سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 9 ديسمبر 2013

دراسات: نثر - شعر: هذا هو الشاعر العراقي / نصيف الناصري (5) بقلم/ عدنان أبو أندلس

للفترة من 19-10-2013 إلى 25-10-2013 
التموج القهري والشكل المقلوب

قصيدة- جان دمو يذهب الى أمريكا- للشاعر نصيف الناصري.
يكفي إنه –نصيف الناصري! فله الحق بما يحتج وتحت أية يافطة , فذاك عذره وفي جيبه يقبع ترخيص أولي ,مختوماً من قرينه الإستثنائي – جان دمو- للمكافأة على الولاء الأبدي.
إن التمرد حالة طبيعية يمر بها المرء, كأزمة قد يراها هو ,وقد وصلت الى مرحلة لم يستمكن من تجاوزها والسكوت عنها منطقياً, مما حدا به الرضوخ للأمر وبصورة مؤقتة, و تقبل الواقع المرير بمضض, حيث طرأت عليه حالات من الإحتجاج لحظتها, وعلى إثرها رفض الواقع الماثل بعصبية حادة من تراكم الضيم القسري, فتراه يهيج كردة عكسية يخفف من وطأة الحدث القابع في مخيلته أبداً,مما يتطلب التعبير عن ذلك بأشكال مختلفة من حركات تمثل أمامه من رقص-غناء-رسم ومظاهرة وغيرها ضد السائد, وما قصيدة الشاعرالعصامي –نصيف الناصري-جان دمو يذهب الى أمريكا إلا بهذا النسق المنوه عنه-هذا النمط الشعري الحديث الملغز والعبثي بلغة إحتجاجية –اقرب الى اللغة السنسكريتية من تقطيع حروفها ولكنتها والتي نمت عشوائياً كالتحديق في مرآة محدبة, وفضاء حاد من إمتلاء بخبطة سوريالية, ولثغة طفولية ذات إصرار على المسيرة ودون إكتراث من السائد المتمنطق بإخلاق وعرف وضوابط خانقة ,تعيق من حريته ,مما حدا به رفض الواقع المعتم ببارود الحروب وتشظي مواطنيه في شتات الأصقاع البعيدة, ورفع يافطة معلناً المخطوطة / الصرخة, والتي قطعتها على هذا الشكل كي تتقبل التنغيم :
جان ها......جان هانانا
جان كا.....جان كانانا
كركوك , بغداد, بيروت ،هافانا
إن هذا المقطع الغائر والمتسربل بغرائبية عجيبة ,إستهل بإسم- جان- نديمة الأثيري,وبتأكيده المستهل –جان ها- ربما يدخل تأويلاً في باب مناداة إستغاثة- ترحم –وغيرها من الفاظ التوجع,ويكمل السطر- جان هانانا- وما تكرارها إلا التحذير أولاً,وإعطاء النص تناسقاً لفضياً بموسيقى حركية سائرة كمسيرة راجلة- من موروث سومري زاخر بإِحتشاد وتحدي- متابعاً رحلته من كركوك الى- نيويورك والتي لم يرها-أما هافانا فقد ذكرها للضرورة وتناغم لحني بلغة طفولية مغناة زجها مضطراً كي توائم حركة الإحتجاج ووقع الخطى في المسيرة الراجلة:
في نيويورك جان سكران بيرارا
جغ:جغ:جغ:جغ:جغ:
جغ:جغ:جغ:جغ:جغ:
ميري ماري ميرارا را را را را را
عن وصف هذه الحالة بمأساوية حادة وحسرة لاتبرد ,علماً إنها لا تشي إلا الى ضحكة مخنوقة من قبل متذوقي المألوف والسائد في بيئة لا تقبل التجديد, ربما قصد – جان – بلهجة عراقية أي، كان سكران , وميري – وماري إلا الشفيعة بنظره , وما لحقها من تقطيع لحروفهما إلا الوجع الدائم ,إن وصف هذه الحالة والتي تلازمه بهذه العبثية في التنافر ,إن لم نقل التشتيت والتبعثر في المعنى والمضمون ولما يحدث له وهو يتأبط ارصفة الحرمان في موطنه وها قرينه المآوى المستديم يغادره ,تأسف عليه بلفظة الآسى جغ-المكررة -5-مرات- -ومثلها –را- كي تتوازن كفة الصوت المنغم الإحتجاجية-إنه سيندم إذا غادر .
ونختم القصيدة بمقطعها العصي حال سابقه من التفكك والتشتيت الذهني:
بانك بانك....كانك كانك
ديلي ديلي....بيلي بيلي
دلدل دلدل....ولول ولول ...سوانا
عن الحركة المضطربة في إيقاعية هذا المقطع وتقعر الفاظه عصيّ على المدارك ,فيه من آلية الحركة والتي حطمت الشكل واخفت وأبعدت فيه كل معنى ممكن قابلاً للتأويل, بعد اخذ نفساً وإسترجاع ذهني مغادر,حيث نلاحظ الفوضى العارمة والتي لا يمكن حل رموزها بأية صيغة من التحايل النقدي المتحامل على هكذا غرائبية من رفض العقل وإزاحته جانباً ,حتى أضحى الأمر في غاية الصعوبة لحل لغز واحد في هذه الأحجية ,غير إني اقول :إن المعنى مختفي في تقاطعات النص بقصدية أراد الشاعر العبثي بدادئيته هذه ,ان يشغلنا كي يستدرجنا نحو حركته هذه ويزجنا في مسيرته كحشد يجابه بنا مراده,ولو ننقي من كل مفردة حرفاً واحداً يمكننا أن نؤلف نصاً شعرياً بومضة خاطفة,كما فعلت الدادائية في قرعة إنتقاء الكلمات من كيسها ,بهذا اختم هذا الإنطباع عن قصيدته وما زلت اتهجى اول حرفاً في كلمة –جان=هكذا –ج.....ا....ن- هذا الأسم السحري في شفرة الناصري الأبدية.
كركوك 24-10-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق