سجل إعجابك بصفحتنا على الفيس بوك لتصلك جميع مقالاتنا

بحث فى الموضوعات

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

المقالات الادبية: موقع حروف منثورة و عطاء 3 سنوات بقلم/ مروان محمد

لأول مرة أتحدث فى مقال عن موقع حروف منثورة و لكنى وجدت أن الأمر يستحق أن نفرد له مقال كامل للنظر فيما مضى من عمر الموقع و ما هو قادم و إلى أى مدى حقق موقع حروف منثورة أنجازات فى العالم الثقافى للوطن العربى أجمع. 

فى ظل ألاف المدونات و المواقع الثقافية الأخرى على شبكة الأنترنت, فى ظل مئات الدوريات و المجلات الثقافية و الأدبية المطبوعة, ما هو الفارق الذى من الممكن أن يقدمه موقع حروف منثورة للقارىء العربى؟, و إلى من نوجه كتاباتنا تحديدا؟, أسئلة مثل هذه و أكثر دارت فى مخيلتى على مدار ثلاث أعوام و أنا أتابع نمو موقع حروف منثورة, كنت أتابع مراحل التطور و النمو و فى نفس الوقت أقوم بمراجعة شاملة لكل ما تم إنجازه و ما هى السلبيات التى واجهتنا؟

شارك فى بناء الموقع عدد من الأقلام المجهولة أو المنسية التى لا تحظى بأى فرصة للتعبير عن نفسها فى منابر ثقافية معروفة أو حتى واسعة الانتشار فهى محصورة على أقلام معينة, حتى الثقافة داخلها التوريث و المحسوبية و الاحتكار, فقصور الثقافة الجماهيرية فى مصر يسيطر عليها عصابة فلولية مباركية و أيضا يسارية مدعية !

ما المختلف الذى من الممكن أن يقدمه هذا الموقع للقلم المبدع؟, للقارىء؟, ما هو المميز لدينا؟, هذا شىء لا أستطيع أن أحكم عليه و لن أعصر دماغى للبحث عن مقولة خالدة عن الموقع أشبه بحكمة اليوم!

لا أعلم ما الذى يجعل موقع حروف منثورة مميزاً عن سائر المواقع الثقافية العربية؟, ربما لا شىء, ربما كل شىء, ربما بعض الشىء, و لكنه يبقى بالنسبة لى أنا على الأقل مميز جداً ... رائع جداً ... عشرة بينى و بين الموقع أمتدت إلى ثلاث سنوات و لا أعلم كم عدد السنوات القادمة التى من الممكن أن تمتد بينى و بين هذا الموقع, نضيف أبواب للموقع و نحذف أبواب أخرى, فى محاولة مستمرة لتطوير إمكانيات الموقف الثقافية لتلاءم مختلف الأذواق الثقافية.

نقدم خدمات ثقافية جديدة ليس بشكل مستمر و لكن بشكل دائم نحرص على أن نقدم خدمات ثقافية متنوعة تواكب روح العصر, لأن العصر القادم و هو أقرب مما نتصور عصر الكلمة الرقمية و ليس الكلمة المطبوعة, يكفى أن تلقوا نظرة على الهواتف الذكية الجديدة لتعلموا أن أغلب المتعاملين مع هذه الهواتف فى الغالب لا يقرأون الكلمة المطبوعة ألا فيما ندر و لكنهم يتكيفون و يهضمون الكلمة الرقمية جيداً.

أؤسس موقع حروف منثورة فى أبريل 2011 وأيضاً أوسست حروف منثورة لنشر الكتب إليكترونياً منذ 7 أشهر تقريباً فى مايو 2013 و نحن على أعتاب 2014 , يفصلنا عن السنة الجديدة بضعة أيام فقط, تكون حروف منثورة للنشر الإليكترونى أصدرت نحو 38 كتاب إليكترونى حتى الأن تتنوع هذه الكتب بين ديوان شعرى أو مجموعة قصصية أو رواية أو كتاب فى النقد الأدبى أو كتاب فى علم النفس و الطب و قضايا إسلامية... تنوع تفخر به حروف منثورة لنشر الكتب إليكترونياً. 

نقوم بتطوير أدوات الموقع أيضاً وفق ما هو متاح لأن الموقع يقوم بالكامل على فلسفة المجانية التامة حتى فى بناءه و تأسيسه و إضافة بعض الأدوات التى تسهل لزائر الموقع إمكانية التواصل مع صفحات الموقع, كل ذلك يعتمد على فلسفة الأدوات المجانية و الجهود التطوعية بدون أجر.

السؤال الذى يقلقنى دائماً هل من الممكن أن يستمر موقع حروف منثورة لسنوات أخرى أم أن مصيره الأفول كغيره من المواقع الثقافية الكثيرة التى تألقت لبعض الوقت ثم أفلت و بعضها بدأ و أنتهى بدون أن يسمع أحد عن تلك المواقع.

لا أعرف تحديداً شعبية موقع حروف منثورة فى العالم العربى ربما تكون متأخرة جداً, ربما هم قلة من يزورون هذا الموقع أو سمعوا عنه أو أعجبوا به, لا أعرف و لكنى أتمنى أن ينال قسطاً من الشهرة استحقاقاً لما فيه من موضوعات لن أقول فريدة من نوعها و لكنها متميزة إلى حد كبير, غنيه فى أبوابها, موقع يتميز بالجدية التامة و أساليب الكتابة الحديثة و التقليدية, ربما نواجه صعوبات حقيقية فى التدقيق الإملائى و النحوى لكل مقالات الموقع, هذه حقيقة لا نستطيع أن ننكرها أو حتى نتغافل عنها و لكننا نحاول قدر المستطاع أن نحقق و ندقق و لكن طالما بنيت كل الجهود على الفعل التطوعى فلا تتوقع كثيراً, سيتسلل إليك القصور و السلبيات من نواحى عدة لن تستطيع سدها ألا بالمال فقط!

لا نريد أى دعم مادى من أى شخص, فهذا ليس مقال للتسول أو محاولة استدرار عطفك علينا, نحن نريد مشاركتك الإيجابية فقط من خلال ترددك على الموقع بشكل مستمر أو المساهمة فى إثراء الموقع ثقافياً, و كما قلت سابقاً نحن رقم من ضمن ألاف الأرقام لمواقع ثقافية كثيرة و لكن مما لا شك فيه أننا لا نقدم محتوى ساذج أو غير موثق, نحن لسنا منتدى تسلية تم تطعيمه ببعض الأبواب الثقافية الهزلية !

نحن نريد من خلال موضوعات الموقع أن نستقطب كل الفئات العمرية و الفكرية و العلمية و الثقافية المتباينة من شخص لآخر, نريد أن نكون موقع مهضوم للقارىء العادى و أيضاً موقع مهم و شيق للقارىء المتخصص أو الباحث.

تحقيق هذه المعادلة فى ظل الجهود التطوعية هو أمر ليس بالمستحيل و لكنه صعب جداً و مرهق جداً و يجعل الكثير من الأقلام تهرب من الموقع, نحن لا نريد أقلاماً تكتب السهل للناس فمواقع أخرى تتكفل بهذا الأمر على أكمل وجه, نحن نريد أن نجعل قارىء المقال يفكر و يشارك بفاعلية مع موضوعات الموقع عن طريق النقد البناء, نريد أن نضيف إليه الجديد فى مختلف أفرع الثقافة, لا نريد أن نشغل وقت فراغه بطائفة من الموضوعات الثقافية الخفيفة الممزوجة بتسالى !

لا نريد القلم السهل الذى يمكن أن تقرأه فى مئات المنتديات و المواقع الأخرى و لكننا نريد القلم الصعب الذى يستقطب القارىء النهم للمعرفة الذى يطرح التساؤلات بعد قراءة المقالات و ليس القارىء الكسول بأى حال من الأحوال.

لن نقدم وجبات خفيفة أشبه بسندوتشات ماكدونالدز نحن نقدم وجبات فعلا دسمة ستتسبب لك فى إرباك فكرى لأنها ستدفعك للتفكير و التساؤل و محاولة الإجابة, هذه هى نوعية القارىء التى نبحث عنها دائماً و نحاول استقطابها, لهذا السبب هناك قلة فى زوار الموقع, و لما لا فعدد الزائرين لا يمكن قياسهم بالكم و لكن مثل هذه المواقع الثقافية الجدية لها مقياس نوعى إلى درجة كبيرة و ليس كمى بأى درجة من الدرجات.

لا عيب فى أن نقول أننا نبحث عن صفوة القراء و أيضاً نسعى لاستقطاب القارىء العادى و ضمه لفريق الصفوة من خلال قراءة موضوعاتنا المتنوعة الثرية جداً حسبما أعتقد. 

أحب أن أختام المقال بحدثين هامين جداً, الحدث الأول كان أمس عندما راسلتنى الأديبة إيمان الدواخلى لتخبرنى بأنها ستنشر مجموعتها القصصية المشتركة بعنوان الناس مقامات ورقياً و أنها طلبت منى رفع المجموعة المنشورة إليكترونياً من على الموقع, كان هذا حدث فريد من نوعه بالنسبة لى, شعرت بسعادة شديدة أن واحدة من الأعمال الإبداعية قبل أن تنشر ورقياً كانت منشورة إليكترونياً أولاً على موقعى حروف منثورة و الحدث الثانى كان اليوم عندما استقبلت إيميل من شخص لا أعرفه يحدثنى عن شخص أيضاً لا أعرفه و لكنه زائر دائم لموقع حروف منثورة و يعبر لى عن مدى سعادته بموقع حروف منثورة و كيف أنه موقع متميز و فريد من نوعه, أسمحوا لى أن أشارككم نص رسالته الجميلة:

أسعدني و أنا أتلقى عنوان الموقع من صديقي المصري طاهر أبو جبل كما أني كنت كامل السعادة و أنا أتصفح موقعكم المحترم ألذي هو فعﻻ غني بثرات أدبي جميل، يدل فعﻻ على ثقافة اﻹنسان المصري. مني أنا محمد كظيمي أطيب المنى و أرق التحيات والسلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته.

الحقيقة أننا من أجل هؤلاء الناس نستمر و نواصل سعينا الدؤوب لاستمرار الموقع إلى إن يشاء الله و لا يعينيا زيادة عدد زوار الموقع لأننا موقع غير ربحى فبالتالى نحن أصبحنا بعد مضى ثلاث سنوات أكثر تحديداً فى فئة القراء التى نستقطبها و هى فئة قراء الصفوة كما أسميتهم من قبل.

سيستمر عطاء موقع حروف منثورة الثقافى إلى إن يشاء الله, بالتأكيد أحد أهدافنا هو الوصول إلى التميز و أن نتفرد عن باقى المواقع الثقافية و أيضاً الدوريات الثقافية المطبوعة, لا نسعى فى الوقت الحالى أو حتى مستقبلاً لأن نتحول إلى دورية ثقافية مطبوعة و ذلك لأننا لا نملك أى إمكانيات مادية تؤهل لنا فعل ذلك و لإيمانى الشخصى بأن المستقبل حسم الجدل بين الكلمة المطبوعة و الكلمة الورقية و مالت الكفة لصالح الكلمة الرقمية.

إذن أحب أن أقول أخيراً و ليس آخراً, أننا ننتظر منكم التفاعل الذى يولد لدينا الدافع القوى للاستمرار و لتقديم المزيد من المنتجات الثقافية و الأدبية و الإبداعية, سيختلف عليها بعض القراء و يتفق عليها البعض الأخر, هذا الخلاف هو ظاهرة صحية نبحث عنها و نسعى إليها جاهدين, لن يرضى عن أداء الموقع و مستواه عدد من الناس و سيقابله آخرون يرضون عن أداء و مستوى الموقع, هذا التنوع يخلق نوع من التوازن المطلوب ليس فقط لاستمرار نشاط موقعنا و لكن ليكون مبدأ راسخ فى حياتنا و هو تحقيق التوازن المطلوب بين الرفض و القبول و الذى نفتقر إليه كثيراً للأسف فى هذه الأيام.

يجب أن يكون لنا دور, أى دور و لو ضئيل جداً فى بناء مجتمع واعى مثقف و لو بعد حين, و لو كان أمد هذا المشروع عقود أخرى و لكن يجب أن يستمر هذا المجهود الثقافى حتى يتحقق هذا الهدف السامى بأذن الله.

المقالات الاجتماعية: أريد حذاء بقلم/ عبد الرازق أحمد الشاعر

إلى جوار محل أحذية في ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، ألجأت عجوز ظهرها إلى جدار زجاجي. وفوق كفها المعروقة غرزت ذقنها المدببة واستسلمت لكآبتها حينا. لكن العجوز التي ظنت أنها تجلس وحدها فوق رصيف عالمها البارد، اكتشفت بعد دقائق معدودات أنها ليست وحدها، وأن عيني سلينجر اللتان تحومان في المكان بحثا عن صعلوك أو لص أو قاطع طريق، تحمل بين أهدابها رقة امرأة لم تنسها واجباتها التقليدية في حفظ الأمن واجباتها البشرية في حفظ الحياة. 
لم تكن العجوز القادمة من أقاصي الحزن تبحث عن ثياب تواري سوأتها ولا عن مسكن يدفئ جلدها المتغضن، لكنها كانت تبحث عن حذاء تتقي به برد الأرصفة في شتاء البلاد القارس. ولأن قدميها المشققتين كانتا أكبر من قياسات جمعيات حقوق الإنسان التقليدية، لم تجد المرأة بدا من رفع لافتتها في أحد شوارع سان فرانسيسكو الصاخبة، وهناك التقت الحاجة بالعاطفة الفياضة. تقول سلينجر: "تذكرت ما نحن فيه من نعمة وأنا أقرأ لافتة السيدة العجوز، لهذا لم أتردد في التقدم نحو قدميها الباردتين." 
ما كان خبر كهذا ليسترعي انتباهي أو فلاش الكاميرات الباحثة عن بقايا مشاعر في هذا العالم البارد لولا حكاية يذكرها التاريخ ومحضر إحدى الجلسات التي ترأسها عمدة الولاية عام 2002. في تلك الجلسة اقترح السيد ويلي براون وهو يتصدر طاولة مستطيلة جمعته مع عدد من الأعيان وأصحاب رؤوس الأموال هناك أن يقوموا بشراء ماكينة صراف آلي تقدم لمشردي المدينة ما يحتاجون إليه من تبرعات. ويومها كان سعر ماكينة الصرف الواحدة يتجاوز العشرين ألف دولار، ويومها ضحك المشردون حين سمعوا باقتراح الرجل حتى استلقوا على أقفيتهم، وسخرت من اقتراحه الطوباوي كافة المؤسسات المانحة. حتى تحالف المشردين لم يجد حرجا في التهكم من سفسطة الرجل وأوداجه المنتفخة.
السياسيون لا يقدرون معاناة البسطاء، وهذا ما تؤكده إحصائيات البؤس في مشارق بلاد الفقر ومغاربها، ذلك لأنهم لا يجيدون رؤية أوجاعهم من خلف زجاج المكاتب والسيارات الفارهة. غاية ما يمكن أن يتفضل به هؤلاء على أولئك تعديل بعض البنود في الدستور أو إقامة ملاجئ آمنة للتشرد خارج العواصم وبعيدا عن الأسواق. لكن الواقفين على أرصفة الحقيقة وحدهم يستطيعون رفع الحرج عن عينين ذابلتين لعجوز لا تريد أن تسأل الناس إلحافا.
التنظير والتقعير وتدوير المشكلات على أوراق الجرائد وحده عاجز عن السيطرة على بحور الفقر والحاجة التي تضرب سواحلنا من المحيط إلى الخليج، والتصريحات العنترية الفارغة لا تملأ بطون الجوعى ولا تدفئ لياليهم القارسة. وحده التعاطف البشري والمواساة قادران على انتشال البؤساء من لجج الفاقة ودوامات التشرد. وما أفقر الناس في بلادنا إلا الساسة ومدعو الفضيلة، الذين ينفخون أوداجهم ويقبضون أياديهم، ولا يقدمون إلا الكلمات لشعوب تتضور جوعا وتسير في أزقة التاريخ حافية. 
والمتدينون الذين يسألون الفقير عن ملته أو شريعته قبل أن يفتشوا في جيوبهم المنتفخة ليخرجوا ما ثقل وزنه وقلت قيمته أشد الناس فقرا وجهالة، ومتسكعون على أرصفة الواقع الذي ينز بؤسا وفاقه. لهذا تحتاج مجتمعاتنا إلى أناس من فصيلة سلينجر التي لم تنسها الشارتان فوق كتفيها مسئوليتها إزاء امرأة لا تريد من الحياة إلا حذاء تتقي به برد الأرصفة. وحدها سلنجر وأخواتها، لا كان ولا إن وعائلاتهما المقدسة في كتب النحو، قادرات على جعل الحياة مكانا أكثر دفئا وأكثر آدمية. أما المتشدقون بمحبة موسى والمدعون طهر المسيح والقائلون بأنهم على نهج محمد سائرون، ثم تراهم يساهمون عن جهل حينا وعن عمد أحيانا في إثارة العصبيات المقيتة وإيقاظ الفتن النائمة، وزيادة نزوح البسطاء عن غرفهم الدافئة، فأولئك أصحاب ويلي براون الذين يحسنون الوقوف أمام الكاميرات الموجهة ولا يجيدون الوقوف دقيقة حزن أمام قدمين بائستين تورمتا من برد الأرصفة وبرودة المشاعر.
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
Shaer129@me.com