مع انقضاء العام المنصرم ندهت نداهة الثانوية العامة مريديها ليبدءوا في حجز مراكز الثانوية العامة مستقين خبراتهم في ذلك ممن سبقوهم في تلك المرحلة معتمدين علي مبدأ اسأل مجرب ولا تسأل ولا تشاور ماما فهي ببساطة غير خبيرة ومنذ زمن قديم كان هناك مبدأ الاعتماد علي النفس ويري أن كثرة الدروس الخصوصية ما هي إلا حالة من التشتت وتضييع الوقت. مراكز الدروس الخصوصية المنتشرة بالقاهرة تمارس نشاطها بكل حرية رغم عدم إشراف وزارة التربية والتعليم عليها لجأت لحيلة جديدة
وتعتبر الممارسات المرتبطة بظاهرة الفساد بأشكالها المختلفة من أهم المدخلات التي تحد من فاعلية السياسات العامة عند انتقالها من مستوى القرار والتخطيط إلى حيز التطبيق والتنفيذ، ونظرًا للأهمية التي تمثلها السياسة التعليمية وقطاع التعليم بالنسبة لعملية التنمية والتطوير وبخاصة ما يتعلق بتوفير احتياجات سوق العمل من أصحاب التخصصات والمهارات المختلفة، ذات الصلة الوثيقة بسياسات وبرامج التنمية، ومن المعروف أن الخطاب السياسي الرسمي يولى السياسة التعليمية اهتمامًا خاصًّا، بل أن النظام السياسي يعتبر تطوير التعليم هو المشروع القومي لمصر. إلا أنه بالرغم من ذلك فإن السياسة التعليمية تعاني من التأثير السلبي بسبب بعض ممارسات الفساد التي تحد من فاعليتها، وتعظم من الآثار السلبية التي أصبحت تؤكد على وجود فجوة بين التعليم والتنمية. ولعل أبرز مظاهر هذا التأثير السلبي هو انتشار البطالة، بالإضافة إلى تهديد العديد من الأهداف والمبادئ والحقوق المستقرة التي نص عليها الدستور المصري مثل جعل التعليم الأساسي إلزاميًّا وإتاحته مجانًا للجميع، وتعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، ويجيء ذلك نتيجة ارتفاع عبء وتكلفة التعليم على الدولة وعلى الأسرة المصرية، وهو ما يمتد بأثره إلى الإخلال بمبدأ جعل التعليم العالي متاحًا للجميع على قدم المساواة، تبعًا لكفاءة طالبي الالتحاق به.
ولا تعرف حقيقة الثانوية العامة فهي معركة تستلزم التسلح والاحتياط لها بأكثر من مدرس في المادة لعمل المفاضلة اللازمة للانتهاء والاستقرار علي مدرس كُفْؤ يرتاح له الفؤاد ويسوق المعلومات للدماغ كالسهل الممتنع. معاناة مستمرة يعيشها أولياء أمورالطلاب، بسبب استمرار أزمة الدروس الخصوصية، وما تضاعفه من أعباء على كاهل الأسرة المصرية، ويرى غالبية أولياء الأمور أنها بسبب تقاعس بعض المعلمين عن أداء عملهم داخل المدارس، ما يضطر الطلاب إلى اللجوء للدروس الخصوصية. في الوقت الذي يستعد فيه الآباء والأمهات لشراء مستلزمات المدارس، تستعد مراكز الدروس الخصوصية لاستقبال طلبات حجز الدروس الخصوصية.
لكن الأمر هذه المرة يختلف عن كل عام، حيث فوجئ الطلاب بارتفاع في الأسعار، ففي أحد المراكز بمنطقة الدقي فوجئ الطلاب بزيادة 20 جنيهاً، ليصل سعر المادة الواحدة شهرياً إلى 220 جنيهاً بدلاً من 200 جنيه مثل العام الماضي، بعض المسئولين عن المركز رفضوا الحديث إلينا معتبرين أن الزيادات التي حدثت زيادات طفيفة، ومؤكدين أن رواد المركز لم يتأثروا بتلك الزيادات، وأن جميع الأماكن محجوزة، والمركز يشهد إقبالاً كبيراً بين الدارسين من طلبة الثانوية العامة.
وفى مركز آخر إن الأسعار لم ترتفع، إذ تتراوح بين 30 و35 جنيهاً للحصة الواحدة، ويتوقف سعرها حسب المادة العلمية؛ إذا كانت تابعة للقسم العلمي فإن سعرها سيرتفع 5 جنيهات، في حين تقل في المواد الأدبية، وقال أحد العاملين بالمركز إن الأسعار لا تزال كما هي مثل السنوات الماضية، وإنه لا نية لرفعها، وأكد أن المدرس هو الذي يتحكم في أسعار المراكز. وأن كل ذلك أدي إلي أن أصبحت المراكز أمرا واقعا.
لذلك أعتقد أن القضاء علي ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل عام. يحتاج إلي تضافر شقي العملية وهم وزارة التربية والتعليم والأسرة المصرية والعبء الأكبر يقع علي الوزارة من خلال تطوير الكتاب المدرسي والمناهج ونظام التقويم الشامل الذي هو أهم أسباب الدروس الخصوصية بسبب النظام العقيم لوضع الأسئلة والتي تكون في مجملها لقياس حفظ الطالب وليس فهمه وهو الجانب الذي يلعب عليه مدرس الدروس الخصوصية ومن خبراته يستطيع أن يتوقع الأسئلة التي ستأتي في الامتحان إلي جانب توضيح وتبسيط المعلومة في شكل كبسولة عكس الكتاب المدرسي العقيم المليء بالحشو والتكرار والذي يجعل الطالب ينفر منه، إلي جانب نقطة مهمة وأنا أعتقد أنها ليست غائبة علي القائمين علي التعليم في مصر وهو نظام القبول بالجامعات حيث الأعداد المحدودة بالجامعات مقابل الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة فأصبح الصراع علي نصف درجة إلي جانب أهمية قياس القدرات قبل الالتحاق بالكلية وهذا يحتاج إلي تعديل ثقافة المجتمع نحو امتحانات قدرات القبول وأن جميع الكليات كليات قمة بالنسبة للطالب المحب لنوعية الدراسة التي سيلتحق بها عكس التحاقه كلية غير محببة إليه يمكن أن تؤدي به إلي الفشل الدراسي.
والحقيقة أن قرار الوزير بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية هو مجرد محاولة علي الطريق لإعادة دور المدرسة التعليمي والتربوي في مواجهة الدروس الخصوصية ولكن للأسف الشديد فإن وجود إدارة مدرسية مترهلة من أحد أسباب انتشار المراكز حيث يسمح ويتستر مدير المدرسة علي المدرس الذي يذهب إلي مركز الدروس في أثناء اليوم الدراسي ومعه الطلاب، فمهما لجأ الوزير إلي القرارات القانونية في هذا الوضع لفشل تماما في تنفيذ قراراته في الوقت الذي لا تستطيع إدارات المتابعة مواجهة إمبراطورية المراكز وتستر مديري المدارس وهجرة الطلاب الفصول لعدم الاستفادة العلمية ويعتبرون الذهاب إلي المدرسة مضيعة للوقت، ولكي ينفذ الوزير قراراته لابد من التعاون مع الوزارات المختلفة مثل الأوقاف والكنيسة والحكم المحلي والمحافظين والذين يجب عدم السماح بتراخيص المراكز وإصدار قرارات بالإغلاق لمن هو موجود من خلال الشرطة وعمل محاضر وإخطار المالية بتحصيل الضرائب عن عمله في الدروس الخصوصية وأن تكون المواجهة مجتمعية وليست وزارة التربية والتعليم لوحدها.
أن 33% من دخل الأسرة المصرية يوجه للدروس الخصوصية ومجموعات التقوية خاصة بعد أن تحولت إلي ظاهرة مجتمعية في ظل انهيار مستوي المعلم التعليمي والمهني وأصبح لا يقوم بالشرح داخل الفصل معتمدا علي الدروس الخصوصية وأيضا الكتاب المدرسي العقيم وأساليب التقويم التي تعتمد علي الحفظ ولا تنمي القدرات الإبداعية لدي الطلاب حيث إن الحفظ يمثل 90% والتفكير 10%، وبالتالي لكي نقضي علي الدروس لابد من مواجهة مجتمعية حكومية تبدأ بتحليل المشكلة ووضع الحلول الحقيقية النابعة من أرض الواقع وليست دراسات علي الورق.
وتشير الإحصائيات أيضًا إلى أن هناك تفاوتًا في الالتحاق بالتعليم الابتدائي بين الذكور والإناث في محافظات مصر المختلفة؛ وهو ما أكده تقرير تقييم المحافظات الذي أشار إلى التفوق في تعليم الذكور في إجمالي محافظات الجمهورية بنسبة 4,8%، وتفوق الإناث في محافظة واحدة وهى بورسعيد بنسبة 1,3 %، وهناك فجوة مرتفعة وصلت إلى أكثر من 9% في خمس محافظات وهى الفيوم بنسبة 9,9% والمنيا بنسبة 10,3% وأسيوط بنسبة 11,5% ومرسى مطروح 15,8% وبني سويف 14,2%.وفي التعليم الإعدادي تفوق الذكور في ثلاث وعشرين محافظة والإناث في ثلاث محافظات فقط هي بورسعيد والدقهلية والغربية، وتركزت الفجوة المرتفعة بين الذكور والإناث في التعليم الإعدادي في محافظات شمال سيناء 9,2%، وسوهاج 9,4%، وأسيوط 11,5%، وجنوب سيناء 11,7%، والفيوم 13,3%، وبني سويف 14,4%، ومطروح28,5%، والمنيا 15,9%.وبالنسبة للتعليم الثانوي العام تتفوق الإناث على الذكور في تسع عشرة محافظة بينها خمس محافظات تشهد تفوقًا كبيرًا للإناث هي محافظات دمياط وأسوان والبحر الأحمر وبورسعيد والسويس، بينما كانت محافظات جنوب سيناء والجيزة وقنا وأسيوط والفيوم وبني سويف وسوهاج هي الأكثر تفوقًا بالنسبة للذكور في التعليم الثانوي العام. وبالنسبة للتعليم الثانوي الفني فإن الإناث يتفوقن بصفة عامة في التعليم التجاري على مستوى الجمهورية بنسبة 28,4% ما عدا محافظتين فقط هما مرسى مطروح وجنوب سيناء حيث يتفوق الذكور، أما التعليم الزراعي فتفوق الذكور واضح بدرجة كبيرة حيث تصل نسبة الذكور إلى 56,9% من إجمالي الطلبة والطالبات الدارسين بهذه المدارس، فيما عدا ثلاث محافظات يكون التفوق فيها للإناث في مدارس التعليم الثانوي الزراعي وهى محافظات كفر الشيخ ودمياط والشرقية، أما في التعليم الصناعي فلازالت الغلبة للذكور وتعد محافظات الدقهلية والوادي الجديد من أكثر المحافظات تفوقًا للذكور في مجال التعليم الصناعي الفني . كذلك تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الأمية تصل إلى 27,70% من إجمالي السكان، والنسبة الغالبة من النساء. ولا شك أن ارتفاع نسبة الأمية يعنى أن النظام التعليمي أصبح غير قادر على جذب جميع الطلاب واستيعابهم أو الاحتفاظ بهم في مقاعد الدراسة لحين انتهاء مرحلة التعليم الأساسي على الأقل. وهو ما يرجعه الكثير من خبراء التنمية إلى تفشى ظاهرة التسرب من التعليم والتي ارتفعت معدلاتها بين البنين في المرحلة الابتدائية في المناطق الحضرية من 0,76% إلى 1,03% خلال الفترة 2003-2004. أما نسبتها بين البنين في المرحلة الإعدادية في الريف فقد ارتفعت من 4,28% خلال الفترة 2001-2002 إلى 9,61% خلال الفترة 2003-20014 وعلى مستوى المحافظات، فإن أعلى نسبة تسرب توجد في محافظة جنوب سيناء بنسبة 11,74% تليها البحر الأحمر بنسبة 7,41%، ثم الإسكندرية 6,05% أما العاصمة فتصل نسبة التسرب فيها إلى 3,6%.هذا ورغم ما تشير إليه الإحصاءات من جهد ضخم تبذله الدولة لضمان حق التعليم وإتاحته لجميع المواطنين كما يتضح في الأعداد الضخمة من المدارس، وحجم ما تضخه الدولة من موارد في قطاع التعليم والتي تجاوزت 27 مليار جنيه، إلا أن الأرقام بذاتها ليست ذات دلالة كافية على مدى جودة وفاعلية النظام التعليمي وكفاءته، خاصة وأن التعليم بمراحله المختلفة يلعب دورًا محوريًّا في تكوين وتشكيل رأس المال البشرى. ويعتبر رأس المال البشري من أهم عوامل التنمية، والعنصر الحرج في عمليات الإنتاج. ولقد أوضحت الدراسات التي قام بها شولتز وبيكر في مجال الاقتصاد أن الموارد البشرية هي أحد عوامل الإنتاج الرئيسة التي تساهم بنسبه كبيرة في زيادة الإنتاجية، وعلى مستوى المنظمات يلعب رأس المال البشري دورًا فعّالاً في تحسين أدائها وانتظامه. كما يلعب دورًا هامًّا في الرقي بالمجتمع وتحديد موقعة بين دول العالم.
التكلفة الاقتصادية للدروس الخصوصية في مصر
غم أن هناك إجماعا عاما على تدني نوعية التعليم في مصر، إلا أنه لا يوجد حوار مجتمعي عام يناقش جذور المشكلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف نظام التعليم الحكومي والاعتماد واسع النطاق على الدروس الخصوصية كمكمل لهذا النظام يساهمان في تفاقم عدم المساواة الاقتصادية، مما يثير مخاوف بشأن العدالة الاجتماعية. ولأجل تحريك وتشكيل النقاش العام حول التعليم الأساسي واستجلاء الطلب المجتمعي لإصلاحه وجدير بالذكر أن الدروس الخصوصية تمثل أحد أهم التحديات الرئيسية التي تواجه نظام التعليم. فهذه الظاهرة عادة ما تؤدي إلى أن المعلم يتعمد التقليل من جودة تدريسه (أي جهده المبذول في الفصل) لإجبار الطلاب على تلقي دروس خصوصية لديه. وقد نشأت الدروس الخصوصية من ناحية أخرى نتيجة رغبة الطالب (أو والديه) في تحسين مستواه المعرفي حول الموضوع (في الغالب لأسباب تنافسية). ومن شأن ذلك إلقاء عبء مالي إضافي على كاهل الآباء الذين يرسلون أطفالهم إلى المدارس العامة، كما يضع الفقراء المحرومين بالفعل في وضع غير موات. كما يؤدي ذلك إلى مزيد من تدهور التعليم العام بسبب عزوف المعلمين عن التدريس في المدرسة، مما ينشر الفساد بين المدارس العامة حيث لا يتلقى الطالب ذو القدرات المتميزة أعلى الدرجات بل الطالب الذي والديه على استعداد لدفع المال الإضافي للمعلمين.
أن سوء وضع التعليم في مصر بات مفرطًا به، خاصة فيما يتعلق بالدروس الخصوصية، موضحًا أن المبالغ التي تنفق سنويًا على تلك العملية تصل إلى 2.6 مليار دولار أمريكي، ما يعادل 18 مليارًا و56 مليون جنيه مصري، و29% من الإنفاق الحكومي على التعليم منذ عام 2011، الأمر الذي يجعلها تمثل عبئًا على ميزانية الأسر. هل إصلاح الخلل في هيكل الأجور هو الحل لوقف التدهور؟ بالطبع، لكن بدون إصلاح بقية المنظومة، من بناء المدارس ومن وضع المناهج ونظم التعلم الملائمة، وكذلك من إصلاح المعضلة الكبرى المسماة «نظام الامتحان»، فإنه لن يحدث وقف للتدهور، وإنما سنكون كمن يحرث في البحر. فقضية بناء المدارس من الأولويات، خاصة بعد أن تجاوزت نسبة العجز في المدارس الثلث تقريبا، وهو ما أدى إلى وجود نسبة 25 في المائة من المدارس تعمل فترتين في اليوم الواحد، بل هناك ألف منطقة ليس بها مدارس للتعليم الأساسي من الأصل. وتقدر التكلفة المطلوبة لبناء مدارس جديدة خلال الـ 10 سنوات القادمة بحوالي 6 مليار دولار، وذلك للوصول بالكثافة إلى المعدلات العالمية المتعارف عليها. أما قضية المناهج فهي، مثلها مثل قضية الامتحانات، تحتاج إلى تغيير جذري. فنظم الامتحانات في مصر تقليدية تقيس القدرة على الحفظ فقط وإعادة التسميع، ما يساهم بصورة رئيسية في تدني الجودة التعليمية، لأنه لا يؤدي إلى اكتساب الطلاب أي معرفة أو تعلّم حقيقي، ولا أي تمكّن من المنهجية. لذلك تعد مواجهة ظاهرة الفساد في التعليم احد أهم آليات إصلاح النظام التعليمي خاصةً بعد أن أصبح الفساد بجميع أشكاله عقبة كأداء وعائقًا حقيقيًّا أمام إصلاح التعليم وتطويره لما أصبح يمتلكه من قوة مقاومة حقيقية لديها القدرة على إفساد أي خطط لإصلاح النظام التعليمي، مع العلم أن هذه المقاومة لا ترتبط قوتها فقط بحجم الهدر الذي يصيب الموارد المتاحة من الدولة أو المجتمع لقطاع التعليم، ولكن أيضًا باتساع جبهة المستفيدين من مظاهر الفساد، والتي يتولد عنها تعدد أشكال الفساد داخل هذا القطاع، وانهيار المنظومة الأخلاقية لدى كثير من العاملين في قطاع التعليم، فضلاً عن آثارها لدى الطلاب.
بعض الدول لا تسمح لمدرسيها بإعطاء الدروس الخصوصية، وتقوم بفصله من العمل في مدارسها النظامية في حال ما ثبت ممارسته للتدريس الخاص، وأصدرت هذه الدول قرارات لهذه الغاية.
مما لا شك فيه بأن بعض مدرسي الدروس الخصوصية، تضرروا كثيراً بسبب هذه القرارات، حيث كانت هذه الدروس تزيد من دخولهم الشهرية، بسبب الالتزامات المالية الكبيرة التي وضعوا أنفسهم فيها كبقية شرائح المجتمع.
يعول العديد من المدرسين على الدروس الخصوصية، لأن دخلهم مقارنة مع مهن أخرى متدني، ولا يلبي احتياجاتهم الأساسية في ظل غلاء فاحش للأسعار.
لا يوجد إحصائيات دقيقة متوفرة بين أيدينا حول عدد الطلبة الذين يلجأون إلى الدروس الخصوصية لزيادة تحصيلهم العلمي في الأردن، ونسبة هؤلاء الطلبة تقدر بحوالي 53.5 %، بحسب الاستطلاع الذي أجرته وزارة التربية والتعليم حول "الدروس الخصوصية، الأسباب والآثار التربوية المترتبة عليها"، وتشمل عينة الاستطلاع الطلبة الذين يلجأون إلى الدروس الخصوصية في جميع مراحل التعليم ما قبل الجامعة.
وأوصى الاستطلاع الذي تكونت عينته من 1302 شخص منهم 1037 ولي أمر و132 طالباً وطالبة، و133 معلماً ومعلمة بإحياء نظام دروس التقوية والتعمق التي توفرها المدارس الحكومية لطلبتها ليتم من خلالها معالجة جوانب الضعف التي يعاني منها بعض الطلبة.
وتم اختيار عينة الاستطلاع بالطريقة العشوائية من خلال النسبة المئوية لأعداد الطلبة والمعلمين في الأقاليم الثلاثة (الوسط، الشمال، الجنوب)، كما تضمنت توصيات الاستطلاع التي صدرت أخيرا ضرورة الاهتمام بالمعلم عبر تدريبه على برامج تعليمية وتقويمية حديثة، اضافة إلى إجراء دراسة تهدف إلى التعرف على أثر الدروس الخصوصية في تحصيل الطلبة وخاصة طلبة الثانوية العامة.
وركز الاستطلاع على مجموعة نقاط من أبرزها نسبة انتشار الدروس الخصوصية في المجتمع الأردني، ونسبة انتشارها تبعاً للأقاليم إضافة إلى نسبة انتشارها مقارنة بالمؤهل العلمي لولي الأمر. واهتم الاستطلاع بجوانب مثل حجم إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية، والصفوف والمباحث التي يزداد فيها الاعتماد على الدروس الخصوصية، ووجهت نتائج الاستطلاع توصية إلى الباحثين بضرورة اجراء دراسة تتعلق بظاهرة الدروس الخصوصية لطلبة الصف الثاني الثانوي.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة الدروس الخصوصية في الأردن مقارنة ببعض الدول في العالم، 54%، في حين كانت أعلى نسبة للدروس الخصوصية في تايوان وسجلت 88%، تلتها الهند ومصر وكينيا بنسبة 77%، وسجلت أدنى نسبة انتشار للدروس الخصوصية في بريطانيا وتركيا وهي على التوالي 22% و 23%..
وتعكس هذه النسب أن الأردن من الدول المتوسطة في نسبة انتشار الدروس الخصوصية، حيث بلغ ترتيبها السادس بين دول العالم.
وبينت نتائج الاستطلاع أن أعلى نسبة للدروس الخصوصية كانت في المدينة وبلغت 52,08% تلتها مناطق الريف وبلغت 47,02%، في حين بلغت النسبة في الأقاليم الثلاث، الوسط والشمال والجنوب 50%، 55%، 57% على التوالي، وتعد نسبها متقاربة.
وأظهرت النتائج أن نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط على الدروس الخصوصية من 50-100 دينارا أردنيا بلغت 46.8% وهي أعلى نسبة، فيما بلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط أقل من 50 دينارا 39%، كما بلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط من 100-150 دينارا اردنيا 9%، وبلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط من 150-200 دينارا اردنيا على 8%.
وحدد الاستطلاع نسبة انتشار الدروس الخصوصية تبعاً للصفوف والمباحث والفروع إضافة إلى الجنس، حيث شكلت أعلى نسبة للدروس الخصوصية 53.6% للصف الثاني الثانوي، تلتها نسبة الصف الأول الثانوي وبلغت 12.4%، أما أقل نسبة فكانت للصفوف الأول والثاني والثالث والرابع وبلغت أقل من 4.3% .
وتركزت أعلى نسبة دروس خصوصية في مادة الرياضيات، حيث بلغت نسبة الطلبة الذين يتلقون دروساً خصوصية في هذه المادة 33.3%، تلتها مادة اللغة الانجليزية وبلغت نسبتها 19.9%، ثم العلوم التي يندرج ضمنها الكيمياء والفيزياء والأحياء بنسبة 13.7%، ثم اللغة العربية 11.3 %.
وسجلت أقل نسبة في مادة الحاسوب والمواد الاجتماعية مما يؤكد ضرورة تأهيل معلمي هذه المواد ذات النسب المرتفعة في الدروس الخصوصية؛ لأساليب تدريس حديثة تتناسب وخصائص الطلبة. وتبعاً للفروع في الصف الثاني الثانوي سجل الفرع العلمي أعلى نسبة طلب على الدروس الخصوصية وبلغت 84 %، ثم الفرع الأدبي وبلغت 78%، وأقل نسبة كانت للفروع الأخرى وبلغت 38%.
أما في الصف الأول الثانوي فقد كانت أعلى نسبة للفرع الأدبي وبلغت 18%، تلتها الفروع الأخرى وبلغت 10%، وأقل نسبة كانت للفرع العلمي وبلغت 7%. وبالنسبة للجنس فقد كانت النسبة الأعلى المسجلة للذكور في جميع الصفوف باستثناء الصف الأول الأساسي فقد كانت نسبة الإناث أعلى. وأظهر الاستطلاع اختلاف الأسباب التي تدفع الطلبة للدروس الخصوصية، واختلفت في درجة ترتيبها تبعاً لاختلاف وجهات نظر الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين. ومن وجهة نظر الطلبة أنفسهم أظهرت نتائج الدراسة أن أسباب توجههم للدروس الخصوصية مرتبة حسب أهميتها، تبدأ من ضعف مستوى الطلبة والرغبة في الحصول على معدلات عالية، وكذلك ضعف المستوى العلمي والتربوي للمعلمين بعضهم إلى جانب اكتظاظ الطلبة في الغرف الصفية، والرغبة في الحصول على معلومات أكثر إضافة إلى استخدام المعلمين أساليب تدريس تقليدية.
أما الأسباب التي تحول دون أخذ الدروس الخصوصية من وجهة نظر أولياء الأمور ترجع بحسب الدراسة إلى كفاية الشرح الذي يقدمه أستاذ المدرسة، وسجل هذا السبب أعلى نسبة بلغت 44.1% ثم تلتها نسبة 25.5% للسبب الذي يشير إلى ضعف القدرة الاقتصادية، ثم جاءت نسبة السبب الذي يشير إلى أن الدروس الخصوصية مضيعة للوقت وهي 19%، وأخيرا نسبة السبب الذي يشير إلى أن الكتاب المدرسي كاف وهي 12.3%..ويرجح بعض التربويين لجوء الطلبة وأولياء أمورهم إلى الدروس الخصوصية بسبب تراجع العملية التربوية برمتها، ما أظهر تدني مستوى التحصيل العلمي بشكل عام لدى الطلبة، وضعف محصلتهم المعرفية العامة. ولا يمكن إغفال الجانب المادي المتعلق بإنفاق أولياء أمور الطلبة على الدروس الخصوصية، حيث أنها تكلف مبالغ مالية كبيرة، وبخاصة أن أسعار دروس التقوية الخصوصية ازدادت في الآونة الأخيرة، ويؤكد ذلك في المقابل تراجع دروس التقوية التي تقدمها وزارة التربية والتعليم.
تظهر مشكلة الدروس الخصوصية في غالبية البلدان العربية في الشهادة الثانوية باعتبارها المدخل الرئيس والوحيد أمام الطلاب لدخول الجامعة. ولما كانت الثانوية العامة هي مشكلة المشكلات لكل أسرة تريد وترغب في أن يلتحق ابنها بالجامعة ويقفز إليها بكل وسيلة فقد اتجه أولياء الأمور بشراهة إلى المدرسين الخصوصيين لأبنائهم حتى يزداد تفوقهم ويعالج قصورهم. وأعتقد أن هناك حلولاً جذرية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية أبرزها ألا تكون الثانوية العامة باختباراتها الحالية هي المدخل للجامعة بل لابد من إزالة القيود المفروضة على الالتحاق بالجامعة، في البلدان العربية وعدم اعتبار المجموع هو المعيار. فمثلاً كلية الطب أقترح أن يجرى للمتقدمين لها اختبارات قبول تعطي لنا مؤشرات حقيقية حول ما إذا كان المتقدم للالتحاق بالكلية يصلح للطب من عدمه، كذلك لابد أن أزيل القيود أمام من يريد الالتحاق بالجامعة في أي سن معينة، كما نطلق فرص دخول اختبار الثانوية العامة أمام الطلاب ولا نحددها بفرصتين أو ثلاث، وأن نعلم تماماً أن التعليم ليس محدداً أو مقصوراً على سن معين، بل هو تعليم مدى الحياة. هذا بالإضافة إلى أننا بحاجة ملحة إلى أن تأخذ المهارات والممارسات والجوانب الثقافية والبدنية والإبداعية والروحية مكانها إلى جانب حفظ المعلومات. وعلى سبيل المثال فعلى مدارسنا في البلدان العربية أن تحدد لمواد الفنون اختبارات لها درجات يؤخذ بها ليقبل عليها الطالب..
فالقدرات الفنية واليدوية مطلوب تنميتها لأن الإنسان يتعلم بيده وحواسه كما يتعلم بعقله.. ورغم أن ذلك يتطلب أموالاً ضخمة فعلينا أن ندعم التعليم أكثر فأكثر، فالعائد سيكون جيداً وسترى أمامك مواطنين يتعلمون ويبدعون بروح الفريق. وأنا لن أمل القول أن أهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية، هو اعتماد اختبارات الشهادة الثانوية بصفة عامة واختبارات النقل بصفة خاصة على المقررات وتخزين المعلومات فقط، وهنا لابد أن تتغير اختبارات الثانوية لتختبر قدرات الطالب وأن تمكنه من التحصيل والمتابعة أثناء الحياة الجامعية وليس فقط اختبار ما حفظه من مقررات. كما أعتقد أن هناك نوعاً من تشوه القيم التعليمية لدى المعلم أدت إلى انزلاقه وراء الدروس الخصوصية، ومهما قيل من مبررات لإقبال المعلمين على الدروس الخصوصية سواء رجعت إلى ضعف مرتباتهم وحوافزهم المادية فإني أقول إن الاتجار في التعليم كالاتجار في قوت الشعب ينبغي محاربته بكل قسوة. وأعتقد أنه لابد من تجريم الدروس الخصوصية لأنها تفسد الطالب والمعلم كما تفسد أي سياسة تعليمية طموحة، وتؤدي إلى وجود تفاوت بين الطلاب وإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص؛ لأن الطالب الغني سيحصل على دروس خصوصية بينما الطالب الفقير لن يحصل... وهنا فإني أطالب بتطبيق القاعدة الأصولية التي تؤكد أن درء المفاسد مقدم وأوجب وأسبق من جلب المنافع.. ونحن أمام مفسدة كبيرة لابد أن يقطع دابرها. والقول بأننا ينبغي أن نصلح التعليم ونسكت قليلاً عن مافيا الدروس الخصوصية حتى يتم إصلاحه نهائياً خطأ كبير فمهما بذلت من مجهودات إصلاحية فسوف تنهار على صخرة الدروس الخصوصية
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
وتعتبر الممارسات المرتبطة بظاهرة الفساد بأشكالها المختلفة من أهم المدخلات التي تحد من فاعلية السياسات العامة عند انتقالها من مستوى القرار والتخطيط إلى حيز التطبيق والتنفيذ، ونظرًا للأهمية التي تمثلها السياسة التعليمية وقطاع التعليم بالنسبة لعملية التنمية والتطوير وبخاصة ما يتعلق بتوفير احتياجات سوق العمل من أصحاب التخصصات والمهارات المختلفة، ذات الصلة الوثيقة بسياسات وبرامج التنمية، ومن المعروف أن الخطاب السياسي الرسمي يولى السياسة التعليمية اهتمامًا خاصًّا، بل أن النظام السياسي يعتبر تطوير التعليم هو المشروع القومي لمصر. إلا أنه بالرغم من ذلك فإن السياسة التعليمية تعاني من التأثير السلبي بسبب بعض ممارسات الفساد التي تحد من فاعليتها، وتعظم من الآثار السلبية التي أصبحت تؤكد على وجود فجوة بين التعليم والتنمية. ولعل أبرز مظاهر هذا التأثير السلبي هو انتشار البطالة، بالإضافة إلى تهديد العديد من الأهداف والمبادئ والحقوق المستقرة التي نص عليها الدستور المصري مثل جعل التعليم الأساسي إلزاميًّا وإتاحته مجانًا للجميع، وتعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، بما في ذلك التعليم الثانوي التقني والمهني، ويجيء ذلك نتيجة ارتفاع عبء وتكلفة التعليم على الدولة وعلى الأسرة المصرية، وهو ما يمتد بأثره إلى الإخلال بمبدأ جعل التعليم العالي متاحًا للجميع على قدم المساواة، تبعًا لكفاءة طالبي الالتحاق به.
ولا تعرف حقيقة الثانوية العامة فهي معركة تستلزم التسلح والاحتياط لها بأكثر من مدرس في المادة لعمل المفاضلة اللازمة للانتهاء والاستقرار علي مدرس كُفْؤ يرتاح له الفؤاد ويسوق المعلومات للدماغ كالسهل الممتنع. معاناة مستمرة يعيشها أولياء أمورالطلاب، بسبب استمرار أزمة الدروس الخصوصية، وما تضاعفه من أعباء على كاهل الأسرة المصرية، ويرى غالبية أولياء الأمور أنها بسبب تقاعس بعض المعلمين عن أداء عملهم داخل المدارس، ما يضطر الطلاب إلى اللجوء للدروس الخصوصية. في الوقت الذي يستعد فيه الآباء والأمهات لشراء مستلزمات المدارس، تستعد مراكز الدروس الخصوصية لاستقبال طلبات حجز الدروس الخصوصية.
لكن الأمر هذه المرة يختلف عن كل عام، حيث فوجئ الطلاب بارتفاع في الأسعار، ففي أحد المراكز بمنطقة الدقي فوجئ الطلاب بزيادة 20 جنيهاً، ليصل سعر المادة الواحدة شهرياً إلى 220 جنيهاً بدلاً من 200 جنيه مثل العام الماضي، بعض المسئولين عن المركز رفضوا الحديث إلينا معتبرين أن الزيادات التي حدثت زيادات طفيفة، ومؤكدين أن رواد المركز لم يتأثروا بتلك الزيادات، وأن جميع الأماكن محجوزة، والمركز يشهد إقبالاً كبيراً بين الدارسين من طلبة الثانوية العامة.
وفى مركز آخر إن الأسعار لم ترتفع، إذ تتراوح بين 30 و35 جنيهاً للحصة الواحدة، ويتوقف سعرها حسب المادة العلمية؛ إذا كانت تابعة للقسم العلمي فإن سعرها سيرتفع 5 جنيهات، في حين تقل في المواد الأدبية، وقال أحد العاملين بالمركز إن الأسعار لا تزال كما هي مثل السنوات الماضية، وإنه لا نية لرفعها، وأكد أن المدرس هو الذي يتحكم في أسعار المراكز. وأن كل ذلك أدي إلي أن أصبحت المراكز أمرا واقعا.
لذلك أعتقد أن القضاء علي ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل عام. يحتاج إلي تضافر شقي العملية وهم وزارة التربية والتعليم والأسرة المصرية والعبء الأكبر يقع علي الوزارة من خلال تطوير الكتاب المدرسي والمناهج ونظام التقويم الشامل الذي هو أهم أسباب الدروس الخصوصية بسبب النظام العقيم لوضع الأسئلة والتي تكون في مجملها لقياس حفظ الطالب وليس فهمه وهو الجانب الذي يلعب عليه مدرس الدروس الخصوصية ومن خبراته يستطيع أن يتوقع الأسئلة التي ستأتي في الامتحان إلي جانب توضيح وتبسيط المعلومة في شكل كبسولة عكس الكتاب المدرسي العقيم المليء بالحشو والتكرار والذي يجعل الطالب ينفر منه، إلي جانب نقطة مهمة وأنا أعتقد أنها ليست غائبة علي القائمين علي التعليم في مصر وهو نظام القبول بالجامعات حيث الأعداد المحدودة بالجامعات مقابل الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة فأصبح الصراع علي نصف درجة إلي جانب أهمية قياس القدرات قبل الالتحاق بالكلية وهذا يحتاج إلي تعديل ثقافة المجتمع نحو امتحانات قدرات القبول وأن جميع الكليات كليات قمة بالنسبة للطالب المحب لنوعية الدراسة التي سيلتحق بها عكس التحاقه كلية غير محببة إليه يمكن أن تؤدي به إلي الفشل الدراسي.
والحقيقة أن قرار الوزير بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية هو مجرد محاولة علي الطريق لإعادة دور المدرسة التعليمي والتربوي في مواجهة الدروس الخصوصية ولكن للأسف الشديد فإن وجود إدارة مدرسية مترهلة من أحد أسباب انتشار المراكز حيث يسمح ويتستر مدير المدرسة علي المدرس الذي يذهب إلي مركز الدروس في أثناء اليوم الدراسي ومعه الطلاب، فمهما لجأ الوزير إلي القرارات القانونية في هذا الوضع لفشل تماما في تنفيذ قراراته في الوقت الذي لا تستطيع إدارات المتابعة مواجهة إمبراطورية المراكز وتستر مديري المدارس وهجرة الطلاب الفصول لعدم الاستفادة العلمية ويعتبرون الذهاب إلي المدرسة مضيعة للوقت، ولكي ينفذ الوزير قراراته لابد من التعاون مع الوزارات المختلفة مثل الأوقاف والكنيسة والحكم المحلي والمحافظين والذين يجب عدم السماح بتراخيص المراكز وإصدار قرارات بالإغلاق لمن هو موجود من خلال الشرطة وعمل محاضر وإخطار المالية بتحصيل الضرائب عن عمله في الدروس الخصوصية وأن تكون المواجهة مجتمعية وليست وزارة التربية والتعليم لوحدها.
أن 33% من دخل الأسرة المصرية يوجه للدروس الخصوصية ومجموعات التقوية خاصة بعد أن تحولت إلي ظاهرة مجتمعية في ظل انهيار مستوي المعلم التعليمي والمهني وأصبح لا يقوم بالشرح داخل الفصل معتمدا علي الدروس الخصوصية وأيضا الكتاب المدرسي العقيم وأساليب التقويم التي تعتمد علي الحفظ ولا تنمي القدرات الإبداعية لدي الطلاب حيث إن الحفظ يمثل 90% والتفكير 10%، وبالتالي لكي نقضي علي الدروس لابد من مواجهة مجتمعية حكومية تبدأ بتحليل المشكلة ووضع الحلول الحقيقية النابعة من أرض الواقع وليست دراسات علي الورق.
وتشير الإحصائيات أيضًا إلى أن هناك تفاوتًا في الالتحاق بالتعليم الابتدائي بين الذكور والإناث في محافظات مصر المختلفة؛ وهو ما أكده تقرير تقييم المحافظات الذي أشار إلى التفوق في تعليم الذكور في إجمالي محافظات الجمهورية بنسبة 4,8%، وتفوق الإناث في محافظة واحدة وهى بورسعيد بنسبة 1,3 %، وهناك فجوة مرتفعة وصلت إلى أكثر من 9% في خمس محافظات وهى الفيوم بنسبة 9,9% والمنيا بنسبة 10,3% وأسيوط بنسبة 11,5% ومرسى مطروح 15,8% وبني سويف 14,2%.وفي التعليم الإعدادي تفوق الذكور في ثلاث وعشرين محافظة والإناث في ثلاث محافظات فقط هي بورسعيد والدقهلية والغربية، وتركزت الفجوة المرتفعة بين الذكور والإناث في التعليم الإعدادي في محافظات شمال سيناء 9,2%، وسوهاج 9,4%، وأسيوط 11,5%، وجنوب سيناء 11,7%، والفيوم 13,3%، وبني سويف 14,4%، ومطروح28,5%، والمنيا 15,9%.وبالنسبة للتعليم الثانوي العام تتفوق الإناث على الذكور في تسع عشرة محافظة بينها خمس محافظات تشهد تفوقًا كبيرًا للإناث هي محافظات دمياط وأسوان والبحر الأحمر وبورسعيد والسويس، بينما كانت محافظات جنوب سيناء والجيزة وقنا وأسيوط والفيوم وبني سويف وسوهاج هي الأكثر تفوقًا بالنسبة للذكور في التعليم الثانوي العام. وبالنسبة للتعليم الثانوي الفني فإن الإناث يتفوقن بصفة عامة في التعليم التجاري على مستوى الجمهورية بنسبة 28,4% ما عدا محافظتين فقط هما مرسى مطروح وجنوب سيناء حيث يتفوق الذكور، أما التعليم الزراعي فتفوق الذكور واضح بدرجة كبيرة حيث تصل نسبة الذكور إلى 56,9% من إجمالي الطلبة والطالبات الدارسين بهذه المدارس، فيما عدا ثلاث محافظات يكون التفوق فيها للإناث في مدارس التعليم الثانوي الزراعي وهى محافظات كفر الشيخ ودمياط والشرقية، أما في التعليم الصناعي فلازالت الغلبة للذكور وتعد محافظات الدقهلية والوادي الجديد من أكثر المحافظات تفوقًا للذكور في مجال التعليم الصناعي الفني . كذلك تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الأمية تصل إلى 27,70% من إجمالي السكان، والنسبة الغالبة من النساء. ولا شك أن ارتفاع نسبة الأمية يعنى أن النظام التعليمي أصبح غير قادر على جذب جميع الطلاب واستيعابهم أو الاحتفاظ بهم في مقاعد الدراسة لحين انتهاء مرحلة التعليم الأساسي على الأقل. وهو ما يرجعه الكثير من خبراء التنمية إلى تفشى ظاهرة التسرب من التعليم والتي ارتفعت معدلاتها بين البنين في المرحلة الابتدائية في المناطق الحضرية من 0,76% إلى 1,03% خلال الفترة 2003-2004. أما نسبتها بين البنين في المرحلة الإعدادية في الريف فقد ارتفعت من 4,28% خلال الفترة 2001-2002 إلى 9,61% خلال الفترة 2003-20014 وعلى مستوى المحافظات، فإن أعلى نسبة تسرب توجد في محافظة جنوب سيناء بنسبة 11,74% تليها البحر الأحمر بنسبة 7,41%، ثم الإسكندرية 6,05% أما العاصمة فتصل نسبة التسرب فيها إلى 3,6%.هذا ورغم ما تشير إليه الإحصاءات من جهد ضخم تبذله الدولة لضمان حق التعليم وإتاحته لجميع المواطنين كما يتضح في الأعداد الضخمة من المدارس، وحجم ما تضخه الدولة من موارد في قطاع التعليم والتي تجاوزت 27 مليار جنيه، إلا أن الأرقام بذاتها ليست ذات دلالة كافية على مدى جودة وفاعلية النظام التعليمي وكفاءته، خاصة وأن التعليم بمراحله المختلفة يلعب دورًا محوريًّا في تكوين وتشكيل رأس المال البشرى. ويعتبر رأس المال البشري من أهم عوامل التنمية، والعنصر الحرج في عمليات الإنتاج. ولقد أوضحت الدراسات التي قام بها شولتز وبيكر في مجال الاقتصاد أن الموارد البشرية هي أحد عوامل الإنتاج الرئيسة التي تساهم بنسبه كبيرة في زيادة الإنتاجية، وعلى مستوى المنظمات يلعب رأس المال البشري دورًا فعّالاً في تحسين أدائها وانتظامه. كما يلعب دورًا هامًّا في الرقي بالمجتمع وتحديد موقعة بين دول العالم.
التكلفة الاقتصادية للدروس الخصوصية في مصر
غم أن هناك إجماعا عاما على تدني نوعية التعليم في مصر، إلا أنه لا يوجد حوار مجتمعي عام يناقش جذور المشكلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف نظام التعليم الحكومي والاعتماد واسع النطاق على الدروس الخصوصية كمكمل لهذا النظام يساهمان في تفاقم عدم المساواة الاقتصادية، مما يثير مخاوف بشأن العدالة الاجتماعية. ولأجل تحريك وتشكيل النقاش العام حول التعليم الأساسي واستجلاء الطلب المجتمعي لإصلاحه وجدير بالذكر أن الدروس الخصوصية تمثل أحد أهم التحديات الرئيسية التي تواجه نظام التعليم. فهذه الظاهرة عادة ما تؤدي إلى أن المعلم يتعمد التقليل من جودة تدريسه (أي جهده المبذول في الفصل) لإجبار الطلاب على تلقي دروس خصوصية لديه. وقد نشأت الدروس الخصوصية من ناحية أخرى نتيجة رغبة الطالب (أو والديه) في تحسين مستواه المعرفي حول الموضوع (في الغالب لأسباب تنافسية). ومن شأن ذلك إلقاء عبء مالي إضافي على كاهل الآباء الذين يرسلون أطفالهم إلى المدارس العامة، كما يضع الفقراء المحرومين بالفعل في وضع غير موات. كما يؤدي ذلك إلى مزيد من تدهور التعليم العام بسبب عزوف المعلمين عن التدريس في المدرسة، مما ينشر الفساد بين المدارس العامة حيث لا يتلقى الطالب ذو القدرات المتميزة أعلى الدرجات بل الطالب الذي والديه على استعداد لدفع المال الإضافي للمعلمين.
أن سوء وضع التعليم في مصر بات مفرطًا به، خاصة فيما يتعلق بالدروس الخصوصية، موضحًا أن المبالغ التي تنفق سنويًا على تلك العملية تصل إلى 2.6 مليار دولار أمريكي، ما يعادل 18 مليارًا و56 مليون جنيه مصري، و29% من الإنفاق الحكومي على التعليم منذ عام 2011، الأمر الذي يجعلها تمثل عبئًا على ميزانية الأسر. هل إصلاح الخلل في هيكل الأجور هو الحل لوقف التدهور؟ بالطبع، لكن بدون إصلاح بقية المنظومة، من بناء المدارس ومن وضع المناهج ونظم التعلم الملائمة، وكذلك من إصلاح المعضلة الكبرى المسماة «نظام الامتحان»، فإنه لن يحدث وقف للتدهور، وإنما سنكون كمن يحرث في البحر. فقضية بناء المدارس من الأولويات، خاصة بعد أن تجاوزت نسبة العجز في المدارس الثلث تقريبا، وهو ما أدى إلى وجود نسبة 25 في المائة من المدارس تعمل فترتين في اليوم الواحد، بل هناك ألف منطقة ليس بها مدارس للتعليم الأساسي من الأصل. وتقدر التكلفة المطلوبة لبناء مدارس جديدة خلال الـ 10 سنوات القادمة بحوالي 6 مليار دولار، وذلك للوصول بالكثافة إلى المعدلات العالمية المتعارف عليها. أما قضية المناهج فهي، مثلها مثل قضية الامتحانات، تحتاج إلى تغيير جذري. فنظم الامتحانات في مصر تقليدية تقيس القدرة على الحفظ فقط وإعادة التسميع، ما يساهم بصورة رئيسية في تدني الجودة التعليمية، لأنه لا يؤدي إلى اكتساب الطلاب أي معرفة أو تعلّم حقيقي، ولا أي تمكّن من المنهجية. لذلك تعد مواجهة ظاهرة الفساد في التعليم احد أهم آليات إصلاح النظام التعليمي خاصةً بعد أن أصبح الفساد بجميع أشكاله عقبة كأداء وعائقًا حقيقيًّا أمام إصلاح التعليم وتطويره لما أصبح يمتلكه من قوة مقاومة حقيقية لديها القدرة على إفساد أي خطط لإصلاح النظام التعليمي، مع العلم أن هذه المقاومة لا ترتبط قوتها فقط بحجم الهدر الذي يصيب الموارد المتاحة من الدولة أو المجتمع لقطاع التعليم، ولكن أيضًا باتساع جبهة المستفيدين من مظاهر الفساد، والتي يتولد عنها تعدد أشكال الفساد داخل هذا القطاع، وانهيار المنظومة الأخلاقية لدى كثير من العاملين في قطاع التعليم، فضلاً عن آثارها لدى الطلاب.
بعض الدول لا تسمح لمدرسيها بإعطاء الدروس الخصوصية، وتقوم بفصله من العمل في مدارسها النظامية في حال ما ثبت ممارسته للتدريس الخاص، وأصدرت هذه الدول قرارات لهذه الغاية.
مما لا شك فيه بأن بعض مدرسي الدروس الخصوصية، تضرروا كثيراً بسبب هذه القرارات، حيث كانت هذه الدروس تزيد من دخولهم الشهرية، بسبب الالتزامات المالية الكبيرة التي وضعوا أنفسهم فيها كبقية شرائح المجتمع.
يعول العديد من المدرسين على الدروس الخصوصية، لأن دخلهم مقارنة مع مهن أخرى متدني، ولا يلبي احتياجاتهم الأساسية في ظل غلاء فاحش للأسعار.
لا يوجد إحصائيات دقيقة متوفرة بين أيدينا حول عدد الطلبة الذين يلجأون إلى الدروس الخصوصية لزيادة تحصيلهم العلمي في الأردن، ونسبة هؤلاء الطلبة تقدر بحوالي 53.5 %، بحسب الاستطلاع الذي أجرته وزارة التربية والتعليم حول "الدروس الخصوصية، الأسباب والآثار التربوية المترتبة عليها"، وتشمل عينة الاستطلاع الطلبة الذين يلجأون إلى الدروس الخصوصية في جميع مراحل التعليم ما قبل الجامعة.
وأوصى الاستطلاع الذي تكونت عينته من 1302 شخص منهم 1037 ولي أمر و132 طالباً وطالبة، و133 معلماً ومعلمة بإحياء نظام دروس التقوية والتعمق التي توفرها المدارس الحكومية لطلبتها ليتم من خلالها معالجة جوانب الضعف التي يعاني منها بعض الطلبة.
وتم اختيار عينة الاستطلاع بالطريقة العشوائية من خلال النسبة المئوية لأعداد الطلبة والمعلمين في الأقاليم الثلاثة (الوسط، الشمال، الجنوب)، كما تضمنت توصيات الاستطلاع التي صدرت أخيرا ضرورة الاهتمام بالمعلم عبر تدريبه على برامج تعليمية وتقويمية حديثة، اضافة إلى إجراء دراسة تهدف إلى التعرف على أثر الدروس الخصوصية في تحصيل الطلبة وخاصة طلبة الثانوية العامة.
وركز الاستطلاع على مجموعة نقاط من أبرزها نسبة انتشار الدروس الخصوصية في المجتمع الأردني، ونسبة انتشارها تبعاً للأقاليم إضافة إلى نسبة انتشارها مقارنة بالمؤهل العلمي لولي الأمر. واهتم الاستطلاع بجوانب مثل حجم إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية، والصفوف والمباحث التي يزداد فيها الاعتماد على الدروس الخصوصية، ووجهت نتائج الاستطلاع توصية إلى الباحثين بضرورة اجراء دراسة تتعلق بظاهرة الدروس الخصوصية لطلبة الصف الثاني الثانوي.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة الدروس الخصوصية في الأردن مقارنة ببعض الدول في العالم، 54%، في حين كانت أعلى نسبة للدروس الخصوصية في تايوان وسجلت 88%، تلتها الهند ومصر وكينيا بنسبة 77%، وسجلت أدنى نسبة انتشار للدروس الخصوصية في بريطانيا وتركيا وهي على التوالي 22% و 23%..
وتعكس هذه النسب أن الأردن من الدول المتوسطة في نسبة انتشار الدروس الخصوصية، حيث بلغ ترتيبها السادس بين دول العالم.
وبينت نتائج الاستطلاع أن أعلى نسبة للدروس الخصوصية كانت في المدينة وبلغت 52,08% تلتها مناطق الريف وبلغت 47,02%، في حين بلغت النسبة في الأقاليم الثلاث، الوسط والشمال والجنوب 50%، 55%، 57% على التوالي، وتعد نسبها متقاربة.
وأظهرت النتائج أن نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط على الدروس الخصوصية من 50-100 دينارا أردنيا بلغت 46.8% وهي أعلى نسبة، فيما بلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط أقل من 50 دينارا 39%، كما بلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط من 100-150 دينارا اردنيا 9%، وبلغت نسبة من ينفقون شهريا في المتوسط من 150-200 دينارا اردنيا على 8%.
وحدد الاستطلاع نسبة انتشار الدروس الخصوصية تبعاً للصفوف والمباحث والفروع إضافة إلى الجنس، حيث شكلت أعلى نسبة للدروس الخصوصية 53.6% للصف الثاني الثانوي، تلتها نسبة الصف الأول الثانوي وبلغت 12.4%، أما أقل نسبة فكانت للصفوف الأول والثاني والثالث والرابع وبلغت أقل من 4.3% .
وتركزت أعلى نسبة دروس خصوصية في مادة الرياضيات، حيث بلغت نسبة الطلبة الذين يتلقون دروساً خصوصية في هذه المادة 33.3%، تلتها مادة اللغة الانجليزية وبلغت نسبتها 19.9%، ثم العلوم التي يندرج ضمنها الكيمياء والفيزياء والأحياء بنسبة 13.7%، ثم اللغة العربية 11.3 %.
وسجلت أقل نسبة في مادة الحاسوب والمواد الاجتماعية مما يؤكد ضرورة تأهيل معلمي هذه المواد ذات النسب المرتفعة في الدروس الخصوصية؛ لأساليب تدريس حديثة تتناسب وخصائص الطلبة. وتبعاً للفروع في الصف الثاني الثانوي سجل الفرع العلمي أعلى نسبة طلب على الدروس الخصوصية وبلغت 84 %، ثم الفرع الأدبي وبلغت 78%، وأقل نسبة كانت للفروع الأخرى وبلغت 38%.
أما في الصف الأول الثانوي فقد كانت أعلى نسبة للفرع الأدبي وبلغت 18%، تلتها الفروع الأخرى وبلغت 10%، وأقل نسبة كانت للفرع العلمي وبلغت 7%. وبالنسبة للجنس فقد كانت النسبة الأعلى المسجلة للذكور في جميع الصفوف باستثناء الصف الأول الأساسي فقد كانت نسبة الإناث أعلى. وأظهر الاستطلاع اختلاف الأسباب التي تدفع الطلبة للدروس الخصوصية، واختلفت في درجة ترتيبها تبعاً لاختلاف وجهات نظر الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين. ومن وجهة نظر الطلبة أنفسهم أظهرت نتائج الدراسة أن أسباب توجههم للدروس الخصوصية مرتبة حسب أهميتها، تبدأ من ضعف مستوى الطلبة والرغبة في الحصول على معدلات عالية، وكذلك ضعف المستوى العلمي والتربوي للمعلمين بعضهم إلى جانب اكتظاظ الطلبة في الغرف الصفية، والرغبة في الحصول على معلومات أكثر إضافة إلى استخدام المعلمين أساليب تدريس تقليدية.
أما الأسباب التي تحول دون أخذ الدروس الخصوصية من وجهة نظر أولياء الأمور ترجع بحسب الدراسة إلى كفاية الشرح الذي يقدمه أستاذ المدرسة، وسجل هذا السبب أعلى نسبة بلغت 44.1% ثم تلتها نسبة 25.5% للسبب الذي يشير إلى ضعف القدرة الاقتصادية، ثم جاءت نسبة السبب الذي يشير إلى أن الدروس الخصوصية مضيعة للوقت وهي 19%، وأخيرا نسبة السبب الذي يشير إلى أن الكتاب المدرسي كاف وهي 12.3%..ويرجح بعض التربويين لجوء الطلبة وأولياء أمورهم إلى الدروس الخصوصية بسبب تراجع العملية التربوية برمتها، ما أظهر تدني مستوى التحصيل العلمي بشكل عام لدى الطلبة، وضعف محصلتهم المعرفية العامة. ولا يمكن إغفال الجانب المادي المتعلق بإنفاق أولياء أمور الطلبة على الدروس الخصوصية، حيث أنها تكلف مبالغ مالية كبيرة، وبخاصة أن أسعار دروس التقوية الخصوصية ازدادت في الآونة الأخيرة، ويؤكد ذلك في المقابل تراجع دروس التقوية التي تقدمها وزارة التربية والتعليم.
تظهر مشكلة الدروس الخصوصية في غالبية البلدان العربية في الشهادة الثانوية باعتبارها المدخل الرئيس والوحيد أمام الطلاب لدخول الجامعة. ولما كانت الثانوية العامة هي مشكلة المشكلات لكل أسرة تريد وترغب في أن يلتحق ابنها بالجامعة ويقفز إليها بكل وسيلة فقد اتجه أولياء الأمور بشراهة إلى المدرسين الخصوصيين لأبنائهم حتى يزداد تفوقهم ويعالج قصورهم. وأعتقد أن هناك حلولاً جذرية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية أبرزها ألا تكون الثانوية العامة باختباراتها الحالية هي المدخل للجامعة بل لابد من إزالة القيود المفروضة على الالتحاق بالجامعة، في البلدان العربية وعدم اعتبار المجموع هو المعيار. فمثلاً كلية الطب أقترح أن يجرى للمتقدمين لها اختبارات قبول تعطي لنا مؤشرات حقيقية حول ما إذا كان المتقدم للالتحاق بالكلية يصلح للطب من عدمه، كذلك لابد أن أزيل القيود أمام من يريد الالتحاق بالجامعة في أي سن معينة، كما نطلق فرص دخول اختبار الثانوية العامة أمام الطلاب ولا نحددها بفرصتين أو ثلاث، وأن نعلم تماماً أن التعليم ليس محدداً أو مقصوراً على سن معين، بل هو تعليم مدى الحياة. هذا بالإضافة إلى أننا بحاجة ملحة إلى أن تأخذ المهارات والممارسات والجوانب الثقافية والبدنية والإبداعية والروحية مكانها إلى جانب حفظ المعلومات. وعلى سبيل المثال فعلى مدارسنا في البلدان العربية أن تحدد لمواد الفنون اختبارات لها درجات يؤخذ بها ليقبل عليها الطالب..
فالقدرات الفنية واليدوية مطلوب تنميتها لأن الإنسان يتعلم بيده وحواسه كما يتعلم بعقله.. ورغم أن ذلك يتطلب أموالاً ضخمة فعلينا أن ندعم التعليم أكثر فأكثر، فالعائد سيكون جيداً وسترى أمامك مواطنين يتعلمون ويبدعون بروح الفريق. وأنا لن أمل القول أن أهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية، هو اعتماد اختبارات الشهادة الثانوية بصفة عامة واختبارات النقل بصفة خاصة على المقررات وتخزين المعلومات فقط، وهنا لابد أن تتغير اختبارات الثانوية لتختبر قدرات الطالب وأن تمكنه من التحصيل والمتابعة أثناء الحياة الجامعية وليس فقط اختبار ما حفظه من مقررات. كما أعتقد أن هناك نوعاً من تشوه القيم التعليمية لدى المعلم أدت إلى انزلاقه وراء الدروس الخصوصية، ومهما قيل من مبررات لإقبال المعلمين على الدروس الخصوصية سواء رجعت إلى ضعف مرتباتهم وحوافزهم المادية فإني أقول إن الاتجار في التعليم كالاتجار في قوت الشعب ينبغي محاربته بكل قسوة. وأعتقد أنه لابد من تجريم الدروس الخصوصية لأنها تفسد الطالب والمعلم كما تفسد أي سياسة تعليمية طموحة، وتؤدي إلى وجود تفاوت بين الطلاب وإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص؛ لأن الطالب الغني سيحصل على دروس خصوصية بينما الطالب الفقير لن يحصل... وهنا فإني أطالب بتطبيق القاعدة الأصولية التي تؤكد أن درء المفاسد مقدم وأوجب وأسبق من جلب المنافع.. ونحن أمام مفسدة كبيرة لابد أن يقطع دابرها. والقول بأننا ينبغي أن نصلح التعليم ونسكت قليلاً عن مافيا الدروس الخصوصية حتى يتم إصلاحه نهائياً خطأ كبير فمهما بذلت من مجهودات إصلاحية فسوف تنهار على صخرة الدروس الخصوصية
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق