سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 2 يونيو 2014

مقالات أدبية: نوافذ على بعض ما مضى من العمر بقلم/ د سمير ايوب

النافذة الاولى – احلامنا 

كانت تُحاصرنا ابناء جيلي وانا ، وقائع كثيرة مؤلمة . كان كل شئ من حولنا فقيرا ، الا قلوبنا وارواحنا وطموحاتنا واراداتنا ، كان حدها السماوات العلا . لم نحبس شيئا منها ، مع قلة ملامحها . فرادى ، لم نكن نُحسن الابحار بين تضاريس تلك الوقائع ، ولا تلك الاحلام. لذا لم نسجن انفسنا في عزلة بائسة او انيقة .
كنا ندرك الى اين نريد ان نصل ، فكنا نبحث عن احسن السبل للوصول ، لم تكن اي طريق تفي لنا بالغرض . انفتحنا على واقعنا الاصغر ، وتقاطعاته العربية الكبرى ، بحثا عن الحقائق فيما حولنا من وقوعات . 
تقلبنا في حواضن فكرية ، ومدارس سياسية واطر تنظيمية متعدده . دون ان نفهم كثيرا . فما كان في الافق آنذاك سواها . كنا ندرك ان وجودنا ، بلا احلام ، منتمية للوطن ليس له معنى . شرّقنا وغرّبنا ، في ساحات الحوار والجدل والمماحكات ، على غير هدى ، وبلا تخطيط ، سوى صدق النوايا ، وعزم الشباب ، وبوصلة تحرير ما اغتُصب من فلسطين . .
لامسنا الفكر الليبرالي ، والايديولوجيا البلشفيه ، والاشتراكية الفابيه ، وانغمسنا في الفكر القومي بكل تفرعاته ومدارسه ، والموروت الديني الجهادي ، والتقوقع الوطني الممعن في محليته وقطريته . 
حاورنا ساطع الحصري عبر ميشيل عفلق وجورج حبش وانطون سعاده ، وقاربنا مادية انجلز وجدلياته عبر ماركس ولينين وستالين وماو وتروتسكي وبكداش . وكانت لنا صولات وجولات مع المخزون الهائل من الاسلام الجهادي عبر تقي الدين النبهاني واحمد الداعور وحسن البنا وسيد قطب وغيرهم من تابعين وتابعي التابعين وتلاميذ ولصوص وشذاذ آفاق فكريه. 
بحثا عن بدايات طرق ومعارج الى احلامنا بوطن محرر ، دلفنا بوابات وشبابيك كل الحركات والاحزاب والمنظمات والتنظيمات والداكين والبسطات ، الدولية والعربية والفلسطينية . حاورناها في كل ما كانت تتكأ عليه من مخزون وموروثات الفكر الانساني في كل مكان . حاول بعضها استنساخ ذاك المخزون الفكري وتبنيه فجا كما هو ، وتارة احتوائه مستنسخا معدلا ومرات اخرى حاولت تدجينه ولي عنقه والانتقاء منه بعشوائية تتوافق مع هواها المتحرك كبندول ساعة حائط .
انغماسنا في البحث عن افضل البرامج والسبل والادوات والمواقيت ، التي نحرر بها ، ما كان قد اغتصب حينها من فلسطين ، ساقنا الى نقد هذا ، وتسفيه ذاك ، ولعن ثالث ، والتأفف من رابع ، والتصفيق لخامس ، والعشق المتنقل الرجراج لسادس . 
تعثر الكثير من احلامنا ، وبعضها سقط سقوطا مدويا . بعضها انتفض ونفض عن مشاريعه الغبار ونهض مكملا مشواره . 
عشنا امجادا ملاتنا نشوه . طرد عنوان الفساد في مصر فاروق . فشل العدوان الثلاثي على مصر ، في تحقيق اي من اهدافه المعلنه . تم تحرير الجزائر وجنوب اليمن . تحققت اول وحدة عربية معاصره بين سوريا ومصر . خلت الاراضي العربية من الظلال السود ( ولو شكليا وظاهريا) من القواعد الامريكية الاستعماريه . نهوض الشعب الفلسطيني عبر منظمات متعددة ، لممارسة العمل المسلح ، لتحرير ما كان قد اغتصب من ارضه . شهدنا ملحمة الكرامة وهي تطرز بدماء بواسل الجيش العربي الاردني وفي مقدمتهم البطل القائد مشهور حديثه ، والمناضلين الفلسطينيين ، وسحق عدوان اسرائيلي على ارض الاردن
اكتوينا بالمقابل ، باوجاع هزائم وكوارث متتالية ، بعضها ساحق ، جاء احتلال على خطاه ، ومن ثقوب بعضها تسللت حروب محلية ، نقشت بصمات الخراب النفسي ، شواهد على عبورها المقيت ، وبعضها متلعثم . ماحقة لشئ من احلامنا ، ما كنا نتمنى ان نكون قد عشناها ، انتصرت العشيرة والقبيلة السياسية او الحزبية الضيقة على بلدانها ، تنظيمات وعشائر وقبائل سياسية ، خذلت اوطانها ولم تنتصر لها ، بل استعملتها سلالم لمصالحها .
شاعت عبادة الفردانية ، وتقديس الشمولية ، وتعطيل المؤسسات ، وحياكة الدسائس ، لتمزيق اردية البلاد ، والحط من حقوق العباد وكراماتهم ، جريمة انفصال تجربة الوحده ، هزيمة 67 ، اكتمال اغتصاب فلسطين وضياع الاقصى ، واحتلال اراض عربية اخرى غير فلسطين . عما جرى ويجري في لبنان والعراق وليبيا والصومال واليمن من اقتتال داخلي غير مفهموم ، حدث ولا حرج . وبالطبع ما سبق كل ذلك من اقتتال فوضوي ، في الاردن عام 1970 ، بين النظام والمنظمات ، عرف في حينه باسم ايلول الاسود .
تحايلنا على منظومات احزاننا ، وخيبات امالنا بعفوية وبعذرية متميزه . حرصنا بلا انفصام ، على ان لا تنهزم قلوبنا وعقولنا وارواحنا . لنتحرر من ضغوط خيباتنا تلك ، خبأناها في جهود متصلة ، للمشاركة في عمليات ترميم عامة بعيدا عن ذواتنا الفرديه .
لم يرتح لنا بالحتى الان ، ولم تهدأ لنا همة . لم تزل الهموم على عهدها منذ اكثر من سبعين عاما ، تعشق فلسطين ، كجزء من الوطن العربي الكبير ، وتوقظ الحنين لاهلها ، كجزء من امة العرب . 
وقد تجاوزنا ما تجاوزنا من وقائع ، ومن وقوعات مؤلمة على الارض ، بعضها بالتأكيد مشبوه المحتوى او الادوات اوالمواقيت . في كل تلك السنوات ، سافرنا كثيرا بعيدا وقريبا ، حرصنا على ان لا نتغير كثيرا فيما نملك ، وتغيرنا كثيرا في الشكل . ولكننا لم نصبح اشخاصا أُخَر .
لا نزال بحميمية اصيله نصادق طفولتنا وصبانا وشبابنا . لم نعرف اليأس ، وان الَمّ بنا بين الفينة والاخرى ، شئ من التشاؤم العابر .
لاننا نحب احلامنا ونحرض على ان لا تشيخ معنا يوما ما ، لن نكف عن الحلم بها ، اقول وعيوننا تلمع باحلام سنبقيها شابة طازجه نشطه : ان في داخل كل منا لا زال وطن خاص ، يحتمي في حناياه ، لكل منا طرقا يسلكها اليه وفيه . ولكن حبل السرة في هذه العلاقة القومية ، يبدء من هناك وينتهي هناك ، في مكان ما في فلسطين القضية ، من بحر يافا وجبال الجليل ورمل غزة واول الماء في الاردن . مع كل ربيع تنبت لاحلامنا اوراق جديده . تكاد تغطي وجه السماء . ولن نلتقت كثيرا او مطولا ، الى ما يسقط منها لاي سبب على الارض

مقالات سياسية: أمريكا تفاوض بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

في محيطها الإقليمي المتجمد، تقف قطر كوشم سياسي بارز، مادة أذرعها العنكبوتية فوق الخرائط، فتضم خارطة، وتبعد أخرى، وتنصب رئيسا، وتسقط آخر. وحين يعجز حواة العالم عن المضي قدما في رسم خرائط الطرق، تتطوع قطر، فتمد أصابعها الطرية لتضم الأصابع المتشنجة، وتضع مناديل اتفاق فوق الأسيجة الباردة، وتحرك شفاهها الغليظة بتمتمات فلكلورية، فتخرج من الحدود المتقيحة حماما زاجلا، وباقة ورد، وقنينة عطر. وفي قطر، يجتمع الشتيتان اللذان ظنا كل الظن أن لا تلاقيا، فيتبادلان التحية والانحناءة والأسرى. 
في قطر، يلتقي قادة البنتاجون وزعماء طالبان خارج حدود التاريخ والبارود والقصف، ليتبادلا الرهائن، وينصرفوا. وبعد خمسة أعوام من القنوط، تنسج قطر خيوط رحمتها لتنتشل الرقيب بو برجدال من مرارة الأسر الأفغاني مقابل تحرير خمسة من قادة طالبان كان التاريخ قد نسيهم في معتقل جوانتانامو سيء السمعة. 
كان المسئولون الأمريكيون قد مهدوا للصفقة يوم الأحد الفائت بتصريحات مغرضة تحدثوا فيها عن حراجة حالة برجدال الصحية، مدعين أن بقاءه على قيد الأسر يحتاج إلى تدخل سريع. لكن أحدا من رجال الكونجرس لم يفطن إلى ما يدور في أروقة قيادتهم المخابراتية. بيد أن الجمهوريين الذين هالتهم المفاجأة لم يستطيعوا لجم ألسنتهم كالمعتاد، وراحوا يحذرون من تحول الجنود الأمريكيين إلى فرائس لأصحاب الثارات في شتى الخرائط، وما أكثرهم !
وردا على اتهام القيادة الأمريكية بالتهور وتجاوز البروتوكولات التي تقضي بالرجوع إلى الكونجرس قبل إصدار أي قرار يخص أصحاب جوانتانامو بشهر على الأقل، بررت رايس مستشارة الرئيس الأمريكي فعلة إدارتها بالقول: "كان الأمر حرجا ويحتاج إلى تصرف سريع، مما حرم علينا رفاهية الانتظار. ماذا لو قضى الرجل، هل كنا سنسلم من ألسنة الجميع؟" 
على الحدود الأفغانية الباكستانية، حلق سرب من طائرات الهلكوبتر فوق رؤوس عشرات المدججين بالآليات في انتظار ثمانية عشر أفغانيا ورقيب أمريكي. ووسط موكبه الغفير، عاد برجدال ليخضب بدموعه الحارة لحية أبيه الذي تعلم لغة الباشتو ليخاطب الخاطفين بلكنة أبوية ركيكة متوسلا إليهم أن يحسنوا معاملة رقيبه المختطف.
لكن صمت الرقيب ورفضه الإدلاء بأي أحاديث لوسائل الإعلام أعاد إلى الذاكرة الأمريكية ما أوردته مجلة رولنج ستون عام 2012 في إحدى مقالاتها حول الرقيب المختطف. قيل يومها أن برجدال يشك في عدالة الدور الأمريكي في أفغانستان، ويتمنى الفرار من معسكرات القصف، وأنه يشعر بالخجل لأنه أمريكي. لكن وزير الدفاع الأمريكي هاجل رفض التعليق على تلك الأقاويل حين عرج على قاعدة باجرام لتقديم التحية لمن قاموا بتحرير الرهينة الأمريكية. 
لكن غموض إجراءات المقايضة لم يمنع الرئيس الأمريكي من الوقوف إلى جوار والدي الرقيب في حديقة روز يوم السبت الفائت ليعلن في شموخ أن "أمريكا لا يمكن أن تترك من يرتدي زيها خلف القضبان." صحيح أن الرجل لم يتحدث عن السر وراء تسعيرة الرقيب المغالى فيها بعدما تبين أن من بين المفرج عنهم وزير أسبق في حكومة طالبان الأفغانية. لكن يبدو أن الصفقة المبرمة لن تنتهي عند حدود برجدال لا سيما بعدما أعلنت الإدارة الأمريكية عن نيتها سحب من تبقى من جنودها في الأراضي الأفغانية بحلول عام 2016، في ظل غياب ذراع قوية يمكن أن تتكئ عليها الحكومة الأمريكية حال انسحابها. 
تمخض جبل المفاوضات إذن، فولد رقيبا محتجزا منذ سنوات، لكن الشواهد تدل على أن الصفقات المبررة هي الحل الأمثل لإخراج أصحاب البيادات الثقيلة من ورطتهم التاريخية في بلادنا الموحلة، وأنهم سيضطرون بعد فشلهم الذريع في قيادة العالم نحو أي شاطئ آمن إلى انسحاب هائل من التاريخ والجغرافيا وإلى الأبد. وستظل قطر تمارس دورها الرائد في تقييم الرؤوس وعقد الصفقات حتى تعود السفن الراسية فوق حدودنا المنتهبة إلى سواحلها آمنة. 
بقي أن المحررين من معتقل جوانتانامو لم يحظوا بغطاء جوي كالذي حظي به الرقيب المحرر، إذ لم تتضمن الصفقة المشبوهة حقوقا مماثلة للمحررين على الجانبين، وسيضطر الخارجون من ظلمات جوانتانامو إلى البقاء فوق الأراضي القطرية يتنسمون عبير الوساطة عاما على الأقل قبل أن يعودوا إلى أحضان ذويهم ليشكلوا أعمدة بارزة في هيكل حكومة اتفاق يباركها البنتاجون وتدعمها قطر.

مقالات سياسية: يوميات مراسل الانتخابات فى مصر " مقال ساخر " بقلم/ أحمد سمير


اجتاحت البلاد فى الأيام الماضية موجة من الرقص حيث اندفعت السيدات وقد جن جنونهن إلى الشوارع يرقصن تحت أشعة الشمس الحارقة ، و ألتف الشباب حول السيدات يصفقون و يهتفون " هز .. هز "
--
أجمع الكثير على أن ما كان يحدث أثار فيهم الرهبة والخوف ، ففي كل مكان كان هناك سيدة مغطاة بطبقة سميكة من الدهون ترقص وتحول الأمر إلى وباء فتاك قوى المفعول سريع الانتشار وفى غضون ساعات اجتاح محافظات مصر ..
البعض شكك فى الأمر وقال أن الحكومة هى من أخرجت هؤلاء إلى الشوارع وذلك لتحديد النسل ، البعض الآخر قال أن هؤلاء أطلقهم العدو الصهيونى فى الشوارع لإخافة الأطفال الصغار ، وتكاثرت الأقاويل .. وبهذا كلفتنى الصحيفة أنا وفريقى بالتحقيق فى الأمر والوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة .. كنت فى مهمه أشبه بأنقاذ كوكب الأرض من خطر قادم من الفضاء الخارجى !!
على الفور ركبت مع فريقى سيارتنا اللاند كروزر وأنطلقنا فى جولة فى الشارع ، توقفنا عند أحد اللجان القريبة وكانت ممتلئة بالكثير من كبار السن . تقدمنا نحو أحدى السيدات التى تخطى عمرها الثمانين منذ قرون وكان يبدو عليها الإنهاك من كثرة الرقص ، فأبتدأت الكلام قائلا :
- ايه اللى منزلك من بيتك يا حاجة ؟
- رايحة أرشم مشتقبل مشر .. معليش يابنى نشيت طقم الشنان بتاعى .
تجمع حولنا الكثير من الرجال ظن البعض منهم أن هناك من يرقص والبعض الآخر أراد أن يشارك فى الحوار ، أكملت حديثى الصحفى مع المرأة :
- تحبى تقولى ايه للشباب يا حاجة.
- شباب عايشين ضرب الرشاش .. تقصد الرصاص !! .. وتابعت : اخشفونش على الشباب .
ما أن أبتعدت قليلا حتى سمع فى المكان صراخ " احضروا عربة الأسعاف " ..
فأسرعنا باتجاه مصدر الصوت وركع شاب بجوارها يتحسس نبضها لبعض الوقت قبل أن يدمدم فى أسف " انتقلت إلى الأمجاد السماوية " . كان إفراطها فى الرقص قد تسبب بضغط كبير على قلبها فانفجرت الأوعية والشرايين ! بعد أن أتت عربة الإسعاف ونقلت السيدة بعيدا أقترح أحد  الحاضرين من الشباب المرافقين لى بفكرة وكانت من أغرب الأفكار التى سمعت بها يوما .. إجراء
فحوص على كل الموجودين .. العواجيز .. للتأكد من أن قلوبهم لا زالت تعمل
!
لكني طلبت منه أن لا يقدم اقتراحات أخرى إلى أن يموت ووعدنى بأن يلتزم بما طلبت ، وعدنا إلى سيارتنا ورحلنا . وأثناء رحيلنا اكتشفنا ان الهاتف الجوال الخاص بالمصور قد أختفى ، ومحفظة أحدى الشباب نالت نفس المصير ..
فأقسم الاثنين أنهم إذا لم يحصلا على تعويض فأنهما سيقدما استقالتهما !, ولأنى لم أتضرر فقد أخبرتهم أن ما فقدوه سيذهب إلى مصر فى النهاية وروحت أعدد محاسن تلك الجمهورية ..
متقولش إيه أدتنا مصر قول حندى إيه لمصر
مشربتش من نيلها جربت تغنلها .. طيب جربت تشكلها !!
لحسن الحظ كنا قد وصلنا إلى أحدى اللجان فتوقف السائق ونزلنا من العربة وهكذا لم يتسنى لهم الرد ، أتجهنا إلى أحد الرجال الواقفين بجوار اللجنة, من تحت شعرة الجليدى المهترئ برزت السماعة الصحية فى أذنه وعلى الرغم من ذلك طلب منى مرافقه أن أتحدث بصوت عالى
- أزاى ياحاج تتهور وتنزل من بيتك .
قال فى فخر :
- الشعب ده يشتحق الشعادة .
قررت أن أضيف بعض المرح إلى الحوار :
- أتفرجت على الرقص ياحاج .
-إيه بتقول إيه ؟!
لا أعرف إن كان صادقا فى عدم سماعه لسؤالى أم أنه يهرب ، فأعدت السؤال بصوت عالى . فأحمرت تجاعيد وجهه العميقة وأصابته نوبه من الرعاش فراح جسده يهتز بعنف وتقلصت ملامح وجهه ، وكان واضح أن التراكيب الكيميائية فى جسده قد أصابها خلل ما ، وراح مرافقيه يحاولون إنعاشه ، فهمس فى أذنى أحد زملائى وطلب منى الرحيل حتى لا نضطر إلى نقله للمشفى وهكذا عدنا إلى العربة مجددا و أنصرفنا .
وصلنا إلى أحدى اللجان فتوقفنا لنشاهد كائن بشري تقوس ظهره بزاوية كبيرة, لا يشك أحد فى أنه يعانى من ألام المفاصل بالإضافة إلى مظهره الذى يدل على ـنه فى مراحل متقدمة من الأنيميا ، وكان يمثل مدخلا جيدا إلى علم الهياكل العظمية بلا منافسة وعينة ممتازة لواحد من علماء التشريح ، وراح يركز على وجهى محاولا الحفاظ على تركيزه .. كان مثالا لشخص تم إعادته من الموت إلى الحياة ، شخص اكتشف بعد أن وضعوه فى القبر أنه لم يؤدى دوره فى الحياة فأخرجوه من القبر ليؤدى دوره وليسعد الملايين من المصريين . ودار الحديث التالى :
- تحب تقول إيه للشباب المصرى اللى قاعد فى بيته واخد موقف سلبى من الأنتخابات ؟ 
همس بصوت ضعيف :
- س س .
فقال المصور محاولا مساعدته :
- تقصد هس قطة ياعنى ؟!
فحرك الرجل رأسه معترضا ، وبهذا فقد أخذ الجميع فى التخمين
- نسترداموس ؟!
وصاح أخر :
- جون سينا ؟!
وأخر :
- حصان ؟!
وهكذا انتهى الفريق من تقديم اقترحاته وحان دورى !!
صمت قليلا .. وأخذت نفس عميق ..
- صافيناز .. تقصد ؟!
فجأه توقف الرجل عن أي شئ ، وفجأة أسرع إليه أحد  الرجال وأعطاه حقنة مورفين وهو يقول موجه كلامه إلى :
- حرام عليك .. أنت عايز تموته .
سألته متعجبا :
- مين حضرتك ؟!
تجاهلنى كليا ونادى على بعض الرجال صائحا : -
- حد يجيب أنبوبة الأكسجين ، وركب له أنبوبة الأكسجين وهو يصيح : 
- خدوه البيت بسرعة .. لازم يرتاح
ونظر إلى فى غضب : 
-أنت لسه هنا لو ممشتش دلوقتى حبلغ عنك
وهكذا رحلنا, كنت على ثقه إن هذا العجوز سيذهب إلى بيته لينام على الأقل أربع وعشرين ساعة إذ لم يكن سينام إلى الأبد, وصلنا عند ساحة صغيرة تجمعت فيها الناس يشاهدون واحدة تحرك دهونها المهلهلة فأخترقنا الحشد و وصلنا إلى الصفوف الأمامية ، ووجدناه هناك .. يقف فى الصفوف الأمامية ، مثبتا فى الأرض
وكان ينظر فى بهجة إلى الراقصة ، على الرغم من أن كل الموجودين قد أجمعوا على أنه لا يراها !! وقفت أمامه وبادرت بالكلام قائلا :
- شكلك شقى ياحاج .
ظل يتابع بنظره الى الفراغ ، ولم يبدوا عليه الاستياء لأنى وقفت بينه وبين الراقصة ، بل أنى أقسم لكم أنه لم يلاحظ وجودى أساسا ، قلت فى نفسى
" لو استمر فى الوقوف هكذا بلا حراك ستحرقة الشمس .. هل لايزال حيا ؟! "
وكان الذباب يتجول ويتزاحم على وجهه ولم يحرك ساكنا .. لم أدرى ماذا أفعل؟
!! استمرينا على هذا الحال ما يقرب العشر دقائق قبل أن نقرر الرحيل ،تاركينه يتمتع بالنظر إذا كان يرى شئ .. على كل حال هو لن يعيش عشر دقائق أخرى .
كان قد أصاب أعضاء الفريق الهرم فجأه فقررنا إنهاء الأمر ، عدت إلى المنزل متشائما وقررت أنى لن أزاول هذه المهنة مجددا " مراسل صحفى " ،
وأنى سأتفرغ إلى كتابه مذكراتى إلى أن أموت .

اخسفوكس عليكم شباب سيس :D

#‏يوميات_مراسل
#‏أحمد_سمير

شعر:عامية - فصحى: قدَّ من دبْرٍ بقلم/ أحمد عبد الرحمن جنيدو


وســــــــــائدُ الليلِ لا تقوى، لتحملني.

وفي يديكِ ســــــــريرُ النورِ يحضنني.

عيناكِ أمّي غدي جرحي دمي شجني،

والســــــــرُّ في وجعِ النسيانِ يوقظني.

الروحُ عاشقةٌ ليلى بلا ســــــــــــــببٍ،

ليلــــــى البراءةُ في الإخلاصِ تملكني.

تلكَ الرســــــــالةُ في الأقفاصِ نكتبُها،

تحتَ الركامِ علـــــى الأنقاضِ والزمنِ.

أرضي بســـــــاطٌ من الأحلامِ مرتعُها،

صارتْ حريــــــقاً إلى الأوثانِ تركعني.

أبـــــــــدو غريباً بلا التاريخِ لا وطنٍ،

ولا وجودٍ علــــــــــى النيرانِ يصلبني.

هــــــــذي النهايةُ في التلمودِ مصدرُها،

ذلٌّ تحزّبَ، ينهيني، ويذبحـــــــــــــني.

أنا اليتيمُ بلا صــــــــــــــــــدرٍ أعانقُهُ،

أنا الســــــــــــجينُ بلا حضنٍ يطوّقني.

دمشـــــــــــــــقُ نبعُ حنيني لا مزاودةٌ،

حمصُ البكاءُ عن الأمواتِ تســـــــألني.

هلْ ضــاعَ في قببِ التزييفِ حاضرُنا،

باعوا الطهارةَ للأنجاسِ في العلــــــــنِ.

ميســـــــــونُ كانتْ على البهتانِ نائمةً،

قبلَ الصلاةِ على الأعقابِ تعرفنـــــــــي.

بالتْ علـــــــــى طرفِ الأخدودِ خائفةً،

شــــــــــــقّتْ قميصَكَ من دبْرٍ، لتنقذني.

ناموا الكهوفَ، وخلفَ البابِ حارســهمْ،

شــــــــــــمسٌ تقلّبُ كلباً جاءَ، يقضمني.

يا منْ تحاربُ في الشـــــــــيطانِ ذاكرةً،

من يقتــــــــــلُ الحقَّ، يغزو البرَّ يفتكني.

حـــــــــربٌ تلبّي بغاةَ الأرضِ في فرحٍ،

جاؤوا، لينتقموا، والجرحُ يشـــــــرطني.

يا زينبُ الجرحِ قومـــــــــي لانتقامِ دمٍ،

باغٍ (ترنّحُ) والســـــــــــردابُ يشملني.

عادتْ إليكِ دروبُ الحــــــــــــبِّ مقفرةٌ،

وفي ســـــــــــوادٍ من الإنصافِ تبلغني.

ســــــــــــاقتْ قطيعَكَ بالهيهاتِ تحلبُها،

نزُّ الصنينِ على الأوراكِ يلعقنــــــــــي.

إلى حماةَ ســــــــــــبيلُ الخوفِ نرسمُهُ،

تبكي النواعيرُ، طوقُ الموتِ يرعبنـــي.

أنا النحيبُ على الأحـــــــــــلامِ أكرمُها،

صبــــــــري تجلّدَ في الأعناقِ، يلفظني.

الدينُ يلـــــــــــــهثُ خلفَ القتلِ مغترباً،

والأرض عطشى، دماءُ الطهرِ تشربني.

الجوعُ كونٌ من الأجســـــــــادِ نعصرُهُ،

في طفلةٍ خرجـــــــــــتْ للحقِّ تنصفني.

كلِّ الحقائقِ ضـــــــــــاعتْ في مكابرةٍ،

كلُّ المعـــــــــــــــالم بيعتْ لو تصدّقني.

شـــــــــاخَ الضميرُ بكبتٍ، ماعَ قابضُهُ،

حكْمُ الســــــــــــــفالةِ في خسْفٍ يقيّدني.

كلـــــــــــبٌ يدورُ على الأرحامِ يفتكُها،

عبدٌ يبوسُ نعالَ الكلـــــــــــبِ، يجبرني.

يجتاحني وطنُ الأمواتِ في ســـــــــــقمٍ،

والشــــــيخُ يزرعُ، صبرُ اليأس يشطبني.

صاحتْ على وترِ الأوجاعِ يا حلبــــــي،

شــــــــــــــرٌّ يفتّتُ في الأحشاءِ، ينهشني.

أنا المســــــــافرُ في الصفصافِ بعدَ غدٍ،

زادي الدمــــــــــــوعُ على رتْقٍ يمزّقني.

جاءَ الخســـــيسُ من الطاغوتِ من عجمٍ،

قوّادُهُ قــــذرٌ، والغـــــــــــــــــــرُّ يقتلني.

تكالبتْ أمــــــــــــــمُ الأعراقِ في قرفٍ،

طفلٌ ينادي خلاصاً كانَ يســــــــــــكنني.

هذا العــــــــــــــراقُ من الأفّاكِ محترقٌ،

والشـــــــــامُ تسبحُ في التمزيقِ يا وهـني.

يمرُّ ســـــــــــــــــكّينُهُ في العنقِ يبترُهُ،

والذبحُ قانونُهُ، قدْ صــــــــــارَ يحكمني.

ســـــــــتختفي ضحكاتُ الخزْي ساخرةً،

ويخرسُ الباطلُ النعَّاقُ في وطــــــــــني.

ويشرقُ النورُ وضاءً يبثُّ ســـــــــــــــناً،

على مشــــــــــارفِ نصرٍ،، غاليَ الثمنِ.

نعم، نُجرَّعُها كأســــــــــــــــاً مضرَّجةً،

معينُها المسْـــــــــــــــكُ فوَّاحٌ من الكفنِ.

أقمتُها ســــــــــــــــــجدةً للتيهِ في رئتي،

في زفرةِ الحزنِ فانســــــابتْ، لتشهقني.

صياغةُ الموتِ أعيتْ حبـــــــــرَها لغةٌ،

ولكنةُ الجرحِ تحييـــــــــــــها، وتنزفني.

هذي البلادُ شـــــــــــــهيدٌ، كيف توقفُها،

في الصــــــــرخةِ اقتلعتْ رعباً يزلْزلني.

هذي البلادُ أنا، جدّي ،أبي، ولــــــــــدي،

فاعبرْ على جســــــدي، إنْ كنتَ تسلبني.

هذي البلادُ صـــــــــــــلاةُ اللهِ في كتبٍ،

فارفعْ يداً، كي ترى الإصــــرارَ يدفعني.

يا أرضُ يا قدرَ الإنســـــــــانِ في ألمٍ،

ســـــــــــــــــــتفتحُ الفجرَ من قيدٍ يكبّلني.

4/2/2014