سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 9 أبريل 2014

قصة قصيرة: والذي منه بقلم/ : عبادة عشيبة

 ( من مجموعة المتاريس )

 ( 1 )
الرجل يكاد يكون ملطاً كما ولدته أمه ، يتدحرج في مصرف صرف قرموط روبة لا يتستر بشيء دون قميص قماشي ضاع لونه ، يلبسه على اللحم مرفوعاً إلى فوق الركبة برباط صوفي مفتول يطوق وسطه ولا يتدلى منه شيء عن عمد وتجمل رأسه برنيطة خوص ..
الرجل بارع في تطهير المصارف ، ضربة كوريكه في بطن المصرف ضربة معلم ، يقط الجانبين من أسفل ومن أعلى بمهارة وحذق كما يقول الكتاب ، مهارة وحذق ميزتاه عن عمال اليومية في البلد والقرى المجاورة ، ثم إنه لايترك خلفه في بطن المصرف وجانبيه حال انتهائه من مهمته ولو شعرة من نبتة خضراء أو صفراء أو حتى ناشفة ، يتعارك على الظفر به أصحاب الأراضي ولا يهمهم مقدار يوميته بقدر قيامه هو بتطهير مصارف أراضيهم وإعادتها صالحة للعمل بدرجة مائة في المائة حفاظاً على درجة جودة التربة والمحصول امتياز حتى أن الأعمال الفلاحية الأخرى انقطعت عن الرجل أو قل : انقطع الرجل عنها الأمر الذي بات على إثره متخصصاً في هذه المهمة المرهقة ، يأخذها مقاولة لا يومية ، مغسِّلة لا أكل ولا شرب ولا سجاير ولا حتى مروراً عليه للمباشرة ، فقط يتسلم المصرف من صاحب الأرض ثم يسلمه بعد معاينته وفق ما تم الإتفاق عليه ومقاولته تكون قد وصلته على داير المليم الواحد والسلام ..

( 2 )
ـ قالتْ زوجته شاكية : الهدوم باظتْ ودابت وإيدي إتكلتْ وماحنش ملاحكينك هدوم من روبة المصارف وعفشها ..!!! ،
ـ سألها مستفسراً : يعني ايه ؟
ـ حانية مستعطفة أجابته : ما عتش تلبسهم
ـ سألها : وبعدين ..؟!!!
ـ أجابته : البس قميصاً ، أردفتْ : البس قميصاً من قمصاني القماش ..
ـ صامتاً علق النظر ، واصلتْ متسائلة : وفيها ايه ، غيرك يلبسهم ..؟
ـ عادتْ موضحة : إنت بتسرح ، ومافيش غيط ما فيهوش خص ، اقلع هدومك وعلقها في الخص ، والبس القميص ، واربطة بالدكة ، وانزل المصرف اشتغل ، وآخر النهار نزِّلْ الروبة ، واسلتْ القميص ، والبس هدومك ، وارجع بيتك بعون الله باشا ..
ـ مستنكراً : يااااا وليّـة ..!!!
ـ مشجعة : عادي ، وانا هجهز لك قميصين ، يوم ويوم ..

 ( 3 )
عندما نادته لغداء اليوم كان قد دوَّب لها بدل القميص عشرة ، وعادة هي لا تأتي إليه إلآ حال ما تكون المقطوعية كبيرة ويلزمها وقتاً طويلاً من العمل ، وانجازاً للمهمة حسبما يكون الإتفاق تضطر معاونته بإحضار الغداء والشاي والمعسل والذي منه حيثما يكون موضعه حفاظاً على وقته من مضيعته ذهاباً للغداء في البيت ثم إياباً للعمل مرة أخرى .
تغلقُ الباب على الأولاد أو تتركهم في معية الجيران وتشيل الغداء وتسرح ..

( 4 )
لمتْ الحطب ، أشعلتْ فيها النار ، رمتْ في وسطها كوالح كيزان الدرة لزوم الجوزة بعد الأكل مع الشاي ، لما وصل عند الخص كان قد تخطى قناة ومصرفاً ، وقناة من مائها هندم نفسه وتوضأ تحضيراً لصلاة الظهر ..
أقصى البرنيطة جانباً وجلس بالداخل أمامه الطعام المفرود فوق القش ، الأجواء حواليه هس هس دونهما وطقطقة أعواد حطب شجر الجوافة تشتعل مستعرة وفقفقة ماء الشاي يغلي في البراد ..
بصراحة المرأة شاطرة وخدامة رجالة ، بسرعة كانت الجوزة أمامة يكركر ماؤها وكوبابة الشاي في إيده وهي تلملم بقايا أكله في الكروانة الألمنيوم ..

( 5 )
جلستْ قبالته على باب الخص صامتة لا يستره عنها ساتر ، مكشوفاً ( هو ) لها ، برهة لمح عينيها حال زفره دخان نفس معسل عميق في الهواء زائغتين ، عَوَجَتْ من نفسها وقلبها يخفق بعينين ناريتين صوب شيء بان منه جلياً .. ويكبر .
تسمرتْ عيناه عند بريق لحم أحمر يتكشف بين فخذيها كأنه يراه للمرة الأولى ، سَرَتْ
تنميلة وتنميلة ، وتنميلة تدفقتْ بقوة ثقل لها الشيء وانتصب واشتد قواه ، برقتْ عيناها وهو يناولها كوباية الشاي ولم يطلب منها أخري كعادته ، متعمدة طوَّحتْ جسدها المتختخ واضعة الكوباية في الكروانة فَ تَ عَ رَ تْ فخذاها عن بكرة
أبيها ..
( 6 )
ابتسم ، ابتسمتْ ، التقتْ عيناهما لآمعتين ، يُطْفِيءُ حجر الجوزة المشتعل في بطن الأرض ، شالته عنه متعرية ويده تسوي مكاناً داخل الخص .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق