سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

شعر: عامية – فصحى: بلانكا ....كل شئ في دمشق يموت .....بقلم آيشا الرامي

 

بلانكا
    حمامتي الحسناء بيضاء الريش و القلب, ولدت في دمشق من أنثي شامية وذكر حمصي عاشت فوق أسطح دمشق القديمة تشرب من نافورة غيلان وتتقوت على قمح تغسله وتنشره فدوى  الحلبية  ...هناك ربت ريشها كبرت جناحيها وصغارها ..فوق جبل قاسيون تعلمت أن تطير وتعشق رب الحرية...كانت تأخد من كل عاشق جرعة صبر تشربها و زهرة غرام تأتيني بها تأخذ بدلها بعض حبات القمح الشهية ...
    لم تأتي بلانكا منذ شهور....انتظرتها حتى نام الليل واستيقظتم...ونمتم واستيقظتم و إستيقظ النهار معكم...ونمتم  وفقتم مرات كثيرة ..... انتظرتها حتى فقدني الأمل...
عدت إلى عملي  ومجاملة الأيام والأحداث ...عدت إلى الحياة الميكانيكية والإختلاط  بالأغراب ...بين كل صبح وليلته و بين وجبة و أخرى كنت أنتظر بلانكا و أناجيها بشفاه مطبقة.....

******************************************
  
 أهذه أنت يا سوريا ؟
 ليست ملامح الشام هاته؟
أم هي ملامحك قد تشوهت؟
لما أكلتم وجه الوطن؟
 أين دفنتم قصائد نزار؟
أين بقايا الياسمين؟
أين القبل المسروقة من خلف ستار الخجل؟
متى صرنا نزف عرائسنا في فستان أحمر ؟
 متى صرنا نزف بلا زغاريد و لا حناء ولا غزل  ؟
كيف أصبحنا مشركين بفن السلم و متى امتهنا القتال واختلقنا حربا بلا مبادئ و لا أمل؟
أقلبك يا دمشق هذا الذي تشمع؟
أكبدك المطعون هذا الذي  انتحب ؟
أشرايينك يا الشام هذه التي تمزقت؟
هذا ابنك  يأكل قلب آخر من صلبك حبا في الأسد
وهذا يقطع  رأس أخيه ظنا منه أنه يبني درجا إلى الجنة
 أارضك يا أبية صارت تشرب من دماء أكبادها؟
ألم تلديهم على نفس الأرض ؟
ألم تخرجيهم من نفس الرحم ؟ ألم ترضعيهم نفس الحليب ؟
اليوم كبروا
 خرجوا من تحت جناحك
 قرأووا ما كتبتي  لكنهم لم يفهموا سوى ربعه
 قطعوا الثدي و دفقوا الللبأ
مضغوك ياأمي و قالوا:  "نظفوا الرحم إنه مشترك" بعضهم  يقول حرام بعضهم يقول كافر لا يعبد الأسد

***********************************                              
!.. فجر اليوم ايقظني نقير على زجاج النافذة ...حمامة.
 بلانكا ...بلانكا" صرخت"
 فتحت نافذتي وأدخلتها لكن بلانكا لم تكن سوداء
 ربما هذا ريشها قد اتسخ ...اردت أن أصدق لكني فهمت أنها مرسال... أعطيتها حفنة كبيرة من القمح أكلت نصفها و شربت ماءا من فمي... أزحت لها السجاد فبدأت تكتب فوق الأرض رسالتها بما تبقى من حبات قمح  وأنا    أقرأها حرفا حرفا استغرق الامر ساعات حتى غفيت في مكاني       
عزيزتي
 صارت سوريا أما لكل الألام ووطناً لكل المجازر مشنقة تطبق على نفس كل شئ وأي شئ ...كل المبادئ  وكل الأفراح  لم تعد تفرق بين بريء و ظالم
يموت الحيوان والطفل  كما يموت الخائن و الثائر والوطني والعاشق واللص والقاتل وعابر السبيل , يموت المصلي  بنفس الرصاصة التي اخترقت رأس الشيطان ., يقتل الثائر وبنفس الذنب يشنق الرضيع ويعدم الجندي كما الشيخ والمرتد والسكير...أتصدقين؟ أني رأيت بأم عيني غيلان وفدوى يموتان بأيادٍ حلبية قطعت رأسهما  بسيف جبانة صنعت في الصين! لم يعد  دم السوري يسيح لأغراض وطنية بل إنه نافورة  تروي فضول المصورين و تسلي العالم في ملله و تجبرالبعض على عبادة  الخوف و تسعى لآخرين في نوم عميق .أمانحن فصرنا ننام في قبورنا مغسلين لابسين أكفاننا لكي لا يتعب الأخرون  قبل دفننا.إنك تعرفين كل شئ عن حمام الشام و لكني أحببت أن أودعك قبل أن أنام.                                       
أحبك ......بلانكا
لم تختنق حمامتي بغازات سامة ّبل أوقفوا قلبها برصاصة طائشة.....سلبوا منها  حقها في الحياة بكل بساطة وسلبوا

... مني حقي في بلانكا...ارتاحت هي  و تركتنا  أروحا نصف ميتة مدفونة في وطن يحتضر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق