سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

مقالات سياسية: تساؤلات بقلم/ مهند نفيس

من التناقضات التي آخذها علي العلمانيين في بلادنا هو اقتناعهم بالمشترك الإنساني كأساس للتعامل بين البشر ، و هو - حسب السواد الأعظم من أقوالهم- مقدمٌ علي أي اختلاف في فكر أو عقيدةٍ أو مذهب ، فهي كلها دون ذلك "المشترك الإنساني " .
ربما يكون ظاهر القول حسناً ، و ربما يتفق و تعاليم ديننا الحنيف كذلك ، إنما يقع التناقض في التطبيق علي الواقع الذي قتل المقولات و النظريات الوردية الخادعة ؛ فإخواننا العلمانيين - بتقسيماتهم المختلفة - إنما يأخذون المشترك الإنساني - أو ما يسمي كذلك في وجهة نظرهم - لأن الحق في الحياة مثلاً لا يختلف عليه اثنان من البشر و يجب علي كل منهم احترام حق الآخر في حفظ نفسه ، و يلي ذلك بعض الحقوق الأخري التي تتعلق بهذا "المشترك " .
ما نستغرب منه هو نظرتهم لأصحاب مشروع الخلافة الإسلامية ، أو الإسلاميين ، -بتقسيماتهم أيضًا - فهم يرون أنها مشاريع رجعية ، أو عفي عليها الزمن ، أو متاجرة بالدين في سبيل المصلحة المادية "السلطة " أو إدعاءات كثيرة شبعوا ترديدها و شبع الإسلاميون تفنيدها و الرد عليها ، و أري - متواضعاً - أن الرد عليهم يجب أن يستمد من فكرة "المشترك " ذاته ، فإن كان ما يدعون مثاليته و ورديته هو ما اتُفق عليه من قبل جماعة من البشر علي أن بعض المبادئ و المواثيق - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مثلاً - ، فما المانع إذن من أن يتفق بعض البشر الآخرين الذين يعيشون علي بقعة من الأرض المستقلة - نظرياً - ، علي مبادئ و منطلقات تمثل " مشتركاً " آخراً بينهم و يهدفون إلي تكوين دولة أعظم و أكبر مكونة من عدد من الدول التي تتفق شعوبها علي نفس المبادئ و المنطلقات و المحددات الاستراتيجية ! ربما يكون التحول كونفدرالياً أو فدرالياً -إن استخدمنا لغة العلوم السياسية - .
أليس من حق المسلمين - أصحاب المشترك الديني الواحد - أن يكونوا دولة عقدية تقوم علي أساس المشترك الأعظم فيما بينهم ! أليس من حق غير المسلمين المتفقين علي تلك الرؤية الإسلامية للدولة أن ينضموا لتلك الدولة ! لماذا يتهم الإسلاميون بالتفريط في حدود الدولة إن نظرواخارج حدودها الاستعمارية و نحن في عصر "العولمة" ؟! لماذا عندما يحاول المسلم تمرير تعاليم ربه عبر الحدود يكون انتماؤه ليس للوطن بل للدين ، و لماذا تكون تلك المقولة سبة في حقه أصلاً !! هل نسي العلمانيون أن بسبب أن الإنسانية أشمل من العقائد و أبدي منها، اتخذوا منها مشتركًا فيما بينهم يحتكمون إليه ؟! و بالتالي ما المانع من أن نقول أن الإسلام كذلك أوسع من الحدود السياسية للدول القومية الحديثة و نريد أن نجعله مشتركاً فاعلاً في حياتنا اليومية ؟!!
مصيبة العلمانيين الكبري هم مدعي القومية العربية ، التي بدورها تمثل مشتركاً واسعاً أيضاً بين عموم الناس في دولنا المتجاورة و المتحدثة بالعربية ،فالقوميون من أشرس من وقفوا أمام مشروع الدولة الإسلامية ، مع أن مشروعهم أيضاعابراً للحدود - و إن كانت العروبة أقل شمولاً من الإسلام بالطبع - لماذا لا يتهمون إذن بالتفريط في مقدرات الأوطان !! لماذا يتحججون تارة في أدبياتهم بأن الحدود بين العرب رسمها المستعمر لذا يجب تجاوزها ، و تارة أخري أمام الإسلاميين بأنها حدود " وطنية " لا مجال لعبورها إن كان الأمر يتعلق بقضية إسلامية !! لماذا يتهموننا بالتجارة بالدين و لا نتهمهم بالتجارة بالعروبة ! لماذا يقولون علينا " متأسلمين "، مدعي الإسلام ، ولا نقول عليهم مدعي العروبة !
يجب علينا مواجهتهم فكرياً و شعبياً و توعوياً لنخرج البسطاء من سيطرة الدولة التنينية علي عقولهم و وعيهم ، و البسطاء هنا ليسوا بالضرورة فقراء المال أو الطعام ، بل بالدرجة الأولي هم فقراء العقل و الوعي ، فقراء المواجهة و العزيمة الذين يتمسمرون مساءً أمام الشاشات ليُبث في عقولهم ما يشاء الحاكم أن يبثه من سموم ، و نلاقي منهم صباحاً ما يشاء الله أن نلاقيه من هؤلاء " الشرفاء " !!
انتهت التساؤلات و بقيت نتائجها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق