سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الأربعاء، 11 يونيو 2014

شعر: عامية - فصحى: مدينة الصلاةبقلم/ محمد شهم

من سيؤدن
لصلاة الحب
ويؤم أفراحنا
في محراب
الإنسان؟
من سيعلو على
صوت الرعود
ويفنى في وجه
الصمود
ملبيا نداء العهود؟
ويسير على وقع
أنشودة الحب
وعلى وثيرة
الفرسان
الذين حضروا لفتح
أبواب مدينة
الصلاة
بمفاتيح السلام
من سيضع
على أكتافه
أحزان اليتامى
ودموع الغلابى
ويرحل بهم على
بساط الفرح
نحو مدينة
الصلاة

شعر: عامية - فصحى: الكتابة بقلم/ محمد شهم

الكتابة...
احتراق
تدس نارها
خلف عيون
الإشتهاء
وألواح الأوراق
المعبدة بالسطور
وحمأة الأشواق
الكتابة...
انشقاق
تشق أرض
الحقيقة
بمعاول الأقلام
وصحائف النقوش
الكتابة...
تهور
تحمل كفاحها
الذي نمَّتْه في
أحشائها
منذ بداية الكتابة
الكتابة...
ثورة
على البياض
وفراغ الألقاب
اكتب كتابك
وشُقًّ صدر السطور
بأنغام الحروف
ولا تتوانَ بغطس
الأقلام في أنهار
الأسئلة
التي لم توجد لها
أجوبة
امح كتابك على
وجه الماء
وانثر فوقه
من رحيق الأقلام
ترتد إليك الكتابة
سحرا ينقش
على العيون
دهشة
وبحرا تتلاطم
أمواجه
على سفن
الكتب المصقولة
صقلتها
أيادٍ
وأنامل
بعثت الحياة
على السطور

مقالات اقتصادية: رسالة إلى ضمير القاضى بقلم / محمد فرعون

في حواره مساء الاثنين (28 ) ابريل الماضي في برنامج       ( هنا العاصمة ) التي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي قال مستشار وزير الصناعة والتجارة الخارجية المستشار هشام رجب ردا وتعليقا على منتقدي قانون الاستثمار الجديد بأن الهجوم على القانون يرجع الى الخلط وعدم الفهم .......
ولسعادة المستشار بعيدا عن الاتهامات المعلبة سابقة التجهيز أقول : أنه من حق كل مصري أن يقلق من هذا القانون الذي يقصر حق الطعن في الصفقات التي تبرمها الحكومة فقط على طرفي العقد ( الحكومة / المستثمر ) وينزع الحق من أي طرف آخر في الطعن بخلاف طرفي العقد .
ولما كان العقد شريعة المتعاقدين ( الحكومة / المستثمر ) فلن يتم الطعن عليه إلا إذا خالف أحدهما بنود العقد ، ولما كانت هذه العقود لا يتم التوقيع عليهــــا وإعتمادها إلا بعد تقديم الرضا والتوافق والقبول ، لذا فلن يتم الطعن عليها من أحد طرفيهــــــــــا طالما إستمر الرضا والقبول بشكل أو بآخر .....
المشكلة الجوهرية في مثل هذه العقود ليست في بنودهــــــــا فقط فمن السهل الالتزام بها أو التحايل عليها برضا وقبول الطرفين ، وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في قيمة صفقات هذه العقود ، وقد ثبت بما لايدع مجالا للشك قيام بعض حكوماتنا ( المصرية ) السابقة خلال الفترة من عام 1991 م الى 2009 م بإتمام صفقات مع مستثمرين بأسعار تقل كثيرا عن قيمتهــــــــــا الحقيقية العادلة .
ونعود مرة أخرى الى صفحات التاريخ القريب ( لننعش ذاكرة سعادة المستشار وضميره ) ونتعرف على بعض الصفقات المشبوهة التي أبرمتهـــــــا حكوماتنا ( المصرية ) بالأمر المباشر ، وبتجاهل القانون بدعوى الخصخصة : 
أولا : صفقة بيع أرض مشروع مدينتي : في (13 ) سبتمبر 2010 م أصدرت المحكمة الادارية العليا حكمهــــــــا بتأييد حكم بطلان عقد بيع أرض ( مدينتي ) الى مجموعة طلعت مصطفى ، وأيدت الحكم بأن هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الاسكان قامت بتخصيص أرض مشروع مدينتي ( 8000 فدان ) الى المجموعة المذكورة بالأمر المباشر دون أن تطرحهــــــــــا في مزاد عام بالمخالفة لقانـــون المزايدات رقم ( 89 ) لسنة 1998 م .
يأتي هذا الحكم بعد أن أوصت هيئة مفوضي الدولة ببطلان العقد لإتمامه وفقا لنصوص قانونية تم الغاءهـــــــا منذ (12 ) عاما ، ومخالفته لقانون المزايدات .
ثانيا : صفقة بيع شركة عمر أفندي : بتاريخ ( 1 ) أغسطس 2013 م قضت المحكمة الادارية العليا برفض الطعون على الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري ببطلان عقد بيع شركة عمر أفندي المبرم بين الشركة القابضة للتجارة وبين شركة أنوال المتحدة .
يأتي أيضا هذا الحكم بعد أن أوصى تقرير هيئة مفوضي الدولة في (16 ) ابريل 2011 م ببطلان العقد لوجود ( 8 ) أسباب لبطلانه أهمهـــــــــا إهدار المال العام والمباني ذات القيمة التاريخية والأثرية ، وإحتواء العقد على شروط مجحفة ، وتشريد المالك الجديد لعدد كبير من العاملين دون حصولهم على حقوقهم .
ثالثا : صفقة بيع الغاز لإسرائيل : رغم أن حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في ( 28 ) فبراير 2010 م قد حكم بالسماح بتصدير الغاز لإسرائيل ، إلا أنه أكد على ضرورة وضع قواعد جديدة للتسعير ، وجاء في حيثيات الحكم أن بيع الغاز المصري لإسرائيل يتم بثمن لا يتناسب مع السعر العالمي ، وهو مايؤدي الى إهدار لجزء من ثروات مصر وعوائدهــــــــا .
وللعلم فإن توريد الغاز لإسرائيل أضاع على مصر ( 81 ) مليار جنيه سنويا ، كما أن التوريد تم بالأمر المباشر الى شركة ( غاز المتوسط ) المملوكة لحسين سالم وبالتجاهل لقانون المزايدات .
رابعا : بيع حكومة الدكتور عاطف عبيد ل (100 ) الف فدان للأمير الوليد بن طلال بسعر ( 50 ) جنيه للفدان الواحد .
خامسا : بيع حكومة الدكتور عاطف عبيد ل ( 650 ) الف متر مربع في سيناء لمستثمرين بسعر (5 ) جنيه للمتر ، وكان أحد المستثمرين من مذدوجي الجنسية رغم أن القانون يمنع بيع ارض سيناء لمذدوجي الجنسية ، والذي قام على الفور بمشاركة رجل أعمال إسرائيلي فقامت الدولة بسحب الارض منه ، فتوجه الى المحكمة الدولية التي حكمت بإلزام مصر بدفع غرامة أضعاف أضعاف قيمة الارض الى هذا المستثمر .
هذه فقط بعض نماذج على سبيل المثال وليس الحصر من جملة (314 ) شركة من شركات القطاع العـــــام ( ملك الشعب ) لإنعاش ذاكرة سعادة المستشار ، تم بيعهـــــــا بأبخس الأثمان ، وبالتجاوز للقانون أو التحايل عليه ـ وأحيانا بتعليمات فوقية ، قامت بها حكومات ( مصرية ) خانت أمانة الشعب ، وأساءت التصرف في أملاكه ، فضاعت أموال الشعب ، وتشرد الالاف من العمال ، لينضموا الى قافلة البطالة التي تتزايد يوما بعد يوم بسبب سوء تصرف حكوماتنا ، وليبدؤا رحلة البحث من جديد عن رغيف الخبز لأولادهم بعدما باعت تلك الحكومات ( المصرية ) جهدهم وعرقهم بثمن بخس. 
إذا كان مجلس الشعب ( الملاكي ) المنوط به الرقابة على أعمال الحكومة قد عجز لأسباب يعرفهـــــــــا الجميع عن وضع حد لإهدار تلك الحكومات لأموال الشعب ، فما الضرر من وجود رقابة شعبية من النشطاء والمحامين وذوي الإختصاص على أعمال الحكومة ، وكشف كل ما يتعارض مع مصلحة الشعب ويخالف القانون .
لولا جهد حمدي الفخراني وخالد علي والسفير ابراهيم يسري وغيرهم من النشطاء لما تم كشف الصفقات المشبوهة لأرض مدينتي ، وشركة عمر أفندي ، وبيع الغاز لإسرائيل وغيرها ، كما أن هناك سيلا من البلاغات من عدد من وزراء النظام السابق ورجال أعمال تم تقديمهــــــا الى النيابة العامة بشأن صفقات بيع شركات قطاع عام شابها مخالفات قانونية وإهدار للمال العام وفقا لتصريح مصدر قضائي بالمكتب الفني للنائب العام في ( 5 ) مايو 2013 م ( المنشور باليوم السابع ) .
وربما كانت هذه البلاغات من الاسباب الرئيسية للمسارعة الى إقرار قانون الاستثمار الجديد منعا لوجع الدماغ ، وإقفال ملف الخصخصة الى الأبد .
التجربة أثبتت أن بعض حكوماتنا لم تكن أمينة في إدارتهــــــــا لأملاك الشعب رغم وجود مجلس الشعب ( حزب وطني ) ، وأنها تساهلت الى حد الإجرام في إهدار المال العام ( ملك الشعب ) ، فهل يوافق سعادة المستشارعلى أن يلدغ المصريين من نفس جحر الحكومة مرات ومرات ومرات ؟ وهل يضمن الا تأتي حكومة جديدة تكرر ما فعلته الحكومات السابقة ؟ ولماذا الخوف من تدخل الطرف الآخر سواء كانوا نشطاء أو محامين في العلاقة التعاقدية بين طرفي العقد إن كانت الإجراءات صحيحة وتمت وفقا لصحيح القانون وليس وفقا لمواد ملغاة ، ووفقا للسعر العادل ؟ أسئلة أتوجه به الى ضمير القاضي هشام رجب عله يراجع نفسه ويشعر هو الآخر بالقلق من هذا القانون .
محمد الشافعي فرعون 
5/5/2014..

شعر: عامية - فصحى: كان نفسى بقلم/ أحمد محسن

كان نفسى نعيش انا و انتى
فى رِواية من تألَّفَنا
كان نفسى نكون انا و انتى
فى مكان ولا حد عرفنا
كان نفسى تكونى قَريبة
و ابنيلك فكرى قصيدة
كان نفسى متعلقش فى حبال
دابت فى الغَيْبَةٌ
كان نفسى افتحلك قلبى
تتمشى فى يا حبيبة
و ارسملك لوحة جميلة
و اتباها بأنك ليا
كان نفسى تكونى معايا
كان نفسى تكونى حواليا
كان نفسى أَعْزَفَلك لحنى
و أَهْدَىلك عود ياسَمينُ
كان نفسى اعرف اغنى
و أَنشَدَلك الترانيم
وانُقِشَلك رسمة حنة
كان نفسى اكتبلك غنوة
ماليانة شوق وحنين
كان نفسى نعيش فى سناريو
ماهوش من فيلم قديم
لكن ربنا دى ارداته
ايوة عرفين ده رحيم
ماهو مش ممكن يخجل عبده
!ابدا ماهو لو كان خير
كان سابه يفضل جنبه
حكمة رَبِّ الْعَالَمِينَ

شعر: عامية - فصحى: تحت الحساب بقلم/ أحمد محسن

أهْلاً بيكم فى عالمنا
عالم لا يعَرَفُ غيرَ الاخلاق!
عالم غافَلَ منذ زَمَنًا
عالم يحتاج الإِشْفاقَ
عالم حاله والله عَجِباً
من افلام قد تؤدى للإرهاق
عالم لا يخشى شئ
اه و خبير فى الاخترعات
يملك اعجوبة علمية
تتكون من كفتة وكباب
و اخر صيحته الابتكارية
طبقًا شامل للاولاد
ولكن شَرَطَ هام جدا
اى لا تسأل كيف ذاك
اه والله انا لا اعلم
هذا علم بدون اسباب
سوف يكون فى المستقبل
علم باهر او كرة شراب
فهل ستدفع ام ستبقى
مثل غيرك كله فى نوتة
سوف تدفع سوف تدفع غصبن عنك
كله فاتورة اه محسوبة تحت حساب
.....
عالم احمق يخشى الفكر
يعطى مبرر لى قتل شباب
يقتل يسجن بنت بكر
عذرا لى قلوب الاحباب
قد حان موعد الاغراب
ف لتبحث عن وطننا اخر
لا يعرف معنى الاخفاق
ف وطنا مشغول دايما
فى المحشى وبالإِرهاب
.....
انا لا اللوم ابدا شعب
كان مشغول بأكل العيش
كان مشغول بلقمة بكرة
!هل هتكفى هل هيعيش ؟
!هل احلامه فيوم تتحقق؟
!هل العالم كله يصدق؟
انه عايش لسه و نابض
لكن الواقع كان ازرق
صحَّى من حلمه على موت وخراب
قلبته عشته لحاجة هباب
شاب يموت فى صرع هدام
بين السلطة وبين احلام
و كأن الفيلم كان فى زمان
كان حدوتة فكرة قديمة
كان سناريو مش فى السيما
لكن واقع بس بحيلة
بتغير الاشخاص
القناص بقى بصاص
و البصاص رمز الاخلاص
لكن المبداء مش يتجزء
لم اطواقك قبل ما نغرق
نصبح ماضى فى لوحة فى معرض
او نتحول نبقى رواية
تبقى فى مسرح بتعرض
!يبقى الدور على مين؟
يبقى الدور على الجماهير
بس سؤالى قولينا مين
مين خد حقك؟!
!مين باع ارضك؟
مين كان ممكن
!ينهش لحمك؟
مين كان سيبك وسط كلاب
مين موجود اه بوشين
!مين قلاب ؟

دراسات: نثر - شعر: المختار اللغماني الشاعر الثائر بقلم/ المختار الأحولي

(الذي أقسم على انتصار الشمس)


عصر يوم غائم حزين من شهر جانفي.كان الجمع يتابع تطورات الوضع الصحّي لشاب في الخامسة والعشرين من ربيع عمر الكلمات.متمنين أن تكون تطمينات الأطباء على غموضها بشارة خير.ونسترق السمع من حجب روحه ألتي تتردد في صدى الصوته المحزون يودّع الشوارع قائلا:*(الموت مساء أمام رفات مهرة الريح).

ـ أكركر رجليّ في شوارعها.....يا مدينة..

سلّمت مفاتيحها للمشترين.....وفتّحت فخذيها لبائعها..

يا مومسا حزينة مصابة بالشذوذ وبكلّ أمراض النساء....يا أمّا قاسية ولدتني ذات صباح

وتقتلني كلّ مساء.../... 

لكن في هذه العصريّة الغائمة.التي يبللها رذاذ الحزن.المتقاطر على جمع من الرفاق والأتراب والأحبة والأهل.زفّ الشاعر إلى عروسه في فرح محزون.بزغردات معبوداته.من صبايا الطين الحيّ واللحم الناريّ لزارات القصيدة.بفعل بركان قلبه الشمسي الصحراويّ.وبآيات من وصايا البحر والنخلات.وميراث الأغاني. التي تعمّر ليل العاشقين.لانتصار شمس الإنسان الشاق الباني. الكادح المتعب المنهك بأوجاع فقره.رغم ما اقترفه من تشييد لصروح وقصور حفنة من المحسوبين على خدمته.وإعلائه لراية بلاد مازلت تحاول الفكاك من المستعمر الراكض اللاهث خلف دمها السحريّ الخرافيّ والحضاريّ التاريخيّ.من موقعه الذي فرضته عليه قلّة علمه وتمدرسه(والحال على أيام الشاعر غالبة وعامة.على النسبة الكبيرة من أبناء الشعب.وبقيّة العرب.وبنسبة هامة حتى في العالم الذي نتصوره متقدّما ومتطورا ساعتها)لذلك نذر هذا العصيّ على حياة الذلّ بشموخ روحه الجنوبيّة المجنونة.وأصرّ على أن تكون أيامه القصيرة بيننا.هي لحظة انتشاء الانسان أينما كان.وعلى الأخصّ الثوري منهم.كما سنقرأ من وحي روحه ما تيسّر من أغاني الشمس.

لكن قبل ذلك.وحتى يكون سفرنا قانونيا.في زمن القصيدة.سنبدأ من حيث ركب الشاعر درب الذهاب إلى غيابه دما حارا حيّا ليعيش ذكرى وذاكرة.

كان أوّل الواثبين في قافلة المودّعين (على اختلاف السبل في نهج الحياة الشعريّة والسياسيّة)ابن دمه وجدول من جداول القبيلة:الشاعر العربي بإشعاعه أحمد اللغماني.حيث راسل روح المختار قائلا في وداع الأخ الأكبر الحنون:

(قصيدة:فظيع...أفول الأهلّة"إلى روح الشاعر الشاب المختار اللغماني"جريدة "الصباح"الخميس 20/01/1977)

...فظيع أفول الأهلّة

........................فظيع...

توارى الهلال ولم يتبرّج سوى بعض ليله..

على مطلع شفقيّ البساط

تنفست اللمحات المطلّة...

فكانت عبيرا مشعّ

وكانت ضياء يضوع

وكانت على الأفق شعلة.../... 

أمّا صديقه ورفيق دربه الناقد المشهور بجديته وصرامته وسخريته اللاذعة.أحمد حاذق العرف.فكتب في مقال تأبينيّ (بجريدة "الصباح" 1977)

(...كان أحد الشموع التي خسرها الشعر التونسي الجديد.المليء بالوعود والعطاءات.كان أحد الشموع التي فقدتها الطليعة الأدبيّة ببلادنا وهي تدخل منعرجها الجديد...كان أحد الشموع التي خسرتها الثقافة الوطنيّة المطلّة من وراء الأفق والتي نسعى جميعا إلى توفير مناخها...)

ولم يكن كلام الناقد مجازفة أو تجديف...بل من نظرة عارف بالدورين اللذين كان المختار يقوم بهما على المستويين الابداعي الشعري والتأسيسي الباني لفضاء الشمس المنتصرة..من خلال مساهمته في تأسيس النوادي الأدبية والثقافية



والشعريّة..مع حضوره التوعوي كمساهم فيما يجب أن تكون عليه التحولات الشعريّة.(حسب رؤيته النابعة من ثقافته المكتسبة في زمنه ومعايشته لتنظير الأفكار التي تهم الشعر خصوصا كأداة لنصرة الشمس الحارقة بحقيقة وضعها والفعل الفكريّ السياسي عموما)

ـ ولنا أن نذكر صريح قوله سنة 1977.(...إننا كنّا ومازلنا نؤمن بطليعة أدبيّة مبدأ وموقفا ولم نؤمن بها أشخاصا.وبعيدا عن كلّ الخلفيات والعلاقات وتأثيراتها...) وبرؤية حداثية تحريريّة للشعر ودوره فحال الشعر والشعراء كما رآها ووصفها في قوله: قصيدة*(الشعراء):

ـ خززت أفكارنا...ركدت

أضحت مستنقعات...عشش فيها البعوض...

باض في القذرات.../...

ويواصل فاتحا أفق البناء لقصيده وهو يخاطب روحه الفاعلة قائلا *(سأعرف كيف أبني أفكاري...أبنيها...أنا الباني...أعجنها بأحزاني.../...)

وهنا وجب أن أنبّه إلى أنّي لا أدّعي عظمة وهميّة للشاعر.ولا أأسطره بقدر ما أتوخّى موضوعيّة المستقرأ،لكنه ولبّ شاعر أسهم في ما بلغنا من خلال حلقات الاستمرارية والتواصل.للمشهد الشعريّ في تونس.وأخضع من خلاله المنعطف السبعيني للشعر التونسي وخياراته ومواقفه لبصيرة المكتشف.من خلال نموذجه الذي كان ومازال عند الكثيرون ذاكرة وذكرى وشهادة شاهد على مشهد شعريّ حقيقي.لتونس السبعينات بحراكها الثقافي وكلّ المؤثرات فيه وعلى رأسها العامل السياسيّ الذي كان سند كلّ مبدعي وفناني تلط المرحلة بالفكرة والنظرة ورسم الطريق.وهنا أجدني أتفق مع كلام الدكتور الذي رافق ولازم كنوز وشعلة الأدب السبعيني وعلى رأسهم شاعرنا المختار(وما يسمى بحركة الطليعة الأدبية في تونس) في قوله عند تأبين الشاعر في جلسة بنادي الشعر بدار الثقافة إبن خلدون الذي كان الشاعر من بين مؤسسيه صحبة كلّ من المتكلّم ذاته الدكتور هشام بوقمرة.والشاعر أحمد اللغماني والشاعر عبد الحميد خريف والأديب محي الدين خريف والشاعرة فاطمة الدريدي والشاعرنورالدين صمود ومحمد أحمد القابسي والميداني بن صالح وغيرهم...وذلك خلال سنة 1976.

ـ حيث قال :(...لم يكن صوتا فريدا،ولكنّه كان صوتا داخل رافد أصيل،ساهم في حركة شعريّة إبداعيّة في صدق وإخلاص...)

وهو الذي حدد دوره الشعريّ بقوله *(عن الشعر):

الشعر لا يبيعه البائع

ولا يشتريه زبون

مطعون أنا............مطعون

ككلّ جياع الأرض

محتاج إلى الصياح

محتاج إلى الرفض

محتاج إلى حمل السلاح.................إلى استعمال اللفظ.../...

ـ المختار اللغماني شاعر هموم زمانه:

كان عرس مواراته الثرى في منبته "قرية الزارات" وترجّله راحلة الأيام.رجّة لهيكل كلماته التي سكنت لسان وقلوب ثوار أيامه في تونس.التي كان صورتها وصوتها الواقعي الحقيقي.على بساطة كلماته وعمق معانيها الانسانيّة وبروحه الجنوبية البسيطة المحافظة على الودّ والحبّ والتآزر والتآخي التي كان حريصا على إشاعتها بين رفقائه وأصحابه وكانت دليل ونهج محبّته للشعب بأسره الذي تكلّم بلسانه وببساطة مفرداته اللغوية الشعبيّة.وهو ذاته من يوصّفها بصراحته الجنوبيّة المكشوفة،في قصيدة(عبارتي شعبيّة)ـ

عبارتي شعبيّة

عاملة ساعية

وواعية...................اضربت على الاعمال الفنية.

عبارتي شعبيّة

قبيحة كالجوع

ولا تصف الربيع....................فهي ليست شعريّة؟

عبارتي شعبية....تجوع كالفلاّحين.....تعطش كالعمّال......وتحبس كالثوريين..

لكنها تبقى مثلهم حيّة.../...

إنّ تأثيرا الواقعيّة الاشتراكيّة بجميع مفرداتها واضحة في أثر شعراء السبعينات في تونس وليس ذلك بالغريب إذا ما أخضعنا هذا النهج المتبع لمتغيرات دولية وإقليمية ووطنيّة خصوصا.إذ كانت تلك الفترة هي ذروة الصراع والصدام مع سلطة قامعة بوليسيّة استندت إلى قوّة البوليس لترسي الأمن السياسي.ووظفت القانون لتنشئ محكمة خاصة "محكمة



أمن الدولة"قدّام المدّ الثوري الشيوعي.الذي فضحها على أنها سلطة عميلة تكرّس ليس سلطة المستعمر القديم بل وفتحت البلاد لسلطة مستعمر أخطر الإمبرياليّة والصهيونيّة العالميّة وعلى رأسها أمريكا.

وكانت الطليعة الأدبيّة هي رؤية ثوريّة وطنيّة تونسيّة.ثقافيّة.شعريّة.وأدبيّة عموما.تحاور الأفكار العربيّة.والإنسانية الثوريّة في حينه.وتحدد مجال تحرك المبدع والمثقف العضويّ في صميم هموم شعبه ووطنه وهو النموذج العربي والإنساني.لمعاناة وشقاء هذا الانسان الذي ينشد الحرّية وحقّه الشرعيّ والقانونيّ والطبيعيّ في الرغيف بعزّة وكرامة.منها يبني عزّة وكرامة وطن برمّته.وشاعرنا لم يكن سوى حلقة من سلسلة يتواصل صهرها حتى الآن وحتى غد الانسانيّة.فلا أدب ولا فنّ ولا إبداع بلا قضيّة ولا وجهة نظر تنتمي اليه معنى ومبنى.وما مقولة الفنّ للفنّ سوى مقولة هارب من ساحة المعركة.متغطّي برداء برجوازي.نسجه الخوف من قمع السلطة من جهة والاسترزاق من فتات القصور من جهة أخرى.

لكنّ شاعرنا بمعيّة رفاق دربه كوّنوا سلطة معنويّة لمن يدعوهم "بورقيبة (بالأفاقين)" القادمين من ريفهم بغبار هذا الريف ناشدين موقعا في المشهد الوطني.وهنا نورد إجابة الشاعر الصريحة متغنّيا بخصال منبته الريفيّ الذي أنشأه كغيره من الريفيين بلا زيف أو أقنعة المدينة التي اكتشفوا أمراضها تلك زمن قدومهم طالبين العلم من مناراتها التي تعجّ بالريفيين.

وبسخرية مبطنة واعتزاز واضح يقول:في قصيد(ريفي)

ـ ريفي.كأن تقول "جبري" غريب عن الحضارة

ومن الحفاة العراة المعفسين على الحجارة

ريفي كأن تقول "غبيّ" في مسرحيات الإذاعة

يهدي الدجاج والبيض...في سنوات المجاعة..............................

...ريفي..كأن يقول للدجاج ..دجاجة

ويعطش.....ويعرى................................ولا تحنيه الحاجة.../...

وهنا أجدني مجبرا على أن أمرّ من ثنايا النخل والتين والزيتون.ومسارب الواحة...وملح البحر..حرارة ماء العين..في (زارات) جنّة الشاعر..وملهمته الأولى..ومن رزقته الخمسة والعشرين ربيعا من الحبّ المحزون...والشدو الحنون..وروح الجنون...التي زاوجته ونصرة شعبه المفقّر...ليدفعهم في فخر وانتشاء وهو صارخا:

*ـ ارتفعي يا أيدي...يا أيدي ارتفعي شددي القبضات...

أصافحكم...أصافحكم...يا حاملين في قبضاتكم هدير البحر الآتي.............../...فمن هي معبودته التي تمتلك ناصية وجوده وغيابه؟

ـ المختار اللغماني شاعر الزارات:

فمن هي هذه المعبودة؟التي ترسم حدودها الواحات الشاسعة جنوبا.وشرقا البحر.وشمالا طريق الميناء الآن.هي قرية موجودة من *(الزمن البونيقي "على أقلّ تقدير" استنادا على يوجد من آثار راجعة لهذا العصر الراجع إلى 111 ق م تقريبا.وهي آثار موجودة بمنطقتي المعمورة وشطّ العوامر وغيرهما.كما أثبتت عمليات المسح الأثري وجود أكثر من 150 موقعا أثريا بالجهة يدلّ نمطها المعماري وحجارتها الضخمة على انتمائها لحضارات مختلفة منها البونيقيّة التي ارتبطت بالسواحل والحضارة الرومانيّة التي ارتبطت بالسهول والأراضي الخصبة.) كما نلاحظ وجود بعض الآثار الرومانية وأنت مار من جهة الزارات (ومنها ما يوجد جنوب الواحة قرب سبخة).وهي تنتمي الى مركز عمراني غابر.يوافق موقعها واحة الزارات fulgurita فإنها هنالك محطة رومانية قديمة تسمى نسبة إلى peutingerحسب دليل العالم الأثري للآثار الرومانيّة ويحدد الموقع الأثري للمدينة الحقيقية المعروفة antonin والتي تربطها بمدينة تكابيس."قابس".

وكتب عنها العديد من الرحالة عربا وإفرنج ومنها ما كتبه الرحّالة التيجاني ص 119 من كتاب رحلته قائلا: (الزارات قرية ذات نخيل كثير وماء غزير ينبع من عين حمئة وقد اجتمعت لدى منبعها بركة ماء متسعة القطر بعيدة القعر.وأهلها من البربر والمتمسكين بمذهب الخوارج وهذا المذهب هو الغالب آنذاك على جميع البقاع التي بين قابس وطرابلس وخصوصا أهل الساحل البحري منهم).

أمّا الكاتبان فقد دوّنا سنة 1888 .fernand lafitte وjean servonnet في كتابهما خليج قابس "ص131 و 132" فهما يذكران الزارات (قرية يسكنها قرابة 400 أو 500 نسمة من أصل بربري وتشبه حدائقها في اخضرارها حدائق قابس وبها نخيل كثير واشجار مثمرة تسقيها مياه متدفقة من عين سخية تصب في بركة كبيرة قبل أن تتفرغ إلى سواقي



باتجاه الواحة ولما يأتي زائر بين العصر والمغرب في فصل الصيف خصوصا يشاهد مظاهر الحياة اليومية فريدة لهذي القرية عند نقطة الماء هذه.). 

ـ ولم يبقى الأصل الدم الساري في عروق أهلها بربريّا. منذ زمن بعيد في القدم.بعد اعتناق بعضهم للإسلام وهجرة من خالفهم إلى مواضع آمنة من جيش المسلمين القادمين من مشرق وفيه خليط أعراق تركت بصمتها في الإرث العام للقرية.منذ فجر جيوش حسّان ابن ثابت ومن تلاه التي مرّت من مدخلها وترابها أو على مقربة كبيرة منها أي على طريق القرى المجاورة لها أيضا.فتمازج الدمّ وتدرّج في اختلاطه حتى أصبح عربيّا خالصا.نقيّا عرقا وطبعا وطابعا وإرث ونسب لا شائبة فيه. ولم يبقى من العرق البربري سوى بعض ذكر في كتب الرحّالة فقط لا غير.

ـ وهي قرية صغيرة على أيّام الشاعر.أهلها من البساطة والأريحيّة وصدق المشاعر. بحيث لازالوا في إكرام الغريب والإحاطة بالحبيب على قلّة المورد وقسوة الطبيعة التي زادت في شحه الرزق. مما دفع بأبنائها في وقت مبكر إلى الهجرة إلى فرنسا بالأساس وهذا العنصر مسّ شاعرنا بحيث حرمه لفترة غير قصيرة من التواصل المباشر وحضور الأبّ في حياته. فكانت الأمّ التي هي الملهمة والمعبودة رمز وروح المكان وآيات الزمان.التي ريح الحياة التي تقذفه إلى عوالم الحبّ.مرتكبا بما يدفعه من حبّ محزون أجمل الآثام (الشعر).

وللشعر في حياته مرحلتين رئيسيّتين ـ مرحلة القلب العاشق للحياة.الرافض لطقوس القديم البالي.الباحث عنها في جمال الصبايا وروعة الغزل ـ ومرحلة ثانية كانت هي عنوان الشاعر في دفتر تاريخ الشعراء ـ مرحلة العقل الثائر الذي يراكم فكرا ورؤية.بأسس القلب الريفيّ بفطرته وسليقته.وحبّه الصاخب الغاضب أبدا.للناس الكادحين .والفقراء المحرومين المظلومين.

ومرحلتي بنائه الشعريّ يشتركان في الرفض والثورة كعنصر أساس في وجدانه وما الاختلاف سوى بين منطق القلب ومتن العقل وهما مفصولتان بالرحلة فالمرحلة الأولى كانت في أرض معركته الأولى المنبت.أمّا المرحلة الثانية فكانت صدمة واقع تلك العاصمة التي كان في تصوره "كعامة ساكني الريف والمدن البعيدة"جنّة الحضارة ومعلم التحرر والإعتاق من التخلّف.لكن كانت صدمته كبيرة حين رأى أن ما في الريف من رزق على قلّته وطمأنينة وراحة روح وبال.لا توجد في عاصمة الجوع والفقر حتى أنّه اعترف لحلمه أنه حلم (خلواض)في قصيدة: *(حلم رجل "خلواض")..

ـ حلمت الملاّسين في الفجر..تهاجم باب البحر...

كالريح في هبوطها..تملّس بطوبها وتضربه بالمطر

وتصعد القربيات إلى أفريكا....وتسقط لباس المغازات....في يد الخردة

والروبافيكا...

ـ حلمت:العاصمة وكانت نائمة..وحالمة

تزخر بالناس والدخان..رأيت بعض الحيطان في شارع الحرية

تبدّل لغتها الرسميّة...وبعض الأوثان...في شارع روما

تسقط مكتومة...

ـ حلمت حلمت...حكيت حلمي للجيران قالوا..يا فلان "حلمك حلم رجل خلواض وفي الحكمة قانون

يفرض عليه الإجهاض"...

ويحمله العقل إلى تأبّط الفكرة.باقتناص ذاكرة المتلقي ومرجعياته الشرعيّة إلى محاورة الرمز.والتلاعب بصوره المحفورة في روح الناس حين يقول:* (أفعال بين فاعل ومفعول)

ـ "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"؟...

الذين يعشقون ويغضبون ويقولون...والذين هم سكوت..

الذين يأكلون الدنيا وتسحرون بالآخرة...والذين يأكلون الموت..

وينتظرون القوت...وخلاصة الدنيا إذا وصفناها...

الذين يحكمون فهم "حاكمون"...والذين محكومون فهم محكوم عليهم.../...

وكان الشاعر قد التزم وألزم قلمه على الإنتماء للشعب حتى في انتقاء العبارة واللفظ الذي يصل بسهولة وسلاسة إلى روح الناس البسطاء.بدون تعقيدات لغوية وبلاغيّة ومحاسن لفظيّة تركها إلى حينها وسنورد هذا التحوّل في الشكل والبنية لاحقا وفي حينه.فهو وبحكم انتمائه للشعب المفقّر والمجوّع.يلتحم معهم في *(تقديمات للعبارة الشعريّة): حيث يقول:

ـ أحبها بسيطة كمنازل الطوب..

كلباس ريفيّ من الجنوب..كحديث عامل من بلادي

كفطور الخمّاس في فصل الحصاد..

أحبها شقية كصندوق شيات..كبرويطة حمّال



كحديث بلا بروتوكول..وبلا مقدمات.../...

وكان محرّضا لاذعا وساخر في بعض الأحيان حدّ البكاء من واقع يسير نحو مجهول تأكّد فيما تلاه من أحداث تاريخ البلاد وتطورات مساره بلوغا حدّ انتفاضة(17ديسمبر/14 جانفي) صحّة رؤيته وتوجهه وانتمائه للقاعدة الأصليّة للشاعر والمبدع عموما أي الشعب المحكوم.ولم يساوم أو يهادن ويخدم بلاط الحكّام ولو لبعض غفلة زمنيّة. 

ففي قصيدة.جعلت فرقة موسيقى ملتزمة في أربعينية وفات شاعرنا من عنوانها اسما لها (الحمائم البيض).

وهي*(أحزان الحمائم البيض)يقول محرّضا:

ـ لا تستلقي..تململ في البيضة...

حطّم القشرة..

أزح عن صدرك هذي الصخرة

وصفّق بجناحيك في الهواء الطلق.../...

ولم يكن يحصر همومه في بعدها الوطني فقط.وإنما أيضا إلتزم بالبعد الإنساني وتمازج مع هموم الثوريين في العالم خصوصا منهم من كان سندا لقضايا العرب والمتطوعين بدمهم وحياتهم لنصرتهم.أمثال قائد عمليّة مطار اللدّ: الرفيق أوكاموتو.الذي خصّه ب:*(رسالة حبّ إلى أوكاموتو) يقول فيها.

ـ أوكاموتو...أحبك يا أخي الإنسان

ولست أخي في الدين...ولست بقارئ القرآن...

ولست من "خير أمّة قد أخرجت للناس"

فحين حبول البركان...تذوب جميع الأجناس...وتسقط كلّ الأديان.../...

وفي اطار ذكرنا للقضية المركزية العربيّة فلن نزيد على ما قاله في:*(الحديث عن فلسطين)

يتعمّق جرحك إثر كلّ هزيمة...

يتكشّف عن سحر الأجداد...وشعر الأسياد

وإذا أنت...كما كنت...وليمة.../...

لكن حدث طارئ على الشاعر في جزء أخير من مرحلة العاصمة(أي المرحلة الثانية والأخيرة من حياته)حيث برز تطور في الشكل والأفق لقصيده وكان إيذانا بميلاد جديد لم يسعفه الزمن ليتمّه ويخلّد منه سوى نزر و دفتر صغير لكن على صغره نستشفّ منه محاورة جميلة للشعر العربي الملتزم عموما.ذلك النهج الشعريّ الثوريّ الذي حمل بصمة رواد القصيدة الحديثة المنمقة والمزينة بسحر الحياة العربية البسيطة والريفية أيضا.من أمثال محمود درويش ومظفّر النواب والبياتي وانس الحاج والخال ورواد قصيد لبنان الجديد.فكان المختار مزيج سحريّ لم ينفصل فيه عن وطنه وبلاده بل كرّسه للغرض ذاته.لكن بوعاء جديد.سيبرز بعده وحتى يومنا هذا على أنه الشكل الأرقى للشعر العربي الحديث.

وهنا أجدني منبهرا ومجذوبا لقصيده الرائع الذي حفر فينا مسافة بين درس شعري وآخر.بين نمط ومدرسة وأخرى نابعة من واقع المدرسة الأولى كفرع أصبح بمرور الزمن هو الأصل المعتمد.والمسمى في بعده الإنساني بالواقعيّة السحريّة.

وأعني قصيد*(حفريات في جسد عربي) والذي يستهله بروحه الثائرة دوما قائلا:

لا تقتل حلمي...باسم الله..وباسم الدين..وباسم القانون..

ولا تذبح قلمي....

كلماتك حمرا قال فما لون دمي ...

إنّي أشهد بحمام العالم...بالزيتون المطعون...بالبحر المسجون...وبالدنيا..

وأنا أعرف ليس في الدنيا أحلى أو أغلى من هذي الدنيا...

أشهد أنّي عربيّ حتى آخر نبض في عرقي...عربيّ صوتي...عربيّ عشقي...عربيّ ضحكي وبكائي..

عربيّ في رغباتي الممنوعة...في أهوائي...عربيّ فيما أشعر...عربيّ فيما أكتب..

لكنّ العالم أرحب.........................................................لكن العالم أرحب.../...

ورغم أنني لا يمكن أن يوقفني تصفحي لعالم المختار اللغماني عند هذا الحدّ لكن لضرورة الصمت في زمن يركبه منتحلي التقوّل فإنني سأصمت لأترك لمن يريد الغوص في هذا العالم الرائع لشاعر أعاد للزمن بريقه وهو يرقد في آخر لحظة من حياته على سرير الختام وهو يقول:*(التعبير عن الغربة)وهي آخر ما كتب.



عيناي بؤرتان منفيتان في المدينة المنفى...عيناي نائمتان على دائي...معلقتان على أهوائي...

مصلوبتان على سرير عمري المستشفى........يا مستنقعات الأيام...يا مزابل منتصف الليل....يا عمري..

مالي ولهذا الزمان......المجدب القفر..........................................مالي ولعصري.../...

وكان عصر يوم غائم حزين من مستهلّ شهر جانفي شهر كان ولا يزال شهر ميلاد الثورة في تونس وآخرها وليس آخرا...(14 جانفي 2010)الذي أقسم فيه الشاعر آخر أيمانه الغليظة...حين أقسم على انتصار الشمس.

المقالات الاقتصادية: مشروع حلّ عمليّ لإيصال دعم (صندوق الدعم) لمستحقيه بقلم/ المختار الأحولي

من خلال النقاشات الدائرة حول مسألة صندوق الدعم.ومن خلال غياب الرؤية والواقعيّة والعمليّة والعلميّة. التي تحفظ حقّ المواطن الضعيف الدخل أو المعوز في الانتفاع بالدعم. الذي سبق وأن دفع مساهمته فيه من خلال الاستقطاع الضريبي.ومن خلال تأكدنا أنّ النسبة الأعظم من ميزانيّة الدعم ذاهبة إمّا إلى غير مستحقيها من أصحاب الدخول المرتفعة. أو هي تنهب وتسرق وتباع في دول الجوار.من طرف من دفعتهم لا وطنيتهم. واستغلالهم لقوت أبناء وطنهم وتواطأ من لا غيرة فيه. ولا كرامة لحمل راية هذا الوطن وهذا الشعب الكادح. الذي أمّنه على رزقه حين وظّفه في وظائف حساسة. مدعيا قلّة الدخل أمام مغريات الحياة ليردّ مدافعا عن تورّطه في خيانة البلاد. والحال أنّ الأطر التي تكفل له حقّ التظلّم والترفيع في مستوى دخله كفلها القانون. وهي حاضرة وتكابد في سبيل هذا الحقّ المشروع.

وبعد ما بلغه واقع الحال.وما بلغه النقاش الدائر الذي انحصر في نقطتين هما:

إمّا إلغاء صندوق الدعم وتعويضه بالترفيع في نسب الدخل الشهريّ بالنسبة لضعاف الحال.أو الإبقاء على صندوق الدعم بنسب محدد حسبما يراه أصحاب المشروع.والذي حسب قراءتنا له. لا يرأف بحال الضعفاء. ويعيدهم لمربّع الفقر المدقع بعد الترفيع في أسعار السلع.ولا يخلوا من التلاعب بميزانيته وغرضه. بأشكال متعددة ومتنوعة.مما يجعل من المشروع عبأ جديدا ليس على الدولة وحسب. وإنما على المواطن "الزوالي".

لذلك نطرح رؤية ثالثة عمليّة وبأسلوب محدد في شكل نقاط واضحة ومحددة.ربما ابتعدت صياغتها عن المتعارف عليه في كتابة مقال صحفيّ. لكننا ومن منطلق توضيح الفكرة وترتيباتها آثرنا أن نتطرق لها بأسلوب مشروع إصلاح لمسار أموال صندوق الدعم. بحيث تذهب إلى مستحقيها الأصليين. مغلقين الثغرات التي يمكن لمن تسول له نفسه الخبيثة ولوج خبز الفقراء التسلل منها والتلاعب وسرقة لقمة "الزوالي".

نصّ المشروع:

بعد تحديد سقف دخل المنتفعين بالدعم وأصنافهم.يقع تخصيص خلية عمل مشتركة بين وزارة المالية ورئاسة الحكومة. وهما الطرفين الأساسيين في استخراج قائمة العاملين في وزارات الدولة من محدودي الدخل بما يتماشى والتصنيف الذي سبق تحديده وذلك بالاعتماد على شعبة المعلوماتية بكلّ وزارة.

وفيما يخصّ القطاع الخاص يشرّك في العمليّة الطرفين المذكورين أعلاه مع طرف ثالث يكلّف بإعداد قوائم المنتفعين من العاملين في القطاع الخاص الراجعين إليه بالنظر.وأعني تحديدا وزارة الشؤون الاجتماعية وإتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية كممثل عن الأعراف. الذين يعدّون من خلال إدارات مصانعهم ومواقع أشغالهم قوائم حسب بطاقات الانخراط في أحد الصناديق ألاجتماعية (أي من العمّال المرسمين لديه في مواقعهم والمصرّح بنسب دخلهم).

وفيما يخصّ الجزء الأهمّ من ضعاف الحال وهم العملة العرضيين والمعوزين من الحالات الاجتماعية المصرّح بها. والغير مسجّلين في الصناديق الاجتماعية. فيكون على وزارة الشؤون الاجتماعية وبتكليف رسمي من رئاسة الحكومة. التنسيق مع الولاّة المشرفين إداريّا على الجهات. بحصر قوائم الذين سينتفعون بهذه الآلية.

ثم تزويد جملة المنتفعين عبر:

ـ إمّا في نقاط عملهم. أو عبر التوزيع في نقاط الراجعة بالنظر لولاية الجهة) ببطاقات ذكيّة مبرمجة تحتوي على تواريخ متباعدة "يراعى فيها مواعيد استلام الرواتب بالنسبة للعاملين المشمولين بالدعم". وتدرج زمني لا يحدث اكتظاظا في نقاط الشراء. وتحدد قيمة مخصصة عامة على المنتفعين. حسب البطاقات المسندة.

ـ كمثال: (أعزب أو ربّ عائلة) من العاملين سواء في القطاع الخاص أو العام. تتوزّع تواريخ الخدمة لكل بطاقة على حصتين شهريا.

وهذه البطاقة تسمح بحصر الكمية المدعومة من السلع المراد شرائها لكلّ منتفع. وتحصر كمية السلع ونسبة الدعم التي تخصصها الدولة للصندوق. ويحدد نسبة ونوعية المنتفعين. و نوعية السلع التي تدعم وجملة المنتفعين. وبطاقة خاصة لغير العاملين من العائلات المعوزة. أو العملة العرضيين. أو العاطلين "ظرفيا". تقسم مدّتها على أربع حصص شهريا للقيمة الشهريّة الواحدة. المخصصة للمواد المدعومة الأساسية المرغوب اقتنائها عند مطلع كلّ شهر إداريّ.

ويراعى في إسناد نوعية البطاقة حاجيات العائلة بحساب تقدير نسبيّ للحدّ لأقصى لتركيبة وعدد العائلة في تونس محين حسب الإحصائيات التي يقوم بها معهد الإحصاء في خصوص المتزوجين. وتحديد نقاط مركزيّة لشراء وتوزيع للمواد المدعومة. حسب توزيع السكّان بما يتناسب وتمركزهم السكاني بكامل تراب الجمهوريّة.حتى تكون الخدمة قريبة منهم.

ـ وإن استعصى الأمر آنيا لأسباب التمويل الذي يمكن استقطاعه من الصندوق نفسه. فيمكن الالتجاء إلى المراكز التجاريّة التي تتعاقد للغرض وتخصص جزأ من فضاءها لتزويد المنتفعين (حتى يتمّ إنشاء هذه النقاط في صورة انعدام الإغراءات التجاريّة التي يرغبها مالكيّ أو القائمين على هذه المراكز التجاريّة)

ـ لكن يقع إخضاعها (أي هذه المراكز التجاريّة الخاصة المتعاقدة للغرض) لرقيب من الأمن الاقتصادي. يخصص أو يحدث مركزه للغرض إداريّا وتشريعيّا. ويكون قارا مركزا. متغيرا شخصا. في كلّ فترة يضبطها المكلف بالأمن الاقتصادي بالبلاد أو مشرّع الجمهوريّة.

وفيما يخصّ (الخبز) فإنّ الدولة نقترح عليها تصنيف المخابز صنفين:

أـ صنف مدعوم الإنتاج ويعتمد في البيع على ابراز البطاقة. 

ـ ب ـ صنف غير مدعوم (تجاري).

وبهذه الطريقة يمكن للدولة حصر مجال تدخّل صندوق الدعم بالنسبة للمخابز والمنتفعين من المشمولين بالدعم من ناحية. وفي ناحية ثانية تترك للمواطن حرية الاختيار ولا تحدّ منها بتخصيص نوع معين من الخبز مدعوم وفي هذه الحالة يمكن لغير المنتفعين الاندساس والانتفاع بهذه الخدمة وبالتالي لن تتمكن الدولة من ترشيد صندوق الدعم في هذا الباب.

ـ أمّا فيما يخصّ الوقود (وأعني وقود السيارات) تتعاون هذه اللجنة مع البنوك القائمة في البلاد والتي لديها مشتركين ومنخرطين من هذه الفئة وكذلك مراكز البريد.تسند إليهم قوائم المنتفعين من بين مشتركيهم الذين يستخلصون رواتبهم منها.وتقوم هذه الأخيرة بتزويد جملة مشتركيها من هذه الفئة المشمولة بالدعم (حسب القائمة الراجعة إليها بالنظر) ببطاقات ذكيّة تشحن آليا وفي مستهلّ كلّ شهر إداري. بقيمة ماليّة معينة. تحدّد كيلومتريا لكلّ منتفع. في حدّ أقصى معمم على جميع المشمولين بالدعم والمالكين لسيارة شعبيّة من فئة تحددها الدولة.وتستقطع آليا من الراتب الشهري لشحن البطاقات بذات القيمة المستقطعة للغرض.ليتمكن المستهلك من التزوّد بشكل دائم وبدون تقطع.

ولباقي العناوين التي يشملها الدعم من طاقة كهربائية ومائية.ففي التحديد لسقف الاستهلاك بالنسبة للعائلة المحدودة الدخل مرجعا لتحديد التسعيرة المشمولة بالدعم.

نتمنى أن يصل هذا المقترح إلى أهل الحلّ والعقد. ولا يقع إغفاله أو رميه لظلمة القبور. حتى يستمرّ الحال على ما هو عليه من إهدار ونهب للمال العام. أو وضع مشروع يسمح لغير أهل الحقّ في الانتفاع بالدعم ولوجه من أبوابه الخلفية. وبالتالي نعود للمربّع الأول من إهدار حقوق الزوالي وسرقة حقوقه المشروعة ونصيبه من ثروة البلاد ./. 

تونس في 04/06/2014 

قصة قصيرة: الجراح بقلم/ أحمد سمير

فى منتصف الليل ستجرى العملية الجراحية 

سيجري العملية الجراحية شخص لم يجر عملية جراحية من قبل .. شخص يمقت حياته .. شخص غير مرخص له القيام بمزاولة المهنة .. شخص يعرف جيدا ان الامر سيكون طويلا وعسيرا . 

ستجرى العملية فى حجرة رطبة .. اشبه بزنزانه .. اعلى إحدى المبانى المتهالكة .. فى غرفه غير مجهزة سوى بمروحة سقف بيضاء طويلة الأذرع .. 

سيكون الألام لا يطاق .. لا مخدر .. سيتمنى مريضة ان يغوص فى الرمال والوحل ليلحق بضحاياه .. ومامن ضحية وقعت تحت يده الا وكانت نهايتها التراب .. 

حقيبتة .. هى حقيبة طبيب جراح .

أدواته .. هى أدوات كأدوات الجراحة .

قلمه ذات الأبرة الرفيعة .. هو مشرط الجراحة الحاد . 

دفتر ملاحظاته هو مريضه .. ضحيته .. التى تعوى من الألم .

رفع رأسه الغارقة فى العرق .. ورفع اصابع يده النحيلتين .. مضى اكثر من ساعة وهو على هذا الحال .. مريضه فى حالة مزرية جدا بعد أن امتلئت صفحاته بالحبر الأحمر .. 

ها قد انتهى الدم فى مشرط الجراحة وصار الان متعطشاً الى المزيد .. يعرف أن عليه ان يتصرف بسرعة ..

نظر الى زوجته المريضة التى عانت من نوبة حادة من السعال استمرت طوال المساء الى أن تمكنت من النوم .. شعرها الاشعث و صدر يعلو ويهبط مصدرا حشرجة خفيفة .. تذكر كيف كانت تداعبه وتحنوا عليه فى الماضى قبل ان تتحول الى الاستهزاء والسخرية منه .. تذكر كيف وجهت له الانتقادات ، كيف كانت تصيح فى وجهه " ابحث لنفسك عن عمل " ، كيف سخرت منه ومما يكتب ، واستهزائها به أمام اهلها وأهله .. ولم يكن يفتح فمه بل كتم مشاعره داخله .. 

لمعت عيناه ببريق متوحش وبلا اى خوف او ترد قام من مكانه بجسد متعبا لينتزع قلبها المرتعش بقلمة .. راح قلمة يغوص فى جسدها .. قاومت قليلا ثم استسلمت جاحظة العينين .. 

- لن يفتقدك احد يا زوجتى . 

عاد الى مكتبه سعيداً .. وعاد ليكتب , وبعد أن مضى عليه وقت طويل على هذه الحالة .. يكتب .. شعر بالانهاك الشديد ممزوجاً بالشعور بالرضى لقد انتهى من كتابه اول كتاب له .. شعر بالسعاده لانه ساعد زوجته على التخلص من مرضها .. وضع قلمه بعناية بجوار دفتره و تمدد بهدوء على ارضية الغرفة بجوار السرير " سأموت قريبا لاشك فى هذا .. اريد الراحة " . 

شمس يوم جديد فى طريقها الان .. ستخرج من احشاء الليل لتنير الظلام العميق كما اخرج قلب زوجتة لينير كتابة العالم .. لن يرا هذه الشمس و حيث سيذهب لا وجود لضوء الشمس .. فالزمان بالنسبة اليه سيتوقف قريبا ، سيتوقف بالنسبة لجسده اما روحة ستظل تعبث فى المدينة تطارد سكانها ناكرى الجميل الانانيون . 

ستكتب الصحف غدا عن جرائمه .. بعد ان تأتى الشرطة لتفحص منزله سيكتشفون قطط زوجته أسفل ارضية البادروم الصلبة ، سيكتشفون ابن زوجته التى اجبرها على ان تخرجه من احشائها .. بعد ان اقنعها انه قد مات وانه لاحاجه الى الذهاب الى المشفى .. كم يكره زوجته وطفلها .. سيجدونة اسفل عتبه الباب الامامى . 

ستكتب الصحافة عن رجل مغمور غريب الأطوار يعيش على حدود المدينة .. سيكتبون عن شخص خرج من الحياه كما دخلها فقير , معدم لامال لديه , بالكاد استطاع الزواج وبعد خمس سنوات تضع زوجته طفلها الأول ميتا .



سيتحدث الناس عنه لبعض الوقت قبل ان يعود الجميع للحديث عن امور حياتيه اخرى .. كعهدهم دائما

ما قل و دل: قلبى أنعيه إليكم بقلم / محمد حسن عبد العليم

 كثيرا ما نقابل أشخاصا نحبهم ... نرتاح لهم .. نحلم أحﻻمنا معهم ... وفي أول موقف يحدث ﻻ يتحملونك ... وﻻ يقدرونك ... ويبدأون بحفر القبر داخلهم ليدفنوك ... ثم ينسوك .... وإن جاءت سيرتك ... يلعنوك .... ويقطعون فيك إربا إربا .... وهذا ما مررت به طوال حياتي ... في الحب أو في الصداقة ... لذلك أنعي إليكم قلبي الذي أشعر بأنه تحمل الكثير .... أنعي إليكم قلبي الذي بدأ يشيخ و أشعر أن ساعة توقفه عن الدقات اقتربت ... فيا قلبي لك الله .

ما قل و دل: أكتب إليك يا ربى بقلم/ محمد حسن عبد العليم

أكتب إليك يا ربي .... اليوم أكتب إليك ياربي .. وﻻ أكتب لغيرك ... نعم في بداية رسالتي إليك أطلب منك المغفرة على ذنوبي ... أطلب منك العفو ... أطلب منك الرحمة والمغفرة يا غفار ... ثم بعد ذلك أشتكي إليك ... أشتكي إليك من نفسي ... لقد أخذتني الدنيا ... وتقاعصت عن أداء واجبي نحوك .. فأغفرلي ... و أشكو إليك من ضعفي أمام الحب ... فقويني .. و أشكو إليك ذلتي أمام الناس .. وهواني ... لقضاء مطلبي .. اليوم عدت إليك ربي .. عدت إلى حضنك فأقبلني يارب ... عدت إليك فﻻ تحرمني من حنانك وعطفك علي ... عدت و أنا راضي بحكمك ... عدت ياربي .... فإقبلني عندك ... فكل متاع الدنيا تهون إﻻ رحمتك .... ومغفرتك .. فلو خسرت رحمتك هلكت ... يارب أنا عبدك ... يارب أرحمني برحمتك.

المقالات السياسية: سندويتشات الديمقراطية بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر


إن كنت من عشاق الديمقراطية، فلا تبحث عنها في ميادين الحرية العربية، لأن الدنيا ليست ربيعا وليس الجو بديعا كما تنبأت أرصاد الأفلام العربية الحالمة. فقد اغبر الطقس هناك فجأة، وأمطر الربيع قنابل غاز وزجاجات مولوتوف، وتهما لا حصر لها غير قابلة للنقض ولا للتفاوض. ولا تبحث عن زمرة المغامرين الذين صدعوا رؤوسنا على مدار أشهر بصهيلهم النحاسي هناك، فقد فر ثوارنا بأعلام ممزقة ولم يتركوا في ربوع الميادين إلا حفنة من الباعة الجائلين الذين لا يروجون للديمقراطية ولا يعرضونها على الأرصفة باعتبارها مادة غير صالحة للاستهلاك العربي، ومصدرا للبلطجة والغواية. يمكنك فقط أن تتناول البطاطا غير الحرة وسندويتشات البرجر المحترق، ثم تعود إلى بيتك وأنت ترفع رأسك عاليا لأنك لا زلت تحمله فوق كتفيك.
أما إن كنت تريد أن تضرب عصفورين بحجر، فتأكل الديمقراطية والبرجر معا، فاحجز مقعدك من الآن على إحدى الرحلات المتوجهة إلى تايلاند، فثوار بانكوك يوزعون سندويتشات الديمقراطية مجانا على المارة ولا يسألونهم الدعاء. وتذكر أن تختبر ديمقراطيتهم المقددة جيدا قبل أن تغامر بقضمها بأسنانك الربيعية، فديمقراطية تايلاند ليست كديمقراطية العرب، وبرجرها ليس كبرجرهم. 
في تايلاند، قرر الثوار أن يواصلوا نضالهم ضد انقلابها الثالث عشر، لأنهم لا يقرأون التاريخ جيدا، وربما لأنهم يقرأونه. طريق الحرية في تايلاند إذن أطول من شرائح الهوت دوج التي تتدلى من أكياسهم العامرة بالديمقراطية الحارة، فقد قرر الثوار أن يحملوا بلادهم إلى ديكتاتورها الرابع عشر بلحم الديمقراطية اللذيذ أو يحملوه إليها. ولأن أعين مجلس تايلاند العسكري أثقب من عين زرقاء يمامتنا، كان على الثوار هناك أن يرتدوا أزياء الباعة الجائلين ليروجوا لديمقراطيتهم الموعودة. "فلحم الديمقراطية المقدد،" يقول الثوار "ألذ من مرق الانقلاب الثالث عشر."
وفي شوارع بانكوك الضيقة، يوزع الحالمون أياديهم على المارة وهم يرفعون أصابعهم الثلاثة خلسة في إشارة لا تخطؤها عين شهدت فيلم "هنجر جيمز،" لأنهم يعلمون جيدا أن عقوبة من يضبط متلبسا بأكياس الحرية الشفافة أن يقضي عامين من زهرة ثوريته الحارة خلف قضبان الجنرال برايوث شانشا، ويعرضون أنفسهم للطعن في وطنيتهم أو لسحب جنسيتهم لأنهم يستوردون إشارة الثورة من أفلام غير محلية الصنع. وسجون المجلس العسكري الذي تولي مقاليد تايلاند في الثاني والعشرين من مايو قادرة على استيعاب مروجي الديمقراطية مهما تكاثر عددهم، وقد أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه قادر على السيطرة على مقاليد الثورة بعد أن قبض على ثلاثمئة من كبار موزعي أكياس الحرية مطالبا إياهم بالتراجع عن سندويتشاتهم اللذيذة أو الموت جوعا في غياهب الاستقرار. 
ولكن إلى متى يستطيع طلاب جامعة ثاماسات الوقوف على ميادين الحرية يوزعون أكياس الديمقراطية على المارة الذين لا يهتمون إلا بالخبز الحافي والاستقرار المهين؟ وإلى متى يستطيعون مغافلة الجانتا التايلاندية التي تراقب في النفوس كل شاردة وواردة؟ ومن يضمن أن يظل خبز الحرية طازجا في هواء بانكوك الملوث؟ أسئلة قد لا يستطيع الجانتا الإجابة عليها في القريب، لكن الذين تذوقوا سندويتشات الديمقراطية حتما سيعودون إلى شوارع بانكوك ليمهدوا لجنرال رابع عشر قد لا يكون الأخير في تاريخ البلاد.

مقالات اجتماعية: معاريج غير مقدسة بقلم/عبد الرازق أحمد الشاعر



بعد 2015، ستتسع جغرافية إسرائيل لتتجاوز حدود النهرين المهددين بالسدود من كل جانب، وتتجاوز عراقيل الجوار والتاريخ والجدر الأسمنية العازلة، أو هكذا يبشر علماء بني إسرائيل. فقد اكتشف حاخامات صهيون فجأة أن الأرض تضيق بمزاعمهم المقدسة عن الهيكل والهولوكوست، ولهذا، بادروا إلى عقد اتفاق غير معلن مع شياطين الفضاء لشن أول حملة دينية مقدسة لغزو القمر. وقريبا جدا، وقبل أن يفيق العرب من سكرات الميادين، سيضع رواد الفضاء اليهود أول تلمود فوق سطح القمر ليعلنوه أرضا بلا شعب، ويبدأوا في صياغة الأكاذيب الخرسانية حول حقوقهم التاريخية في أراضيه المقدسة.
لكن هيكل اليهود هذه المرة لن يكون سليمانيا كالمعتاد، رغم استناده على حائط المقدس. فجماعة "التلمود على القمر" التي أعلنت أنها لن تهدأ لها نأمة حتى تستقر أول كبسولة فضائية تحمل سفر التوراة إلى متن القمر تستند إلى حقوق ملكية دينية بامتياز. وقد جعل القائمون على المشروع من سفر التوراة براقا يحملهم فوق حدودهم المستنفرة . فسفر التوراة لمن لا يقرأ الكتب المقدسة كتاب لا يخرج من الكنس، ولا يتجه إلا إلى قبلة مقدسية. ويحتوى على خمسة أسفار يتيمة وهي: سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر التثنية. في حين يشتمل الكتاب العبري المقدس أو ما يسمى بالعهد القديم على أربع وعشرين سفرا كاملة. 
لسفر التوراة إذن قدسية خاصة عند اليهود فهم يعتقدون أن كلماته جاءت خطابا مباشرا من الرب لموسى عندما ذهب الكليم لميقات ربه فوق جبل الطور، أما باقي الأسفار، فلا تحمل القدسية ذاتها، لأنها وجهت إلى أنبياء بني إسرائيل لكنها ليست من كلام الرب المباشر. ولهذا تراهم يضعون سفر التوراة في كساء مخملي مطلي بخيوط الذهب أو الفضة داخل صندوق مرصع بالذهب والفضة عليه تيجان أو زهور. 
سيخرج سفر التوراة قريبا إلى الفضاء ليعلن تحديه لأكاذيبنا المنمقة عن الممانعة والمواجهة والردع، وسيركل حافر البراق اليهودي الموجه مؤخرات ادعاءاتنا الرخيصة عن القوة ورباط الخيل. قريبا سيتحول حائط البراق إلى حائط مبكي، وسيخضب الذين ألصق تاريخ البلادة ظهورهم به لحاهم الممتدة حتى أسافل خصورهم بدموع لا قيمة لها. 
لكن سفر التوراة لن يطير إلى السماء وحده، فمعه أو بعده بقليل، سيطير الفيدا الهندوسي، وأنا تشينج الصيني، ليلتحقوا جميعا بالإنجيل ذي الغلاف الأحمر الذي تركه ديفيد سكوت على متن عربة مقدسة أطلقتها أبوللو إلى القمر عام 1971. لكن سفر التوراة لن يواجه اعتراضات رواد الفضاء العلمانيين، لأن المخططين للمعراج اليهودي المقدس لن يمدوا أياديهم إلى أي خزينة حكومية أو جهة مانحة، وسيكتفون بالتبرعات السخية من المؤمنين الذين يخشون على كلام الرب من فساد بني آدم وقنابله النووية. 
هي رحلة لحماية المقدس من دنس البشرية إذن، وعلى سطح القمر، ستبقى كلمات الرب بعد أن يفنى البشر؛ أو هكذا يبرر اليهود الطيبون استيلاءهم المقدس على التاريخ والجغرافيا، وهكذا تبدأ الأساطير في التشابك لتربك كل ذي لب لا يقرأ التاريخ إلا من الأسفار المقدسة. لكن أحبار اليهود وعلماءهم لم يبرروا بقاء الكتاب بعد انتهاء عهد الخلافة. من يقرأ الأسفار بعد تصدع الأرض وانشقاقها وخروج شمس الدنيا من مغربها؟ ولمن تبقى التوراة أو الفيدا أو الإنجيل أو أنا تشينج أو القرآن بعد رحيل الإنسان عن هذا العالم الموشح بالقنابل والصواريخ حاملات الرعب والبراميل المتفجرة؟ 
يبدو أن سفر التوراة لم يعد يجد من يقرأه، أو يعمل به. لهذا قرر أن يطير إلى سماوات بلا شعوب. ويبدو أن علماء بني إسرائيل قد فقدوا اليقين بصلاح أتباعهم فقرروا إبعاد أسفاره عن أتباع لا يقرأون كتب الرب أو يعملوا بها، ويبدو أن البشرية قادمة على مرحلة من التيه الروحي قد تمتد عقودا، أو تمتد إلى أجل غير مسمى. فبعد رحيل الأنبياء، ترحل الكتب المقدسة إلى بلاد قفر ليظل العالم تائها في ظلمات الفوضى في انتظار قنبلة كارثية تخرج شمس الحق من مغربها على بلاد بلا شعوب ولا شعوبية.