سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 15 يوليو 2013

مقالات سياسية: الثورة العربيّة الدّائمة بقلم/ المختار الأحولي

" من تونس"

من هم؟

أوباما والتغير الذي جاء من أجله: 

كان صعود نجم أوباما سياسيا مرفقا بهالة. تغذّي رؤية شعبيّة أمريكيّة جديدة تماما. على شخصية من يحكم قوّة عالميّة. ليس على مستوى الأصل العرقي واللوني فحسب. حتى أنه عدّ نصرا للأقليات المضطهدة تاريخيّا، واقتصاديّا، وحتى تعليميّا، وحياتيا عامة(ومنهم المسلمين بما أنه يحمل من الأب الإفريقي دما مسلما"باراك حسين أوباما") وابتعادا عن حماقات وغباء حكم عائلات الثراء. اللذين ابسط ما يقنعهم وهم في الحكم، هو مراكمة الثروة على حساب الشعب(المموّل الرئيسي للحكم عن طريق الضرائب التي يدفعها وكدحه الدائم). وعلى حساب مصالحه ومصالح شعوب العالم. من خلال تكتّل الحاكم ومن كان خلف صعوده، في عصابة تستنفر كلّ طاقاتها وجهدها للفوز بأكبر قدر ممكن من العقود والاستثمارات. وربط علاقات قذرة مع حكّام مهزومين أصلا(عربا وغيرهم). وبأسلوب استخباراتي من خلال جمع ملفّات مخزية تكون ورقة ضغط دائمة . وليس بنسب الولاء لأمريكا شعبا. بقدر خدمة المصالح ألأمريكيّة(المتمثّلة في مصالح النخبة الرأسمالية والشركات(وعلى رأسها شركات السلاح والصناعات الثقيلة العابرة للقارات) المتحكّمة في كلّ أمريكا(إرادة الحاكم طبعا) وتوابعها في العالم). وكان أوباما حلم الأمريكان شعبا(خصوصا الفئات الضعيفة والأقليات ذات الأصل الغير أوروبي. والدين المغاير لدين الطبقة الحاكمة. وتحالفاتها التي أسسها المال ليقوّيها ويغذيها العامل الديني. وفكرة الاضطهاد التاريخي. لكن العوامل الجديدة خصوصا بعد تطوّر أسعار النفط التي تراكمت ثروات خياليّة بيد فئة من حكّام هزمتهم أهوائهم. وجينات الجريمة التي تجمعهم وهؤلاء. الذين برعوا في اصطياد مثل هذه الفئة لتقوية حضورها في محيطها. وزرعها حتى تكون الجندي الأمامي لحماية حديقة أمريكا الخلفيّة.لكن أوباما جاء ليجدّد هذه الآلية ويحدّثها بعد أن أصبحت كلّ تفاصيلها مكشوفة لدى الخاص والعام وبالية في بلدان هؤلاء العصابات الحاكمة. وعوض تدمير معارضي هذا الجندي الأمامي. وقع ومنذ البدء انتقاء لمن يمكن أن يكون خلفا صالحا للسلف الذي يكون من مهامه تدمير اللذين بقوا خارج ما تنتقيه أمريكا. وتخرجه إلى ظلّ يترعرع فيه إلى حين. ثمّ يستخدم ورقة ضغط على هذه الجندي ساعة يجب. وكانت أرض أوروبا هي الوسّادة لهؤلاء. حيث راكموا الذلّة.والأموال القذرة. لطول ما تاجروا في المواقف حسب قواعد الربح والنفع الذي نشؤ عليه. من أجهزة تسهر على حماية وجودهم. وتوفّر لهم وبتخطيط مدروس. ساعات الظهور والاختفاء وما يجب أن يقال وما لا يقال في ذلك الظهور.
أوباما وفي سرعة منقطعة. ومن خلال الهالة وبفضلها فقط. يحرز على جائزة لم يظهر بعد استحقاقه لها ولم يظهر حتى القدرة على تنفيذ البرامج التي فكرتها كانت سبب لهذا الدعم المعنوي الكبير والتاريخي لمن ينالها(قبل أن يكتشف العالم مؤخّرا أن نوبل جائزة سياسية بامتياز وليست إنسانية تنال بالجدارة وحتى أصبحت محفلا من محافل تأطير. ما يخالف المبدأ الذي أقدم نوبل ذاته على تأسيس هذه الجائزة من ماله الخاص).
ولأن إرادة كاملة هي التي وقفت خلف أوباما(سياسية واقتصادية وعسكريّة وحتى مخابراتي عالميّ).جرّبوا وسائل غير تقليدية فاجأت النخبة السياسية التقليدية في أمريكا. وعلى رأسها سلاح اجتماعي يمس القاعدة الشعبيّة من أقرب مجالاتها الحيويّة(المواقع الالكترونيّة ومنها الفايسبوك والتويتر واليتوب وغيرها) وكان الفوز ليس لأوباما فقط بل لنجاح المرحلة الأولى من مختطه الحربي الجديد البسيط والمعقّد في آن. وكانت الآلية المتفوّقة على الميدان بدرجة أكبر لسهولتها ورواجها في غالبيّة الشرائح الاجتماعيّة بفروقها الطبقيّة.(الفايسبوك) الذي ربط بين بقيّة الفروع القتاليّة بضغطة زرّ. وتسريبا للمعلومات في طرق الاستخدام على ذات المواقع.
هذا السلاح الذي أصبح أكبر سلاح للدمار الشامل فهو أقوى فعليا، وزمنيا، من حرب تقليديّة. وأكثر شراسة وضراوة من آليات عسكريّة. تتحرّك بأموال طائلة وربّما تنتهي في رمية مقاتل جيّد على الطرف الآخر فتكون خسارة في المال والأرواح.وتمّ تأجيل اللجوء إلى السلاح إلى حين"وتوفّرت فرصته في حرب ليبيا من خلال الناتوا". وهنا سيكون ردّة فعل دافع الضرائب. الحامي الوحيد لديمومة مصانع الآلة العسكريّة هذه قويّة. ربّما تكون استفاقتها أقوى من تلك التي عاشتها أمريكا على إثر خسارة مخزية في فيتنام. لذلك كان يجب الترتيب المحكم لهذه الحرب(ومن خلال المقولة العلميّة التجربة والخطأ هي مقوّم النجاح) يمكن أن نستقصي مراحل التنفيذ الفعلي لهذا المقاتل وقفزاته على الخارطة المعقّدة أصلا. والأخذ من ملفّ الصقور المهزومين ما يفيد للخطّة الجديدة.والعودة إلى دور المخابر(التي تحدّثنا عنها في أول البحث أي البلدان المخابر. التي أعدت سلفا لتكون مخبر إنتاج الحلول والبدائل).ولاختصار المسافة والمساحة نورد المعطيات في شكل نقاط أسئلة:
- أين الآن موقع ويكيليكس ومالكه. وكلّ الهالة التي أحيطت بهذا الملف. والتسريبات التي تخصّ الشعوب. بقصد تنويرها وتشكيل غضب شعبيّ. سترتفع درجاته. بردّة فعل المكشوفين للحفاظ على مواقعهم؟ وقام الطرف الأمريكي بمسرحيّة محاكمة صاحب الموقع من جهة. لتبرئة ساحتهم قدّام حكام لم يرحلوا بعد إلى مثواهم. وشنّوا حملة إعلاميّة موازية لدعم مسألة الحرّيات وخصوصا حرّية التعاطي مع المعلومة وحرّية شخصيّة للمساهمين في بثّها للرأي العام. وهذا مبدأ متنازع عليه إنسانيا. ولم ينتهي ملفّه لما يشوبه من اختراقات.وهنا حرّك ضمير الشعوب لحماية مناصريها.
- المحاولات الأولى لاستخدام حرب الفايسبوك وجّهت إلى إيران بقصد إضعاف وإرباك جبهتها الداخليّة وكلنا يذكر محاكمة المتهمة بالزنا وأوّل ما جرّب فيها. التصوير الهاتفي للأحداث الميدانيّة. وهنا يبرز التويتر وعالمه الموازي والخادم للفايسبوك في عمليّة الحرب التي فاقت الإعلام الذي حاول مسايرة الحدث بتخصيص عناوين استقبال لهذه التسجيلات الهاوية ثمّ تطويعها واستخدامها في شكل دعاية موجّهة حسب طلب الخدمة(وللتذكير نذكّر بدور محطّة الجزيرة لتعويض النقص في كمّية المستخدمين العرب للفايسبوك).
- وبعد توفّر الغضب الشعبي العام وترعرع وتغذية نار الحقد على الطبقة الحاكمة وأهل بلاطها المنتفع بدم الشعوب كانت مرحلة التحريض المبطّن من خلال تكثيف وإطناب بلغ حدّ الفبركة لزيادة مساحة الزمن الملهب للجماهير الناريّة وقتها. والتي لا تنتظر سوى القادح الفعلي أو المبرّر(على هشاشته). للخروج إلى الشارع والمواجهة الرهيبة.
- قبل ذلك بقليل تواترت التقارير التي تفيد بأن تونس على حافة الهاوية.وهي الفاتحة الأولى. خصوصا بعد تطعيم المشهد المتوتّر أصلا بإطناب الجزيرة في التعاطي مع ملفّ الساحة التونسيّة(المختبر)ومنذ أحداث الرديف 2008. 
- الجميع يجمعون أن لا دور للسياسيين في الثورة وهذا خطأ تاريخيّ فكلّ المحطات التلفزيّة وعلى رأسها(بنسب المشاهدة في تونس) فرنسا24 والجزيرة على وجه الخصوص ومحطات فرنسيّة وعربيّة(بدرجة مشاهدة أقل)استنجدت بتحليلات السياسيين التونسيين من أقصى اليسار واليمين وحسب برامج وأجندات معدةّ سلفا في دوائر مختصّة. لكن تأكدهم من معطى عربي قائم لا يخصّ تونس وحدها. أن العرب شعب نسّأ بقدر كبير من السرعة. وبفعل التوجيه لأسباب كثيرة أهمها نقص كبير وفادح في درجة الوعي الجماعيّ. الفكريّ والتنظيميّ وخصوصا التعليميّ. الذي ضربت قواعده منذ زمن بعيد فأصبح انتقائيا وحتى نخبويّا(لكن زمن المعارك تسارع حيث أن وجود أطراف فكريّة من عائلات فكريّة متعدّدة في تونس وفي الوطن العربي ولو بشكل محصور في نخب متنافرة كان لها ومازال حضور. يمكن وأكيد أنه سيكون فاعلا. إذ لا مجال بعد الآن لتحريك الشعب بوجهة واحدة وتحت شعار واحد حتى وإن كان ذلك بالعودة إلى فعل السلاح.)
- وهنا كان(البوعزيزي ليقوم بدور أسست ناره أحداث قفصه 2008 وبن قردان ومساكن وغيرها في إعطاء الضوء الأخضر. لمن يحمي النار ويوجهها إلى برّ آمن. كوجهة أولى."الجيش وجزء من الأمن "الآمن جانبه" بحكم سيطرة بن علي المباشرة على الجهاز الأمني ودرايته الشخصيّة بمفاصله ومكاتبه). فكانت وقفة الكونغرس المشهودة تحيّة لنجاح مبدأ أول ومفصل أول من آليات الحرب. وخصوصا شجاعة وإقدام وقوّة إرادة الثائر التونسي. الذي حوّل أحلام عديدة وعلى رأسها حلمه هو أصلا إلى حقيقة ميدانيّة في مهدها الأول ليلة 14-01-2011 الإنقلابيّة.
وكان انتصار ثنائيّ ففي ذات الليلة احتفل وبحذر شديد كلّ من الإدارة الأوباميّة والشعب التونسي. الأول بفعاليّة طرحه الحربي. والثاني بقوّته وإرادته. وهزمه لطاغيّة يعتبر من أقوى طغاة العصر الذي نعيش. رغم تأكده الضمني من معونة ما قدّمت له في اللحظات الحاسمة والدليل"شكوكه في عمليّة تهريب الزين"وغيرها من الأحداث المرافقة الغامضة حتى الآن رغم محاولات التبرير المبرمج على خلفيّة الوطنيّة. 
وهنا جاء دور مخبر آخر وجب التضحية به فقد انتهى دوره عمليا واحترقت ورقت توته بحيث أصبح عبأ على مخططات أمريكا والصهيونيّة في المنطقة رغم المحبّة الخاصة التي يحظى بها في دوائر التنفيذ العربي للمخطط الأمريكي للخدمات التاريخيّة التي قدّمها لهم. ولحمايتهم وتثبيت رؤيا التعامل مع أمريكا كقوّة عالميّة قادرة على حماية وجودهم. لكنّها وكما سنرى هي ليست مستعدّة لحمايته هو أصلا من غضب شعبه المبرمج وأعني تحديدا مبارك مصر. 
فلكلّ دوره حسب قائمة المصالح وأزمنتها التي تحدّدها الصراعات الأممية. وفي مصر لم يشذّوا عن القاعدة التاريخيّة التي بحكم واقع مصر كعدوّ للكيان ظاهريّا. رغم معاهدة كامب ديفيد المهينة.(ورغم كلّ البيانات الثوريّة قبل الثورة بزمن وحتى مستهلّها بالعداوة التاريخيّة. واللا الغليظة. لوجود الكيان والمعاهدة وما انجرّ عنها من اتفاقات. على سبيل المثال بيع الغاز المصري ببخس الأثمان للكيان. وسنرى أن بعد الوصول إلى الحكم أصبح الخطاب في تونس"دولة الاحتلال"وكلمة دولة دليل على الاعتراف الضمني بوجود دولة إسرائيل بحدود لن تكون في كلّ الأحوال حدود 1967 أمّا في مصر فالموافقة كلّية على المعاهدة وما تبعها).وهكذا فإن الجيش أيضا يعتبر المحرّك الرئيسي لإنتاج القيادة منذ جمال عبد الناصر ولا يريد فقد مكانته. هذا رغم سيطرة المعارضة على الشارع المصري التي أصبحت تاريخيّة على الساحة أيام مبارك خصوصا. والتي غذتها بالإشعاع الإعلامي والهالة الشعبيّة المفترضة(كحركة كفاية لعبد النور مثلا والتي كنّا نتصوّر من كثرة ما تواترت أخبار نضالها على الساحة المصريّة والتي استدعت في بعض الأحيان القصوى خلال محاكمات عبد النور تدخّل أمريكيا رسميا)ولا أتحدث عن القتل المنظّم على الشاكلة التونسية والعربيّة عموما للخطر اليساري عموما وتجفيف منابع انتشار أفكاره وحصر رقعة حضوره في من لم يحملهم بعد الزمن إلى مثواهم الأخير والذين يحاولون جاهدين ترك أثر لهم وخلف يمنع اندثارهم مخطئين لأن تاريخ الأفكار له حتميات حتى في الوجود العفوي وحتى الغريزي.الذي ينضج وينتشر بفعل التواصل مع الإنسانيّة وحراكها المسترسل.
وكانت مصر بميدان التحرير وكان الشعب المصري مدفوعا بانتصار مستحقّ. على شاكلة ثورة شقيقه التونسي. في طريقه لصنع الحدث لكن فشل هذه المرّة ذراع الحرب في تأمين مصير مبارك بعد الضغط الجماهيري الكبير. الذي تعداده هو يفوق جماهير تونس الصغيرة. لذلك فإن التعاطي معه كان يحتكم إلى السرعة. حتى لا تنفلت الأمور نحو ما لا ترغبه إدارة المعركة. بحيث تخرج الأحداث عن السيطرة. وتشبث مبارك بالسلطة غير مقتنع بنهايته الحتميّة كانا سلاحا أفشل(حتى بعد فهمه لحتميّة رحيله المتأخر جدا) تهريبه على شاكلة بن علي تونس. لكن المحاولة متواصلة لضمان الحدّ الأدنى من سلامته مقابل سكوته وصمته عن التاريخ(وهذا ما كان غير متوفّر كما سنرى في الملفّ الليبي فالقذافي يمثّل خطرا فهو ذاكرة تاريخيّة ليس للعرب وقياداتها فحسب وإنما للصراع العالمي فهو من الحكّام الذين عمّروا منذ ما فاق ال40 سنة من الحكم الفعلي فكانت فتوى إسلاميّة بقتله. وكما رأينا كم شنّع به. والتاريخ هنا يذكّرنا بفتاوى قتل صدام يوم عيد إسلامي. (وهذا نموذج آخر على قوّة حضور المتأسلمين وليس المسلمين في مخطّط العدوّ والإسلام براء من هذه الملّة.وخصوصا تعويله عليهم لقيادة العوام الغفّل)
ويذكّرنا أيضا بما درسنا في التاريخ العربي خصوصا من مجازر تغطّى بالدين وتغلّف بما يجتزئ من كتاب الله عمدا وقصدا لتبرير وتشريع ما لا يشرّع أو يبرّر.لا دينيّا ولا أخلاقيا ولا إنسانيا حتى.والذي بلغ حدّ ضرب الكعبة بالمنجنيق بقصد الهدم على رؤوس معارضيّ الحكم الذي يتمثّل في شخص الحاكم وسلالته المالكة لرقاب الأمّة.
وللحفاظ على الحدّ الأدنى من سلامة إسرائيل. والعمل على ديمومة هذه السلامة من غضب شعبيّ جارف أبرزته الأحداث خصوصا في قضيّة سفارة إسرائيل. التي كانت بمثابة مقياس للتعاطي الشعبي الدافع لأي قيادة في اتجاه حرب مع إسرائيل. ليكون الشرط المباشر لاستلام السلطة ولو وقتيا في مصر هو الالتزام بعاهدة كامب ديفيد. وكما سبق وأن أشرت أن الاسلامويين من معتدلة إلى غلاتهم.بلغوا مرحلة من خيانة الثورة بالقبول بشرط الحفاظ على سلامة إسرائيل مقابل الوصول إلى السلطة. وحتى الجناح العقلاني المكفّر لليساريين في بلده هو مكفّر لا يقوى على الالتحام والشعب نتاج لما أسلفنا من تحليل لعمليّة القتل المنظّم لهذا الفكر بينما لا يقوى الاسلامويين على تكفير الكافر أصلا بل يمدّ له يد السلام فقط ليحكم. (وهذا ما سنمرّ عليه ذاكرين في مرحلة أخرى من هذه الدراسة).
لم يتجاوز الزمن شهرين ليحتفل العالم وخصوصا فقرائه وكادحيه بانتصار ثاني مدوّي. لكن ليسوا لوحدهم. فإدارة المعركة الامبرياليّة الصهيونيّة. التي لا تزال تحافظ حتى الآن على الحدّ الأدنى من الظهور على السطح. مخافة تحوّل الغضب الشعبيّ على وجودها هي أيضا. الغير مرغوب فيه أصلا. وتاريخيّا. في أوساط الشعوب المضطهدة عموما والعربيّة على وجه التخصيص. للتاريخ الأسود لأمريكا في المنطقة. وهذا ما وعته جيدا إدارة المعركة. لذلك هذه المرّة وكسابقتها في المخبر الأول أعادت لعب ذات الورقة(الجيش. والموالي الثابت ولائه من الأمن ومن العناصر النوعيّة) لكن اختلف الدور الطبيعي للجيش بين تونس، التي تكتسب مقوّمات الدولة المدنيّة تاريخيّا(في جزئها العام على الأقل أي الإدارة المسيطرة على دواليب الدولة لذلك من يتحكم في الإدارة له الحكم في تونس. بينما وبحكم عوامل تاريخيّة فإن الحضور العسكري في آليات الحكم في مصر وخصوصا المخابرات العسكريّة يصبح شرط ومفتاح الحكم منذ ثورة الضباط الأحرار وحتى اليوم. هو إما التحالف معها. أو التحالف مع من بيده مفاتيح تحييدها جزئيا على الأقل وضمان بقائها في ثكناتها أكبر زمن ممكن. من العناصر السياسية التي تحظى بقبول الجيش).
وهذا الفارق هو الذي كان عاملا حاسما في عمليّة التأسيس لما بعد الثورة في كلا الساحتين فبين إعادة كتابة الدستور وبين تغيير مفاصل منه"ونعرف كلّنا قيمة الدستور في الاحتكام إليه بحثا عن الشرعيّة(الديمقراطيّة)للحكم.ولو لفترة زمنيّة تمتدّ حتما إلى زمن مؤسس حتما لمسار تاريخ جديد لمصر. إذ لا يمكن كتابة دستور كلّ سنة أو تنقيحه كلّ أربع سنوات بصعود نجم لاعب جديد على سدّة الحكم. إلاّ في حالات جنوح السفينة أو الاتفاق العام على الجدوى والحاجة لذلك
وكان 25 فيفري(فيبراير) إيذانا صريحا وقويّا وفاعلا في جدّية سلاح التغيير وفعاليته في نمطين(الدولة الأمنية والدولة العسكريّة أين يكون الحزب على وهن عقيدته تابعا لا متبوع وسنرى كيف تتولّد مشاكل تضطر الامبرياليّة للنزول بثقلها في ظلّ الدولة الحزبيّة أو العقائدية الحزبيّة مع التفاصيل المغايرة للحالة في ليبيا رغم أن العنوان واحد) . ونجاح التعبئة المنشودة من خلال الأسلحة الفاعلة التي سبق ذكرها. وكان هذا التاريخ مستهلا فعليّا بحكم ارتباط مصر التاريخيّ بالخليج(أو بالجزء الشرقيّ من الخارطة العربيّة أكثر من تفاعلها مع الجزء ألمغاربي)لذلك سنلحظ شبه حذر شديد رغم خصوصية العلاقة بين ليبيا ومصر تاريخيّا وشعبيّا كدولة جارة غنيّة. رغم قيادتها التي عادت طويلا مصر حتى وهي في حاجة لدعمها قبل أن يتحوّل العقيد إلى مساندا لمبارك سياسة وقيادة بعد فتح علاقاته مع أمريكا(التي نجح نجاحا باهرا في تنفيذها وتنفيذ شروطها زين العرب على رأي ياسر عرفات). لكنه لغرور تاريخيّ بحكم أقدميّته في الحكم(التي تخللها نضال بجملة كبيرة جدا من الأخطاء في داخل ليبيا وفي خارجها بحكم ما يطرح على نفسه"وأعني العقيد القذّافي"من أدوار رياديّة وقياديّة عالميّة. التي لم يغفرها اليهود والامبرياليّة الصهيونيّة لمثل هذه القيادات التي تنعت بالثوريّة العالميّة.وما جناه شعبه وقاساه من تهميش لدوره في الداخل بلغ حدّ قتل التفكير وليس بلوغ الفكر إلى غالبيّة شباب ومثقفي الشعب بدعوى نظريته العالميّة الثالثة العظيمة التي تكفي ليكون كتابه الأخضر لليبيا دستورا إن لم أقل قرآن وجود).
لذلك كان هذا التاريخ على الأرض الليبيّة نهاية تخفّي القيادة الحارسة(الملاك الحارس)لهذه الثورات بحكم تسارع الأحداث فيها أكثر من اليمن الذي يحظى قائده بحظوة خاصة بعد توحيد اليمن ومحو الشطر الكافر منها بقوّة الدعم الخليجي الموجّهة دفّته من أمريكا.وغيره من الملفات التي كان صالح يتبناها. لكن وقوفه مع صدّام في محفل خاله محفل المنتصر كان بداية نهايته. فصدام منتصر في حربه ضدّ إيران وهو منتصر في حربه على اليمن الاشتراكي ونسي في لحظة فرح ونشوة أن من انتصر فعلا هو من رعى الحرب وموّلها وهو ليس سوى مجرّد جندي مطيع نفّذ ميدانيا. ولا يحقّ له أن يتصوّر أنه بطلا تاريخيّا حتى لو كان الأمر يتعلّق بيمن هو واحد أصلا.
فحاولت أولا أمريكا أن لا تظهر في الصورة مباشرة وتركت لقطر دور البروز مضحّية بحليفها فهي تعلم حتما حجم الغضب الشعبيّ الذي ستجنيه بعد انكشاف دوره لكنها وللحاجة الأكيدة هي قادرة على حمايته ودعمه مرحليّا ليكون جنديها على الساحة. لذلك حمته بأن جعلته قبلة من يرغب في الحكم(أي بتكريس إرادة قوّة مفترضة)ثم عدّلت هذه الخطّة بأن جعلته محطّة لبلوغ البيت الأبيض أو مفتاح الجنّة. لطرح البرامج التي ترغب في الحكم وإظهار كمّ القدرة على الولاء للبرامج الجديدة للقوّة المحتفلة بانتصار رؤيتها وأسلحتها(السلميّة لحدّ ما) للتغيير والحرب.حتى أن قيادات حماس العدوّ الأصلي للكيان الصهيوني والذي كان قبل تحوّل قياداته الشرعيّة إلى ضفّة التحالفات السوريّة. تنكرت بذلك لباعثها والدور الذي كلّفت به عند ولادتها من قسم ظهر المقاومة التي ومن خلال الدعم السوري أصبحت ورقة من ورقات توت الأنظمة العربيّة قبل التخلّي عليها لدعم برنامج الديمقراطيات العربيّة بدبابات أمريكا. والعوزي الصهيوني.وبعد التمكن من ابتلاع قيادة فتح منذ ياسر عرفات و"أسلوا" وحتى أوان إلغائه عن الوجود. ها هي هذه القيادات تتجزأ بين مناصر لقطر ومشروعها وتمويلها وبين عناصر قياديّة تاريخيّة لم تجد حتى الآن وطنا تتشرّد فيه لحين ميسرة قطريّة أمريكيّة.
إذا ومن خلال هذه العناصر العامة يمكن أن نفكّك أحد أبرز التجارب وأوّل منبت للثورة وأكثر الساحات صراعا على ثوريّة الثورة وشرعيتها الشعبيّة التاريخيّة. تونس التي لا تزال تكتب وبمراحل حسّاسة تاريخ الصراع بين الشعب ذي غالبيّة قادرة على برمجتها وأقول لثقلها في الشارع السياسي التونسي غالبيّة أخرى بين "متفرّجة صامتة"كما سمّاها رئيس الوزراء الغنوشي. وبين متحرّكة صلب المعركة وبأدوات تخلق من ضعف قوّة.
وحتى أكون أكثر وضوحا فإن ما أحرزته ترويكا الحكم المؤقّت في تونس في ظلّ الانتخابات الديمقراطيّة الأولى وعلى رأسها حزب النهضة. هو لا يمثّل إطلاقا غالبيّة الشارع الذي شهدنها ونشهده بعد خروج العديد من صمتهم عند احتداد العناصر المحرّكة هي ذات العناصر التي ستبني قاعدة الحكم ومشروع تونس ما بعد انتفاضة و(إنقلاب) 14/01/2011. لكن سنضطر للمرور بتحليلنا على أهم مراحل التاريخ التي خزّنت وشحنت ما كان من ثورة لنعي أهمّية نضال كلّ طرف في تاريخ الحركة الثوريّة في تونس وعلى الأخص دور الشعب في هذه المراحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق