلي استجرت ، ولم تكوني .. بالزهد تعللت ... ولم تكوني.

كرهت الثلج رغم بياضه . رغم نصاعته كرهت الثلج. تمنيت هطول مطر غزير ، مطر يغسلني ، ... يعيدني طينا، لتجرفني السيول إلى دلتا الخصب المنشود.

بحثت عن بقاء بين الفناء والرجاء.بنيت بيتا في المنفى، ألف نافذة ونافذة له. شرعته لرياح الشهوات، وتفسير الأحلام.

تهت مع قصص الأنبياء المزيفين وشهرزاد. لم يعد بين الداخل والخارج فرق ، عاريا جوانيه وبرانيه إلا من نقاب ، بل قناع كان ، لأنه أقبح من شيطان.هذيان الروح فيه دون كلل .

أدمنت طقس الدراويش فيه ، احترقت في متاهات الولة.

لكنها الشمس ... كانت تصدمني الشمس. من خارج الخارج تأتي . من داخل الداخل تبث الشعاع. فأمسك عصا البهلوان حينها ، أرقص مع فواصل مكر الأبدية .

كم قناعا صنعت ؟ 

كم قناعا لبست ؟

في الكرنفال عبثا بحثت . أشكالا رأيت ، أشكالا وذات عقال.

لم أجد عرسي ، فعدت إلى خيال . طاردت غزالتي في البرية ، فتاهت في صحراء الأمراء. غاصت ، ربما ، في رمال الربع الخالي . ولولا السراب ، لطويت السجادة ، ألاحق عواء الذئاب ، لتركت السؤال.

أنجدتني ذكراك.

بيدي ، شذى البراءة ، شدني ، فانطرحت على الدهشة والشك.

ساءلت الأنوار.

ذهبت عميقا في الأشعار

تحت الجدار، وما بعد الجدار، ذهبت

على أجنحة الألم والشوق، غنيت أغنية خرساء،

سرا غنيت، وحدي غنيت:

سكابا يا دموع العين سكابا ... راح الحبيب وخلاها خرابا

وحدي بكيت ، فأنجدتني ذكراك ،

مقاعدي في مقهى العودة ، السخنت ، دفعتني لأنشد :

ياما مويل الهوا ... ياما مويليا 

ضرب الخناجر ولا .. حكم النذل فيا

نزهتك عن كل اعتبار، استنطق بلور الحقيقة الضوء المختبئ في الظلام الدامس وحكايات الغبراء وحابس.

صاخبا بات الغناء

فلملمت صحن الود

مضيت أبحث عنك

بعد مدن النرد أنشد الضياء 

أنشد عودة إلى جذري العتيق، جذري العتيق المليء بالبراعم، جذري الصامد رغم خمسين شتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق