سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

الطهارة من فلسفة المجتمع الفاسدة بقلم الشيخ/ محمد الزعبى

أركان الإسلام بين الكهانة والديانة- الحلقة الثامنة: 

ومن معاني الطهارة القرآنيّة التحرُّرُ من مشروع الكفر ومن سلطانه ومن ثقافته وقيمه ومفاهيمه (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)[آل عمران55] ولذلك لم يطق قوم لوط أن يروا المؤمنين مع لوط يعيشون بينهم (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)[النمل56] فلا يمكن أن يكون إخراج المؤمنين واضطهادهم لأنّهم يغسلون أجسادهم بالماء المطلق، أو لأنّهم قد اتّفقوا أو اختلفوا على نجاسة فرث البقر، إنّما أخرجتهم الجاهليّة لأنّهم قد تطهّروا من قيمها ومفاهيمها وسلطتها.. الطهارة من العمالة والفتنة: ومن معاني الطهارة القرآنيّة التطهّر عن العمالة لأعداء الأمّة، وتطهير المجتمع من عملاء العدوّ وجواسيسه (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة] فمن أيّ شيء يحبُّ الرجال في مسجد التقوى أن يتطهّروا؟ لَمَّا كان الحديث عن مسجد الضرار أنّ غايته الضرر والنفاق وبثّ الفرقة بين المؤمنين والتجسس لصالح العدوّ، فهذا يعني أنّ رجال مسجد التقوى يحبّون أن يتطهّروا من كلّ تلك الموبقات.. قتلة الحسين يتنَزَّهون عن دم البعوض!! إنّ حرص الإنسان على الطهارة الحسيّة لجسده وثوبه، ثمّ انغماسه في الولاء للطاغوت لا يُغني عنه شيئاً، ولذلك ورد في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لاِبْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» [وهو في مسند أحمد وسنن النسائي والترمذي]، رجل متورط في دم الحسين عليه السلام سواء بالمشاركة في قتله أو في تخلّيه عن مناصرته أو في سكوته أو دفاعه عن قَتَلَتِهِ... يسأل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن دم البعوض يصيب الثوب!! ولكنّ ابن عمر يرفض إعطاءه حتّى الحكم الفقهيَّ، لأنه ماذا سيفيده هذا الحكم الفقهيّ وهو كان يشهد إخماد ثورة الحقّ والعدل التي قامت ضدّ سلطة الظلم والباطل، ولم يقف إلى جانب الثورة ولم يناصرها؟!! ماذا سيفيده التنَزُّهُ عن دم البعوض وهو كان يشهد ريحانة قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تقتطعها أيدي الجَوْرِ، وتسحقها خيول الظلم والظلام، ولم يحرِّكْ ساكناً؟!! اذهب يا هذا ودَعْكَ من السؤال عن دم البعوض، اذهب وانغمس في كلّ النجاسات الحسيّة، فإنّها لا تؤثّر عليك ما دُمْتَ قد انغمست في النجاسة الكبرى، وهي التخلّي عن مناصرة ثورة الحقّ والعدل، اذهب فحالك كحال القائل «أنا الغريقُ فما خوفي من البَللِ».. في الحلقة القادمة: الطهارة بالماء.. مادّة الوجود الأولى.. عود إلى الفطرة الصافية- الماء.. رمز الحياة والنماء- ويثبت به الأقدام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق