سألت احد الرفاق ذات مرة عن معنى العدل الاجتماعى ؟
فاجابنى : بانه المساواة بين جميع افراد الشعب فى الحقوق والواجبات
وسألت اخر فاجابنى : بأن معناه الغاء الفوارق بين الناس ، وسحق نظام الطبقات ، ليرتد المجتمع كما كانت حياة الانسان الاول الجميع يملك كل شىء ، لا فقير فى المجتمع ولا غنى
فقلت مضحاكا اياه : يالك من شيوعى ماكر
وسالت اخر وكان من طبقة ثرية : فقال ان العدل الذى تتحدثون عنه ، ماهو الا وسيلة لكسب انتخابات ، او لتحقيق منافع سياسية رخيصة ، اورغبة جوفاء فى اصطناع الزعامات على حساب قلب الحقائق
فقلت متسائلا بدهشة : معنى هذا ان العدل الاجتماعى الذى ننادى به ليس سراب
فقال بثقة : اجل
فزويت ما بين حاجبيا اعتراضا فأطنب يقول : انتم تدعون الى مخالفة نواميس الكون ، الله خلق الناس فقير وغنى ، قوى وضعيف ، عظيم وحقير ، و الغنى لديه من الامكانات والمهارات العالية ما جعله غنيا ، وكذا الفقير ليس لديه من الامكانات والمواهب الا بقدر ما جعله فقيرا ، فكيف تتدخلون فى نواميس الطبيعة وتريدون قلبها
واستحر نقاش طويل بينى وبين الاراء الثلاثة ، وازداد الجدل ، فقمت من فورى وغادرت المجلس وعكفت على اوراقى واقلامى ، اتلمس الطريق الى الحقيقة الجلية ، الا انى قصرت عنها ، وقلت ياربى لا يعرف الحقيقة الكاملة الا انت ، الا ان هذا لن يمنعنى ، من ان امعن التفكير ، لأ ستخلص ولو جانبا من الحقيقة
وسالت نفسى قبل أن ابدأ : مامعنى العدل ؟
اهو مرادف المساواة ؟ سواءا بسواء كما نظن ؟
الا اننى وجدت االحقيقة على نقيض ذلك تماما : ليس كل مساواة عدل ، وليس عدل مساواة ، فمامعنى ان اعطى العامل المجد ذا الانتاجية العالية ، مثلما اعطى للخامل الكسلان من أ جر ؟
ومامعنى ان اساوى بين الطالب الذى اجتهد وحصل على شهادة عالية وربما حضر الدكتوراه فى تخصصه ، وبين الطالب المستهتر الذى فشل فى تعليمه وخرج من بحر العلم صفر اليدين ؟
واى عدل فى أن اساوى بين جميع الناس فى الاجر والمكانة الاجتماعية ، اذا كانو يفترقون فيما لديهم من مواهب واستعدادت وقدرات ، مايقدمونه للمجتمع من جلائل أو حقائر الاعمال
وانتهيت الى خطأ الرأى الذى يرى العدل فى المساواة ، فليس كل عدل مساواة ، وليست كل مساواة عدل .
وتكشف الطريق أمامى فخطوت خطوة للأمام متسائلا :
اذا كان العدل ليس فى المساوة ؟ فأين العدل اذا ؟ اهو كما قال صاحبنا محض سراب ؟ وان مانحن فيه هى نواميس الطبيعة ، وقوانين الوجود
الا اننى طرحت عن رأسى ذلك الراى تماما ، حينما ابصرت فيما ارى حولى من فساد وسرقة ، وقلت فى نفسى انما هذه السرقات والثروات انما هى أموال الشعب ، نهبتها الطبقة العليا التى تمص دماء الطبقات الادنى ؟
وبينما لم اجب على سؤالى ، اذا بسؤال جديد بلح على ذهنى بقوة :
ايكون الحل فى القضاء على هذه الطبقة المستبدة ومحوها من الوجود ؟
الا أننى وجدت راأى وقدتشابه مع صاحبى الشيوعى الذى خطأت رأيه مسبقا
ووجدتنى فى حيرة من امرى : ووجدت الاسئلة الثلاث التى سالتها لنفسى وقد اجتمعت فى صعيد واحد ، تلهب فكرى و تجهد عقلى
فقمت من فورى اروح وأغدو فى حجرتى ، حتى توصلت بعد تفكير مضن الى جوهر العدالة الاجتماعية ، من وجهة نظرى
وجدت مايلى : ان العدالة الاجتماعية لا تكمن فى سحق النظام الطبقى تماما ، بل هى تكمن فى تقربة المسافات بين الطبقة العليا والدنيا ، حيث تتخلق طبقة وسطى تكون هى عماد المجتمع . لاننا اذا اذبنا الطبقات ، وافقرنا الغنى ولم نغن الفقير ، وظننا ان المساوة فى الفقر عدل ، لدمرنا المجمتع بايدينا ، اذا ان ساعتها ، لن يكون للانسان طموح فى ان يعمل فى سبيل غنى يحصله ، ولا ان يسعى فى سبيل علم يجعله فى وظيفة مرموقة ، فتتوقف الناس عن التطلع للمعالى ، فتجمد العقول ، وتتبدل الارادات ،
وتتحول الى حياة جمود وركود
ولكن اذا اردنا ان نحقق العدل الاجتماعى بحق ، فعلينا ان نقدم للجميع نفس الامكانات ، فيتمتع الجميع بنفس الخدمة التعليمية ، ويتمتع الجميع بنفس الرعاية الصحية ، وتقف الدولة فى وجه الفساد والمفسدين ، ونساوى بين الفقير والغنى والضعيف والقوى فى الفرص المتاحة للتميز ، والصعود من طبقى الى طبقة
فيتوقف الامر فى النهاية على ملكات الانسان وسعيه ومهارته وجده ، فيعمل الجميع من اجمل السمو والرفعة فى المكانة ، دون ان تكون الوظائف والمناصب والمنافع بالتوريث والوساطة
والى هذا هدانى تفكيرى فخططته على الورق ، وقد استراح عقلى ، واستبنت ان اراء الرفاق الثلاث ، لم تكون خطئا كلها ، ولا صواب كلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق