سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 2 يونيو 2014

مقالات سياسية: يوميات مراسل الانتخابات فى مصر " مقال ساخر " بقلم/ أحمد سمير


اجتاحت البلاد فى الأيام الماضية موجة من الرقص حيث اندفعت السيدات وقد جن جنونهن إلى الشوارع يرقصن تحت أشعة الشمس الحارقة ، و ألتف الشباب حول السيدات يصفقون و يهتفون " هز .. هز "
--
أجمع الكثير على أن ما كان يحدث أثار فيهم الرهبة والخوف ، ففي كل مكان كان هناك سيدة مغطاة بطبقة سميكة من الدهون ترقص وتحول الأمر إلى وباء فتاك قوى المفعول سريع الانتشار وفى غضون ساعات اجتاح محافظات مصر ..
البعض شكك فى الأمر وقال أن الحكومة هى من أخرجت هؤلاء إلى الشوارع وذلك لتحديد النسل ، البعض الآخر قال أن هؤلاء أطلقهم العدو الصهيونى فى الشوارع لإخافة الأطفال الصغار ، وتكاثرت الأقاويل .. وبهذا كلفتنى الصحيفة أنا وفريقى بالتحقيق فى الأمر والوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة .. كنت فى مهمه أشبه بأنقاذ كوكب الأرض من خطر قادم من الفضاء الخارجى !!
على الفور ركبت مع فريقى سيارتنا اللاند كروزر وأنطلقنا فى جولة فى الشارع ، توقفنا عند أحد اللجان القريبة وكانت ممتلئة بالكثير من كبار السن . تقدمنا نحو أحدى السيدات التى تخطى عمرها الثمانين منذ قرون وكان يبدو عليها الإنهاك من كثرة الرقص ، فأبتدأت الكلام قائلا :
- ايه اللى منزلك من بيتك يا حاجة ؟
- رايحة أرشم مشتقبل مشر .. معليش يابنى نشيت طقم الشنان بتاعى .
تجمع حولنا الكثير من الرجال ظن البعض منهم أن هناك من يرقص والبعض الآخر أراد أن يشارك فى الحوار ، أكملت حديثى الصحفى مع المرأة :
- تحبى تقولى ايه للشباب يا حاجة.
- شباب عايشين ضرب الرشاش .. تقصد الرصاص !! .. وتابعت : اخشفونش على الشباب .
ما أن أبتعدت قليلا حتى سمع فى المكان صراخ " احضروا عربة الأسعاف " ..
فأسرعنا باتجاه مصدر الصوت وركع شاب بجوارها يتحسس نبضها لبعض الوقت قبل أن يدمدم فى أسف " انتقلت إلى الأمجاد السماوية " . كان إفراطها فى الرقص قد تسبب بضغط كبير على قلبها فانفجرت الأوعية والشرايين ! بعد أن أتت عربة الإسعاف ونقلت السيدة بعيدا أقترح أحد  الحاضرين من الشباب المرافقين لى بفكرة وكانت من أغرب الأفكار التى سمعت بها يوما .. إجراء
فحوص على كل الموجودين .. العواجيز .. للتأكد من أن قلوبهم لا زالت تعمل
!
لكني طلبت منه أن لا يقدم اقتراحات أخرى إلى أن يموت ووعدنى بأن يلتزم بما طلبت ، وعدنا إلى سيارتنا ورحلنا . وأثناء رحيلنا اكتشفنا ان الهاتف الجوال الخاص بالمصور قد أختفى ، ومحفظة أحدى الشباب نالت نفس المصير ..
فأقسم الاثنين أنهم إذا لم يحصلا على تعويض فأنهما سيقدما استقالتهما !, ولأنى لم أتضرر فقد أخبرتهم أن ما فقدوه سيذهب إلى مصر فى النهاية وروحت أعدد محاسن تلك الجمهورية ..
متقولش إيه أدتنا مصر قول حندى إيه لمصر
مشربتش من نيلها جربت تغنلها .. طيب جربت تشكلها !!
لحسن الحظ كنا قد وصلنا إلى أحدى اللجان فتوقف السائق ونزلنا من العربة وهكذا لم يتسنى لهم الرد ، أتجهنا إلى أحد الرجال الواقفين بجوار اللجنة, من تحت شعرة الجليدى المهترئ برزت السماعة الصحية فى أذنه وعلى الرغم من ذلك طلب منى مرافقه أن أتحدث بصوت عالى
- أزاى ياحاج تتهور وتنزل من بيتك .
قال فى فخر :
- الشعب ده يشتحق الشعادة .
قررت أن أضيف بعض المرح إلى الحوار :
- أتفرجت على الرقص ياحاج .
-إيه بتقول إيه ؟!
لا أعرف إن كان صادقا فى عدم سماعه لسؤالى أم أنه يهرب ، فأعدت السؤال بصوت عالى . فأحمرت تجاعيد وجهه العميقة وأصابته نوبه من الرعاش فراح جسده يهتز بعنف وتقلصت ملامح وجهه ، وكان واضح أن التراكيب الكيميائية فى جسده قد أصابها خلل ما ، وراح مرافقيه يحاولون إنعاشه ، فهمس فى أذنى أحد زملائى وطلب منى الرحيل حتى لا نضطر إلى نقله للمشفى وهكذا عدنا إلى العربة مجددا و أنصرفنا .
وصلنا إلى أحدى اللجان فتوقفنا لنشاهد كائن بشري تقوس ظهره بزاوية كبيرة, لا يشك أحد فى أنه يعانى من ألام المفاصل بالإضافة إلى مظهره الذى يدل على ـنه فى مراحل متقدمة من الأنيميا ، وكان يمثل مدخلا جيدا إلى علم الهياكل العظمية بلا منافسة وعينة ممتازة لواحد من علماء التشريح ، وراح يركز على وجهى محاولا الحفاظ على تركيزه .. كان مثالا لشخص تم إعادته من الموت إلى الحياة ، شخص اكتشف بعد أن وضعوه فى القبر أنه لم يؤدى دوره فى الحياة فأخرجوه من القبر ليؤدى دوره وليسعد الملايين من المصريين . ودار الحديث التالى :
- تحب تقول إيه للشباب المصرى اللى قاعد فى بيته واخد موقف سلبى من الأنتخابات ؟ 
همس بصوت ضعيف :
- س س .
فقال المصور محاولا مساعدته :
- تقصد هس قطة ياعنى ؟!
فحرك الرجل رأسه معترضا ، وبهذا فقد أخذ الجميع فى التخمين
- نسترداموس ؟!
وصاح أخر :
- جون سينا ؟!
وأخر :
- حصان ؟!
وهكذا انتهى الفريق من تقديم اقترحاته وحان دورى !!
صمت قليلا .. وأخذت نفس عميق ..
- صافيناز .. تقصد ؟!
فجأه توقف الرجل عن أي شئ ، وفجأة أسرع إليه أحد  الرجال وأعطاه حقنة مورفين وهو يقول موجه كلامه إلى :
- حرام عليك .. أنت عايز تموته .
سألته متعجبا :
- مين حضرتك ؟!
تجاهلنى كليا ونادى على بعض الرجال صائحا : -
- حد يجيب أنبوبة الأكسجين ، وركب له أنبوبة الأكسجين وهو يصيح : 
- خدوه البيت بسرعة .. لازم يرتاح
ونظر إلى فى غضب : 
-أنت لسه هنا لو ممشتش دلوقتى حبلغ عنك
وهكذا رحلنا, كنت على ثقه إن هذا العجوز سيذهب إلى بيته لينام على الأقل أربع وعشرين ساعة إذ لم يكن سينام إلى الأبد, وصلنا عند ساحة صغيرة تجمعت فيها الناس يشاهدون واحدة تحرك دهونها المهلهلة فأخترقنا الحشد و وصلنا إلى الصفوف الأمامية ، ووجدناه هناك .. يقف فى الصفوف الأمامية ، مثبتا فى الأرض
وكان ينظر فى بهجة إلى الراقصة ، على الرغم من أن كل الموجودين قد أجمعوا على أنه لا يراها !! وقفت أمامه وبادرت بالكلام قائلا :
- شكلك شقى ياحاج .
ظل يتابع بنظره الى الفراغ ، ولم يبدوا عليه الاستياء لأنى وقفت بينه وبين الراقصة ، بل أنى أقسم لكم أنه لم يلاحظ وجودى أساسا ، قلت فى نفسى
" لو استمر فى الوقوف هكذا بلا حراك ستحرقة الشمس .. هل لايزال حيا ؟! "
وكان الذباب يتجول ويتزاحم على وجهه ولم يحرك ساكنا .. لم أدرى ماذا أفعل؟
!! استمرينا على هذا الحال ما يقرب العشر دقائق قبل أن نقرر الرحيل ،تاركينه يتمتع بالنظر إذا كان يرى شئ .. على كل حال هو لن يعيش عشر دقائق أخرى .
كان قد أصاب أعضاء الفريق الهرم فجأه فقررنا إنهاء الأمر ، عدت إلى المنزل متشائما وقررت أنى لن أزاول هذه المهنة مجددا " مراسل صحفى " ،
وأنى سأتفرغ إلى كتابه مذكراتى إلى أن أموت .

اخسفوكس عليكم شباب سيس :D

#‏يوميات_مراسل
#‏أحمد_سمير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق