سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

السبت، 17 أغسطس 2013

مقالات سياسية: اليمن "السّعيد".الثورة المغدورة بقلم/ مختار الأحولى

 " من تونس"

حين يلهمنا التاريخ(ومنه القصّ القرآني والتوراتي)قصّة سيدنا سليمان. يخبرنا أولا عن مملكة لا تغيب عنها شمس الحياة بجميع تفاصيلها(من عقل يبني إلى كادح يشيّد إلى أرض كانت رمز جنّة عدن "تجري من تحتها الأنهار". وأيضا والأهم ثراء أهلها بما منحوا من ثروات أصلها الماء والشمس.وكانت سبأ رمز أسطوريّ لبداية العدّ العكسيّ لهذه المملكة التي أنجبت العرق العربي الأول"القحطانيين"فثرواتهم كانت محلّ أطماع اليهود منذ الزمن الأول ليس لقربها من الكيان فقط وإنما موقعها الجغرافي الرابط بين قارات آسيا وإفريقيا وجزيرة العرب وحتى في خروجهم كانت أهم مناطق الاحتماء وطلب الحماية مثل منطقة حرّان وغيرها التي وجد فيها تراث يهوديّ مطمور فعدّت هذه الأرض من بقيّة مملكة اليهود الإسرائيليين)إن هذه الالتفاتة لتاريخ اليمن السعيد هو أهم مدخل وجدته لربط الحاضر بماضيه الإنساني والاستعماري. فعمليّة تفقير وتجويع هذا البلد الذي له شرعيّة التاريخ العرقي لعموم العرب. هي أهم عنصر يغيّب التاريخ ليصنع بديل له بعد توفّر تراكم كبير للمال النفطيّ الذي يشتري من نسّابي العصر شرعيّة الريادة والقيادة باسم التاريخ الذي جزّء هو الآخر بمعطيات مصالح هذا النسّاب(القويّ المهاب والمستعمر الطاغية) وليس بمعطيات الأصل والفرع. فبعد تحطّم سد مأرب الكارثيّ كانت الهجرة وتوطّنت عروش(قيل أنها قبائل)والحال أن أصلها مازال يعاني إرث الفاجعة حتى يومنا هذا.
نسبة فقر تتجاوز 60% ونسبة بطالة تفوق 40% نسب لا تقارن حتى بدول فقيرة في إفريقيا في مجال الصرف الصحّي والكهرباء والماء الصالح للشراب. في بلد مأرب وجنّته عدن. 
كلّ هذه المعطيات التي تعطي شرعيّة للثورة التي قامت في اليمن الذي وحّد بقوّة سلاح الخليج ومساعداته العسكريّة التي غلّبت الطاغية علي عبدالله صالح على يمن كان يعيش نموذجا(رغم كلّ سلبياته)إلاّ أنه كان طرحا مؤمنا ومنذ زمن مبكّر بمسائل الحرّية والكرامة الوطنيّة والتشارك في الثروة. ورغم أخطاء علي سالم البيض ولجنته المركزيّة. إلاّ أن الحدّ الأدنى من الكرامة والتساوي والحرّيات. وأيضا ضروريات العيش الكريم كانت على قلّتها تتوفّر لكلّ شعب اليمن السعيد. لكن في جوار خليج يولد في رحم الإمبرياليّة ليس ثمّة مكان (للكفّار حسب اعتقادهم بكلّ الجهل الذي تحتويه هذه الكلمة بالفكر الإنسانيّ عامة وخاصة). فكان الدعم العسكري المباشر لتحطيم هذا النموذج الذي يحرج وجودهم ويهدّد مشاريعهم التي مشاريع الامبريالية والصهيونيّة العالميّة. وهو الذي على أكثر من مقربة من ممالكهم الغنيّة بالنفط والذي احتكروه لخاصتهم. ويرمون بفتاته. تارة على شعوبهم لإسكاتها وإيهامها بصحّة خياراتهم اللا وطنيّة واللا قوميّة. وأخرى على مشاريع المستعمر الذي يحمي كراسيهم وكراسي حلفائهم من العرب العاربة والمستعربة. وفي هذا الصدد يغدقون بأكثر سخاء من صاحب الحلّ والعقد الذي يحمي وجودهم على كراسيهم من غضب الجماهير الشعبيّة أكثر مما يسمونه خطر الأعداء. ومن هوّ هذا العدوّ الذي يتربّص بحكّام مهزومين أصلا؟.
وكانت تحت شعار الوحدة اليمنيّة.تلك الحرب التي أصبحت مسمار جحا لحكم اليمن.وهو أول المقتنعين بدور أمريكا ومن ورائها أموال الخليج من أسس وانتصر في هذه الحرب إن لم أقل قادها ميدانيّا. هذه الوحدة التي أطلق من خلالها يد المنتصر لينهب ما توفّر من الدخل العام والخاص والدعم الذي رصد لشعب قيل أنه رغب في الوحدة.(تحت شعار أعمار اليمن) كان النهب وطغيان كغيره من حكّام العرب الشرفاء. وزرع أصول التعمير في الحكم وحتى توريثه. الشقاق في شعب لم يرتقي حتى زمننا هذا إلى المدنيّة رغم التجربة الاشتراكية التي زرعت المبادئ التي قامت عليها ثورة اليمن هذه التي تمّ غدرها ونحرها من جديد. من خلال السعوديّة ودورها. ومن وراءها بقية دول الخليج النفطيّة.تحت غطاء "يمن آمن نفطنا آمن وكذلك وجودنا آمن". فأي تغيير في اليمن له ردّة فعل في السعوديّة الجارة وبقيّة الممالك والإمارات والسلطنات في ظلّ اشتعال نار تقسيم الخارطة إلى رقاع صالحة للعبة شطرنج الزمن القادم للاعبين متحكمين(بوهم القوّة)في حكّام خارطة الصراع وليس شعوبهم. 
ولم يكتفي صالح بل زرع الفقر والجهل المدقع. حتى تناما عنصر العصابات التي تهرّب الأطفال للتسوّل في بلدان الجوار وعلى وجه الخصوص السعوديّة. وحتى أصبح اليمن محطّة إفراغ الكابت السعودي. وأيضا لم يكتفي بمحاربة الحوثيين بل زرع أهم أداة للبقاء والمساومة مع الدول المانحة ليس للشرعيّة في الحكم فقط بل والدعم المادي والتسليح. زرع القاعدة(حتى أنه وقبل مغادرة الحكم وطّنهم وجعل لهم محطّة وموقعا على الأرض اليمنيّة القابلة للانفجار بالفرقة والانفصال التي تحكمها من قبليّة وغيرها).فعمليّة التفجير في القصر التي أصابته اتضح أنها مدروسة بشكل يعيق تفكير صالح في البقاء في الحكم من جهة. وإن مات انتهوا منه وكفاهم شرّ القتال. وإن بقي حيّا"وهذا ما حصل بالفعل"لن يعاند أكثر وسيتجه للمشورة(والأصل هو مناقشة شروطه للخروج من الحكم ليس بالفرار كزين العرب أو المحاكمة والسجن كمبارك والسحل كالقذافي. لكن بكامل الثروة التي غنمها طيلة حكمه لليمن. وضمان سلامته وأهله وحاشيته وبطانته التي غنمت أيضا من خيرات الشعب اليمني المفقّر والمجهّل والثائر الذي لا يراد له أن يبني يمنا يكون مرجعا للتاريخ القديم أيام جنّات عدن التي أسلفنا ذكرها في البداية.وحتى القيادة العسكريّة التي بقيت حتى آخر وقت تسند صالح وتدين له بالولاء. رغم أن أصل ولاء الجيش يجب أن يكون للشعب الذي ثار على الطاغية وليس أن يكون أداة من أدوات الطغاة لحكم شعوبهم تحت أي ذريعة. 
وهم"أي الخليج ومن ورائهم اليهود بآلتهم الأمريكيّة"أعلم الناس بما يكنزه اليمن من طاقات وعقول قادرة على أن تكون. وتبني يمنا سعيدا. قولا وفعلا. لذلك فإن بقاء اليمن في قبليته وتخلّفه وعدم بناء الدولة المدنيّة بمرجعيّة شعبيّة هو أكبر حام للممالك والإمارات والسلطنات بأن تبقى بعيدا عن الوعي الجماهيري المتحرّك والذي يخشون وصوله لممالكهم.و الذي يهدّ كيانهم وثروتهم التي هي ثروة شعب وليست ثروة خاصة. إذ لم يوصي ربّك الأكرم في محكم قرآنه بثروة النفط لقبيلة أو عائلة أو حاكم بل جعلها ثروة تبني بلدا أكرمها بدينه القويم. إن لم أتجاوز وأقول دعامة أمة أرادها خير أمّة قد أخرجت للناس.
فكان الحلّ مهزلة ثورة تغدر. وبأداة من الداخل(أي ما يدعى بالمعارضة الوطنيّة) التي كانت تتقاسم وعلي عبدالله صالح أدوار المسيرة أيام حكمه والتي لا ترغب في تفويت الفرصة لإثبات الجدوى من وجودها أمام الخليج وعلى رأسهم السعوديّة مفتاح الامبرياليّة القديم لبلوغ السلطة. وبمساعدة ومؤازرة قطريّة . لذلك لم يلتفت ولم يستشر الشعب الثائر بل صادروا صوته مرّة أخرى وصعّدوا خليفة واحدا أوحد في انتخابات صوريّة فيها من الريبة ما يستفزّ أي مواكب للثورة اليمنيّة الشعبيّة. لمرحلة قيل أنها انتقالية والأصح انتقائية إذ أنها تبني لحكم من ذات الجبّة (الصالحيّة) وبذات المعطيات السياسية التي تحافظ على عدم انتصار الشعب في آخر المشوار بل انتصار قوى الردّة لتحكم بما يفرض شروط تعايش وعيش الممالك والسلطنات والإمارات النفطيّة ومن يحكمها فقط. وكلّ تلك الأسماء التي اختفت الآن بقدرة قادر ليكون الانتخاب الديمقراطي نتاج المسيرة الثوريّة للشعب اليمني فيها ولها مرشّح واحد هو نائب الرئيس صالح الذي نجح ب99% على عادة الانتخابات العربيّة الديمقراطيّة جدّا. 
إذا ما الفرق بين انتخاب نائب الرئيس الراحل"غير مأسوف عليه". والذي لم يفوته قبل رحيله ليوفّر"كآخر خدمة لأسياده الذين منّوا عليه بحلّ حصانته"بأن وفّر لهم على الأرض.الأرضيّة السانحة للتدخّل الفوريّ إذا ما فتحت أبواب الانفصال. أو تعاظم خطر من زرعهم وأهداهم موقعا على الأرض من بقايا تنظيم القاعدة. عند انحراف ما يؤسسوه لليمن الجديد بعده.أو حتى إعلان العصيان من طرف آل الأحمر أو الحوثيين أو الانفصاليين. أليست هذه الملفّات فخاخ مفخّخة للسلف أورثها بإضافات الراهن ومعطياته للخلف حتى لا يحيد عن تفاعلات الرسم البياني صعودا ونزولا مع نبض الشارع.وهي التي زرعت بعناية منذ زمان لإعاقة اليمن السعيد؟ألم يكن كافيا تلك الحصانة التي فرضت على الثوار (لصالح) وذويه ومقرّبيه ممن انتفعوا بخيرات اليمنيين طيلة زمن كان فيه الشعب اليمني ضائع بين القات وبين معارضة لم تتجاوز حدود المرسوم لها سلفا حتى من عبدالله صالح ذاته؟ وهذا الحال ليس مفردة يمنيّة بل تشترك فيها كلّ الشعب العربيّ الثائر من تونس مرورا بمصر واليمن وسوريا والبحرين وغيرها كثير.
وما الفرق بين نائب الرئيس الذي هو نفسه من كان يسهر على ذات البرامج التي جعلت من اليمن من أكثر الدول فقرا في العالم."ورغم أنه مؤقّت على شاكلة الثورات التي يراد لها الغدر" ولا تبعد عن ثراء الأثرياء من ذرّيتها ونسلها، سوى بعض ميل؟ وما الجدوى من الثورة حين تعود باليمن إلى نائب الرئيس الذاهب؟ وب99 %. أليست هذه ثورة أخرى غدرت في مهدها الأول؟ بينما هناك حتى الآن من تعاند وتجاهد في سبيل نجاحها وبأقل خسائر ممكنة؟ وتحاول الفكاك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق