سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الخميس، 9 يناير 2014

مقالات دينية: القيام من الركوع: دعاء وانتساب لحزب الحامدين بقلم الشيخ محمد الزعبى

الصلاة مأوى الثائرين ومعراج الواعين

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة السابعة والسبعون

بعد الركوع ينتصب قائماً ويقول: «سمع الله لمن حمده ربَّنا لك الحمد» [من لا يحضره الفقيه وصحيح مسلم] وإن أضاف «والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم أهل الجبروت والكبرياء والعظمة» [من لا يحضره الفقيه] «سمع الله لمن حمده، قال: اللهم ربنا لك الحمد -ورفع صوته يسمعهم- مِلْءَ السماوات وملء الارض، وملء ما بينهما، أهل المجد والثناء، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولامعطي لما منعت، ولاينفع ذا الجدّ منك الجدّ» [مستدرك الوسائل] «سمع الله لمن حمده. اللهم لك الحمد ملء سمواتك وملء أرضك وملء ما شئت من شيء» [بحار الأنوار] «ربَّنا لك الحمدُ، مِلْءَ السماواتِ والأرضِ ومِلْءَ ما شئت من شيءٍ بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أَحَقُّ ما قال العبدُ -وكلنا لك عبدٌ- اللهمَّ لا مانعَ لما أَعْطَيْتَ، ولا معطيَ لما منعْتَ، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ» [صحيح مسلم] .. كلّ هذه الروايات واردة في كتب السنن، وتبدو ألفاظها متقاربةً جدّاً. قال العلامة المحقّق محمد حسن النجفي في جواهر الكلام شرح شرائع الإسلام: «سمع الله لمن حمده وتعديته باللام لتضمُّنِه معنى الاستجابة، كما أنّ قوله تعالى {لايسمعون إلى الملأ الأعلى} ضُمِّن معنى الإصغاء»، وقال النووي في شرح صحيح مسلم: «وَمَعْنَى "سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ" أَيْ أَجَابَ دُعَاء مَنْ حَمِدَهُ»، وقال الطريحي في مجمع البحرين: «سمع الله لمن حمده أجاب الله حمد من حمده و تقبّله، لأن غرض السماع الإجابة.

ومنه الدعاء أعوذ بك من دعاء لا يسمع أي لا يستجاب و لا يعتدّ به»، قال محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب في عون المعبود شرح سنن أبي داود: «حِين يَقُول سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ الْعُلَمَاء مَعْنَى سَمِعَ هَاهُنَا أَجَابَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى مُتَعَرِّضًا لِثَوَابِهِ اِسْتَجَابَ اللَّه تَعَالَى وَأَعْطَاهُ مَا تَعَرَّضَ لَهُ، فَإِنَّا نَقُول "رَبّنَا لَك الْحَمْد" لِتَحْصِيلِ ذَلِكَ ... أَهْل الثَّنَاء وَالْمَجْد: بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاء أَيْ يَا أَهْل الثَّنَاء هَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَجَوَّزَ بَعْضهمْ رَفْعه عَلَى تَقْدِير أَنْتَ أَهْل الثَّنَاء، وَالْمُخْتَار النَّصْب، وَالثَّنَاء الْوَصْف الْجَمِيل وَالْمَدْح، وَالْمَجْد الْعَظَمَة وَنِهَايَة الشَّرَف. أَحَقّ مَا قَالَ الْعَبْد وَكُلّنَا لَك عَبْد لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت إِلَخْ: تَقْدِيره أَحَقّ قَوْل الْعَبْد لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت إِلَخْ، وَاعْتَرَضَ بَيْنهمَا "وَكُلّنَا لَك عَبْد" ... وَإِنَّمَا يَعْتَرِض مَا يَعْتَرِض مِنْ هَذَا الْبَاب لِلِاهْتِمَامِ بِهِ وَارْتِبَاطه بِالْكَلَامِ السَّابِق، وَتَقْدِيره هَاهُنَا أَحَقّ قَوْل الْعَبْد لَا مَانِع لِمَا أَعْطَيْت وَكُلّنَا لَك عَبْد فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقُولهُ ... وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ: الْمَشْهُور فِيهِ فَتْح الْجِيم ... وَمَعْنَاهُ الْحَظّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان» ...

هذ بعضٌ من أقوال العلماء في شرح ذكر أو دعاء الرفع من الركوع، إذاً أنت تدعو الله سبحانه أن يجيب ويتقبّل حَمْدَ من حَمَدَهُ في كلّ مكان وكلّ زمان «سمع الله لمن حمده»، تدعو لأقوام ربما لا تعرفهم بأشخاصهم، ولكنّك تعرفهم بمنهجهم وفكرهم ومفاهيمهم وقيمهم ورسالتهم، وتنتسب إليهم وترتبط بِهم وتحبّهم إلى حدّ أنّك تدعو لهم في كلّ ركعة في صلاتك، إنّهم حزب الحامدين الذين عرفوا المحمود الحقّ، فركعوا لعظمته وسبّحوا بحمده، ولتؤكّد أنّك من هؤلاء تعلن: «ربّنا لك الحمدُ مِلْءَ السماوات وملء الأرض» إنّك ترى حمد الله (جلاله ورحمته وحكمته وكرمه ... ) في كلّ شيء، ترى حمده يملأ السماوات والأرض، وتوقن أنّ الإنسان مهما أوتي من ذكاء وقوّة إدراك، ومهما أوتي من رهافة حسٍّ، ومهما أوتي من شفافية روح، لا يمكن أن يحيط بمحامد الله، ولا أن يحصي ثناءً عليه، ولذلك تطلق حمدك في اللامحدود المطلق «وملء ما شئت من شيء بعد» .. «أهلَ الثناءِ والمجد» «أهل الجبروت والكبرياء والعظمة» وحدك اللهمّ بلا شريك أهلٌ للثناء المطلق والمجد المطلق، وحدك اللهمّ صاحب الجبروت والكبرياء والعظمة .. إنّك بِهذا النداء تستكمل معاني ركوعك ليخلوَ قلبُك لله، وليخرج منه أيُّ معنى من معاني الركوع القلبيّ لأيّ طاغية يدّعي مجداً أو عظمة أو كبرياء زائفة .. ولماذا يركع الإنسان لغير جلال وجهك يا ربّ ما دام «لا مانعَ لما أَعْطَيْتَ، ولا معطيَ لما منعْتَ، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ» إنّ كلّ الذين ركعوا بأبواب الطغاة يبتغون عطاءهم لم يعوا حقيقة أنّ الله سبحانه وحده المعطي ووحده المانع .. إنّ كلّ حظٍّ دنيويٍّ أو عظمة أو سلطان لا ينفع صاحبه من دون الله .. ولذلك لا تعظّم أصحاب هذه الحظوظ، ولا تسمح لهيبتهم الزائفة أو لسطوتِهم الواهمة أو لمغرياتِهم الخادعة أن تعيق مهمّتك ورسالتك في بناء نَهضة وحضارة لا يركع فيها الإنسان إلا لله.

أنت الآن صرْتَ جاهزاً للدخول في حضرة القرب، اختصرْ كلّ ما سبق أو استخلصْ من كلّ ما سبق القاعدة الأساس التي ابتدأْتَ بِها الصلاة «الله أكبر»، تكبّرُ الله ثمّ تَهوي ساجداً ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق