سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الجمعة، 26 سبتمبر 2014

مقالات اجتماعية:كل الرؤوس سواء بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

إن كنت من عشاق نيويورك، وتحمل في جيب سترتك الجينز بطاقة هوية تفضح انتماءك المحمدي، فيستحسن أن تعيد النظر في تذكرة سفر قد تحملك بعد شهرنا هذا إلى الجحيم. فقد قررت الناشطة باميلا جيلر التبرع من قوت أولادها بمئة ألف دولار أمريكي كاملة لإدارة حملة تشهير منظمة ضد لحيتك وجلبابك. ولتستعد أيها المحصور داخل أسلاكك الشائكة والمطارد خارجها للركض أمام العابثين وقطاع الطرق من أبناء العم سام إن أصررت على السفر إلى هناك. فعند محطات المترو ومواقف الحافلات، عليك أن تخلع نعليك، لتتمكن من الفرار بجوربك الممزق حتى حدود المهانة لأن المناضلة باميلا نقشت ملامحك فوق جدران محطات المترو وجوانب الحافلات. 
أما المقيمين هناك، فأمامهم أسبوع واحد لمغادرة أرصفة نيويورك، هذا إن أرادوا العودة إلى مسقط أحزانهم وهم يحملون رؤوسهم بين أكتافهم، فقد قررت المدهشة جيلر أن تدشن حملة الكراهية ضدهم في التاسع والعشرين من الشهر الجاري. وفي ملصقاتها المدهشة، سترى ملامحة الإسلامية تنز أرهابا وتقطر عنفا أيها المحمدي، وبين يديك كرة من العظم تقطر القرمزي القاني. رأس برأس إذن، ولأن رأسك ليست كرأس جيمس فولي، فلن تجد من يضعها على طبق من فضة أو نحاس ليقدمها إلى تاريخ حافل بالبؤس كتاريخك. وسيلعب صبيان الحواري النيويوركية بأنفك وبؤبؤيك، وتنتهي ملامحك الباهتة إلى سلة مهملات عند ناصية العنف. 
رأس برأس إذن، وعين بعين، وغباء بغباء. ولن يفيدك البراء من الحكومة الإسلامية التي أطاحت برأس فولي في ملاعب الهمجية، فملامحك تفضح هويتك، ولأنك محمدي من شرق المهانة، فأنت تحمل جرثومة هتلرية لا تفرق بين رأس مقاتل ورأس فولي، وعليك أن تدفع ثمن ملامحك الشرق أوسطية وانتمائك إلى دين لم يعد يدافع عنه أحد. فاخرج أيها المغضوب عليه من سفر الحريات وتجرع كأس الهمجية في ظلال تمثال الحرية الذي لم يعد أحد يدري سر اغترابه في بلاد جيلر. 
سيستمر ترمومتر الكراهية في الارتفاع لأن السيدة جيلر ورفيقاتها لم تكتفين بتجاوز معدلات العنف ضد المسلمين لتصل إلى مئة وثلاثة وأربعين بالمئة مقارنة بالعام الماضي طبقا للإحصاءات الأخيرة الصادرة عن حكام الولاية. هذا، وتقوم المناضلة جيلر حاليا بتصميم أكثر اللوحات جاذبية لإثارة أكبر قدر من الكراهية والعنف مستفيدة من التقنيات الأحدث في مجال الدعاية والإعلان، لأن ملصقات 2012 لم تخلف قدرا من العنف يرضي السيدة باميلا. 
وسيكون مصير المتهورات المصريات من أمثال منى الطحاوي السحل والحبس إن هن أقدمن على رش رذاذ المواطنة فوق لوحات البذاءة التي لم تعد تستحي من ارتدائها شوارع المدينة الكوزموبولوتانية، ولن تغني عنها أوراق الجنسية من الحبس شيئا. ولن يفيد السيدة لندا صرصور تفهمها الكامل لحق جيلر في التعبير عن حمقها لأنها ستكون أول المطاردات في شوارع المدينة العتيقة. بعد التاسع والعشرين من سبتمبر الجاري سترتدي نيويورك حلة غير التي تدثرت بها عقودا، وسيصبح تمثال الحرية نصبا غير مرغوب فيه في بلاد لم تعد تمد يديها نحو الشرق كما كانت تفعل في القديم. 
صحيح أن السيدة جيلر استمرت في التحريض على العنصرية ضد المسلمين بفجاجة غير مسبوقة في كل أحاديثها المتلفزة، لكنها لم تتجاوز أعتاب المواطنة في ملصقاتها الموعودة، والأمر لا يتجاوز كونه وجهة نظر معتبرة على حد قول إيفان برنشتابن. الصورة لا تكذب إذن، والمسلمون إرهابيون باعتراف وكالات الأنباء في بلادهم وبشهادة المخضرمين من الإعلاميين وأصحاب الرأي والقلم. وعليه، فإن لباميلا جيلر مطلق الحرية في ممارسة تحريضها السافر ضد المسلمين النازيين البؤساء من حاملي الرذاذ الذي لم يعد يغطي قبح الصور الموزعة على جدر نيويورك العتيقة. ولو أنصفت جيلر، لأنفقت ريع حمقها على بؤساء عالمنا الأخير .. وإذن لتجنب العالم شرور الغباء الذي لم يعد حكرا على أبناء منطقتنا الموبوءة من النيل إلى الفرات. 
عبد الرازق أحمد الشاعر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق